Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قضية لوكربي تقتحم الأجواء السياسية الليبية مجددا

النائب العام: عملية تسليم أبو عجيلة تمت من دون علم السلطة القضائية ومتخصصون يعتبرون اختطافه جريمة جنائية

اختطاف العقيد الليبي السابق مسعود أبو عجيلة من منزله واحتجازه في الولايات المتحدة   (أ ف ب)

أعلن النائب العام الصديق الصور، الأربعاء 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، "بدء التحقيق في حادثة تسليم المواطن أبوعجيلة محمد مسعود إلى الولايات المتحدة ضمن قضية لوكربي".

وقال الصور في تصريحات صحافية إن" النيابة العامة ستعمل على الكشف عن ملابسات هذه القضية"، منوهاً أن "عملية التسليم جرت من دون علم السلطة القضائية في ليبيا".

من جانبه قال عبدالمنعم المريمي ابن أخ العقيد السابق بالأمن الخارجي في حقبة حكم الرئيس السابق معمر القذافي، أبوعجيلة مسعود المريمي الذي سلم إلى الولايات المتحدة لمحاكمته، لـ"اندبندت عربية" إنه "تم توكيل مكتب محاماة في الولايات المتحدة للدفاع عن عمه الذي ظهر أخيراً في إحدى المحاكم الأميركية كمتهم بقضية تفجير طائرة لوكربي وفق وسائل إعلام أميركية".

وأكد المريمي أنهم "قدموا أمس الثلاثاء شكوى إلى مكتب النائب العام في ليبيا لفتح تحقيق في اختطاف مواطن ليبي وتسليمه لجهة أجنبية"، وأوضح أن "عمه يعاني أمراضاً مزمنة عدة على غرار السكري وارتفاع ضغط الدم وانزلاق حاد بفقرات الظهر".

وبالعودة إلى تفاصيل اختطافه، قال المريمي إن "مجموعة مسلحة ملثمة بالأسود اقتحمت حي أبو سليم بالعاصمة الليبية طرابلس، حيث يقيم العقيد السابق أبو عجيلة مع زوجته وبناته واختطفته من بين أسرته". وتابع أن "ابنة أبو عجيلة تعرضت للضرب على يد المجموعة المسلحة أثناء محاولتها الدفاع عن والدها الذي كان طريح الفراش بسبب تدخل جراحي حديث".

وأشار إلى أنه "بعد أيام من اختطافه تمكنوا من التواصل معه، بحيث تأكد أنه موجود لدى القوات المشتركة بمدينة مصراتة" وهي ميليشيا موالية لرئيس الحكومة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وتصنف من أخطر المليشيات في الغرب الليبي.

وقال المريمي إن "خبر تسليم عمه إلى الولايات المتحدة وصلهم عن طريق أصدقاء لهم شاهدوه الإثنين على صفحات فيسبوك أثناء وقوفه وراء القضبان كمتهم في قضية لوكربي، مرتدياً الزي الخاص بالمساجين، وقد غزت وجهه لحية بيضاء وفق مجموعة صور نقلتها وسائل إعلام أميركية".

طائرة أميركية في الأجواء الليبية

وأفادت قنوات إعلام محلية بأن "رئيس ما يسمى ‘ميليشيا دعم الاستقرار‘ عبدالغني الككلي المعروف بـ’غنيوة‘ هو من اختطف العقيد السابق بالأمن الخارجي التابع للقذافي أبو عجيلة مسعود من منزله في أبو سليم"، وفق مصدر من ميليشيا القوات المشتركة. 

وتابع المصدر، "تسلمنا أبو عجيلة من غنيوة بأوامر من إبراهيم الدبيبة مستشار رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، وبعد أسبوع من تسلمهم أبو عجيلة حطت طائرة أميركية في مطار مصراتة ونزل منها أشخاص ملثمون يرتدون بدلات سوداء وأخذوه ولم يعلمنا أحد ما سبب التسليم، ولكن التعليمات صدرت من عبدالحميد وإبراهيم ونجلاء المنقوش".

التزام الصمت

في المقابل لم يصدر حتى اللحظة أي بيان رسمي عن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ينفي أو يؤكد المعلومات التي وردت على لسان أحد عناصر القوات المشتركة التي اختطفت أبو عجيلة من بيته بناءً على تعليمات من رئيس الحكومة الوطنية ومستشاره.

 "اندبندت عربية " حاولت التواصل مع الناطق الرسمي باسم حكومة الدبيبة محمد حمودة للتأكد من صحة المعلومات الواردة من عدمها، على خلفية اختطاف مواطن ليبي وتسليمه لجهة أجنبية غير أنه حتى الساعة لم يرد على أسئلتنا.

تسليم أبو عجيلة جريمة جنائية 

وبسؤالنا عن قانونية التسليم، أفاد أستاذ القانون والمحامي أمام المحاكم العليا في ليبيا خالد محمد بأن "القانون الجنائي الليبي لا يسمح بتسليم أي مواطن لدولة أجنبية، فالقانون الليبي لا يسمح حتى بتسليم الأجانب إلا بعد النظر في قضيتهم من قبل القضاء المحلي الذي يقرر بدوره التسليم من عدمه، فما بالك بمواطن يحمل الجنسية الليبية؟".

وأشار إلى أن" جريمة لوكربي ضد مدنيين وأن الإفلات من العقاب في هذه الجريمة غير جائز. كان ينبغي على الدولة الأميركية تقديم طلب قانوني مشفوع بالأدلة إلى القضاء الليبي، ووفقه تجرى محاكمة أبو عجيلة من قبل القضاء الليبي وليس الأميركي، فتسليمه بهذه الطريقة جريمة جنائية سيحاسب من قام بها عاجلا أم آجلاً".

ليبيا غير ملزمة مالياً

وفي خصوص إمكانية ترتب التزامات مالية على الدولة الليبية إذا ثبتت إدانة أبو عجيلة في تفجير طائرة لوكربي، أكد محمد أن" ليبيا غير معنية بأي التزامات مالية جديدة لأن مسؤولية الدولة الليبية في هذه الحالة مدنية"، وأوضح أن "هذه المسؤولة يتحدد فيها مقدار التعويض وفقاً للضرر وليس لعدد المتهمين أو ظهور متهم جديد لأن قيمة الضرر حددت بـ2.7 مليار دولار أميركي لأسر الضحايا المقدر عددهم بـ259 شخصاً في الطائرة، بينهم 190 أميركياً و11 شخصاً على الأرض وفق الاتفاق الذي أبرمه القذافي مع الولايات المتحدة وبريطانيا عام 2003 وانتهت مسؤولية الدولة الليبية منذ عام 2009 ولن تتأثر بظهور متهمين جدد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونوه محمد أنه" كان الأجدر بالولايات المتحدة أن تلجأ إلى القضاء الليبي وتطلب محاكمة أبو عجيلة عن هذه الجريمة أو إلى محكمة الجنايات الدولية إذا جاز تصنيف قضية لوكربي كجريمة إنسانية وارتكبت بعلم نظام معمر القذافي ولكن في هذه الحالة، لم تصدق واشنطن بعد على معاهدة روما لعام 1990، باعتبار أن قضية لوكربي حدثت عام 1988، وهي لا تعترف أساساً بمحكمة الجنايات الدولية لهذا اختارت الطريق الأسهل الذي دعمها فيه عدد من الليبيين الذين سلموا مواطناً ليبياً بعيداً من الإجراءات القانونية والدستورية الليبية".

أول محامية متطوعة 

المحامية سويلمة مختار بوكر كانت أول من تطوع للدفاع عن المواطن الليبي أبو عجيلة، الإثنين، وفي الإطار أوضحت لنا أن "دافع تطوعها هي الطريقة غير القانونية التي تم القبض بها على العقيد السابق بالأمن الخارجي، بحيث اختطف وسلم إلى جهة أجنبية والحال أنه دولياً تم إغلاق قضية لوكربي بموجب أحكام اتفاق التسوية ’الشاملة المصدقة‘ لعام 2009. ومحلياً الفقرة (د) من المادة (493) مكرر (أ) من قانون الإجراءات الجنائية الليبي، تمنع تسليم أي متهم أو محكوم عليه ليبي الجنسية".

وأبرزت بوكر أنها "ترى أن هناك محاولة ابتزاز لموارد ليبيا، خصوصاً في ما يتعلق بالأموال المجمدة إذ من المنتظر أن يتم في مرحلة تالية الزج بمجموعة أخرى من الأشخاص الليبيين لابتزاز الدولة بهدف دفع تعويضات مالية ولذلك سارعت كمحامية بالتطوع للذود عن حقوق وثروات المواطنين الليبيين".

القضية لم تغلق 

من جهته أوضح المحامي وعضو المجلس الانتقالي السابق المهدي كشبور أن "ملف قضية لوكربي لم يقفل بعد، فالاتفاق الموقع بين البلدين (أميركا وليبيا) اتفاق خاص بالتعويضات فقط، أما الشق الجنائي، فلا يزال مفتوحاً".

وأبرز كشبور أن "ولاية القضاء العالمي تمتد في حالة عجز القضاء المحلي عن تحقيق العدالة ومساءلة مرتكبي هذه الجرائم"، وأشار إلى أن "من حق الشعب الليبي وأهالي الضحايا أن يعلموا حقيقة ما حدث عبر تحقيق مهني وعادل وشفاف كما من حق الدولة الليبية أن تسترد ما دفعته من تعويضات إذا ثبت أنها غير مسؤولة عن الحادثة وإذا ثبت العكس فالتعويضات تكون دفعت بالفعل". 

النيل من الدبيبة 

ونوه كشبور أن" قضية لوكربي وظفت سياسياً ضد حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة وليس للتضامن مع أبو عجيلة، لا سيما أن أغلب من يقف وراء هذه الحملة هم من داعمي حكومة باشاغا". 

وتساءل عن "سبب الصمت تجاه بقية الحالات التي قامت الولايات المتحدة بنقلها من ليبيا إلى أراضيها على غرار أبو ختالة وأبو أنس الليبي"، وطالب كشبور "بضرورة بذل مجهود وطني لضمان محاكمة عادلة وشفافة للمواطن أبو عجيلة عوضاً عن الاحتجاج على محاكمته إلى أن تظهر الحقيقة". 

صفقة التمديد

في المقابل أكد عضو لجنة الأمن القومي في مجلس النواب علي التكبالي أن "عدد أعضاء البرلمان الذين أصدروا بياناً يدعو إلى عقد جلسة الأسبوع المقبل قبل جلسة المساءلة التالية لأبو عجيلة بتاريخ 27 ديسمبر الحالي ارتفع لأكثر من 90 نائباً". ووصف إعادة فتح لوكربي بـ"الخيانة العظمى"، موضحاً أنهم "سبق وطالبوا النائب العام الصديق الصور بفتح تحقيق في الأمر واتخاذ إجراءات محلية ودولية لضمان عودة العقيد السابق بالأمن الخارجي أبو عجيلة مسعود إلى ليبيا". 

ونوه التكبالي أن "تسليم أبو عجيلة يأتي في إطار صفقة بين واشنطن التي دعمت بقاء الدبيبة على رأس السلطة مقابل ضمان الوصول إلى أبو عجيلة"، موضحاً أن "تغير موقف السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند الذي صرح مباشرة بعد تسلمهم أبو عجيلة بأن لا حاجة لحكومة أخرى وحكومة الدبيبة هي التي ستبقى إلى حين إجراء انتخابات وطنية، دليل واضح على الصفقة الثنائية التي تمت بين الطرفين".

وطالب التكبالي نورلاند بـ"الكف عن التدخل في الشأن الداخلي الليبي، خصوصاً أن تمديد أو إنهاء ولاية الحكومات يعود للبرلمان دون سواه"، ونوه أن "البرلمان سيوفر عدداً من المحامين في الولايات المتحدة للدفاع عن أبو عجيلة الذي سيكون بمثابة القشة التي ستقسم ظهر الحكومة الوطنية المنتهية ولايتها وستسقطها لأن الشعب الليبي لن يصمت". يذكر أن الولايات المتحدة تحتجز المواطن الليبي أبو عجيلة المريمي بتهمة الضلوع في تفجير طائرة "بان آم" فوق قرية "لوكربي" الاسكتلندية عام 1988.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير