Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"جنون الذهب"... أعراس المصريين تفتقد أبرز المدعوين

مبادرات لطرح بدائل لـ"الشبكة" مع ارتفاع الأسعار وبائعون: الجميع يكتفي بـ"دبلة الخطوبة"

أصبحت "الشبكة" عقبة كبيرة أمام المقبلين على الزواج في مصر (أ ف ب)

لأعوام طويلة كانت "الشبكة" (عبارة عن ذهب) جزءاً رئيساً من عادات الزواج في مصر، تختلف قيمتها وشكلها ما بين الريف والمدن، ويختلف طابعها باختلاف المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، لكنها كانت حاضرة وبشدة في أي زواج ويجري شراؤها مع "دبل الخطوبة" في أولى خطوات تأسيس بيت جديد.

وفي الفترة الأخيرة مع الارتفاع غير المسبوق في أسعار الذهب أصبحت "الشبكة" عقبة كبيرة أمام المقبلين على الزواج، فأقل "شبكة" ستحتاج إلى مبلغ ضخم، فضلاً عن الغلاء الكبير في أسعار جميع مستلزمات الزواج مثل الأجهزة الكهربائية والأثاث والمفروشات وغيرها، مما يطرح التساؤل، هل على المصريين أن يعتمدوا نظاماً جديداً يتكيف مع الأوضاع الاقتصادية السائدة باعتبار أن ما كان يصلح منذ أعوام أصبح حالياً ضرباً من الخيال؟

بعض العائلات كان يشترط عدداً معيناً من الغرامات لشبكة العروس يمكن أن تصل إلى 100 غرام، وعائلات أخرى كانت تشترط مبلغاً للشبكة، وأهالي المناطق الريفية يعد الذهب بالنسبة إليهم أساساً للزواج، بينما تطلب الطبقات الثرية في المدن شراء خاتم "سوليتير"، وهكذا فطبيعة الشبكة وشكلها يختلفان من مكان إلى آخر، وإن كان هناك إجماع على اعتبارها جزءاً رئيساً من متطلبات الزواج.

كثيراً ما كان الأمر يثير سجالاً بين الناس، بعضهم يذهب إلى أن شراء الذهب ليس من الدين، فالأولى هو التيسير على طالب الزواج، ويرد فريق آخر أن الأصل في الدين أن يدفع العريس مهراً للعروس، وهو ما لا يحدث في مصر فيكون البديل شراء الذهب.

لكن المسيحيين في مصر لا ينفصلون عن هذا الأمر، فالشبكة بالنسبة إليهم أيضاً أساسية، ولا غنى عنها، مما يجعل الأمر يدخل في إطار العادات الاجتماعية بصورة أكبر من الجانب الديني.

كيف سيعبر المصريون الأزمة؟

صينية تدور على المدعوين في احتفالات الخطبة تضم الشبكة التي قدمها العريس، وتكون أحياناً مدعاة للتفاخر والمقارنات بين العائلات، وسبباً من أسباب الضغط على الشباب المقبلين على الزواج، فيجب ألا تقل قيمة شبكة العروس عن تلك التي قدمت إلى بنت خالتها أو بنت عمها أو بنات الجيران، والعريس يجب أن يدفع حتى يدرك أن الأمر ليس سهلاً، وأن الخطبة تعني الالتزام.

كان هذا سائداً ومقبولاً طوال عشرات الأعوام، لكن الارتفاع الجنوني لأسعار الذهب الذي فاق كل التوقعات جعل سعر أقل شبكة من المستوى المتوسط في مصر يصل إلى عشرات آلاف الجنيهات، مما أصبح بالفعل عبئاً وربما عائقاً أمام كثير من مشاريع الزواج.

وصل متوسط سعر الذهب في الأيام الأخيرة إلى 1700 جنيه (نحو 69 دولاراً) لعيار 21، بينما سجل عيار 18، 1450 جنيهاً (نحو 59 دولاراً).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان سعر الذهب في يونيو (حزيران) الماضي بحدود 1000 جنيه لعيار 21 (نحو 40 دولاراً)، ونحو 850 جنيهاً لعيار 18 (34 دولاراً)، الأمر الذي يوضح مدى الارتفاع غير المسبوق في أسعار الذهب بمصر الذي أوشك على الاقتراب من الضعف خلال أشهر قليلة، مما يوضح عمق الأزمة التي ينبغي أن يحاول الناس إيجاد حلول لها.

