Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل دقت ساعة توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا؟

مراقبون يؤكدون أن الطريق نحو إنهاء الانقسام غير معبدة

إنهاء حالة الانقسام في الشرق والغرب والجنوب لا يمكن أن يتحقق إلا في ظل وجود مؤسسة عسكرية تحت قيادة واحدة (المركز الإعلامي لرئاسة الأركان العامة للقوات المسلحة الليبية)

لا حلم يعلو على حلم توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، حلم لم تنجح في تحقيقه جميع الحكومات منذ انهيار نظام الرئيس السابق معمر القذافي عام 2011.

وتشهد الفترة الحالية زخماً محلياً ودولياً لتفعيل المؤسسة العسكرية وإنهاء الانشقاق الأمني بين المعسكرات الشرقية والغربية، وفي الإطار اجتمع منذ أيام قليلة بمدينة سرت الليبية رئيس أركان الجيش بالشرق الليبي، الفريق عبدالرازق الناظوري بالفريق أول ركن محمد الحداد، رئيس أركان القوات المسلحة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، بحضور عدد من الضباط من المعسكرين ضمن برنامج لتوحيد المؤسسة العسكرية.

وتعليقاً على هذه الاجتماعات العسكرية، أكد السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند أن "بلاده تدعم جهود المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باثيلي لإخراج القوات الأجنبية وتوحيد الجيش الليبي". 

وقال نورلاند "الليبيون يستحقون جيشاً موحداً قادراً على الدفاع عن سيادة ليبيا".

ويذكر أن اجتماع الحداد والناظوري هو الثاني من نوعه في أقل من شهر، إذ سبق وجرى بينهما اجتماع عسكري بالعاصمة التونسية، في إطار استكمال الجولات العسكرية السابقة بين القطب العسكري الشرقي والقطب العسكري الغربي، التي شهدتها سابقاً كل من مدينة سرت (وسط) وبنغازي (شرق) والعاصمة طرابلس (غرب)، التي احتضنت بدورها لقاء بين الحداد والناظوري، في 19 يوليو (تموز) الماضي، بحضور أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" (5 عسكريين من المعسكر الغربي و5 عسكريين من المعسكر الشرقي).

اجتماع تاريخي

ويبقى 11 من ديسمبر (كانون الأول) عام 2021 تاريخاً شاهداً على أول اجتماع عسكري بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي في مدينة سرت منذ اندلاع ثورة السابع عشر من فبراير (شباط) عام 2011. وصف الاجتماع بـ"الاجتماع التشاوري الودي" بين كل من الفريق أول ركن محمد الحداد (غرب) والفريق عبدالرازق الناظوري (شرق) بحضور عدد من الضباط من الجانبين.

ويذكر أن اللقاء ناقش عدة محاور، من أبرزها حرمة الدم الليبي وعدم الاحتراب الداخلي ووحدة التراب الليبي وتأمين الحدود ومحاربة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، إضافة إلى التأكيد أن مهمة الجيش تتمثل في حماية الوطن والمواطن والدستور وغيرها من النقاط.

وبينما يتطلع المواطن الليبي لإنهاء الصراع المسلح وتوحيد المؤسسة العسكرية في البلد، يؤكد خبراء أن "الموضوع يحتاج إلى شروط عديدة يبقى أهمها عدم وجود نص دستوري".

أبرز الآليات 

وفي الإطار أكد اللواء خالد المحجوب، مدير إدارة التوجيه المعنوي بالقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية (القطب العسكري الشرقي) في حديثه لـ"اندبندنت عربية" أنه "يجب العمل على تفكيك جميع المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون وإعادة دمجها بناء على الشروط المعروفة في أي نظام عسكري، والتي يأتي على رأسها اللياقة البدنية والحالة الجنائية وعدم ارتكاب جرائم حرب، علاوة على السن المناسبة لممارسة الخدمة العسكرية".

وقال اللواء المحجوب إن "تأخير توحيد المؤسسة العسكرية له علاقة بإجراءات لجنة (5+5) العسكرية التي تأخرت في التزام ما تم الاتفاق عليه في جنيف، من دمج للمجموعات المسلحة كأفراد بعد اجتيازها مرحلة التدريب المطلوبة لتأهيلهم كعسكريين وفق الشروط الأساسية وهي الحالة الصحية والجنائية".

وشدد المتحدث نفسه على "ضرورة الالتزام باتفاقية جنيف التي تنص على وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسة العسكرية وإخلاء القوات الأجنبية ونزع السلاح من المجموعات المسلحة غير الشرعية ودمج ما يصلح منها بعيداً عن التجاذبات السياسية".

الطريق شاقة

من جهته شدد العقيد عادل عبدالكافي (القطب العسكري الغربي) على ضرورة "التزام معسكر المشير خليفة حفتر القواعد العسكرية، ثم الدعوة في مرحلة لاحقة لتوحيد المؤسسة العسكرية التي تقتضي عدم عسكرة الدولة مقابل دعم قيام الدولة المدنية".

ووصف عبدالكافي الطريق نحو إنهاء حالة الانقسام العسكري بـ"الوعرة والشاقة وغير المعبدة بخاصة مع استمرار وجود القوات الأجنبية على الأراضي الليبية".

ودعا قوات الشرق الليبي إلى احترام المجلس الرئاسي باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية، وعدم التمرد عليه من خلال إقامة مناورات عسكرية مع فاغنر الذين يتخذون من قاعدة الجفرة وبراك الشاطئ والقرضابية المحاذية لمدينة سرت مقراً لهم.

وأضاف المتحدث نفسه أن "عملية بناء المؤسسة العسكرية يجب أن تستند إلى قوانين وأخلاقيات عسكرية، أهمها عدم التدخل في الشأن السياسي، إضافة إلى القيام بعملية إبعاد للعسكريين المتورطين في سفك دماء الليبيين".

وقال عبدالكافي إنه "من غير المعقول أن تضم المؤسسة العسكرية قيادات في لجنة (5+5) سبق وطالبوا في بيان لهم بإغلاق المجال الجوي بين الغرب والشرق، ودعوا إلى إيقاف إنتاج النفط وتصديره، فمثل هذه العناصر حتى وإن كانت تحمل رتبة عسكرية لا يمكن أن يؤتمن عليها الوطن" وفق قوله.

وبخصوص أهمية توحيد المؤسسة العسكرية أبرز أن "سلامة الوطن وحماية الأراضي الليبية وإنهاء حالة الانقسام في الشرق والغرب والجنوب لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل وجود مؤسسة عسكرية تحت قيادة واحدة، مما سينعكس بدوره على سرعة الانتقال الديمقراطي عبر القيام بانتخابات وطنية يؤمنها الجيش الوطني الليبي".

الدستور أولاً 

توجه عارضه الكاتب والمحلل السياسي عبدالله الكبير الذي قال إن "الانتخابات الوطنية غير مرتبطة بوجود مؤسسة عسكرية موحدة من عدمه"، موضحاً أنه "سبق وجرت الانتخابات التشريعية عام 2014، من دون وجود لمؤسسة عسكرية موحدة على أرض الواقع".

وربط الكاتب السياسي تحقيق حلم توحيد المؤسسة العسكرية بوجود دستور أو سلطة تشريعية موحدة ومنتخبة تشكل حكومة شرعية مستمدة من برلمان منتخب، حتى تفرض سلطتها باعتبار أن القاعدة الأساسية في بناء أو توحيد الجيوش تكمن في وجود المواد الخاصة بهم في الدستور".

ونوه الكبير بأن "الدستور معطل حتى الآن على رغم وجود مسودة أعدتها هيئة منتخبة وتنتظر الاستفتاء عليها من الشعب منذ 2017، فقيام المؤسسة العسكرية يحتاج إلى عدة شروط من أبرزها دستور ينظم الأسس التي ستقوم عليها المؤسسة العسكرية وعقيدتها ومهامها ومسؤولياتها وضرورة خضوعها للسلطة المدنية المنتخبة".

وأكد أن "الجيش في ليبيا بحاجة إلى إعادة بناء وفق عقيدة جديدة تحدد مهامه وتبعده عن ممارسة السياسة"، مطالباً بـ"إزاحة كثير من ضباط الجيش ومحاسبتهم عن قيامهم بجرائم حرب حتى تمضي عملية بناء الجيش الليبي في طريق سليم".

المزيد من تقارير