Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسواق الذهب في الجزائر تلمع بـ"بريق مزيف"

"حماية المستهلك": 80 في المئة من المعدن النفيس المتداول غير مطابق للمعايير ويمثل تهديداً خطيراً للاقتصاد الوطني

يحذر أصحاب تجارة المجوهرات من انتشار الذهب المغشوش "غير المدموغ" ومجهول الهوية (أ ف ب)

عاد الحديث في الجزائر مجدداً عن ملف الذهب المغشوش المتداول بالسوق المحلية مع طرح علامات استفهام كبيرة عن مصدره والخسائر التي يسببها للاقتصاد الوطني والمستهلك على حد سواء.

وأثار منشور كتبه رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك ومحيطه مصطفى زبدي لغطاً كبيراً حين قال إن غالبية الذهب المتداول بالسوق الجزائرية غير مطابق للمعايير، وهو ما يشكل ضرراً ويهدد بشكل خطير الاقتصاد الوطني ومصالح المستهلك المادية.

وأوضح زبدي، عبر منشور له على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك"، أن ما لا يقل عن 80 في المئة من الذهب المتداول بالسوق الجزائرية، الذي يبلغ 50 طناً سنوياً، غير مطابق للمعايير والمواصفات.

وأضاف أن المنظمة، وفي إطار سعيها لتطهير سوق الذهب، وترسيخ كل ما هو نوعي في التداول، قررت إنشاء لجنة تحت اسم "اللجنة الوطنية لنوعية وجودة الذهب" تتمحور مهمتها الأساسية في تقديم المقترحات للسلطات العمومية والسعي إلى ضمان الجودة التي أصبحت للأسف غير محترمة تماماً.

وأشار إلى أن هذه الظاهرة تشكل ضرراً وتهدد بشكل خطير الاقتصاد الوطني ومصالح المستهلك المادية، لا سيما إذا تم التسليم بوجود 40 إلى 50 طناً من الذهب المستهلك سنوياً، نسبة الغش والتدليس فيه تضاهي 80 في المئة.

ولفت زبدي إلى أن اللجنة ستضم ممثلين عن الحرفيين وتجار الذهب، كما ستسعى هذه اللجنة للتنسيق مع الجهات الوصية والمتمثلة أساساً في وزارة المالية، لإنشاء خلية مشتركة تجمع بين المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك مع وزارة المالية ممثلة بمديرية الجودة والضمان.

وسرعان ما تعرض رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك ومحيطه إلى سيل من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، اتهمته بالتهويل وعدم امتلاكه أدلة ملموسة بخصوص الكمية الحقيقة للذهب المغشوش في البلاد.

غير أن رئيس المنظمة بدا مصمماً على المضي قدماً في إنشاء اللجنة المتخصصة بمراقبة نوعية وجودة الذهب، مشيراً إلى أن "الهجمات التي تطاوله كانت منتظرة وليس الأمر بالغريب، مضيفاً أن تحليل الذهب "موضوع حساس يمس بمصالح المستهلك والاقتصاد الوطني".

وأعرب زبدي عن استعداده لمواجهة هذه الهجمات المتوقعة، مؤكداً في تصريحه "ننتظر من الهجمات ما هو أكثر من ذلك، لكن طالما أننا متأكدون أننا على حق وأننا في دولة القانون، فلن يثنينا هذا الأمر عن مواصلة متابعة الملف إلى آخر نقطة".

تحذيرات

يحذر أصحاب تجارة الذهب والفضة من انتشار الذهب المغشوش "غير المدموغ" ومجهول الهوية، الذي يتداول حالياً في السوق الجزائرية، وذلك جراء نقص التموين بالمادة الأولية من الأسواق العالمية، حيث يتم مزج الذهب بالنحاس وغبار الذهب وأحياناً الفضة للتحايل على الزبائن.

وبحسبهم فإن كميات من الذهب المغشوش التي تروج في الأسواق الجزائرية تأتي أغلبها من إيطاليا وتركيا، بطرق غير شرعية، كما تقوم بعض الورشات الوطنية سراً بخلط كمية من النحاس أو الفضة مع كمية قليلة من الذهب بما يشكل نسبة 40 من المئة فقط من الذهب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرجع هؤلاء سبب انتشار الذهب المغشوش إلى تراجع عدد الحرفيين المحليين الذين يقومون بصناعة الذهب في الجزائر، ونقص المادة الأولية في بعض الحالات، وعدم عمل السلطات على احتواء تجار السوق الموازية لإدخالهم إلى النشاط النظامي، إضافة إلى غياب تكتل ينظم الناشطين في صناعة الحلي من الذهب الذي لا يشكل مورداً لاقتصاد البلاد فقط إنما موروثاً ثقافياً للجزائريين.

وتنص المادة 378 من قانون الضرائب غير المباشرة على أنه "يجب أن لا يتجاوز وزن الذهب والبلاتين والفضة والمجوهرات الموجهة للاستعمال الشخصي في كل رحلة 1 هيكتوغرام (100 غرام)، في حين أن عملية الاستيراد تتم عبر رخص تمنح للشخص الذي يحمل سجلاً تجارياً.

وغالباً ما تشير مصالح الجمارك الجزائرية إلى حجز كميات من الذهب القادم من مختلف الدول تهرباً من الرسوم الجمركية أو لأنه لا يوافق المواصفات المطلوبة لتسويقه في البلاد.

ويرى الخبير الاقتصادي محمد حميدوش أن سبب وجود حالات غش يعود إلى غياب الشفافية والفوضى التي تشهدها سوق الذهب في الجزائر، وعدم خضوع عمليات البيع والشراء لقانون العرض والطلب مثلما هو معمول به دولياً.

وقال حميدوش، لـ"اندبندنت عربية"، إن من الضروري وضع قانون خاص لتنظيم سوق الذهب في الجزائر تكون مهمتها مراقبة نوعية وجودة الذهب المتداول وليس التدخل في تحديد الأسعار التي تحددها الكميات المتداولة والعرض والطلب.

ودعا إلى ضرورة الاستثمار أكثر في استغلال كميات الذهب المستخرجة من المناجم الجزائرية في الجنوب والحد من الاستيراد من الخارج، مشيراً أن بنك الجزائر يحوز فقط على 10 أطنان من الذهب، لذا يتوجب على السلطات المعنية التوجه نحو تحويل احتياطي النقد من العملة الأجنبية إلى كميات من الذهب، لأنها أكثر أماناً للاقتصاد الوطني.

مغالطات

نفى رئيس اللجنة الجزائرية للمجوهرات والمعادن الثمينة نبيل جرادي وجود غش في سوق الذهب بالحجم الذي أوردته المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، معترفاً بوقوع حالات غش قليلة من بعض مصنعي المجوهرات الذين لا يحترمون القانون، ويصنعون مجوهرات بذهب لا يتماشى مع عيار 18 قيراطاً أو ما يعرف عند المهنيين بـ750 الذي يبقى العيار الوحيد المعتمد في الجزائر.

ودعا جرادي، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، السلطات المعنية إلى التدخل لإيقاف بيع الذهب الأقل من عيار 750، موضحاً أن اللجنة الوطنية للمعادن الثمينة والمجوهرات قدمت طلباً للوزير الأول والمديرية العامة للضرائب من أجل منح مهلة ستة أشهر للتجار وأصحاب الورشات من أجل تفريغ المخزون غير المطابق للمعايير، على أن يتم منع بيع وتداول المجوهرات التي لا تكون صافية 100 في المئة، مع حجز المنتجات ومعاقبة المخالفين لذلك.

وأضاف أن هذه العملية ستمنح لورشات صناعة المجوهرات ومحلات بيعها فرصة لاستئناف نشاطهم بطريقة قانونية ببيع ذهب خالص ونقي، مرجعاً سبب عدم مطابقة الذهب للعيار القانوني في أغلب الحالات إلى الطرق التقليدية التي تعمل بها هذه الورشات في قياس عيار الذهب، حيث تقدم النسبة بالتقريب فقط.

وناشد جرادي السلطات بإلغاء الرسوم المتعلقة باقتناء الآلة الرقمية للعيار الموجودة حالياً في السوق، التي تقدم العيار بالضبط، لكنها ليست في متناول كل الحرفيين والتجار بسبب سعرها المرتفع الذي يتجاوز 500 مليون سنتيم.

وأشار المتحدث باسم صانعي المجوهرات إلى أن هذه الوضعية كبدت المهنة خسائر كبيرة وجعلت العديد من المتعاملين يهجرون سوق الذهب بسبب الغش والمنافسة غير الشريفة في السوق السوداء أو من طرف محلات المجوهرات التي تسوق ذهباً غير مطابق للمعيار بأسعار منخفضة، مقارنة بتلك التي يطبقها الباعة النزهاء الذين يسوقون ذهباً صافياً.

وكشف جرادي عن إطلاق حملة بداية يناير (كانون الثاني) المقبل تسمح لبائعي هذا الذهب بتسويقه مقابل إدراج تخفيضات بنسبة 50 في المئة لبيع كل الكميات غير المطابقة الموجودة لديهم إلى غاية نفاد هذا المخزون لتجنب تكبدهم خسائر كبيرة.

المزيد من تقارير