Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أليكس هونولد متفكراً في تسلقه الحر المنفرد صخرة "إل كابيتان": "لن تشعر بالمتعة أن كنت خائفاً"

يلتقي ستيفن أبلباوم المتسلق الحر والمغامر الذي استطاع العام الماضي أن يكون أول من يتسلق صخرة إل كابيتان الشاهقة في يوسيميتي مستخدماً فقط الطباشير وحذاءه ذا النعل المطاطي المخصص للصخور.

أليكس هونولد في أول تسلق حر منفرد في "إل كابيتان" (ناشونال جيوغرافيك جيمي تشان)

بابتسامة عريضة، يهتف أليكس هونولد: "كم أحب التسلق". كان المتسلق ذو الـ33 عامًا يجلس في غرفته في الفندق مرتديًا معطفًا أسود فضفاضًا، وحذاء مشي ذا رقبة طويلة، وسروالًا مناسبًا للركض، ويتحين الفرصة للخروج في أمطار لندن الباردة والمشي إلى الصالة الرياضية القريبة المخصصة للتسلق. في البداية يجب أن نتحدث عن فري سولو (التسلق المنفرد الحر) الذي يبدو فقرةً جديدة في امتياز ستار وارز (حرب النجوم) الذي لا ينتهي، ولكن بالرغم من ذلك فهو في الواقع وثائقي عميق يتميز بحميمية تقشعر لها الأبدان أحيانًا، ما يوضح لماذا يعتبر هونولد رجلًا ذا مكانة منفردة في ما يتعلق بتسلق مقدمة الصخور من دون معدات. 


فالتسلق الحر، أو المنفرد، لا تُستخدم فيه الحبال وكل المعدات الأخرى التي يربط المتسلّق بها نفسه لتأمين سلامته، ففيه يُترك المتسلق وحده على الحائط ومعه زوجا حذاء ذوا نعل مطاطي مخصص لتسلق الصخور، وطباشير لأصابعه. ولذلك، فإنه يُعتبر من أنواع التسلق في أنقى صورها وأكثرها خطورة، حيث يمكن خطًا بسيطًا أن يؤدي إلى انزلاق قاتل للمتسلق، وهو -كما يشرح خبير التسلق تومي كالدويل في الفيلم- مثل رياضة أولمبية، إذا لم تحصل فيها على الميدالية الذهبية فإنك منتهٍ.  

يمزح هونولد قائلًا: "أعتقد أن ذلك فيه بعض المبالغة"، ولذلك أسأله عن نسبة الخطورة المرتفعة وعمّا إذا كان على أدائه أن يكون مثاليًّا فيجيب: "لا يجب أن تكون كاملًا أو مثاليًّا، ولكن يجب أن يكون أداؤك جيدًا، فهو يُخرج بالفعل أفضل ما فيك. بالنسبة إلي، كان التسلق الحر المنفرد دائمًا مثل اختبار للمهارات، حيث يمكنك أن تتساءل إن كنت قد حققت تقدمًا كافيًا بصفتك متسلقًا لكي تشعر بالراحة لعمل ذلك الشيء الذي يبدو من ناحية أخرى مستحيلًا؟".


في العام الماضي كنتَ أنت أول شخص يتمكن من تسلق صخرة "إل كابيتان" (أو إل كاب كما هي معروفة بين المتسلقين) شديدة الصعوبة في يوسيميتي بشكل حر ومنفرد. بطول يبلغ 914 قدمًا تسلقت هذه الصخرة الشاهقة المتراصة المصنوعة من الغرانيت للمرة الأولى عام 1958 بواسطة فريق يضم ثلاثة رجال استخدموا الحبال في تسلقها لمدة 47 يومًا حتى وصلوا إلى القمة. بعدها بتسعة وخمسين عامًا قام هونولد، كما وثقت كاميرات طاقم فيلم "فري سولو"، بتسلق ذلك الصرح في ثلاث ساعات وست وخمسين دقيقة. لقد أذهل هذا الإنجاز عالم التسلق وجعل الناس يسعون إلى التفوق عليه.
يقول هونولد ضاحكا: "لقد سمّاها بيتر كروفت، أحد أبطال التسلق، النزول على القمر في مجال التسلق المنفرد، وأعتقد أن ذلك تعبير كلاسيكي إلى حد كبير". 
وقد افترض الناس أن أي نقلة كبيرة قادمة في مجال التسلق المنفرد سوف يقوم بها هونولد، فهو معروف بالفعل بقدرته على تخطي حدود ما يُعتقد أنه ممكن، كما يقول اليوم، بالإضافة إلى أنه قام بتنفيذ ما لا يقل عن 35 إلى 40 عملية تسلق منفرد حر بدرجات مختلفة". ويقول إنه على الرغم من تردده في استخدام وصف " رائدة" فإن الكثير منها كان ذو أهمية كبيرة في عالم التسلق".


