Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا تنتهز القمة العربية الصينية وتغري بكين بـ"الذهب الأسود"

رئيس المجلس الرئاسي الليبي دعاها إلى استئناف الشراكة المتعثرة منذ عام 2011 والإسهام في إعادة الإعمار

تركز الصين على محاولة الدخول إلى المنافسة على الاستثمارات النفطية في ليبيا (أ ف ب)

انتهزت ليبيا فرصة انعقاد القمة الاقتصادية العربية - الصينية في العاصمة السعودية الرياض لحث بكين على استئناف استثماراتها الضخمة معها والمتوقفة منذ أكثر من عقد كامل، بسبب الأوضاع السياسية والأمنية المتوترة في البلاد.

وتحاول ليبيا أيضاً إغراء الطرف الصيني بالمشاركة في إعادة إعمار البلاد التي توفر فرصاً جديدة للشركات الصينية بمليارات الدولارات، خصوصاً أنها وقعت معها في عام 2018 مذكرة تفاهم لتكون جزءاً من مبادرة "الحزام والطريق"، أو مشروع "طريق الحرير الجديد" الذي أعلنته بكين عام 2013.

وتبدو السلطات الصينية مترددة في منح الضوء الأخضر لعودة شركاتها إلى ليبيا مثلما كانت عليه الحال خلال السنوات الـ 10 الماضية بسبب الأوضاع الأمنية الهشة، إذ اشترط الرئيس الصيني شين جينبينغ تحسنها لاستئناف المشاريع المتفق عليها سابقاً بين البلدين.

دعوة إلى عودة سريعة

وأكد رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي خلال كلمة ألقاها أمام القمة العربية - الصينية في الرياض الجمعة، أن "ليبيا تتطلع إلى الاستفادة من الخبرات والإمكانات الصينية لإعادة بناء الاقتصاد الليبي والبنى الأساس في البلاد"، مشيداً بـ "مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس شي جينبينغ العام 2013 وانضمت إليها ليبيا في العام 2018".

وقال المنفي إن "القمة العربية - الصينية تفتح آفاق مستقبل أفضل من التعاون والشراكة بين الصين والعالم العربي، وتعزز الاستقرار والازدهار في المنطقة"، مشيراً إلى أن "التطورات الاقتصادية والسياسية المتسارعة في العالم اليوم تتطلب مرونة أكثر في تحديد مفهوم الشراكات الاقتصادية".

ودعا إلى "الابتعاد من القوالب التقليدية الجامدة التي حكمت العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول العربية والصين منذ منتصف القرن الماضي، خصوصاً في ضوء ما توليه الصين من أهمية لعلاقاتها بالعالم العربي، وما نتج من هذا التوجه من تطور في العلاقات منذ مؤتمر التعاون العربي الصيني العام 2004".

وبيّن أن "ليبيا تتطلع إلى تنويع شراكاتها مع الصين، وأنها من البلدان التي ربطتها علاقات ثابتة بجمهورية الصين الشعبية تأسست على موقف الصين الداعم لاستقلال الدولة الليبية عام 1951، والتزام ليبيا بمبدأ الصين الواحدة، ونحن نطمح إلى أن تلعب بكين الدور الذي يناسب ثقلها الدولي وأهمية العلاقة بين البلدين".

شرط واحد

وناقشت ليبيا رسمياً إحياء العلاقة الاقتصادية مع الصين وإعادة الاستثمارات المشتركة إلى مستوياتها السابقة قبل عام 2011 عندما كانت بكين المستثمر الأجنبي الأكبر في ليبيا خلال لقاء جمع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي بالرئيس الصيني شين جينبينغ، وذلك على هامش القمة العربية الصينية الأولى في الرياض.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب الرئاسي الليبي فقد أكد الرئيس الصيني خلال اللقاء أن "استئناف الشركات الصينية عملها في الأراضي الليبية مرتبط بشكل وثيق باستقرار البلاد واستتباب الأمن".

ووفقاً لبيان أصدره المكتب الإعلامي للمجلس الليبي فإن "الرئيسين استعرضا مسألة عودة الشركات الصينية للعمل في ليبيا والإسهام في التنمية".

من جهته، قال محمد المنفي إن "تحقيق الاستقرار والأمن يستوجب مساندة دولة الصين الصديقة للمضي قدماً في إنجاز الاستحقاق الانتخابي وإنهاء المراحل الانتقالية وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة".

رجوع الشريك الأكبر

وتشكل العلاقات الاقتصادية مع الصين أهمية خاصة لليبيا بالنظر إلى ما تمتلكه بكين من استثمارات مع طرابلس تعد النسبة الأكبر من الاستثمارات الأجنبية، إذ بلغ عدد الشركات الصينية في ليبيا عام 2010 نحو 75 شركة تعمل في مجالات عدة أبرزها البنية التحتية والاتصالات في مشاريع تقدر كلفتها بنحو 20 مليار دولار أميركي.

وعلى رغم الوضع الأمني الذي شهدته ليبيا جراء الحرب والنزاعات والانقسام السياسي إلا أن التبادل التجاري بينهما استمر بوتيرة لافتة، إذ ارتفعت قيمة مشتريات الصين من النفط الليبي بنحو الضعفين بين عامي 2017 و2020، وأشركت الصين ليبيا 2018 مبدئياً في مبادرة "الحزام والطريق" بتوقيع مذكرة تفاهم، ويتوقع أن يشارك البنك الآسيوي للاستثمار (AIIB)  ومقره بكين، في جهود إعادة الإعمار في ليبيا بناء على هذا الاتفاق.

إغراء الذهب الأسود

من جانبها، لم تخف الصين اهتمامها بالاستثمار في ليبيا، وآخرها العام الماضي عندما أجرى وفد اقتصادي تجاري صيني رفيع المستوى زيارة إلى ليبيا للتشاور مع السلطات والشركات الليبية ورجال الأعمال في شأن عمليات التعاقد والاستثمار.

وبدا واضحاً تركيز الصين خلال السنوات الماضية على محاولة الدخول إلى المنافسة على الاستثمارات النفطية في ليبيا، إذ سعت شركة "كيروي بتروليوم" المتخصصة في الاستشارات والخدمات النفطية للحصول على إجازة لعرض حلول بيئية في مناطق العمليات النفطية مع المؤسسة الوطنية.

كما فتحت مؤسسة النفط الليبية محادثات مع عدد من الشركات الصينية مثل شركة السور العظيم للحفر و"بي جي بي" الناشطة في مجال التنقيب الجيوفيزيائي، في إطار خطتها لزيادة الإنتاج للوصول إلى 3 ملايين برميل يومياً، لكن كل هذه المحادثات اصطدمت باشتراطات بكين الأمنية الصارمة لعودة شركاتها مرة أخرى إلى ليبيا.

وتضع ليبيا الصين، باعتبارها أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، في مقدم الأسواق التي تستهدفها من أجل العودة بقوة إلى الأسواق العالمية بعد استقرار الأوضاع الأمنية بالبلاد، وبدء عمليات الصيانة والتطوير الشاملة التي تجريها عدد من شركات النفط الوطنية.

وفي الوقت الحالي تستحوذ بكين على نحو أربعة في المئة من صادرات النفط الليبي، بينما تعد أوروبا أكبر مستورد للخام الليبي، وتستحوذ على نحو 75 في المئة من صادرات ليبيا من موانئ الحريقة والزويتينة وراس لانوف والسدرة والبريقة وسط البلاد، وميناء الزاوية غرباً.

علاقة مهمة للطرفين

ويرى الأكاديمي الليبي فرج الجارح أن "تفعيل المشاريع الصينية المجمدة في ليبيا مهم جداً لتنشيط عجلة الاقتصاد ودورة التنمية فيها، لضخامة هذه المشاريع ونوعية هذه الاستثمارات التي جلها في مجالات حيوية مثل الاتصالات والإسكان والبنية التحتية، وهو ما تحتاج إليه ليبيا حالياً".

وأرجع الجارح تردد الصين في إحياء شركاتها إلى ليبيا لأسباب عدة، وقال إن "الصين مبدئياً تعرف أن استثماراتها في ليبيا غير مهددة من أي طرف من الأطراف الخارجية المتنافسة فيها، لأنها مرتبطة مع طرابلس بعقود ملزمة للطرفين تضمن الحق الحصري لبكين في استكمال مشاريعها المتوقفة".

والسبب الثاني بحسب الجارح أن "الصين على عكس الولايات المتحدة وأوروبا تستخدم المساعدات والتجارة والاستثمار الأجنبي المباشر بشكل استراتيجي لبناء علاقاتها وتوسيع نفوذها السياسي وتأمين الموارد الطبيعية التي تحتاج إليها للنمو، وكل ذلك يحتاج إلى بيئة آمنة غير متوافرة حالياً في ليبيا، فهي لا تخفي اهتمامها بالتعاون الاقتصادي مع ليبيا، لكنها لا تستعجل في المخاطرة بالدخول إلى بيئة متوترة سياسياً وأمنياً، والأهم أنها تعج بالتدخلات الخارجية".

ويخلص إلى أن "الصين على رغم ذلك تدرك الأهمية الجيو-ستراتيجية لليبيا، وتطمح إلى أن يكون لها نفوذ لإنجاح خطتها في أفريقيا، كما أنها بلد مهم في مشروع استدامة نمو اقتصاد الصين وتطويره على المدى البعيد من طريق تزويد بكين بحاجتها المتزايدة إلى النفط الخام، إذ إن طرابلس لديها واحد من أضخم احتياطات الخام من دون أن نغفل الفرص المعتبرة للتجارة والاستثمارات الصينية في بلد غني تركته الحرب مدمراً وبحاجة إلى إعادة الإعمار".

المزيد من العالم العربي