Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مئات المعتقلين اليمنيين يواجهون مقصلة الإعدام الحوثية

حذر تقرير دولي من عزم الميليشيات المدعومة من إيران إعدام 350 يمنياً

يعتقل جهاز الأمن والاستخبارات التابع للحوثيين آلاف الناشطين والسياسيين والأكاديميين والطلاب والنساء في سجون صنعاء والمحافظات الأخرى (أ ف ب)

تتوالى الإحصائيات المخيفة القادمة من اليمن نتيجة استمرار آلة الحرب التي أشعلها الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران، كاشفة عن هول المأساة الإنسانية في البلد الغارق بالدماء منذ ما يزيد على ثمانية أعوام. وفي جردة حساب لجانب من الممارسات التي تنتهجها إزاء معارضيها وكل من يخالف نهجها أو تشك في ولائه، كشف مرصد حقوقي دولي حديث عن إصدار ميليشيات الحوثي نحو 350 حكماً بالإعدام في حق مئات المعارضين السياسيين لها منذ اسقاطها العاصمة صنعاء في عام 2014 بتهم تعسفية ذات دوافع سياسية.

سبقهم 11 معارضاً

وقال "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" في بيان، إن جماعة الحوثيين منذ سيطرتها على صنعاء "أصدرت نحو 350 حكم إعدام في حق سياسيين ونشطاء معارضين وصحافيين وعسكريين، نفذت 11 حكماً منها في الأقل".
وكانت المحكمة الجزائية التابعة للميليشيات الحوثية أصدرت الأسبوع الماضي أحكاماً قضت بإعدام وسجن 32 معتقلاً من أبناء محافظة صعدة بتهمة "الإضرار بمركز اليمن"، في إشارة إلى التعاون مع دول "تحالف دعم الشرعية".
وفي حين لم يصدر عن الحوثيين أي تعليق رسمي حول الحكم، قالت الحكومة اليمنية على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني، إن "أوامر الإعدام التي أصدرتها ميليشيات الحوثي في حق 16 من أبناء محافظة صعدة، الرافضين الانقلاب والمناهضين لأفكارها المتطرفة وممارساتها الرجعية، هي عمليات تصفية جماعية لمعارضيها السياسيين".

كما تعد الأوامر بالقتل، وفقاً للإرياني، "امتداداً لأعمال القتل والإرهاب الذي تمارسه ميليشيات الحوثي في حق اليمنيين منذ نشأتها في معقلها مران بمحافظة صعدة، شمال اليمن".

نتيجة طبيعية لنهج عام

وفي تعليق حول جملة الإعدامات غير المسبوقة في تاريخ البلاد، قال رئيس "منظمة سام للحقوق والحريات"، المحامي توفيق الحميدي، إن "الأرقام المعلنة تعد طبيعية ضمن سياسة ونهج هذه الجماعة التي تقتل بدم بارد وتصادر وتقمع وتفجر ممتلكات كل من يخالفها الرأي".

كتيبة إعدام بلبس القضاء

وأضاف عن "مدى تسخير مؤسسة القضاء لصالح مشروعها"، أن الميليشيات "منذ سيطرتها على صنعاء أعادت هيكلة القضاء وعينت المقربين منها والموالين لها في مفاصل الجهاز القضائي كما هو الحال بالجهاز الضبطي والسياسي والأماني وكافة المؤسسات. وبلغ بها الأمر إلى حد تعيين قضاة مدانين بحشد المقاتلين إلى جبهات القتال لمناصرة المشروع الحوثي الإيراني".
وقال الحميدي إن المحكمة الجزائية التي تتولى إصدار الأحكام القضائية هي "أشبه ما تكون بكتيبة إعدام بلباس قضائي تسقط فيه كل المعايير المتعلقة بالمحاكمة العادلة ابتداءً من عمليات القبض على الضحايا وطريقة اعتقالهم، حتى صدور هذه الأحكام وتنفيذها، كما رأينا في جريمة أبناء تهامة التي نفذت بطريقة بشعة لا تليق بأدنى المعايير الإنسانية".

يذكر أن "مجزرة تهامة"، كما يسميها اليمنيون، هي عملية إعدام جماعية طاولت تسعة مدنيين من أبناء تهامة (غرب البلاد)، بينهم قاصر، دفعة واحدة في 19 سبتمبر (أيلول) 2021 وسط العاصمة على يد الحوثيين، أمام مرأى ومسمع العالم، بتهمة المشاركة في قتل القيادي في الميليشيات، صالح الصماد الذي قضى في غارة جوية.
ويعتقل جهاز الأمن والاستخبارات التابع للحوثيين آلاف الناشطين والسياسيين والأكاديميين والطلاب والنساء في سجون صنعاء والمحافظات الأخرى، في سابقة لم يعهدها التاريخ اليمني، وذلك بعد خطفهم من منازلهم أو أماكن أعمالهم وتعرضهم للاستجواب غير الإنساني، مما تسبب في قتل العشرات منهم تحت التعذيب، وفقاً لإفادات معتقلين سابقين مفرج عنهم.

الأرقام أكبر من المعلن

ويشكك الحقوقي الحميدي في الرقم المعلن من الجانب الحوثي، مؤكداً وفق إحصائيات رصدتها منظمته، أن "أحكام الإعدام تزيد على 350، وقد تصل إلى 450 و500 حكم، تم عدد كبير منها ميدانياً في جبهات القتال أو خلال عمليات اعتقال المدنيين أو من يشك بولائه، فضلاً عن مئات الضحايا الذين يموتون تحت سياط التعذيب في المعتقلات الرهيبة".

عام السجون

وكشف المتحدث ذاته عن اعتقالات نفذتها الميليشيات الحوثية هذا العام تعد "الأعلى منذ انقلابها". وأوضح أن "عمليات الاعتقال والخطف المرصودة تصل إلى أكثر من 22 ألف معتقل"، وهذا يشير إلى أن "سياسة التخويف والترهيب مستمرة ترافقها عمليات منظمة لنهب الممتلكات، منها مصادرة نحو ألفي شركة خاصة بات يديرها ما يسمى الحارس القضائي التابع للجماعة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تعسف ونكاية سياسية

وفي إدانة تكشف النقاب عن الدوافع التي تقف خلف إصدار هذه الأحكام، أشار مدير العمليات في "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، أنس جرجاوي، إلى أنه "في جميع هذه الحالات تقريباً تجاهلت سلطات الحوثيين تطبيق معايير حقوق الإنسان، ولم يتمكن المتهمون من الحصول على حقوقهم في الدفاع والتقاضي، ودينوا بتهم تعسفية ذات دوافع سياسية".

عجز العالم

وعبر جرجاوي عن الإحباط جراء "استمرار عجز المنظومة الدولية عن وضع حد لتلك الممارسات المروعة المستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات، والتي ستتفاقم بالضرورة ما لم تواجه بإجراءات حاسمة تردع مرتكبيها عن تكرارها".

كما أوضح البيان أن الميليشيات تسيطر بشكل كامل تقريباً على المؤسسات القضائية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، "ما يمس بشكل مباشر باستقلالية القضاء، ويؤثر على طبيعة الأحكام في القضايا التي يحاكم فيها معارضو الجماعة، ويجعل من القضاء أداة توظفها الجماعة لتصفية حساباتها مع المعارضين والخصوم السياسيين".

إنقاذ قبل الموت

وحض "المرصد الأورومتوسطي" جميع الأطراف المعنية بالنزاع في اليمن على "التدخل العاجل ودفع الحوثيين إلى العدول عن ممارساتهم غير الإنسانية في هذا الإطار، وبذل جميع الجهود الممكنة من أجل توقف أطراف النزاع عن كل الممارسات التي قد تبعد فرص الحل السياسي وتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد". وجدد رفضه التام لعقوبة الإعدام باعتبارها "تسلب أهم الحقوق الأساسية للإنسان، وهو الحق في الحياة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التراجع عنها حال تنفيذها أو التخفيف من عواقبها، خصوصاً لدى تطبيقها من سلطات تتجاهل إعمال مبادئ حقوق الإنسان في كل مراحل الاحتجاز والتحقيق والتقاضي".

الكلمة والمقصلة

وإزاء الأحكام التي دأبت الميليشيات على إصدارها في حق كل من تشك في ولائه، أطلق يمنيون، خلال الأيام الماضية، حملة إلكترونية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم "الحوثي يقتل أبناء صعدة"، مستذكرين سلسلة الإعدامات التي نفذت بحق تسعة من أبناء تهامة، العام الماضي بتهمة قتل صالح الصماد. وحذروا من مغبة استمرار المحاكم التابعة للحوثيين في إصدار أحكام إعدام ضد المناهضين السياسيين، من دون أدنى اعتبار لشروط المحاكمة العادلة، مشيرين إلى أن ميليشيات الحوثي تستهدف من إصدار تلك الأحكام بث الذعر الجماعي في أوساط اليمنيين.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات