Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مزاعم حول "مذبحة" نفذها الجيش الإثيوبي تعيد الجدل في تيغراي

تحقيق نشرته الـ"واشنطن بوست" جدد الصراع على منصات التواصل بين أنصار الطرفين

بحسب التحقيق الصحافي فإن مذبحة معسكر ميعراب أبايا التي تم التستر عليها ولم يبلغ عنها من قبل، تعد الأكثر دموية لجنود أسرى منذ بدء الحرب الإثيوبية في أواخر عام 2020 (اندبندنت عربية)

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تحقيقاً مطولاً حول جرائم قيل إن الجيش الإثيوبي ومسلحين تابعين له ارتكبوها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، ضد سجناء من إقليم تيغراي. ونقلت الصحيفة عن شهود عيان قولهم "إن نحو 83 سجيناً قتلوا داخل معسكر (ميعراب أبايا)، أثناء احتفالهم بعيد القديس ميخائيل في 12 نوفمبر 2021". وقال شهود عيان "إن غالب السجناء كانوا من منتسبي الجيش الإثيوبي سابقاً، وتم تسريحهم من الخدمة واعتقالهم في هذا المعسكر، بعضهم أطلق الحراس النار عليه، بينما قتل قرويون من سكان المنطقة من حاول الهرب من السجناء بضربات حتى الموت بسبب عرقهم التيغراوي. قبل إلقاء الجثث في اليوم التالي في مقبرة جماعية عند بوابة المعسكر"، بحسب ما نقلت الصحيفة الأميركية. 

وبحسب التحقيق الصحافي فإن "مذبحة معسكر ميعراب أبايا التي تم التستر عليها ولم يبلغ عنها من قبل، تعد الأكثر دموية لجنود أسرى منذ بدء الحرب الإثيوبية في أواخر عام 2020، لكنها ليست المذبحة الوحيدة، حيث قتل الحراس جنوداً مسجونين في سبعة مواقع أخرى في الأقل، وفقاً لشهود كانوا من بين أكثر من 20 شخصاً تمت مقابلتهم في هذه القصة".

وفي حين لم ترد في التحقيق أقوال أي طرف رسمي إثيوبي حول هذه المزاعم، واكتفائه بالإشارة إلى أنه لم يتمكن من الحصول على تعليق من الجهات الرسمية، رد عدد من الناشطين الإثيوبيين، لا سيما الموالين للحكومة، بأن "التحقيق مسيس بشكل واضح ويأتي في إطار حملة منظمة بشكل جيد، تستهدف إجهاض اتفاق السلام الذي تم توقيعه أخيراً في عاصمة جنوب أفريقيا". 

الحرب الإعلامية تشتعل بعد هدنة 

وبعد هدنة دامت نحو شهر، عقب توقيع اتفاق السلام بين "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" والحكومة المركزية الإثيوبية، وما تضمنته من بنود وقف الحملات الإعلامية والأعمال العدائية بينهما، أشعل تحقيق "واشنطن بوست" الحرب مجدداً بين ناشطين مؤيدين لكلا الطرفين على وسائل التواصل الاجتماعي، كما دخلت على الخط قنوات محسوبة على جبهة التيغراي، مثل قناة "تي أم أتش" (TMH)، التي أفردت برامج عدة لمناقشة التحقيق، واستضافة بعض الشخصيات التيغراوية المساهمة في التحقيق من خارج الصحيفة، في حين ردت قنوات أخرى مؤيدة لإدارة رئيس الوزراء آبي أحمد على تلك المزاعم، معتبرة أنها تشكل خرقاً للاتفاق، مما أعاد الحملات الإعلامية من جديد بين الطرفين.
وفي ظل صمت الجهات الرسمية سواء الحكومية أو التيغراوية، وامتناعها عن المساهمة في هذا الجدل الذي فجره التحقيق، تجنباً لما يمثله ذلك من خرق لبند وقف الحملات الإعلامية، تكفل الناشطون المحسوبون على الجهتين بإذكاء الجدل، والمطالبة بضرورة تقصي الحقائق حول الجرائم المذكورة، وضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب. 

كما أدى ذلك إلى إعادة فتح الملفات الأخرى المتعلقة بمذابح قيل إن جبهة التيغراي قد نفذتها ضد مواطنين من قومية الأمهرا في منطقة "ماي كادرا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مذبحة انتقائية 

من جهته قال الناشط التيغراوي قبري مسقل قبري ماريام (أحد المساهمين في تحقيق الصحيفة الأميركية) "هناك معسكران في المنطقة المذكورة كانا قد تحولا إلى معتقلات لمئات التيغراويين الذين خدموا في الجيش النظامي لأكثر من عقد من الزمن". وأضاف "تم نقل منتسبي الجيش النظامي من التيغراويين إلى هذه المنطقة على مرحلتين، الأولى عقب اندلاع الحرب في نوفمبر 2020، وغالبهم جنود عاديون، والمرحلة الثانية في نهايات أكتوبر 2021، وهؤلاء غالبهم ممن يحملون رتباً عسكرية عليا، وحاصلون على شهادات أكاديمية، بعضهم خدم في قوات حفظ السلام الدولية والإقليمية في الخارج، وهؤلاء تم تكديسهم في معسكر خاص بالمنطقة ذاتها".

وروى الناشط التيغراوي "من تم استهدافهم في 12 نوفمبر 2021 هم من الفئة الأخيرة، وهو استهداف انتقائي مدبر لشخصيات تحمل رتباً وخبرات عسكرية متراكمة إلى جانب حصولها على شهادات عليا". 

وزعم المتحدث ذاته أن "الأمر ليس مجرد انتقام من العرقية التيغراوية فحسب، بل من النخب المتعلمة والمدربة بشكل جيد، حيث لم يكن الضحايا مجرد جنود". وأضاف "كنت من بين الذين بدأوا بهذا التحقيق الموسع، حيث أرى كتيغراوي أننا مستهدفون في هويتنا، في البدء كان الهدف هو توفير معلومات كافية للمنظمات الحقوقية للقيام بعملها، ولم أكن أسعى لنشر المعلومات في وسائل الإعلام". وأعرب عن خيبة أمله من منظمتي "العفو الدولية" (أمنيستي) و"هيومان رايتس ووتش"، حيث "لم تبديا الحماس الكافي لمتابعة الأمر والتحقيق في المعلومات التي قدمتها لهما. وتحججتا بعدم وجود مراكز كافية ومحققين للقيام بهذا العمل لا سيما أنه نفذ خارج إقليم تيغراي، مما دفعني إلى اللجوء إلى وسائل الإعلام الدولية وصحافيين أجانب، لا سيما الصحافية كاترين هوريلد التي ساعدت على إجراء هذا التحقيق لصالح واشنطن بوست". 


حملات دعائية موجهة 

في المقابل رأى الكاتب جيداون تسفاو أن التحقيق الذي صدر في الصحيفة الأميركية "جزء من الحملة الإعلامية الموجهة ضد الحكومة الإثيوبية، لا سيما بعد نجاحها في إخضاع جبهة التيغراي لتوقيع اتفاق للسلام، ينص على إلقاء سلاحها".

واعتبر جيداون أن "جبهة التيغراي لم تكن لتذهب للمفاوضات ما لم تجد ضمانات أميركية بعدم خرق الاتفاق عبر حملات إعلامية ودبلوماسية تحد من تأثير الاتفاق وتشعل العدائيات مجدداً بطرق مبتكرة". وتساءل جيداون "ما دلالة التوقيت الذي تم فيه نشر هذا التحقيق؟ وما أهدافه؟ ولماذا استغرق أكثر من عام حتى يخرج بهذه الطريقة المسيسة والمفتقدة للمهنية؟".

وقال إن "وسائل الإعلام الأميركية ومن خلفها كثير من اللوبيات التي ظلت مرتبطة بالنظام السابق (1991/2018) لا تزال تقف مع جبهة التيغراي، بينما تغض البصر عن الجرائم التي ارتكبتها الجبهة طوال 27 عاماً من الحكم، فضلاً عن جرائم الحرب التي وقعت في ماي كادرا وإقليمي أمهرا وعفر". 

بدوره أفاد الباحث السياسي عبدالرحمن أبوهاشم بأن "إثبات صحة الرواية التي أوردها تحقيق الواشنطن بوست يستدعي إجراء تحقيق قانوني موسع على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية، للوقوف على كل تفاصيل الحادثة المأسوية، وضمان معاقبة المتسببين فيها". وأضاف "لكن في ظل غياب أي تعليق من الحكومة الفيدرالية في إثيوبيا، وعدم تأكيدها الواقعة أو نفيها، سيبقى الأمر محل شك وريبة، لا سيما أن بعض الصحف الأميركية كانت قد بدأت في نشر مزاعم الإبادة والتطهير العرقي، من دون الالتفات إلى تعليقات الحكومة المركزية، أو التثبت مما إذا كانت الحرب بالفعل قائمة على هذا الأساس". 

ويبقى هذا التحقيق قيد السؤال، حتى يتم تأكيده من قبل جهات حقوقية وقانونية مستقلة، تقف على جوانبه كافة، لا سيما أن هناك تبادلاً للتهم والإدانات بين طرفي النزاع، الصامتين حتى الآن لأسباب تتعلق ربما بتنفيذ "اتفاق بريتوريا"، أو التقاط الأنفاس، قبل جولة جديدة من المواجهات القانونية أو العسكرية.

المزيد من تقارير