أدهم عريس سيقيم حفل خطبته مع بداية العام الجديد، يقول "اتفقت مع خطيبتي وأسرتها أن نكتفي بشراء دبلة ومحبس حالياً، ورغم ذلك سيصل سعرهما إلى نحو 15 ألف جنيه (600 دولار)، إن شراء شبكة بمبلغ كبير سيعطل كل مشاريعنا لإعداد منزل الزوجية وهو الأهم، والوضع الحالي يحتاج إلى تنازل من كل الأطراف، ولا بد من أن يستوعب الناس أن الظروف تغيرت، ولا بد من مواجهتها، لا التمسك بعادات أصبحت تثقل كاهل الأشخاص وتعطل حياتهم من دون داع".

بينما تقول مريم، وهي عروس عقدت خطوبتها منذ نحو ثلاثة أشهر، "عند الخطبة اشترينا دبلتين فقط، وقررنا الانتظار لشراء الشبكة عند عقد القران أملاً في أن تنخفض أسعار الذهب نسبياً، لكننا فوجئنا بالارتفاع الكبير في الأسعار مما سيجعل المبلغ المتفق عليه وهو 20 ألف جنيه (نحو 800 دولار) لا يشتري أي شيء ذي قيمة، فبالسعر الحالي للذهب أصبح المبلغ يعادل نحو 12 غراماً من عيار 18، ولا نعرف ما الحل".

دعوات إلى إلغاء الشبكة

في الأعوام الأخيرة ومع التصاعد الكبير في الأسعار، تثار بين حين وآخر دعوات إلى إلغاء الشبكة والتقليل من أمور تهدف إلى التفاخر مثل الأفراح الضخمة والأعداد المبالغ فيها من المشتريات اللازمة للزواج، والاكتفاء بالأمور الأساسية التي يحتاج إليها العروسان فقط تيسيراً على الجميع.

لكن العادات والمقارنات بين الناس غالباً ما تكون لها الغلبة، بخاصة في المناطق الريفية والشعبية، في حين يقبل كثير من الناس حالياً مرغمين على التنازل عن أمور كثيرة باعتبار أن الغلاء هائل.

من بين هذه المبادرات واحدة تسمى "لتسكنوا إليها" التي أطلقها الأزهر منذ أشهر لمواجهة الارتفاع الكبير في كلفة الزواج مراعاة للظروف الاقتصادية، وتناولت المبادرة الشبكة وغيرها من المظاهر التي أصبحت عائقاً أمام الراغبين في الزواج.

مبادرة أخرى ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الأخيرة دعت إلى اعتماد "الفضة" بديلاً عن الذهب في شبكة العروس لتلاقي ردود فعل متباينة، لكن معظمها لا يؤيد ذلك، ويرى أن الأفضل هو الاقتصار على شبكة بسيطة من الذهب حتى لو كانت مجرد دبلة وخاتم فقط، لأن الذهب قيمة في ذاته وليس مجرد قطع للزينة.

تحايل بعض الناس على الأزمة فأصبح يطلب من العريس كتابة قيمة الشبكة (التي لم يتم شراؤها) في قائمة المنقولات، باعتبارها ديناً عليه مقابل تأجيل الأمر لوقت لاحق، حفظاً لحق العروس التي لم يدفع لها مهر.

فريق من الناس يعتبر أن هذا ربما يكون حلاً، بينما يرفضه فريق ثان يعترض على مبدأ قائمة المنقولات من الأساس.

المهندس إيهاب (أب لابنتين إحداهما ستعقد خطوبتها الشهر المقبل) يقول "الوضع الحالي بالنسبة إلى أي شخص مقدم على الزواج شديد الصعوبة، فالأسعار تضاعفت عن العام الماضي، وبالنسبة إلى الشبكة تحديداً فما أنوي فعله أننا سنحدد مبلغاً معيناً للذهب أياً كان ما سنشتريه به، ورغم أنه سيكون أقل مما كنا ننوي شراءه لكن لا مفر من ذلك، فالوضع صعب على الجميع والأسعار في ارتفاع مستمر".

ويضيف "ينادي بعض الناس بإلغاء الشبكة، لكن السائد في مصر أن العريس لا يدفع مهراً، بالتالي سيظل هذا الوضع قائماً، وحتى الآن فإن الذهب لو كان قليلاً فإنه الوسيلة الأفضل لحفظ قيمة النقود وبناء عليه سنشتري شبكة رمزية في حدود المتاح".

ويشير إبراهيم الذي يعمل في أحد محال الذهب بالقاهرة إلى أن "السائد حالياً في ما يتعلق بشراء الشبكة هو قيام العروسين بشراء الدبلة ومعها محبس أو خاتم والانتظار لما ستسفر عنه الأمور، أما شراء شبكة ضخمة مثلما كان يحدث في السابق، فيتم في أضيق الحدود ولدى طبقات غير متأثرة بالوضع الاقتصادي الحالي".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير