Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عصابات "عيال ويرو"... "حركة شباب" جديدة في الصومال

تزيد من معاناة العاصمة مقديشو وتنشر العنف والمخدرات وانتقادات لتعامل الشرطة

جنود صوماليون ينظرون إلى جثة مقاتل مزعوم من حركة الشباب قُتل برصاص قوات الأمن (أ ف ب)

خرج محافظ بنادر يوسف حسين جمعالي، الذي يشغل منصب عمدة العاصمة الصومالية مقديشو، على وسائل الإعلام المحلية محذراً من بروز ظاهرة عصابات الشوارع المعروفة باسم "عيال ويرو".

وحذر جمعالي من إمكانية تحول تلك العصابات إلى خطر أمني لا يقل جسامة عن حركة الشباب المتطرفة، موضحاً تشابه نشأة تلك العصابات والحركة.

كما نبه إلى ضرورة مكافحة تلك العصابات في بداياتها قبل أن تتحول إلى حالة أمنية تتجاوز العاصمة والمحافظة، وتعتبر التحذيرات مؤشراً إلى استفحال ضرر تلك العصابات ووجود توقعات بخروجها عن السيطرة.

ما عصابات "عيال ويرو"؟

الباحث محمد آدم من مركز "أجندات صومالية عامة" قال "بدأت ظاهرة عصابات الشوارع (عيال ويرو) في أواخر عام 2021، ومتوسط أعمار المنتسبين لتلك المجموعات هو 23 سنة، وكانت بداية ظهورهم من خلال شجارات الشوارع بين مجموعات الفتية المنتمين لأحياء متجاورة.

وأضاف "لكن انضمام بالغين مسلحين غير من طبيعة تلك المجموعات، وأصبحت مسلحة بأنواع عديدة من الأسلحة، كالسكاكين والسيوف والخناجر والهراوات، ويحمل بعضهم أسلحة نارية كالمسدسات والبنادق، كما يحملون أضواء كاشفة شديدة السطوع لمفاجأة الضحايا ليلاً، ما يسهل لهم عمليات السلب والخطف والاعتداء.

وأشار إلى أن ظهور تلك العصابات بدأ بضواحي العاصمة مقديشو، حيث الأحياء الأقل تنظيماً والأشد فقراً، وأصبحت مديرية كاران هي نقطة انطلاقهم، كما غدت مقراً لعدد من أشد تلك المجموعات ضرراً".

التهديد المستمر

السيدة صفية المقيمة في أحد الأحياء العشوائية بالعاصمة قالت "نجد صعوبة في الخروج من منازلنا، أطفالنا لا نضمن عودتهم سالمين لدى خروجهم للمدارس، أو لمساعدتنا في شراء حاجاتنا".

وأضافت "نتعرض نحن وأبناؤنا للتهديد المستمر، والمضايقة في الطرق والأزقة، إنهم يقومون بممارسات مقيتة، وينشرون تعاطي الممنوعات، ويتحرشون بالجميع، وحين يأتي موظفو البلديات يطالبوننا بدفع الضرائب والرسوم، على وعد حمايتنا من هذه العصابات، لكنهم بعد أن يجبوا منا الأموال يتجاهلون معاناتنا".

سلوكيات خطيرة

كثيرة هي مصادر الاضطراب في العاصمة الصومالية، لكن عصابات "عيال ويرو" لم تتلق بعد الاهتمام الذي تستحقه، هذا ما يعتقده محمد محيي الدين المواطن من أهالي مقديشو، الذي عرف عن نفسه بأنه مهتم بتفاصيل الوضع الأمني في العاصمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال محيي الدين "ظاهرة عصابات الأحياء هذه خطيرة للغاية، وتؤثر في حياة الجميع في مناطق عدة من العاصمة مقديشو، فهم يمارسون السلب وترويع الآمنين، ويحملون أسلحة خطيرة قد تؤدي إلى سقوط قتلى وجرح الأبرياء، فقد تموت الضحية إن قاومت سلبهم لهاتفها الذي لا تتجاوز قيمته مئتي دولار، بل هنالك حالات أدت إلى مقتل الضحايا أثناء سلب مبالغ زهيدة للغاية".

وأوضح "لا يكتفي هؤلاء الأشقياء فقط بالسلب الليلي، فهم أيضاً يفتعلون شجارات جماعية في الشوارع والأحياء نهاراً، ما يدفع بالسكان أحياناً لإغلاق محالهم التجارية، وعدم القدرة على الخروج من منازلهم أو أماكن العمل حتى انتهاء المشاجرات، التي يتم فيها استخدام كل شيء، من الأسلحة البيضاء إلى الحجارة والمقاليع، وما يعنيه ذلك من التسبب بالضرر للممتلكات، وإصابة المارة والقاطنين على مسافات غير قريبة".

وأشار إلى أنه "في بعض الأحيان يتسببون بالفوضى التي يخلقونها في عرقلة حركة المرور وإتلاف السيارات والعربات المارة، كما أن لهم أنشطة خفية وخطيرة، كالتجارة في الممنوعات مثل المخدرات والخمور، ويمارسون أنشطة أخرى كالاختطاف والابتزاز".

وأضاف محيي الدين "لقد بلغت هذه العصابات من الخطورة بحيث تفسد حياة عديدين دونما معنى، ولا يوجد في العاصمة من لا يعرف قصة صدام علي نور الفتى في الثالثة عشرة من العمر، الذي كان يقود إحدى عصابات الأحياء من القصر، إثر قيامه بقتل طفل آخر ينتمي لمجموعة أخرى يبلغ من العمر تسع سنوات، وكانت نتيجة ذلك أن يقوم والد الضحية الذي كان صيدلانياً باستهداف القاتل بغرض الانتقام، وإطلاق النار عليه ليصيبه بطلق ناري اخترق جبهته، ليسقط صريعاً على الفور، ويصبح الأب مطلوباً للعدالة".

أسباب الظاهرة

وسط تصاعد الاهتمام بالظاهرة، وانكشاف عمقها وتأثيرها، يطرح التساؤل حول أسبابها، ويرى الباحث آدم أن "هناك أسباباً عدة يمكن فهم تضافرها ضمن مجتمعنا الذي يعاني مشكلات أمنية واقتصادية، وما تعيشه أسر وعائلات مرت بمأساة النزوح بما يعنيه ذلك من اقتلاعها من جذورها في مناطقها ومجتمعاتها التي اعتادت العيش فيها، والضغوط الاقتصادية وغياب الأب باليتم أو الانفصال أو الابتعاد أو الانشغال لجني الرزق، كلها عوامل اجتماعية تحتاج لمعالجة حثيثة".

لكنه أشار إلى أن "هناك عوامل أوسع تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة البالغة 61 في المئة على أقل تقديراتها، وتفشي تعاطي الممنوعات في سبيل الخروج من الضغوط النفسية، كما يعتبر التجاهل الحكومي وضعف رد الفعل أحد أسباب بروز تلك الظاهرة، ويسهم في انتشار التباهي باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، في تحويل تجاوزات وجرائم تلك العصابات إلى ظاهرة ثقافية، ناهيك بضعف النظام القضائي، واللجوء لحل المشكلات بشكل عرفي مما يؤدي إلى الإفلات من العقاب، ما يفاقم المشكلة الحاصلة".

وفي المقابل، لدى سؤال شريف إبراهيم أحد سكان العاصمة عن رأيه في ما يراه من أسباب نشاط عصابات "عيال ويرو"، قال "أهل العاصمة مقديشو يشعرون بأنهم مستهدفون من كل اتجاه، ولا أستبعد أن يكون انتقال مجموعات المراهقين في الأحياء إلى نشاط إجرامي بهذا المستوى أن يكون محض صدفة، فحجم التنظيم الذي يتسلمه عملهم، وتعاون بعض عناصر الأمن في بيع وتأجير الأسلحة لهم، وقدرتهم على استئجار منازل سرية لإدارة أعمالهم، وكميات الأموال والمخدرات التي في حوزتهم، كلها أشياء تضعنا أمام علامات استفهام كبيرة، فكما أن حركة الشباب تتلقى دعماً خارجياً لا شك فيه، ومع اضمحلالها المتوقع أعتقد أن هناك جهات تريد حلول هذه العصابات محلها لإبقائنا في حالة عدم الاستقرار والخوف المستمر".

تعامل الحكومة

وعند سؤال الضابط عبد الرشيد علي من قوات الشرطة الوطنية الصومالية بالعاصمة مقديشو، عما تقوم به أجهزة الدولة لمكافحة هذه الظاهرة، في ظل الانتقادات التي تتصاعد ضد ما يعتبره كثيرون من المواطنين تجاهلاً للوضع الخطير المرشح للتفاقم، قال "الظاهرة المستجدة أضافت عبئاً إضافياً على قوات الأمن الوطنية الصومالية، في ظل الأوضاع الأمنية القائمة في البلاد، مع الضغوط التي يشكلها النزوح الكبير من الريف إلى العاصمة، وما يؤدي إليه من تضخم سكاني وعشوائيات تتسع بشكل يومي، بصورة تضطر أجهزة الدولة للتمدد خارج نطاق إمكاناتها في محاولة لتدارك المستجدات الحاصلة".

وحول الانتقادات الموجهة لأجهزة الدولة عامة وجهاز الشرطة خاصة يرد علي "على رغم كل ذلك نظمت قوة الشرطة الوطنية الصومالية حملة مكثفة ومطولة استهدفت تلك المجموعات الإجرامية وأفرادها، وأطلقت عليها عملية (سمكاب)، منذ منتصف هذا العام، والعمليات مستمرة في البحث والتحري وإلقاء القبض على عناصر تلك العصابات، ومصادرة أسلحتها وأدواتها، وتفكيك شبكاتها التي تمتد إلى كل أنحاء العاصمة".

وأضاف أن "الشرطة تدرك الانتقادات التي تطاول تلك العمليات الأمنية، من حيث فعالياتها وإجراءاتها، فمن الضروري إدراك أن العمل يتم في ظروف صعبة، في ظل تردد بعض المواطنين الصالحين في التعاون والإدلاء بالمعلومات، لأسباب عائلية أو قبلية أو خشية الدخول في مواجهة مع المتبقين من أفراد العصابات، لكن العمل جار، ما يتم جمعه من المعلومات من خلال التحقيقات والتحري، يجعل جهاز الشرطة في موقع جيد، تجاه التأسيس للقضاء التام على تلك الظاهرة قريباً، كما نأمل".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير