Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يخبئ الشتاء للطرفين على جبهة الحرب في أوكرانيا؟

روسيا تواجه معركة شاقة هذا الشتاء في وجه جيش أوكراني ذي معنويات عالية ومجهز جيداً

دبابة أوكرانية تتقدم على طريق بالقرب من باخموت، في منطقة دونيتسك (أ ف ب عبر غيتي)

عندما أضفى وابل القذائف وصواريخ كروز الروسية على سماء كييف لوناً برتقالياً في ليل 24 فبراير (شباط)، توقع كثيرون أن غزو فلاديمير بوتين سيقضي بسرعة على دفاعات أوكرانيا وأن الصراع سينتهي في غضون أسابيع، إن ليس أيام.

وبعد ما يزيد على تسعة أشهر، تتمدد حالياً الخنادق الموحلة والطينية على طول الخطوط الأولى للجبهتين الجنوبية والشرقية للبلاد، ويغطيها الثلج الأبيض السميك مع انخفاض درجات الحرارة في بداية فصل الشتاء.

وقد اتهمت روسيا بالتخطيط لاستعمال البرد كسلاح في حربها الشاملة ضد أوكرانيا، وخصوصاً من خلال استهداف البنية التحتية للطاقة التي من شأنها أن تزود سكانها المدنيين بالتدفئة.

إلا أن الخبراء الذين يراقبون الحرب في أوروبا يرون أن الاحتمالات كلها ترجح بقوة كفة أوكرانيا عندما يتعلق الأمر بالصراع في الشتاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن وجهة نظر الكرملين، ليست المسألة الآن هي الاضطرار إلى كسب الحرب، بل هي ببساطة تتعلق بإطالة أمد القتال، وما ينجم عن ذلك من زعزعة للاستقرار في الاقتصاد العالمي، لمدة أطول مما يستطيع الغرب أن يصبر عليه.

وتتمتع أوكرانيا الآن بفترة من النجاح، وذلك بسبب تدفق الدعم الغربي القوي والثابت عليها، بدءاً من التدريب ذي المستوى النخبوي الذي تقدمه لها دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بولندا إلى أنظمة الأسلحة المتقدمة [التي تأتيها] مثل المدفعية الصاروخية الأميركية الصنع والموجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس).

ويقول فرانسيس لي سوندرز، وهو محلل في مجال الاستخبارات، إن "المبادرة بيد أوكرانيا، إنها تمسك بزمام المبادرة الاستراتيجية. وهي تحافظ على وضعية الهجوم في ميدان القتال، وأصبح من الواضح بشكل متزايد في الشهرين أو الأشهر الثلاثة الماضية أن أوكرانيا متفوقة على أساس عديد من المحددات الرئيسة للمسار الاستراتيجي للحرب".

أما شاشناك جوشي، وهو محرر الشؤون الدفاعية في مجلة "ذي إيكونومست"، فيرى أن خوضها المعركة على أرضها هو أحد أكبر المزايا [التي تصب] في مصلحة أوكرانيا، إذ تكون قواتها مستعدة بشكل أفضل لمواجهة أشهر الشتاء، من حيث المعدات والروح المعنوية، من العدو الروسي. ويضيف أن هذا [الاستعداد] يتناقض تناقضاً صارخاً مع ما يحدث وراء الحدود حيث المخزونات الروسية من الصواريخ البالستية وصواريخ كروز على وجه التحديد آخذة بالتضاؤل.

 

إلا أن الخبراء وأجهزة الاستخبارات الأميركية يحذرون من أن العالم يجب أن يكون على أهبة الاستعداد لتحول الصراع إلى وتيرة أبطأ في الأيام المقبلة، لأن شن عمليات هجومية فعالة لن يكون سهلاً على الأوكرانيين أيضاً.

ويقول جوشي إنه سيتعين على الجنود على طرفي جبهة النزاع صرف مزيد من وقتهم ببساطة من أجل البقاء أحياء بدلاً من التركيز على المتطلبات القاسية للقتال بصورة فعالة وعلى تحركاتهم والهجمات التي يشنونها.

ويضيف لي سوندرز إنه وفي حين أن حلفاء كييف الغربيين قد أرسلوا في الأسابيع الأخيرة مزيداً من المعدات الخاصة بالطقس البارد ضمن المساعدات التي يتم إمداد أوكرانيا بها، فإن على موسكو أن تشعر بالقلق من أن ظروف الشتاء الصعبة ستؤثر في الحالة المعنوية لقواتها السيئة التجهيز أساساً والعاجزة عن التركيز منذ بداية الغزو.

إن الوضع لم يتغير إلا إلى الأسوأ مع مرور الوقت نظراً إلى مقتل وإصابة وتسريح القسم الأكبر من أفراد القوات الروسية ذوي الخبرة القتالية، وإحلال مجندين جدد تم إرسالهم إلى الخطوط الأمامية من دون أن يكونوا قد تلقوا سوى تدريب محدود، وذلك في أعقاب إصدار بوتين أمراً بالتعبئة.

 

ويقول لي سوندرز "يجري إرسال القوات الروسية الخاضعة للتعبئة إلى الخطوط الأمامية من دون العتاد. بعكس أوكرانيا، التي جعلت الدول الغربية الملابس الشتوية أولوية فيها بشكل أكبر في هذه الأشهر".

ويضيف سوندرز، وهو محلل يعمل لدى شركة "دراغونفلاي" Dragonfly للاستخبارات الجيوسياسية والأمنية، "كانت الروح المعنوية في أوساط القوات الروسية منهارة. يصعب علي أن أرى كيف أنها لن تتدهور أكثر في الشتاء".

من جهته، يشير جوشي إلى أن عديداً من الجنود الروس الذين تم حشدهم يفتقرون إلى الخبرة، وهم غير منضبطين، وعلى الأرجح ليسوا مدربين على فن الحفاظ على التمويه خلال ظروف الشتاء المتبدلة. ويلفت إلى أن هذا سيجعل منهم أهدافاً لكييف يمكن رصدها بسهولة أكبر من قبل الطائرات المسيرة، مما سيسمح لأوكرانيا باستنزاف القوات الروسية بشكل كبير وتحقيق مزيد من التقدم نتيجة لذلك.

وللاستمرار في الحصول على الغذاء خلال فصل الشتاء، يمكن لقوات الرئيس فلوديمير زيلينسكي أن تعتمد على رفاقهم الأوكرانيين مثل يفغيني ميخايلينيكو [وزملائه] الذين أخذوا على عاتقهم أن يحافظوا على مقاتلي البلاد في وضع جيد من حيث التغذية ومعنوياتهم عالية.

 

وميخايلينيكو، 37 سنة، هو طاه محترف شأنه شأن مجموعة من المنظمات التي تسعى إلى توفير على خط المواجهة ليس فقط الحصص الغذائية الأساسية، ولكن أيضاً وجبات دسمة مثل حساء فيه نتف لحم، وحساء سميك قوامه خضار وباستا، والدجاج المشوي، ولحم الخنزير أو دجاج شنيتزل، وبورغينيون لحم البقر، والنقانق، ولحوم الشواء ولحم الخنزير المملح لاردو.

ويتخذ ميخايلينيكو من زابوريجيا مقراً له، وهي منطقة تشهد قصفاً روسياً عنيفاً كل يوم منذ سبتمبر (أيلول). وقد قرر في وقت مبكر من الصراع أن يستخدم مهاراته من أجل دعم القضية القومية.

ويقول لـ"اندبندنت" عبر الهاتف "بصفتي طاهياً، فإنني أعرف عدد السعرات الحرارية التي يحتاج الجنود إلى تناولها، وأيضاً ما الغذاء الذي يلزمهم، وأقوم بتعديل الوجبات على أساس ذلك، كما أقوم بإعداد حزم وجبات مما هو متوفر وبما يتناسب مع ردود فعل الجنود".

ويشتري ميخايلينيكو وزوجته، اللذان يعملان مع فريقهما من المتطوعين في [مجموعة] "جيش الطعام السحري" Magic Food Army، أيضاً وجبات جاهزة للاستخدام تستوفي معايير حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تم إعدادها خصيصاً للجيش، ويقومان بإرسالها إلى الخطوط الأمامية، ليس فقط من أجل ملء بطون الجنود ولكن أيضاً لرعاية "أبناء الوطن".

ويضيف ميخايلينيكو "أحاول إعداد وجبات متوازنة تماماً تحتوي على بروتين ونشاء وخضروات ومعادن وفيتامينات، كما نحاول أن نطبخ كل شيء على حدة"، مشيراً إلى أن القوات الموجودة على الخطوط الأمامية تحصل أيضاً على أطباق إيطالية وفرنسية في وجباتهم الغذائية.

ويتلقى الجيش الأوكراني أيضاً مساعدة واسعة النطاق في مجال الاستخبارات. ويشارك حلفاء كييف الغربيون عن كثب في رصد الصراع، وهو أمر يتجلى في التحديثات العامة التي يتم نشرها على "تويتر" بشكل منتظم من قبل وزارة الدفاع البريطانية في كل صباح.

 

ويقول جوشي إن مزيداً من تبادل المعلومات الاستخباراتية يجري خلف الكواليس بالطبع، وهي ميزة ستوفر لقوات زيلينسكي صورة أفضل بكثير لما يفعله الروس خلال فصل الشتاء، إذ إن هؤلاء يعيدون نشر قواتهم من خيرسون، التي ربما كانوا يستعدون للتمركز في مواقعهم فيها وإنشاء مقر قيادة جديد لهم هناك.

وفي مواجهة جيش أوكراني يتغذى بشكل جيد ومجهز تجهيزاً حسناً ومسلح جيداً، من المرجح أن تتعرض القوات الروسية إلى حدود قصوى من الضغط، الأمر الذي يثير التكهنات بأن بوتين قد يستفيد مرة أخرى من أكبر ميزة لديه، وهي حجم بلاده الإجمالي الأضخم بكثير [من أوكرانيا] ، ويدعو من جديد إلى تعبئة جماعية كبيرة ثانية.

ويرى لي سوندرز أن "الخيارات المتاحة أمام روسيا ضئيلة (...) دعونا لا ننسى أن بوتين قضى الأشهر السبعة الأولى من الحرب وهو يتجنب إجراء تعبئة. وحقيقة أنه [في نهاية المطاف] قام بالتعبئة فهذا يدل على ماهية الخيارات التي نظروا فيها وعلى عدم نجاح كل منها".

وقد نشر بوتين أكثر من ثلثي الوحدات القتالية البرية الروسية حول أوكرانيا عشية الغزو، ومنذ ذلك الحين تدعي أوكرانيا أنها قد قتلت أو تسببت بإعاقة حوالى 90 ألف جندي روسي.

ويضيف لي سوندرز أن "تعبئة [ثانية] ستؤدي على الأغلب إلى إطالة أمد الصراع، فهي ستكون تقريباً محاولة من أجل تحدي الغرب والقول ’يمكنني الاستمرار في هذا الأمر لفترة أطول مما تستطيعون يا سيد شولتز وسيد ماكرون وسيد بايدن، إلى متى ستكونون على استعداد لتحمل هذا الصراع، والتضخم المرتفع و[توفير] إمدادات الأسلحة كل شهر؟‘".

وتشير لورين أولوغلين، وهي محللة في مجال الاستخبارات، إلى أن الأشهر الستة المقبلة، بما في ذلك هذا الشتاء، سترسم صورة أوضح للمدى الذي ستكون الحكومات الأوروبية مستعدة للذهاب إليه في دعمها لأوكرانيا، ولا سيما من منظور اقتصادي.

وتمضي أولوغلين، المحللة في مجال الاستخبارات في القسم الأوروبي التابع لشركة "دراغونفلاي"، في حديث لـ"اندبندنت"، "كيفية إدارة الأشهر القليلة المقبلة من قبل الحكومات، وخصوصاً في ما تبدأ الشعوب الأوروبية بالإحساس بوطأة [أزمة] كلفة المعيشة خلال فصل الشتاء، ستملي إلى حد كبير مدى تصميم الحكومات عندما يتصل الأمر بتقديم الدعم إلى أوكرانيا".

وعلى اعتبار أن الإرهاق الناجم عن الحرب هو عامل متعاظم [التأثير] في كل من الطرفين، فقد يتم تحديد مسار الصراع على أساس من يتعب أولاً، بوتين والدعم المحلي الذي يحظى به أم أوكرانيا وحلفاؤها.

ويلفت لي سوندرز إلى أنه "من المرجح [أيضاً] أن تتدهور ديناميكيات الشركات في روسيا، ومن المحتمل أن تبدأ جولة ثانية من التعبئة في غضون بضعة أشهر (...) في هذه المرحلة، اتضحت طبيعة الحرب للشعب الروسي بشكل لم يكن متوفراً من قبل. وسيكون من الصعب جداً على بوتين أن يتراجع عن ذلك إذ لا يبدو أنه ينظر إلى الهزيمة أو الانسحاب كخيار [ممكن]".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير