Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أي دوافع وراء إقصاء إريتريا من القمة الأميركية- الأفريقية؟

مراقبون: موقف أسمرة من تيغراي وأوكرانيا ورفضها إقامة قاعدة عسكرية بالبحر الأحمر في مقدمة الأسباب

واشنطن تستعد لاستضافة القمة الأميركية - الأفريقية الثانية  (الخارجية الأميركية)

تستعد واشنطن لاستضافة القمة الأميركية - الأفريقية الثانية، وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، في بيان صحافي نشره البيت الأبيض عبر موقعه الإلكتروني، "أتطلع إلى استضافة قادة من جميع أنحاء القارة الأفريقية في واشنطن العاصمة في الفترة من 13 إلى 15 ديسمبر (كانون الأول) 2022، لحضور القمة الأميركية- الأفريقية الثانية"، وأضاف أن "هذه القمة تظهر كذلك التزام الولايات المتحدة الدائم تجاه أفريقيا وتؤكد أهمية العلاقات بين واشنطن ودول القارة".

إلا أن التصريح الرئاسي الأميركي استثنى لاحقاً بعض الدول الأفريقية من الدعوة للمشاركة في القمة التي وصفها أنها تشمل "جميع دول القارة"، حيث صرحت مولي فيي، مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية، بأن "القمة الأميركية- الأفريقية المرتقب انعقادها في واشنطن ستستضيف 49 حكومة، إلى جانب مفوضية الاتحاد الأوروبي وجمعيات المجتمع المدني وشركات القطاع الخاص والقادة الشباب". وأضافت أن "القمة ستكون فرصة لتعميق الشراكات الحيوية مع بلدان القارة، وتسليط الضوء على تبعات جائحة كورونا، ورصد ملامح الشراكات التجارية والأمنية والحقوقية المؤطرة لسنة 2023".

وقالت المسؤولة الأميركية إن "بلادها امتنعت عن تقديم الدعوة لبعض الحكومات الأفريقية التي أتت إثر الانقلابات العسكرية لدفعها للعودة إلى المسار الديمقراطي قبل إقامة أي شراكات معها"، وأضافت، "البلدان التي قمنا بدعوتها تعكس التزام الرئيس جو بايدن إزاءها".

وحددت الخارجية الأميركية معايير الدعوة على نقطتين، "ألا تكون الدولة شهدت انقلابات عسكرية، كما أكدت استثناءها للدول التي لا تربطها علاقات دبلوماسية مع واشنطن"

وأعلنت واشنطن أن الدول التي لم توجه لها دعوات المشاركة تشمل كلاً من "مالي والسودان وغينيا وبوركينافاسو" باعتبار أن أنظمتها أتت إثر انقلاب عسكري، كما ضمت القائمة دولة إريتريا" التي لم تشهد انقلاباً عسكرياً كما أنها تحافظ على تمثيل دبلوماسي في واشنطن، فضلاً عن وجود سفارة أميركية في العاصمة الإريترية أسمرة، ما يعني أن البندين المعلنين لا ينطبق عليها، وعلى رغم ذلك لم تشملها الدعوة، فما الأسباب وراء إقصائها على رغم عضويتها في الاتحاد الأفريقي؟

إرث من الخلافات

يرى الباحث الإريتري الأميركي المتخصص في قضايا القرن الأفريقي إبراهيم إدريس، أنه "لم يكن من المتوقع دعوة إريتريا من قبل واشنطن لأي محفل دولي كبير تقوده الأخيرة، خصوصاً من قبل الإدارة الديمقراطية، التي تحتفظ بذاكرة خلافات مع النظام الإريتري تاريخياً، لا سيما في قضايا تتعلق بإقليم القرن الأفريقي".

يضيف "وما زاد الأمر تعقيداً بين النظامين الإريتري والأميركي، هو الخلافات التي نشأت بين الإدارة الإريترية والإثيوبية إثر الحرب الحدودية بينهما ما بين 1998 و2000، أثناء قيادة الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي للسلطة في أديس أبابا، حيث ظلت الولايات المتحدة بقيادة الديمقراطي بيل كلينتون منحازة للطرح الإثيوبي". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يسرد إدريس حلقات الخلاف المتسلل بين الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض وأسمرة، التي وصلت ذروتها أثناء فترة حكم الديمقراطيين بقيادة باراك أوباما التي فرضت عقوبات قاسية على الأخيرة بذريعة دعم حركة الشباب الصومالية". 

وعلى رغم التحسن النسبي الذي شهدته العلاقة أثناء فترة حكم دونالد ترمب، بخاصة بعد توقيع اتفاقية السلام بين أديس أبابا وأسمرة، إثر وصول رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد للحكم، إلا أن عودة الديمقراطيين لسدة الحكم في واشنطن أعادت الأمور مرة أخرى إلى المربع الأول. 

يتابع، "بعد تفجر الأوضاع بين حكومة اقليم تيغراي وبين الحكومة المركزية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، ودعم إريتريا لإدارة آبيي أحمد، أصدرت واشنطن حزمة عقوبات جديدة، ضد القيادة الإريترية تبدو أكثر قسوة من العقوبات التي وجهت ضد الحكومة الإثيوبية نفسها، وهو ما يكشف عن ثلاثة عناصر أساسية في التعاطي الأميركي مع إريتريا، الأول العنصر التاريخي لعلاقة الحزب الديمقراطي معها، حيث ظل داعماً للمطالب الإثيوبية ضد إريتريا تاريخياً، الثاني ما يتعلق بالسياسات الأميركية وخططها تجاه منطقة القرن الأفريقي ومنطقة حوض البحر الأحمر، وتعارض ذلك من الرؤية الإريترية، أما العنصر الأخير فيتعلق بالمواقف الدولية والإقليمية التي تعلنها الحكومة الإريترية وتقف على النقيض من التوجه الأميركي العام، بالتالي فإن دعوة إريتريا لم تكن واردة في ظل الإدارة الأميركية الحالية بقيادة الديمقراطيين". 

أزمة أوكرانيا ودرجة التمثيل الدبلوماسي  

من جهته يذهب المحلل السياسي سليمان حسين إلى أن عدم دعوة إريتريا للقمة، يمكن قراءته بأكثر من مدخل، ويرجح أن تكون إدارة بايدن "قد بررت موقفها من خلال عدم وجود علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء، صحيح هناك علاقات دبلوماسية بين أسمرة وواشنطن، لكن على مستوى القائمين بالأعمال وليس السفراء، وعلى رغم عدم وجاهة هذا العامل كسبب رئيس لاستثناء إريتريا من الدعوة للقمة، لكنه قد يقدم كمبرر شكلي لعدم الدعوة". 

ويؤكد، "الأسباب الحقيقية لها علاقة بالعامل السياسي، أهمها وقوف إريتريا ضد السياسات الأميركية في المنطقة، وعلى رأسها رفضها استضافة قواعد عسكرية أميركية في البحر الأحمر وتحديداً في جزيرة دهلك الإريترية وكذلك في ميناء عصب"، في إشارة إلى زيارة وزير الدفاع السابق دونالد رامسفيلد عام 2013.

يضيف، "أن علاقات إريتريا بواشنطن متوترة لأكثر من عقدين من الزمن لا سيما في العصور التي قاد فيها الديمقراطيون دفة الحكم في واشنطن، بينما تشهد نوعاً من الانفراج في حقب الجمهوريين"، ويلاحظ "أن وصول الحزب الديمقراطي للحكم بقيادة بايدن، أعاد صقور السياسة الخارجية للواجهة بقيادة سوزان رايس المسؤولة عن السياسة الخارجية والأمن والقومي، التي لها خلافات معروفة مع الإدارة الإريترية منذ نهاية تسعينيات القرن الماضي". 

يوضح حسين، أن هناك خلافاً أساسياً آخر حول الملف الإثيوبي، حيث تتعارض الرؤيتان الأميركية والإريترية حول هذا الملف، فبينما يرتبط الديمقراطيون بعلاقات متقدمة مع الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، يسعى النظام الإريتري لإضعاف هذه الجبهة وإقصائها.

 العامل الآخر الأساس يتعلق أيضاً بمواقف إريتريا دولياً، لا سيما موقفها من الحرب الروسية الأوكرانية الأخيرة، حيث كانت من ضمن الدول التي صوتت ضد القرار الأممي الذي يستنكر الحرب على أوكرانيا، وهي خمس دول روسيا وبيلاروس وكوريا الشمالية وإريتريا وسوريا، وهذا عامل مهم لتوتر العلاقات أكثر مع أسمرة، بالتالي سعي الإدارة الأميركية ليس لعزل النظام الإريتري من المحافل الدولية فحسب، بل وتبني قرارات عقابية أخرى تم تبريرها في إطار مخرجات الحرب الأهلية الإثيوبية. 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير