Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأوروبيون يخفضون الإنفاق مع تنامي القلق من الركود القادم

مبيعات التجزئة تتراجع بقوة في دول الاتحاد وسط تضرر المستهلكين من ارتفاع فواتير الطاقة

يعد الانخفاض في إنفاق الأسر على السلع والخدمات علامة على أن اقتصاد منطقة اليورو من المحتمل أن ينكمش بالفعل (غيتي)

خفض الأوروبيون بشكل حاد إنفاقهم على السلع خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في إشارة إلى أن الأسعار المرتفعة في بداية فترة من زيادة استخدام الطاقة تدفع اقتصادات المنطقة نحو الركود. وارتفعت أسعار المستهلكين منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي، وصدور قرار الكرملين تسليح مخازن الطاقة الهائلة في البلاد لتقويض الدعم الأوروبي لكييف.

وفي وقت سابق من العام ساعدت المدخرات الإضافية التي تراكمت خلال الوباء وانخفاض البطالة الأسر على تعويض هذه الكلف المرتفعة، مما أدى إلى دعم النمو الاقتصادي، لكن ذلك تغير في أكتوبر (تشرين الأول)، وهو عادةً الشهر الأول من العام الذي يبدأ فيه عديد من الأسر الأوروبية تدفئة منازلها. وهذا العام، كانت كلفة التدفئة أعلى بشكل ملحوظ، حيث ارتفعت أسعار الطاقة المنزلية بنسبة 41.5 في المئة عن العام السابق على رغم جهود الحكومة لحماية المستهلكين. 

ورداً على ذلك، خفضت الأسر إنفاقها على السلع الأخرى، حيث سجلت وكالة إحصاءات الاتحاد الأوروبي، الاثنين الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، انخفاضاً بنسبة 1.8 في المئة في مبيعات التجزئة منذ سبتمبر (أيلول)، وهو أكبر انخفاض منذ يوليو (تموز) 2021. 

على النقيض من ذلك، ارتفعت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بنسبة 1.3 في المئة في أكتوبر، حيث اشترى المتسوقون مزيداً من السلع التقديرية مثل السيارات والأثاث ووجبات المطاعم. وكانت أسعار الطاقة المنزلية في الولايات المتحدة أعلى بنسبة 17.6 في المئة عن العام السابق في أكتوبر، أي أقل من نصف حجم الزيادة في أوروبا. 

وأصبحت "هينيز أند مايورتيز أي بي"، الأسبوع الماضي، أول شركة تجزئة أوروبية كبرى تعلن عن تخفيضات في الرواتب استجابةً لارتفاع التضخم وضعف الطلب، قائلة إنها ستقطع نحو 1500 وظيفة من قوتها العاملة العالمية.

ركود حتى الربع الأول من 2023 

وتشير استطلاعات الرأي المنفصلة الصادرة الاثنين من قبل "أس أند بي غلوبال" إلى أن الانخفاض في الإنفاق يؤثر أيضاً في مزودي خدمات المستهلكين. وانخفض مؤشر مديري المشتريات "أس أند بي" لقطاع الخدمات في منطقة اليورو إلى 48.5 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني) من 48.6 نقطة في أكتوبر، ليصل إلى أدنى مستوى له في 21 شهراً. وتشير القراءة التي تقل عن 50.0 في المئة إلى انخفاض في النشاط.

وقال كبير الاقتصاديين التجاريين في "أس أند بي غلوبال" كريس ويليامسون، لـ"وول ستريت جورنال"، "نظرا إلى أن الاستطلاعات تجلب أيضاً إشارات إلى أن التضخم بلغ ذروته، فإن الرياح المعاكسة للطلب الناجمة عن ارتفاع الأسعار يجب أن تبدأ أيضاً بالانحسار في الأشهر المقبلة، باستثناء الطقس القاسي خلال الشتاء في إشارة إلى أن أي ركود قد يكون قصيراً ومعتدلاً نسبياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعد الانخفاض في إنفاق الأسر على السلع والخدمات علامة على أن اقتصاد منطقة اليورو من المحتمل أن ينكمش بالفعل. وكانت المفوضية الأوروبية قد توقعت الشهر الماضي انكماش الاقتصاد في هذا الربع وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام المقبل، بالتالي يلبي التعريف المستخدم على نطاق واسع للركود. 
وأحد أسباب هذه التوقعات هو ضعف استهلاك الأسر الذي يتوقع أن يتباطأ في عام 2023 بعد أن نما بنسبة 3.7 في المئة هذا العام. ويقدر الاقتصاديون أن جزءاً كبيراً من تريليون يورو (1.06 تريليون دولار) من المدخرات الإضافية التي تراكمت خلال جائحة "كوفيد-19" قد تآكلت بالفعل بسبب ارتفاع أسعار المستهلكين، ولم تعد تدعم الإنفاق. 
وتواجه الأسر اليوم أيضاً ارتفاعاً في كلف الفائدة، حيث رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيس بشكل أقوى من أي وقت مضى في تاريخه لمحاولة تهدئة الارتفاع في أسعار المستهلكين. 

جوانب إيجابية

في المقابل، فإن أحد الجوانب الإيجابية لأوروبا سوق العمل التي تستمر في إظهار مرونتها، حيث انخفض معدل البطالة في منطقة اليورو إلى 6.5 في المئة في أكتوبر من 6.6 في المئة في سبتمبر، وهو أدنى مستوى له منذ أن بدأت الأرقام القياسية في عام 1998. وطالما أن معدل البطالة لا يرتفع بشكل حاد خلال الأشهر المقبلة يتوقع اقتصاديون أن يكون التراجع في الإنفاق الاستهلاكي والركود الأوروبي قصير الأجل، مع عودة النمو تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة في أواخر ربيع العام المقبل. 

وكتب الاقتصاديون في "بنك بيرينبيرغ" بألمانيا في مذكرة للعملاء، أن "الميزانيات العمومية للمستهلكين، والأعمال جيدة، والنظام المالي يعمل بشكل جيد". وأضافوا أنه "في ظل هذه الظروف لا ينبغي أن تستمر فترات الركود لفترة أطول بكثير من الصدمات التي تسببت فيها". 

وتوقع الاقتصاديون في "بنك بيرينبيرغ" أن ينتعش الإنفاق الاستهلاكي مع تلاشي هذا الشتاء، مما يؤدي إلى انتعاش في النمو الاقتصادي الأوسع، لكن من المحتمل أن تواجه أوروبا مشكلة مماثلة في أواخر عام 2023، حيث من المقرر أن تؤدي أسعار الطاقة المرتفعة مرة أخرى إلى أخذ قسط كبير من القدرة الشرائية للأسر مع انخفاض درجات الحرارة. 

اقرأ المزيد