Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أصداء مزعجة من الماضي في مخطط اليمين المتطرف الفاشل في ألمانيا

يبدو جلياً أن الحركات المتطرفة يمكنها الانتقال بسهولة من النشاط الافتراضي عبر شبكة الإنترنت إلى عالم العنف والإرهاب الحقيقي

كانت بعض عناصر الانقلاب هزلية تقريباً (أ ب)

لم يكن لمحاولة الانقلاب في ألمانيا أية فرصة للإطاحة بالجمهورية الاتحادية أو دستورها وحكومتها.

لقد تمكنت السلطات من الكشف عن المخطط في مراحله المبكرة جداً، مما يشير إلى أنه كان عرضة للاختراق، وفي كل الأحوال، لا يزال الشعب الألماني ملتزماً بنهجه السلمي والديمقراطي نحو الرخاء الذي اعتاد عليه منذ الحرب العالمية. غير أن الصدمة النفسية التي سببها المخطط والدروس المستفادة منه ليست حول ما إذا كانت عصابة من المختلين قادرة على الإطاحة بالنظام.

فمخطط الانقلاب كما تبين من المعلومات المتاحة، توفرت فيه عناصر هزلية كتورط شخصية تشبه تلك القادمة من عوالم القصص الخيالية ويدعى هاينريش الـ13، وهو أمير من عائلة رويس، سليل أسرة عريقة ضاربة في القدم ولكن هامشية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع ذلك فما حدث تتوفر فيه أصداء غير مريحة للماضي، ويدل على أن اليمين المتطرف يمكنه بسهولة الانتقال من نشاطه الافتراضي عبر شبكة الإنترنت إلى عالم العنف والإرهاب الحقيقي، تماماً كما ألحق اليسار المتطرف الضرر بألمانيا خلال سبعينيات القرن الماضي.

وعلى رغم الصعوبات والمخاوف التي أثارتها حرب فلاديمير بوتين في أوكرانيا، فإن أجواء الرخاء البورجوازي في ألمانيا واستعدادها للتكفير عن ماضيها، الذي تمثل في ترحيبها السخي بقرابة مليون لاجئ سوري، لا تزال ماثلة للعيان. لكن خلف هذه الصورة الوردية هناك توترات طبيعية، تبدو جلية من خلال الوجود المتواصل لحزب اليميني المتطرف "البديل من أجل ألمانيا" AfD في البرلمان الاتحادي وبرلمانات الولايات.

خلال عام 2024 ستحتفل ألمانيا الاتحادية بالذكرى الـ75 لنهاية الحرب العالمية الثانية والتحرر من النازيين، وهي أطول مدة متواصلة في تاريخ ألمانيا قضتها البلاد في ظل حكومة ديمقراطية ليبرالية. لكن التطهير العرقي والثورات والحروب والاحتلالات كانت أيضاً جزءاً من مسيرة ألمانيا – وما تزال ماثلة في الذاكرة الحية.

فالتجربة الديمقراطية التي امتدت إلى شرق البلاد بعد انهيار جدار برلين وإعادة توحيد البلاد في عام 1990، لا يمكن اعتبارها أمراً مضموناً حتى في ظل ألمانيا الجديدة. وهؤلاء الذين اعتبروا أنفسهم ثوريين قد يكونون تأثروا، أو ربما ألهمتهم الأحداث التي شهدها العاصمة الأميركية واشنطن يوم السادس من يناير (كانون الثاني) عام 2021 [اقتحام مبنى الكابيتول]. ذلك أن فكرة قدرة قلة من الناشطين المسلحين السيطرة على مركز السلطة ومؤسسات الدولة الحيوية قد تكون مغرية وربما مثيرة للبهجة.

وقد يكونوا تأملوا الطريقة التي لجأ اليها النازيون عندما قاموا بعمل مباشر خلال عشرينيات القرن الماضي لجذب الانتباه وخلق فئة من الشهداء وزعزعة استقرار الدولة. فأعضاء "حركة مواطني الرايخ" قد لا يكونوا خططوا لتنفيذ انقلابهم من قاعة لشرب الجعة، لكن نواياهم كانت خبيثة كنوايا النازيين هتلر ولوديندورف وغورينغ وروم ومن على شاكلتهم خلال عصر جمهورية ويمار.

ما يبدو عصرياً للغاية – ومزعجاً – بشأن هذه القضية هو كيفية تسلل أفكار اليمين المتطرف التقليدية الخرافية عبر شبكة الإنترنيت وتمكن المختلين وأنصار نظريات المؤامرة من نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما فيها حركة "كيو أنون" QAnon التضليلية التي نشطت قبيل محاولة السيطرة على مبنى الكابيتول الأميركي يوم السادس من يناير 2021. ولا يجدر بالحكومات أن تغض النظر عن الطريقة التي يتحول فيها الارتياب من "هم" ومن "أنصار العولمة" إلى مزيد من معاداة السامية. وهذه على وجه الخصوص مسألة قد تكون مؤلمة للغاية بالنسبة إلى ألمانيا.

وبحسب التقارير المتوفرة فإن هؤلاء المتآمرون الفعليون المنتمون لليمين المتطرف قد يكونوا تحفزوا بالطريقة التي ساعدت فيها الحكومة الألمانية أوكرانيا التي تخوض حرباً للدفاع عن نفسها من روسيا. وما يثير الدهشة في سياسة ألمانيا الحالية هو توافق موقف اليسار المتطرف واليمين المتطرف المعادي لسياسة ألمانيا وحلف الناتو والمتعلقة بتسليح أوكرانيا وفرض عقوبات على روسيا. وتقول إشاعات إن المتآمرين حاولوا التواصل مع الكرملين لكن مساعيهم لم تفلح.

وفي كل الأحوال ما حدث يعد درساً يمكن الاستفادة منه حيث يسلط الضوء مرة أخرى على إمكانية استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والفضاء الافتراضي لإثارة السخط والتخطيط لأعمال إرهابية. لقد وقع الأمر في الولايات المتحدة وأدى إلى وفيات، كما وقع في ألمانيا، ومن تنظيمات شبيهة بداعش.

ويبدو أن حكومات العالم الديمقراطية لم تستوعب بعد قدرات شبكة الإنترنت، التي أصبحت ساحة للحوار المجاني ولتبادل المعلومات، من أجل إلحاق الأذى بالحرية وبالديمقراطية نفسها.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء