Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يوحد "أبو عجيلة" الليبيين ضد الدبيبة ويحمي السنوسي؟

تبرير رئيس حكومة طرابلس لـ"التسليم" يزيد الغليان ودعوات إلى التظاهر وتحذيرات من تكرار الأمر مع الصندوق الأسود لـ"مخابرات القذافي"

وزير الداخلية الليبي السابق اعتبر تسليم أبو عجيلة وصمة عار ستتكبد تداعياتها ليبيا وجيرانها اقتصادياً وسياسياً وأمنياً (رويترز)

خرج رئيس حكومة طرابلس عبدالحميد الدبيبة على الشعب الليبي أمس الخميس ليبرر إقدام سلطاته على تسليم أبو عجيلة مسعود المريمي إلى الولايات المتحدة الأميركية، تلك الخطوة التي أثارت غضب الليبيين الذين اعتبروها تعدياً على السيادة، وعبروا عن مخاوفهم من أن تتبعها عمليات تسليم أخرى لمطلوبين في الخارج.

الدبيبة قال إن حكومته أوفدت فريقاً للاطلاع على حال المتهم في أميركا، مضيفاً "باشرنا في إجراءات تسفير عائلته لزيارته"، وتابع "المريمي متهم بالإرهاب وأحد العناصر المخططة الذي صنع القنبلة ودسها بين المسافرين في قضية لوكربي".

رئيس حكومة طرابلس اعتقد أن خطابه سيمتص غضب الليبيين، لكن ما حدث أن كلماته زادت من درجة غليان الشارع الليبي الذي وحدته قضية تسليم "أبو عجيلة" العقيد بجهاز مخابرات نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، على رغم انقسامه السياسي.

وصدر عدد كبير من الليبيين حساباتهم الشخصية على منصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بصورة أبو عجيلة التي انتشرت أيضاً على جدران مدينة الزاوية غرب العاصمة السياسية طرابلس بعد انتهاء كلمة الدبيبة مباشرة، داعين إلى مظاهرات في الميادين العامة بجميع المدن الليبية مساء الجمعة استجابة لطلب المتحدث باسم عائلة أبو عجيلة "عبدالمنعم المريمي" الذي أطلق نداء للتظاهر السلمي بعد وصف الدبيبة لعمه (أبو عجيلة) بـ"الإرهابي".

ولم يخف عدد من المراقبين للشأن الليبي "تخوفهم من تسليم بقية المساجين السياسيين وعلى رأسهم رئيس جهاز مخابرات النظام السابق عبدالله السنوسي، باعتبار أن أبو عجيلة كان عقيداً تحت سلطته، وتفجير لوكربي 1988 تم في حقبة ترؤسه لجهاز المخابرات الليبية"، وكان أحد عناصر القوة المشتركة أكد لوسائل إعلام ليبية أن "الأيام المقبلة ستشهد تسليم شخص آخر ويرجح أن يكون عبدالله السنوسي".

قبيلة المقارحة تحذر الدبيبة

من جهتها أعلنت قبيلة المقارحة (إحدى أكبر القبائل وأكثرها نفوذاً في الجنوب الليبي، وينحدر منها رئيس جهاز المخابرات السابق عبدالله السنوسي) تخوفها من تسليم حكومة الدبيبة لعبدالله السنوسي ومن تبقى في السجون من رموز النظام السابق إلى أميركا على غرار أبو عجيلة.

وقال مصدر من المجلس الأعلى لقبيلة المقارحة لوسائل إعلام محلية إن "السنوسي يمتلك معلومات تدين عائلة الدبيبة في ملفات تخابر مع الخارج وجرائم مالية ولا نستبعد رغبتهم في التخلص منه لهذا السبب".

وأضاف المصدر نفسه أنه "في ظل حرص الدبيبة على التمسك بالكرسي أصبحنا نتخوف أيضاً على مصير بقية المساجين السياسيين، مثل عبدالله منصور وأحمد إبراهيم، وغيرهما من المساجين في سجن مدينة مصراتة ( شرق طرابلس ومسقط رأس الدبيبة)". وحذر المصدر الدبيبة وحكومته بـ"رد لا قبل له به إن أقدم على مجرد التفكير في هذه الخطوة (تسليم رئيس جهاز مخابرات النظام السابق عبدالله السنوسي)".

وأغلقت قبيلة المقارحة النفط وأوقفت ضخ مياه النهر الصناعي نحو العاصمة طرابلس أواخر العام الماضي، للضغط على السلطات الليبية للإفراج عن السنوسي إثر تدهور حاله الصحية في أحد سجون طرابلس.

وسبق وأسقط القضاء بمحكمة استئناف طرابلس التهم عن عبدالله السنوسي بسبب "إطالة المدة" بتاريخ 15 ديسمبر (كانون الأول) 2019، وعلى رغم ذلك لم يتحقق مطلب العدالة وبقي السنوسي في السجن.

السنوسي الهدف القادم

وفي شأن تسليم أبو عجيلة وإمكانية فتح الباب لتكرار الأمر مع عناصر من رموز النظام السابق، أكد وكيل وزارة الخارجية الأسبق حسن الصغير لـ"اندبندنت عربية" أن "خطاب الدبيبة يصب في خانة تهيئة الليبين لتسليم عبدالله السنوسي في مرحلة موالية". 

ونوه الصغير إلى أنه "سبق ونبه من خطورة تسليم السنوسي منذ سبتمبر (أيلول الماضي) لما يحمله هذا الرجل في جرابه الاستخباري من معلومات حساسة عن الأمن القومي الليبي بغض النظر عن انتمائه للنظام السابق".

وتابع وكيل وزارة الخارجية الأسبق، أنه "إذا كانت لوكربي (في عهد القذافي) قد انتهت بحصول الولايات المتحدة الأميركية على تعويضات مالية بقيمة 2.7 مليار دولار أميركي عام 2003، فإن أميركا تتطلع للحصول على مواقع استراتيجية على الأرض في لوكربي (في عهد الدبيبة) بخاصة مع تغير الخريطة السياسية للعالم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال وزير الداخلية السابق عاشور شوايل لـ"اندبندت عربية" إن "تهاون حكومة الدبيبة في تسليم بوعجيلة سيفتح شهية المطالبة بجلب رجال أمن أو مواطنين ليبيين قد يكونون على قائمة الأشخاص المطلوبين لدول عدة مثل أميركا وغيرها".

ولم يخف وزير الداخلية السابق خوفه من "سقوط معلومات حساسة عن الأمن القومي الليبي والعربي في يد جهات أجنبية، جراء إقدام الدبيبة على خطوة تسليم ضباط من جهاز الأمن الخارجي"، مشيراً إلى أن جميع الدول تمتلك أجهزة استخبارات، وعادة ما يتحرك عناصر الأمن خارج دولهم، لكن لم يسبق أن سلمت أية دولة ضباط جهاز استخباراتها لدولة أخرى حتى وإن كانوا قد ارتكبوا أخطاء أو جرائم أثناء عملهم، فإنهم يعاقبون وفق اللوائح القانونية لبلدانهم.

ونوه شوايل إلى أن "تسليم الضباط ورجال الأمن لدولة أخرى هو انتهاك صارخ للسيادة الوطنية وعبث بالصندوق الأسود للأمن القومي الليبي، ووصمة عار ستتكبد تداعياتها ليبيا وجيرانها اقتصادياً وسياسياً وأمنياً على المدى البعيد".

وحول إمكان التوسع في باب التسليمات لتصل إلى رئيس جهاز المخابرات السابق عبدالله السنوسي، قال المتحدث نفسه إن "الأمور قد تصل إلى كل المساجين السياسيين وليس السنوسي فقط، ففي ظل وجود السلطة التنفيذية الحالية قد يتم بيع إقليم من الأقاليم الليبية بالقطعة، فالأهم هو الاستمرار في السلطة ونهب المال العام".

المجلس الرئاسي

وتعليقاً على ما أقدم عليه الدبيبة أكد مصدر رفيع المستوى بالمجلس الرئاسي، طلب عدم ذكر اسمه أن "تسليم أبو عجيلة للولايات المتحدة الأميركية تم بمعزل عن المجلس الرئاسي المخول إليه حماية السيادة الوطنية والتواصل مع الدول الأجنبية ذات العلاقة بليبيا"، مضيفاً أن "المجلس سيقف ضد تكرار مثل هذه القرارات الفردية ولن يسمح بتسليم أو محاكمة أي مواطن ليبي خارج أسوار القضاء الليبي".

وأوضح المصدر ذاته أن" المجلس الرئاسي طالب الدبيبة بتوضيح إقدامه على تسليم أبو عجيلة وبانتظار رده، وفي الأثناء نسق المجلس مع وزارتي العدل والخارجية لتعيين فريق دفاع عن العقيد السابق بالأمن الخارجي باحثاً إمكانية عودته إلى ليبيا، بخاصة أن النائب العام الصديق الصور أكد أن عملية تسليم أبو عجيلة تمت بمعزل عنه".

وشدد المصدر على أن "العبث بالأمن القومي الليبي خط أحمر بالنسبة إلى المجلس الرئاسي وفتح باب تسليم أي مطلوب ليبي مرفوض نهائياً سواء كان مدنياً أو عسكرياً، فالقانون الليبي يمنع تسليم المواطنين والأجانب من دون إذن قضائي ليبي".

ورداً على المشككين في قدرة المجلس الرئاسي على حماية السيادة الوطنية للدولة الليبية قال المتحدث ذاته: "على الجميع أن يستحضر الموقف الذي انتهجه رئيس المجلس الرئاسي الذي جنب دخول ليبيا في حال احتراب داخلي عندما أوقف طلب رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة القوات المسلحة بالتوجه لفتح حقول النفط وأمر المجلس جميع الوحدات العسكرية بالغرب الليبي بالتزام ثكناتها وعدم التحرك إلا بأمر كتابي صادر عن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة".

المزيد من تقارير