Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أفضل الإنتاجات السينمائية لعام 2022

أعدت كبيرة النقاد السينمائيين في "اندبندنت" قائمتها من أفضل 15 فيلماً صدرت هذه السنة

أفضل العروض السينمائية: "عظام وأشياء أخرى" و"كل شيء في كل مكان في آن واحد" و"قرار الرحيل" و"رجل الشمال" و"كلا" (وارنر بروس/آي24/موبي/يونيفرسال/آي ستوك)

في عالم يسوده عدم اليقين، اختارت السينما أن تتأمل في دواخلنا. ربما هناك جرعة من النرجسية في هذا المجال (إنها موجودة دائماً بالتأكيد في حالة هوليوود). لكن كثيراً من أفلام هذا العام كان مدفوعاً بدوافع طبيعية وهشة: العودة إلى الوطن، والتأمل في مرحلة الشباب، وإعادة النظر في الغرض من الفن. نجدها في فيلم السيرة الذاتية "وقت القيامة" Armageddon Time للمخرج جيمس غراي، والتأمل الذاتي للمخرج أليخاندرو غونزاليس إينياريتو في فيلم "باردو" Bardo، والكوميديا السوداء "حوريات إنشرين" The Banshees of Inisherin، والمعالجة السينمائية التي قدمها المخرج نوا بومباتش لرواية "الضوضاء الأبيض" للكاتب دون ديليللو. حتى أكبر الأفلام الرائجة مثل "توب غن: مافريك"Top Gun: Maverick  و"الفهد الأسود: واكاندا إلى الأبد" Black Panther: Wakanda Forever تبدو مثقلة بالتأمل الذاتي. أستعرض لكم فيما يلي 15 من الأفلام المفضلة لدي التي حظيت بإصدار جماهيري في صالات المملكة المتحدة على مدار العام الماضي، أثبت كل منها بمفرده أن السينما ما زالت تمتلك القدرة على مداواة الروح.

15. الحدث Happening

اجتاح فيلم "الحدث" للمخرجة الفرنسية أودري ديوان دور السينما في أبريل (نيسان) الماضي على خلفية صرخات الغضب في الشوارع. يروي العمل قصة آن (الممثلة أنامرايا فارتولومي)، طالبة تعيش في فرنسا في ستينيات القرن الماضي تكتشف حملها قبل عقد من تشريع الإجهاض في البلاد. صدور الفيلم تزامن مع لفظ حكم "رو ضد ويد" المتعلق بالإجهاض أنفاسه الأخيرة - قضت المحكمة الأميركية العليا ببطلانه بعد شهرين - أدى إلى إدراك مقزز بأن العالم سيشهد قريباً مزيداً من القصص المشابهة لقصة آن. الفيلم المصاغ بأسلوب مضبوط ومتين في الوقت ذاته يصور حال العزلة الشديدة لحياة تفتقر إلى التضامن (فحتى أكثر أصدقاء آن المتعاطفين معها خذلوها خوفاً من الانتقام). ولا يخشى الفيلم تصوير وحشية الحلول البديلة غير الآمنة التي تجبر نساء في مثل موقف آن على اللجوء إليها. تتابع فصول الفيلم تطور حمل آن أسبوعاً تلو الآخر، حيث يتحول جسدها إلى ما يشبه قنبلة موقوتة. لم يتمكن أي فيلم رعب لهذا العام من إثارة خوف بهذا العمق.

14. صقيع نيبتون Neptune Frost

"صقيع نيبتون" الذي يتطرق إلى مستقبل متخيل لأفريقيا، الذي تجري أحداثه في بروندي ويفيض بالفكر السياسي والمشاعر شديدة العمق، هو فيلم موسيقي تشكل بفضل عمل سول ويليامز، الذي شارك في إخراجه إلى جانب أنيسيا أوزيمان. يسرد العمل بنبرة صارمة مناهضة للرأسمالية والاستعمار المصير المشترك لعاملة هاربة من منجم لاستخراج المعادن الثمينة (كايا فري) وشخص ثنائي الجنس فار (يجسده كل من الممثلة شيريل إيشيجا والممثل إلفيس نغابو)، إذ ينسج الثنائي علاقة روحية ورومانسية في مكان ما في بعد آخر موجود ضمن مجموعة شكلها قراصنة الكمبيوتر. يعد عملاً خيالياً لا محدوداً ويرصد مستقبل أفريقيا المتخيل في أنقى صوره، وهو المصطلح الذي صاغه الناقد مارك ديري في مقالته "الأسود نحو المستقبل" Black to the Future المنشورة عام 1994. أولاً، يظهر لنا الفيلم كيف يتحكم الموجودون في السلطة بالقضايا الجوهرية لكثير من المجتمعات، كالمعلومات والحرية والهوية الجنسية ورؤيتنا للمستقبل. ويبين لنا كذلك ما الذي يمكن إنجازه بمجرد سلب تلك السلطة منهم.

13. بقرة COW

صحيح أن فيلم "بقرة" هو باكورة أفلام أنديرا أرنولد الوثائقية، لكن روحه المرنة والعاشقة للتحدي تجعله لا يختلف عن أعمالها السابقة مثل الشارع الأحمر Red Road وعسل أميركي American Honey  الصادرين عامي 2006 و2016 على التوالي. بطريقة أو بأخرى، دائماً كانت مهتمة بالحدود المادية لحرية المرأة، وما الذي يحدث لأولئك اللاتي يحاولن تجاوز هذه الحواجز. مع ذلك، فإن اللافت في العمل هو طبيعة بطلتها المتمردة: إنها بقرة تدعى لونا، تعيش في مزرعة ألبان صناعية في منطقة ما من جنوب إنجلترا. نشاهد البقرة وهي تمر بالمراحل الدنيوية لحياتها السليبة: الولادة، الحلب، والموت في نهاية المطاف. لكن لونا تبدو وكأنها ترانا أيضاً، فمرة تلو أخرى تنظر نحو عدسة أرنولد وتطلق خواراً مدوياً، يبدو في كل مرة غنياً ومحرضاً كأي مونولوج مسرحي.

12. قرار الرحيل Decision to Leave

بحسب الزاوية التي تنظر إلى العمل منها، فإن فيلم المخرج الكوري الجنوبي بارك تشان ووك المتقن والمحير هذا يتمحور حول عاشقين، أو عاشقين محتملين، أو شخصين كان يجب أن يكونا عاشقين. بطلا الفيلم هما المحقق هاي جون (بارك هاي إيل) وسيو راي (تانغ وي) امرأة مشتبه بها حالياً بعدما وجد زوجها متسلق الجبال ميتاً أسفل صخرة شديدة الانحدار. بالتأكيد يشبه العمل في جزء منه فيلم "الدوار" Vertigo لألفريد هيتشكوك، ويبدو ذلك واضحاً في السرعة التي يتحول فيها اهتمام هاي جون بـ سيو راي لأسباب مهنية إلى هوس شخصي. لكن المخرج يخالف التوقعات، فـ سيو راي ليست قاتلة عادية، ويكمن سرها الحقيقي في الشخصية التي تسمح للرجال بإسقاطها عليها. فهي تظهر نفسها بشخصية المرأة الوحيدة الطاهرة المظلومة، إنها كل هذه الشخصيات المفترضة وليست أية واحدة منها. أثناء جولات مراقبتها، يتخيل هاي جون نفسه داخل منزلها واقفاً بجانبها. يدخلنا قرار الرحيل في متاهة مربكة لا تخلو من الجرعة المعتادة من الجنس والعنف التي يقدمها بارك في أفلامه، لكن العنصر الذي يحركها هو حبكة رومانسية رقيقة مدهشة.

11. ذاكرة Memoria

يعد هذا العمل فيلم التأمل الروحي الأكثر إبداعاً في العام. سلم نفسك لأحدث الأعمال الحالمة للمخرج أبتشابونغ ويراسيثاكول وأعد النظر في العلاقة بين الضوضاء والصورة والعقل الباطن. يسرد الفيلم قصة عالمة النبات جيسيكا (تيلدا سوينتون) التي يطاردها صوت واحد مكتوم، تصفه بأنه أقرب ما يكون لـ "كرة إسمنت ضخمة تهوي في بئر معدني محاط بمياه البحر". تغادر جيسيكا بوغوتا منطلقة لاكتشاف مصدر الصوت. هل هي مجرد تخيلات؟ هل يأتي الصوت من نبض الأوعية الدموية في رأسها؟ أم أنه همس من مرحلة مجهولة من الماضي الطبيعي أو التاريخي؟ نشعر بإلحاح هذه الأسئلة تماماً مثل شعور جيسيكا بها. لكن علينا اكتشاف الإجابات بأنفسنا في مكان ما داخل لقطات ويراسيثاكول الساكنة البديعة.

10. كل شيء في كل مكان في وقت واحد Everything Everywhere All at Once

يستوطن هذا الفيلم الذي حقق نجاحاً مبهراً وأثبت أن الأكوان المتعددة ليست حكراً على أفلام الأبطال الخارقين، بعيداً في الخيال الجامح، في عالم من الأحلام النقية وفضاءات البعد الآخر. إنه قصة امرأة عادية، إيفلين وانغ (ميشيل يوه) تدير مغسلة ملابس في سيمي فالي بكاليفورنيا، مع زوجها اللطيف والنشيط ويموند (كي هاي كوان). لكن إيفيلن هذه تحديداً، ودوناً عن أي إيفلين قد تكون موجودة، تمتلك مفتاح الخلاص من الواقع، ومن المفترض أن كل خياراتها كانت خاطئة. يا لها من طريقة جميلة للنظر إلى العالم. يبحر بنا أداء يوه المبهر عبر نسخ لا نهائية من إيفلين: نجمة فنون قتالية، امرأة سادية، بينياتا (علبة تصنع من الفخار وتعبأ بالحلويات لتكسر لاحقاً أثناء الاحتفالات)، امرأة يداها على هيئة نقانق. يتباهى العمل بغرابته وطفوليته، بينما يغمرك من دون عناء بالشعور المحبط بأنك لن تملك زمام أمور حياتك.

9. حياة لويس واين الكهربائية The Electrical Life of Louis Wain

يصور هذا الفيلم الذي يحمل رسماً جمالياً غنياً، وعذوبة في آن معاً، كيان وروح الفنان. واين، الذي ساعدت رسوماته الهزلية للهرر في تطبيع تربية القطط كحيوانات أليفة، حصل على براءات اختراع متعددة واستحوذ عليه شغف شديد باحتمالية السفر عبر الزمن باستخدام الكهرباء. لكن عبقريته لم تكن عادية، والطريقة التي تسللت فيها أحلامه بسهولة إلى حياته الواقعية جعلته عرضة لقسوة الحياة. يتبنى المخرج ويل شارب تلك الروح بإخلاص واضح. فالقطط الصغيرة تنطق عبارة "أحب القفز!"، ورواد المطعم يرتدون رؤوس قطط ضخمة، ويلعب نيك كيف دور الكاتب السياسي إتش جي ويلز. قد يكون بنيديكت كومبرباتش (الذي جسد دور وين) لعب دور الرجل الذكي أكثر من مرة، لكن لا يمكن تقديم إنجازات بطل الفيلم كمبررات للمآسي التي يعيشها خلال حياته. يكمن الجمال في مكان ما داخل العمل، لكن شارب لا يحط من قدر الألم ولا يضفي لمسة رومانسية عليه.

8. إلفيس Elvis

لست واثقة من إمكانية تجسيد إلفيس الحقيقي – بكل مراحل حياته وإرثه – بأمانة على الشاشة. فهو جزئياً موضوع جدلي للغاية. من هو وما يمثل للآخرين؟ هل هو معبود جنسي؟ مبتكر؟ لص؟ سلاح؟ كان فيلم السيرة الذاتي الذي يرصد حياة النجم من مهده إلى لحده على يد المخرج باز لورمان رائعاً، ولا سيما في رؤيته الواثقة. وبغض النظر عن الواقع، استخدم المخرج الأسترالي نسخة سيرة ذاتية خاضعة للتطهير لتحويل وجود الموسيقي الشهير إلى حكاية خيالية أميركية خالصة. فهناك الشخصية الشريرة، كولونيل توم باركر (توم هانكس)، الذي كان يدير أعمال النجم ويستغله معتقداً أنه وقع على أفيون خالص تنتشي به الجماهير. ولم يكن إلفيس (أوستن باتلر) نفسه فارساً بل أقرب إلى أميرة أسيرة. كان دائماً تواقاً لكسر الثقافة السائدة سعياً وراء الهرب. كان التواء خصره على المسرح السحر الذي أطلق الوعي الجنسي لجيل كامل. يمثل فيلم "إلفيس"، المتمرد والحيوي والمفعم بأداء خارق من باتلر، لوحة سينمائية لا مثيل لها.

7. عظام وأشياء أخرى Bones and All

في فيلم المخرج لوكا غوادانينو هذا، يتم تحذير مارين (تايلور راسل) الشابة المضطربة آكلة لحوم البشر من أن "عالم الحب لا يريد وحوشاً فيه". هجرها والدها (أندريه هولاند) ولم يترك لها شيئاً سوى شريط كاسيت ووعد بأنه لن يكون مستاء منها على الأقل. ستصادف في طريقها آكلي لحوم بشر آخرين. بمن تستطيع الوثوق ضمن عصابة القتلة هذه؟ سالي (مارك رايلانس) الذي يفتضح أمره بسبب حبل مجدول من شعر الضحايا في حقيبة ظهره؟ أم لي (تيموتي شالامي) الذي تبدو ملامحه المنحوتة قادرة على تحويل الموت إلى شعر؟ يغوص فيلم "عظام وأشياء أخرى" عميقاً في وسط الغرب الأميركي، حيث تمتزج المأساة مع الجمال بطريقة لا يقدر إلا مخرج كـ غوادانيينو على توظيفها.

6. كلا Nope

يعزز فيلم "كلا" المتشعب ولكن حاد الذكاء في الوقت عينه، مكانة المخرج جوردان بيل كمبتكر هوليوودي حقيقي. يجسد دانييل كالويا وكيكي بالمر، وهما من بين أكثر الممثلين جاذبية في الوقت الراهن، دوري شقيقين تفرقهما الخسارة المفاجئة لوالدهما في حادثة غريبة. لكن فرصة العمر المالية تجمعهما، وهي فرصة تحقيق ضربة إعلامية متمثلة في التقاط صورة لظاهرة غريبة تحدث فوق مزرعتهما، لتكون دليلاً ملموساً وغير قابل للدحض على وجود حياة خارج الأرض. رسالة الفيلم واضحة وضوح الشمس: روضتنا الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل لا شعوري لنرى محتوى محتملاً في أية تجربة صادمة.  لكن سلاسة بيل السينمائية مكنته من تحويل أشياء عادية إلى رموز قوية. سيكون من الصعب أن تفارق ذاكرة المشاهد صورة فردة حذاء التنس المنتصبة عمودياً على أرض الاستوديو الذي تحول إلى مسرح دموي.

5. أسوأ شخص في العالم The Worst Person in the World

بينما يقف كتاب الأعمدة الصحافية حائرين أمام ما يبدو أنه حال من غياب الهدف لدى جيل الألفية الجديدة (سيلومون نتفليكس على الأرجح)، فإن الإجابة عن سبب تصرفهم على هذا النحو لا يمكن أن تكون بسيطة أو واضحة كما هي في هذا الفيلم. من المؤكد أن جولي (رينيت رينسب) هي نموذج مثالي لجيلها: تلتحق بكلية الطب، لتترك المجال نهائياً بكل بساطة وتتجه نحو التصوير الفوتوغرافي. تدخل في علاقة مع رجل أكبر منها، هو فنان الغرافيك أكسل (أندرز دانييلسن لاي)، ثم تصدم حينما يخبرها بأنه يريد أطفالاً. بعد ذلك، تقع في حب الساقي ذي التفكير المحدود إيفيند (هربرت نوردرام) الذي ليست لديه أي خطط محددة حيال إنجاب الأطفال. تذكرنا هذه الفوضى العارمة بمدى صعوبة الاختيار عندما تبدو الاحتمالات لا نهائية. وفي واحد من أنقى التخيلات السينمائية لهذا العام، تؤتي رغبة جولي بقليل من الوضوح ثمارها السحرية: يتوقف العالم حرفياً، بينما تتنقل من عاشق إلى آخر، متسلحة باليقين المفاجئ.

4. جرائم المستقبل Crimes of the Future

لقيت عودة المخرج ديفيد كروننبرغ بعد ثماني سنوات من الغياب ترحيباً على أنها إحياء عظيم لنوع من أفلام الرعب الجسدي، تمكنه بمفرده من رسم ملامحه في العقود الأولى من مسيرته المهنية، من خلال أفلام مثل فيديودروم Videodrome والحاضنة The Brood وإكزيستنز eXistenZ. إن هذا الافتراض صحيحاً إلى حد ما. نرى في المستقبل البائس وعديم الملامح الذي يرسمه الفيلم كثيراً من الأسرة المصنوعة من أنسجة عضوية تحضن النائمين مثل أجنة في أرحام أمهاتهم والكراسي الشبيهة بالفقرات الظهرية التي تلتف وتتلوى خلال عملية هضم تجري خارج الجسم. لكن الهوس بالأحشاء الذي ساد أفلامه السابقة استبدل بفخامة أعمق وتأملية أكثر. يتصور الفيلم الخطوة التالية في التطور الإنساني التي يتمكن فيها الجسم البشري من تنمية أعضاء جديدة، وفناناً يدعى شاول تينسير (يلعب دوره فيغو مورتنسن) يجعل تلك الأعضاء تقوم بوظائفها أمام الملأ بمساعدة طبيبته الجراحية التي تصبح معاونته كابريس (ليا سيدو). كما تقول هاتان الشخصيتان فإن "الجراحة هي الجنس الجديد"، ويتبين لنا أيضاً أن الجراحة هي الفن الجديد. لذا، بالتالي، إذا كان الجنس والفن والجراحة الشيء نفسه، فجميعها طرق لاستنباط المعاني من الجسد، فهل يمكن القول إنك تمارس الجنس حقاً عندما تشاهد عملاً فنياً مثل جرائم المستقبل؟

3. زقاق الكوابيس Nightmare Alley

هذا أول أفلام المخرج غييرمو ديل تورو التي لا تدور أبداً حول الخوارق – لكن بالنسبة لهذا القاص المتباهي، الذي يخاف من البشر أكثر كثير من أي وحوش، ربما يجسد هذا العمل خلاصة روحه. الفيلم المستند إلى رواية نوار بنفس العنوان كتبها ويليام ليندزي غريشام عام 1946، يحكي قصة ستان كارلايل (برادلي كوبر)، الذي يتعلم أساليب الخداع والحيلة التي لن يتمكن من تجنب استهدافه بها. يتعلم من أحد العاملين في الكرنفال يدعى كليم (ويليم دافو) كيفية تجريد الرجل من إنسانيته وتحويله إلى مهووس يشارك في العروض. ويتعلم من العراف زينا (توني كوليت) كيف يجعل الثكلانين يعتقدون أن الموتى يستطيعون التحدث إليهم. ومن الطبيبة النفسية ليليث ريتر (كيت بلانشيت)، يتعرف على كيفية الإغواء والخيانة. هذا الفيلم المليء بالرموز والألغاز، لا يجد صورة متفردة مؤثرة مثل صورة المهووس، ذلك الشخص الذي يتحول إلى مقدم فقرات جذاب في العروض بينما يرزح تحت رحمة الكحول والأفيون. تتمكن هذه الشخصية بطريقة ما من إثارة كل صنوف الرعب بطبيعته الوجودية والأخلاقية.

2. ما بعد العطلة Aftersun

عثر أول فيلم للمخرجة الاسكتلندية شارلوت ويلز على طريقة رائعة لتحويل الذكريات العكرة إلى فن ملموس. لدينا طفلة هي صوفي (فرانكي كوريو) في الـ11 من العمر، تقضي إجازة في تركيا مع والدها كالوم (بول ميسكال) في مرحلة ما من التسعينيات. يبدو الوقت الذي يمضيانه سوياً رائعاً ولا يقدر بثمن بطرق يصعب تحديدها. لكن لدى المخرجة خطة لتحريف مسار الحكاية نوعاً ما: ما نشاهده ليس الواقع، ولكن ذكريات صوفي عندما تكبر (تجسدها في هذه المرحلة سيليا رولسون هول)، التي تحاول تحديد نقطة مفقودة تحولت حياتها عندها. ما الذي حدث لكالوم؟ ما الذي تغير بينهما في تلك الرحلة؟ ما هذا الألم الهادئ الكامن وراء أداء ميسكال المحسوب ولكن القلق؟ ما بعد العطلة هو أنشودة مؤثرة عن الأسئلة عديمة الإجابات في حياتنا، والمساحات الفارغة في ذاكرتنا التي نود ملأها بأي ثمن.

1. رجل الشمال The Northman

إن مشاهدة فيلم "رجل الشمال"، بكل عظمته الدموية المحمومة تشبه أن يكون المرء شاهداً على ولادة أسطورة. على رغم أن المخرج روبرت إيغيرز، الخبير بالفعل في مجال الحكاية الفلكلورية بفضل أعمال مثل فيلمي الساحرة والمنارة، اقتبس بتصرف من المصدر نفسه الذي تستند إليه مسرحية هاملت لشكسبير، إلا أن رؤيته تحمل بصمته بالكامل. يتجاوز الأمير أمليث (ألكسندر سكارسغارد) حدود الواقع والعقل في سعيه للانتقام من عمه (كلايس بانغ) الذي قتل والده (إيثان هوك) واستحوذ على والدته (نيكول كيدمان). يزحف الرجال الخاضعون لتأثير بذور مخدرة قديمة على أربع وينبحون كالكلاب. يمزقون حناجر بعضهم بعضاً بأسنانهم فقط. إنهم يستشيطون غضباً ويثورون ويتجردون من إنسانيتهم. هناك لقطة مطاردة طويلة في الفيلم، ترصد غارة هائجة على قرية، أمر فائق الروعة في تنفيذها ولا تتساهل أبداً في الصور التي تعرضها لدرجة تشعر المشاهد بأن روحه تكاد تغادر جسده.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سينما