Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المباحثات الأميركية الصينية... خلاف على المقاربة والأولويات

ترمب مستاء... وبكين تنفي تقديمها التزاماً بشراء المنتجات الزراعية  

يواصل المفاوضون الأميركيون والصينيون المباحثات التجارية من أجل التوصّل إلى اتفاق يُنهي الحرب القائمة بينهما. إذ التقى روبرت لايتيزر الممثل التجاري للولايات المتحدة ووزير الخزانة ستيفن منوشن مع كلّ من نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو هي، ووزير التجارة تشونغ شان هذا الأسبوع.

وحتى الآن، لم تتحقق رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التي أعلنها بعد لقائه أواخر الشهر الماضي مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في أوساكا، بأن "تباشر بكين شراء منتجات زراعية أميركية، في مقابل الهدنة التجارية"، التي التزمت من خلالها واشنطن تعليق فرض مزيد من التعريفات على بضائع صينية. وغرّد ترمب الخميس بأن "بكين لم تلتزم".

أمَّا الجانب الصيني فحرص على تأكيد أنه "لم يقدّم أي التزام صريح بشراء المنتجات الزراعية الأميركية خلال القمة"، رابطاً ذلك بتقدّم المفاوضات نحو إبرام صفقة تجاريّة نهائية.

مقاربة مختلفة

متابعو المباحثات بدأوا يطرحون علامات استفهام حول ما إذا كان الجانبان متفقَين على مفهوم واحد لمقاربة المفاوضات والجدول التنفيذي والأولويات، وتساءل خبراء أميركيون عمّا إذا كانت حكومتهم قدّمت أكثر مما يمكن أن تحصل عليه من الجانب الآخر في مساعي تهدئة الحرب التجارية.

وكان الرئيس ترمب أخّر فرض رسوم جمركية على واردات صينية بقيمة 300 مليار دولار، ووعد بتخفيف القيود المفروضة على شركة "هواوي" عملاق الاتصالات، التي أدرجتها وزارة التجارة في "القائمة السوداء" مايو (أيار) الماضي.

وأعلن في أوساكا قبل نحو أسبوعين أن "بكين ستشتري قريباً كميات كبيرة من المنتجات الغذائية والزراعية، وستبدأ ذلك على الفور".

وقال ترمب "سنقدم للصينيين قوائم بالمواد التي نرغب في أن يشتروها، وسيكون مزارعونا مستفيدين للغاية"، على حدّ تعبيره. لكن بكين لم تقم منذ لقاء اليابان بعقد أي صفقة مشتريات كبيرة من السلع الزراعية الأميركية.  

تخفيض العجز

يرى محمد زيدان كبير استراتيجيي الأسواق في الشركة المالية Think Markets أن "لكل جانب في هذه المباحثات نظرة مختلفة وآلية مغايرة للحل. وهما لا يريدان من البداية تقديم تنازلات أساسية".

وقال لـ"اندبندنت عربية"، إن "اليد العليا تبقى للولايات المتحدة، فهي المشتري الأكبر لبضائع الطرف الآخر، وهذا يعطيها أفضلية". وتوقّع "حلولاً وسطى لكن بعد مخاض طويل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح أن "الهدف الرئيسي لدى الرئيس الأميركي ترمب كان منذ البداية تخفيض العجز التجاري بين بلاده والصين، إمّا من خلال تخفيض المشتريات منها أو زيادة بكين مشترياتها من المنتجات الأميركية".

وأشار إلى أن "الحل الأمثل الذي اختاره ترمب من أجل تخفيض العجز هو بيع مزيد من المنتجات الأميركية التي تأتي في صدارتها المواد الزراعية، وهي تهم قطاعاً حيوياً بالولايات المتحدة".

الزراعة أولاً

ويتوقّع الجانب الأميركي أن تبدأ الصين في شراء فول الصويا والقمح ومنتجات الطاقة، معتبراً أن حسن النية الصينية يبدأ على جبهة الزراعة، كما أوضح لاري كودلو، كبير المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض.

لكن بكين تواصل لعب ورقة الضغط أملاً في أن تتراجع واشنطن عن التعريفات التي فرضتها على منتجاتها بقيمة 250 مليار دولار مقدّماً على أن تعمل على إجراء تغييرات على قوانين الملكية الفكرية وغيرها من اللوائح بشكل تدريجي.

وتصر إدارة ترمب على إبقاء الرسوم حتى يجري الطرف الآخر التغييرات التي وعد بها، وتريد في الوقت نفسه إيجاد حل يتقدم من خلاله العملاق الآسيوي بمشتريات كبيرة من السلع الزراعية.

ويعتبر الخبير زيدان أن "الهدف من لقاء الرئيسين الأميركي والصيني على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا، كان اتخاذ كل جانب خطوات استباقية تكون دليلاً على حسن النية بينهما. فالطرفان يعلمان أن تعثر التوصل إلى حل بينهما في شأن الخلافات التجارية سينعكس سلباً عليهما وعلى جميع الأطراف الأخرى بحيث تشمل الخسارة الجميع. أمَّا الحل فيشكل ربحاً للجميع".

ونفى أن تكون واشنطن قد سلّفت بكين قبل أن تأخذ منها، فالاقتصاد الصيني يعاني تباطؤاً ملحوظاً، وجاءت خطوة الولايات المتحدة عقد هدنة معها عبر تجميد فرض رسوم على 300 مليار دولار إضافية من الواردات الصينية وتخفيف الحظر عن "هواوي"، في وقتها للسماح بالعودة إلى المفاوضات.

"هواوي" والشركات الأميركية   

وكانت وزارة التجارة الصينية أصدرت الأربعاء بياناً اكتفت فيه بالقول إن "الجانبين تبادلا وجهات النظر في شأن تنفيذ التوافق الذي تم التوصل إليه في أوساكا بين الرئيسين دونالد ترمب وشي جين بينغ".

وفي المقابل، أكد مسؤولون أميركيون أنهم ماضون قدُماً في إجراءات تخفيف الحظر على شركة "هواوي" التي منعتها السلطات الأميركية من شراء تكنولوجيا أميركية لأسباب تتعلق بالأمن القومي.

وقال وزير التجارة ويلبر روس إن "حكومته ستصدر تراخيص للشركات الأميركية التي ترغب في التعامل مع الشركة الصينية، إذ لا يوجد تهديد للأمن القومي".

وكان الحظر عليها أتاح للشركات التقدم بطلب للحصول على تراخيص لبيع منتجات محدّدة.

لكن ما زال من غير الواضح أي نوع من المنتجات يمكن إعفاؤه، وتضغط صناعة التكنولوجيا الأميركية على إدارة ترمب، لأن القيود تحرمها من مصدر إيرادات قيّم، ويمكن أن توفر القدرة على مواصلة بيع مكوّنات لشركة "هواوي" فترة اطمئنان لشركات أميركية مثل "كوالكوم" و"إنتل و"برودكوم" و"غوغل" التي تبيع شرائح لعملاق الاتصالات الصيني، وبرامج وأجزاء أخرى متخصصة تدخل في تصنيع هواتفها الذكية وأجهزة الاتصالات.

مسار طويل

ورأى زيدان أخيراً أن "التوصل إلى اتفاق تجاري بين البلدين ربما يستغرق وقتاً أكبر مما تتوقعه الأسواق التي تبدو حتى الآن متفائلة بالهدنة، لكن التوصل إلى حل رئيسي سيكون معقداً، فالبنود التي تطلب الولايات المتحدة من الصين تنفيذها كتغيير السياسة الاقتصادية جذرياً، لن يكون تنفيذها سهلاً وسريعاً".

وأضاف أن "بكين متمسكة بموقفها حيال بعض المطالب كحرية الأفكار أو الملكية الفكرية أو انتقال التكنولوجيا".

ورغم ذلك رأى أنه "ما زال هناك مجالٌ لمساحة مشتركة بين الجانبين من أجل بلورة اتفاق بينهما". 

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد