تراجعت أسعار المنازل في المملكة المتحدة للشهر الثالث على التوالي وبأسرع وتيرة منذ الأزمة المالية قبل 14 عاماً حيث أدى ارتفاع تكاليف الاقتراض إلى ضغط السوق وفقاً لمزود الرهن العقاري "هاليفاكس". وأظهرت بيانات صدرت، الأربعاء السابع من ديسمبر (كانون الأول)، أن متوسط أسعار المنازل انكمش بنسبة 2.3 في المئة بين أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني)، وهو أكبر انخفاض شهري منذ أكتوبر 2008، ويأتي هذا بعد انخفاض بنسبة 0.4 في المئة في الشهر السابق وتراجع بنسبة 0.1 في المئة في سبتمبر (أيلول). وتباطأ المعدل السنوي لنمو أسعار المنازل إلى 4.7 في المئة انخفاضاً من 8.2 في المئة في الشهر السابق وأبطأ وتيرة منذ يوليو (تموز) 2020. وقال كيم كينيرد مدير شركة "هاليفاكس مورتغيز"، إن سقوط هذا الشهر يعكس "أسوأ تقلبات السوق خلال الأشهر الأخيرة".
أضافت "تم إيقاف بعض عمليات الانتقال المحتملة إلى المنازل مؤقتاً إذ يشعر مشترو المنازل بضغط متزايد على القدرة على تحمل التكاليف"، و"تستمر بيانات الصناعة في الإشارة إلى أن عديداً من المشترين والبائعين يجرون عمليات شراء"، في حين تعكس معدلات الرهن العقاري توقعات ارتفاع تكاليف الاقتراض إذ يواجه بنك إنجلترا أسرع معدل تضخم منذ 40 عاماً.
سعر العقار النموذجي
وانخفض سعر العقار النموذجي إلى أدنى مستوى له في تسعة أشهر عند 285,579 جنيهاً استرلينياً (346,353 دولاراً)، وانخفض من ذروة بلغت 293,992 جنيهاً استرلينياً (356,547 دولاراً) مسجلة في أغسطس (آب). كما تباطأ معدل النمو السنوي في مختلف المناطق باستثناء منطقة واحدة، الشمال الشرقي، خلال نوفمبر. والأسبوع الماضي، أعلنت شركة الرهن العقاري "نيشن وايد" عن أكبر انخفاض شهري منذ يونيو (حزيران) 2020.
من جانبه، توقع أندرو ويشارت كبير الاقتصاديين العقاريين في "كابيتال إيكونوميكس" أن تنخفض أسعار المنازل في المملكة المتحدة بنسبة 12 في المئة بحلول منتصف عام 2024 حيث سجلت لندن وجنوب إنجلترا "أكبر انخفاض في أسعار المنازل، في حين أن اسكتلندا وإيرلندا الشمالية قد تكونان الأكثر مرونة" بحسب ما قال لـ"فايننشال تايمز".
وكانت أسعار المساكن قد تجاوزت الحد الأقصى في السنوات الأخيرة، لكنها تنخفض الآن وسط ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة. ووفقاً لبوابة العقارات "زوبلا"، يقوم واحد من كل أربعة أشخاص ببيع العقارات بتخفيض السعر المطلوب، إذ تم تخفيض أسعار 11 في المئة من المنازل بأكثر من خمسة في المئة منذ سبتمبر.
ارتفاع الرهن العقاري ضغط على الأسر
في غضون ذلك، سجلت "هاليفاكس" انخفاضاً بنسبة 2.3 في المئة على أساس شهري في أسعار المنازل في نوفمبر، وهو الأكبر منذ عام 2008. ولا تزال سوق الإسكان تتمتع ببعض الزخم، وقد ارتفعت الأسعار خلال العام الماضي. ولكن ارتفاع معدلات الرهن العقاري وفرض أزمة تكلفة المعيشة ضغط على ميزانيات الأسر، لذلك فإن معدل نمو أسعار العقارات يتباطأ الآن، بل وينخفض. ومنذ سبتمبر، قام واحد من كل أربعة بائعين في المملكة المتحدة بتخفيض السعر المطلوب للعقارات وفقاً لـ"زوبلا". وانخفض الطلب بنسبة 44 في المئة منذ الميزانية المصغرة المثيرة للجدل في 23 سبتمبر، وانخفضت المبيعات بنسبة 28 في المئة على مدار عام. حتى بعد الموافقة على البيع، فإن نسبة المبيعات التي تنهار أثناء عملية الشراء ترتفع لتصل إلى 15 في المئة.
وتنشر مرة كل شهر كل من " نيشن وايد" و"هاليفاكس" و"رايت موف" ومكتب الإحصاء الوطني "ONS" أرقاماً عن متوسط أسعار المنازل وهي كالتالي: تقول "هاليفاكس" إن أحدث أرقامها تشير إلى انخفاض في سعر المنازل بنسبة 2.3 في المئة في الأسعار في نوفمبر، كما تظهر تباطؤاً في معدل النمو السنوي إلى 4.7 في المئة من 8.2 في المئة، ما رفع متوسط سعر المنازل في المملكة المتحدة إلى 284,579 جنيهاً استرلينياً (346,353 دولاراً). وتستخدم "هاليفاكس" بيانات معاملات شراء المنازل التي مولتها لقياس تغيرات السوق. في حين قدرت "نيشن وايد" أرقامها، لشهر نوفمبر، متوسط سعر المنزل عند 263.788 جنيهاً استرلينياً (319.68 دولاراً)، بانخفاض 1.4 في المئة عن مستوى أكتوبر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويمثل هذا أكبر انخفاض شهري في الأسعار منذ يونيو2020، ذروة جائحة "كوفيد"، كما انخفض النمو السنوي إلى 4.4 في المئة من 7.2 في المئة. وتستخدم "نيشن وايد" بيانات من الرهون العقارية التي وافقت عليها لتوليد تكلفة منزل نموذجي. أما "رايت موف" فتقول إن متوسط أسعار المنازل قد وصل إلى 371,158 جنيهاً استرلينياً (449.867 دولاراً) في أكتوبر بزيادة قدرها 0.9 في المئة عن سبتمبر، وهذا يمثل ارتفاعاً بنسبة 7.8 في المئة عن أكتوبر2021. وتستخدم "رايت موف" أسعار المنازل المتفق عليها في الوقت الذي يتم فيه منح الرهن العقاري للعقارات المدرجة على موقعها على الإنترنت لتقديم مؤشر أسعار المنازل الخاص بها، مع الإشارة إلى أنها تمتلك حجم عينة أكبر بكثير من كل من " نيش وايد" و"هاليفاكس". أما مكتب الإحصاء الوطني "ONS"، فقد قفزة بنسبة 9.5 في المئة في أسعار المساكن في العام المنتهي في سبتمبر2022 بانخفاض عن 13.1 في المئة التي أبلغت عنها في الشهر السابق. ويستخدم مكتب الإحصاء الوطني بيانات من السجل العقاري لتسجيل التغيرات في سوق العقارات.
تأثير رفع سعر الفائدة على الرهن العقاري
وكان بنك إنجلترا قد رفع في الثالث من نوفمبر سعر الفائدة الأساس إلى ثلاثة في المئة. وهذا أعلى مستوى له منذ عام 2008. ويتوقع المحللون أن يصل المعدل الأساس إلى 4.75 في المئة العام المقبل. ولفهم مدى تأثر أصحاب الرهون العقارية برفع الفائدة، يشار إلى أنه بالنسبة لشخص يأخذ رهناً عقارياً بسعر ثابت لمدة عامين مع وديعة بنسبة 10 في المئة، فإن متوسط أسعار الفائدة يبلغ حوالى ستة في المئة على الرهن العقاري الذي تفترض قيمته 200 ألف جنيه إسترليني (242.70 دولاراً)، وهذا يعني أن الأقساط الشهرية ستكون ضخمة تصل إلى 1290 جنيهاً استرلينياً (1,565 دولاراً) وهذا أعلى بنسبة 50 في المئة من نوفمبر 2021 عندما كان مشتري العقار سيدفع ما يقرب من 900 جنيه إسترليني (1000 دولار) شهرياً، وبالتالي ارتفاع أسعار الفائدة يجعل اقتراض الأموال أكثر تكلفة مما يعني قلة عدد المشترين المحتملين الذين يمكنهم تحمل قروض الرهن العقاري. ويتوقع مكتب مسؤولية الميزانية OBR أن تنخفض أسعار المنازل بنسبة تسعة في المئة خلال العامين المقبلين قبل أن ترتفع مرة أخرى في عام 2025. وكانت قد انخفضت موافقات الرهن العقاري لشراء المنازل إلى 66800 في سبتمبر من 74400 في أغسطس وفقاً لبنك إنجلترا.
في غضون ذلك، بلغ عدد مبيعات المنازل 110.850 في أكتوبر بزيادة 29 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من عام 2021 وفقاً لـ"إيرادات وجمارك صاحبة الجلالة" HMRC وترتبط هذه الأرقام بإكمال العقارات، لذا لا تأخذ في الاعتبار فوضى الرهن العقاري التي أعقبت الميزانية المصغرة في 23 سبتمبر.