يبدو أنه يشعر بالراحة على القمة، ولكنه يقول إن السبب الوحيد لكون الكثير من عمليات التسلق المنفردة الخاصة به كانت عمليات رائدة، هو أنه يعتبر نفسه دائمًا في سباق لحصان واحد في ما يخص هذه المشروعات الكبيرة. "لا ينفذ أحد آخر هذه الأشياء، ولذلك فمن السهل أن تكون الأول طالما أنك الشخص الوحيد الذي يمارس اللعبة".
جزء من السبب وراء ذلك هو الخطورة الشديدة التي يتميز بها التسلق المنفرد الحر، لأنه عمليًّا يضع المتسلق على حافة بين الحياة والموت. ولكن ذلك قد يتعلق أيضًا بتغييرات في "ثقافة التسلق ووضع التسلق بشكل عام"، كما يقول هونولد. "أعتقد أن التسلق المنفرد الحر كان شائعًا ومقبولًا أكثر منذ 25 أو ربما 30 عامًا. وأرى أن ثقافة التسلق أصبحت الآن تقوم في شكل أكبر على تجنب المخاطر مما كانت عليه منذ حوالى 40 سنة".


وترى صديقته ساني ماك كاندلس، أن رغبته في الوصول إلى ما هو أبعد من ذلك في التسلق المنفرد الحر يصعب فهمه. في مشهد معين يتميز بالصعوبة البالغة، ترجوه أن يتفهم لماذا تريده أن يبقى على قيد الحياة، فيقول لها إنه يتفهم ولكنه لا يشعر بأن عليه التوقف عن ذلك. ويصر على أنه في جميع الأحوال يبذل قصارى جهده لتخفيف المخاطر. وبالرغم من كل تطميناته، يبدو الأمر مواساة ضعيفة، نظرًا إلى عدد المستلقين الذين قضوا خلال تنفيذهم التسلق المنفرد الحر، وهي نقطة يحاول كالدويل أن يوصلها بلطف ولكن بكل صراحة إلى صديقته. 


"لقد كنت أعرف الكثير من هؤلاء الأشخاص، وأعرف القصة الكاملة، وكذلك سياق الأحداث"، يقول هونولد. "أنا على دراية بهذه الأشياء منذ سنوات فهي ليست أمور عرفتها أخيرًا وأدركتها في شكل مفاجئ، ذلك أمر يصعب التعامل معه!". 
"في بعض الحالات يكون من المهم التفكير في هذه الأشياء، فأنا أريد أن أفكر في الحوادث التي تعرض لها الأشخاص الآخرون، وأن أتذكر ما حدث لبعض أصدقائي، لأن هذه هي الطريقة التي يمكننا أن نتعلم بها الوقاية".


لقد بدأ هونولد التسلق في شكل دوري في الصالات الرياضية المحلية في العاشرة من عمره تقريبًا، وكان يستمتع بالتسلق ورؤية العالم كنوع من ملاعب المغامرة لفترة طويلة، كما يتذكر، فقد أخبرني أنه في صغره كان يذهب مع والدته إلى القداس في الكنيسة الكاثوليكية بالقرب من منزله في سكرامانتو، إلى أن قام بالتمرد وأعلن إلحاده ناظرًا إلى السقف المقبب وعوارضه المكشوفة. لم يكن يتأمل الرب أو السماء ولكنه كان "يتخيل كيف يمكنه أن يتأرجح بين العوارض ويَجري على إحداها ويقفز إلى الأخرى. "من المؤكد أننى لم أفعل ذلك بالرغم من أني اعتدت تسلق الجزء الخارجي عندما كنت في سن المراهقة". 
لقد قام أيضًا بتسلق سقف مدرسته واستمتع بتعليق نفسه على سياج مقر حرس المدرسة. 

"أحبُّ الألعاب ذات الهياكل، مثل التأرجح بين القضبان الأفقية، ولكني أكون أيضًا في كثير من الأحيان الشخص الذي يركض فوق القضبان الأفقية ويقفز من واحد لآخر ليكتشف قدرة الجسم البشري فقط ويستمتع بإحساس الحركة".
كما يقول إن "في التسلق شعور ينتابني يشبه في النهاية اللعب". "أعتقد أني أود من كل قلبي أن أصبح متسلقًا". أرد عليه فأقول: حسنًا، هناك شعور بأنك تلعب ولكن هناك أيضًا المخاطرة بحياتك في تسلق "الحيطان" الصخرية التي يبلغ ارتفاعها آلاف الأقدام من دون معدات السلامة. كيف يؤدي ذلك الشيء للآخر؟، وهنا يبتسم هونولد. 
"أقصد أنك تأخذ حبك لعمل شيء معين هنا وتقوم بمزجه مع هذه الرغبة المتأصلة في تحسين أدائك طوال الوقت. تقوم باستمرار بالضغط على نفسك. عندما تترك ذلك الدافع يحركك بنفسه لمدة عشرين عامًا ثم ينتهي بك الأمر إلى مغامرات كبيرة جدًّا في الواقع". 

في الوقت الذي عاد هونولد إلى جامعة بيركلي لدراسة الهندسة المدنية في عمر التاسعة عشرة، كان يمارس رياضة التسلق في الصالة الرياضية خمسة أيام في الأسبوع لمدة ساعتين أو ثلاث يوميًّا. كانت "هواية متعبة إلى حد كبير" ولكنه لم يكن يعتقد أنه يمكن أن يجعل منها مهنته. في ذلك الوقت انجرف مع تيار توقعات والديه الأكاديمية واستكمل دراسته من دون أن يشعر باهتمام حقيقي بالتسلق. 


"توقعاتهم كانت تتلخص في إنهاء الدراسة الجامعية ثم الحصول على وظيفة وبناء مستقبلي بخطوات تقليدية، ولكني في الواقع لم أختر أبدًا هذا الطريق. فأنا لم أكن مهتمًّا بدراستي بذلك المقدار".


كان والداه قد تقدما بطلب للحصول على الطلاق بعد أن تخرج من المدرسة الثانوية ("لم تكن علاقة أحدهما بالآخر سيئة في شكل واضح، ولكني لا أعتقد أن أحدهما كان يحب الآخر بالمقدار الكافي". ووقع الطلاق في شهر مايو من أول عام له في الدراسة الجامعية، وبعده بشهرين أصيب والده، الذي كان يصطحبه إلى الصالة الرياضية ويشجعه على رياضة التسلق،بأزمة قلبية قاتلة أثناء ركضه في مطار فينيكس. بعدها بفترة قصيرة، توقف هونولد عن الدراسة في جامعة بيركلي.


"لقد توفي والدي في فصل الصيف، ما ساهم -لكي أكون صادقًا- في تخفيف ضغط الاستمرار في الدراسة. لا يعني ذلك أنه كان يجبرني على ذلك بشكل واضح ولكنه كان جزءًا من الموضوع بالطبع، لأنه كان يتوقع أن أستكمل دراستي".
بدلًا من العودة إلى الدراسة، رحل هونولد وقاد سيارة الأسرة الميني فان (ورثتها والدته عن والدها الذي توفي تقريبًا في توقيت وفاة زوجها السابق ذاته) وبدأ يعيش حياة بسيطة تليق ب"متسلق حقير" في أنحاء كاليفورنيا. وعندما تعطلت سيارة الميني فان وتعذر إصلاحها بعد عام ونصف من التجوال، قام بشراء دراجة هوائية وخَيمة إلى أن يستطيع أن يوفر بديلًا. 


وفي هذا الصدد يقول هونولد: "لقد كانت إذن مثل خطوات صغيرة قمت من خلالها بتوسيع نطاق مغامراتي". لقد بدأ الأمر فقط حول كاليفورنيا، وبعدها تنقلت في كل الجزء الغربي للولايات المتحدة، والآن من الواضح أن الترحال أصبح يشمل مختلف أنحاء العالم".
لدى هونولد اليوم رعاة، ولكنه في البداية كان يعيش فقط من "شهر إلى شهر في انتظار المغامرة أو التحدي الجديد". لم يكن مفهوم التسلق مصدرًا للدخل ساريًا في ذلك الوقت، ولذلك اعتقد هونولد أن الأمر "سينتهي به في أي عمل هامشي، مثل الإرشاد". 
ولكن عندما أصبح أول من نفذ التسلق الحر المنفرد في مسار المقدمة الشمالية الغربية المنتظمة لقمة ملهمة أخرى في يوسيميتي، وهي قمة هاف دوم ( نصف القبة) التي يبلغ ارتفاعها 610 أمتار، في عام 2008، جذب الإنجاز انتباه صانعي الأفلام الوثائقية، الذين طلبوا منه أن يعيد تمثيل أجزاء من عملية التسلق، بالإضافة إلى أجزاء من عملية تسلقه صخرة مونلايت بترس في متنزه صهيون الوطني في ولاية يوتاه قبلها بخمسة أشهر، من أجل فيلم قصير. كانت هذه المرةَ الأولى التي تمكن آخرون من متابعة ما قام به هونولد أثناء عمليات التسلق. 


ويقول هونولد: "أحد الأشياء التي أحبها في الحقيقة في ما يخص التسلق، هو أن الناس يثقون بكلامك عن أغرب عملية تسلق". "هل تعلم، لقد نفذت عملية تسلق حر منفرد لقمة هاف دوم اليوم. في الواقع ليس هناك دليل على تسلقي بشكل حر منفرد صخرة هاف دوم، فذلك لم يره أحد. أعتقد أننى أخبرت صديقًا لي بأنني سوف أتسلق مرة أخرى في اليوم التالي، وبعد ذلك قمت بكتابة رسالة إليه عندما أنهيت التسلق أو شيء من هذا القبيل".
هذه الدرجة من الثقة بين من يمارسون التسلق تتطلب "صدقًا شديدًا"، ولذلك عندما مازحته وقلت لماذا لم يكتف بتسلق موقع أقل خطرًا بهدف التصوير ليضمن نجاته من عملية تسلق خطيرة، خصوصًا أن أحدًا لا يمكنه أن يتحقق من العملية، بدا هونولد فجأة عاجزًا عن الكلام ولم يعرف بماذا يجيب.
نتيجة تصوير فيلم "Alone on the Wall" (وحدي على الحائط)، وفقًا لذكرياته ذاتها عن نفس الاسم في عام 2015، أدت أكثر من أي شيء (بما فيها مقال كُتب عنه في مجلة "آوتسايد" وصورة خلابة على غلاف مجلة "ناشيونال جيوغرافيك") إلى التعريف بإنجازات هونولد بين جمهور يتخطى معارفه في "عالم التسلق الضيق الملتزم".

بعد تجربة هاف دوم، أصبحت صخرة إل كاب هي "الخطوة الواضحة التالية"، ولكنها كانت خطوة كبيرة جدًّا احتاجت إلى سنوات وسنوات من الإعداد قبل أن تبدو المغامرة ممكنة".
إحدى نقاط القوة لدى هونولد هي قدرته في ما يبدو على التغلب على خوفه. أثناء تنفيذ فري سولو، أظهرت أشعة الرنين المغناطيسي على مخه أن اللوزة الدماغية المسؤولة عن تشغيل الجزء التلقائي المسؤول عن رد فعل الخوف، في حاجة إلى تحفيز أكثر من معظم الناس. لكن ذلك لا يعني بالرغم من ذلك إنه لا يشعر بالخوف أحيانًا، فهو عندما كان فوق قمة هاف دوم وواجه مأزقًا رهيبًا وصفه هونولد في حينه بأنه موقف "فظيع"، من المؤكد أنه شعر بالخوف.
مع مرور الزمن، وعندما أصبح تسلق "إل كاب" في متناوله، قال: "لقد أدركت أننى أريد أن أخوض تجربة إيجابية هناك في الأعلى. لم أرد أن أشعر بأني على وشك الموت طوال الوقت".
"أعني أنك لن تشعر بالمتعة إذا كنت خائفًا، فأنا أقوم بالتسلق من أجل نفسي، أنا أتسلق بغرض الاستمتاع، فإذا كان الأمر مخيفًا جدًّا فليس هناك معني لوجودي هناك في الأعلى". 
ولكي يُعِدّ نفسه للمغامرة، يتذكر هونولد أنه تسلق حوالى 12 قمة في يوسيميتي، ولم تكن أي منها بأهمية هاف دوم ذاتها، ولكنها كانت جميعًا "خطوات في الاتجاه الصحيح". كانت تشكل تحديًا كبيرًا بطرق عدة فقط، وكانت أكبر وأصعب بطريقة أو بأخرى. وأخيرًا، في 2015، وبينما كان يتسلق "إل كاب" باستخدام الحبال، أدرك فجأة انه مستعد لتسلق إل كاب في شكل منفرد وبأسلوبه الحر، أي من دون حبال أو أي عوامل مساعدة.


قام باختيار المسار، ثم قام بتقسيمه أجزاء أو منحدرات، مدوِّنًا صفات كل منها في دفتر يومياته. في عقله كان يميز بين المخاطر والنتيجة، النتيجة هي ثابتة (إذا ما وقع فسوف يموت) وهو شيء لا يمكنه أن يتحكم فيه. أما المخاطر فهي متغيرة، وهو يحاول باستمرار أن يقلل حجمها من خلال البحث والتدريب (باستخدام الحبال) والتركيز المكثف. وبهذه الطريقة قام بتدوين وحفظ كل موطئ قدم، وكل موضع يد في معظم الأجزاء الصعبة، مع تصميم الحركات التي سيلجأ إليها للعبور منها جميعًا في شكل دقيق جدًّا، حتى أنه مازال يتذكرها، فعلى سبيل المثال: لكي يحاول المرور من منحدر يسمى "بولدر بروبلم"، اختار أن يستخدم حركة تشبه ركلات الكاراتيه بدلًا من محاولة الزحف والإمساك بجزء من الحائط.


كان يشعر بالقلق في شكل خاص من عبور الجزء الغرانيتي الذي يسهل الانزلاق عليه، بالرغم من أنه ليس كبيرًا ومن الممكن عبوره بسهولة بواسطة سلسلة من أربع حركات باستخدام الحبل. لكن من دون الحبل كان هذا الجزء خطرًا بنسبة عالية في سياق ما كان هونولد يحاول أن ينجزه. 
يقول في هذا الصدد: "كان عليك أن تضع قدمك على شيء يشبه الكره الزجاجية وتتمنى فقط أن تلتصق بها، لأنها إن انزلقت فإنك قد تموت".


"لم يوجد في الواقع طريقة مناسبة لتنفيذ التسلق المنفرد الحر، لذلك قمت بابتكار كل هذه التنويعات التي كانت تدور حول هذه الحركة في دائرة قطرها 10 أمتار. 
وأضاف: "وجود فريق تصوير عملية التسلق عنصر خطورة آخر. فهنا أقوم أنا بالإشارة إلى قصة هنري باربر الذي أوشك على الموت عندما شتته وجود أحد المصورين أثناء تصوير تسلقه الحر المنفرد لبعض المنحدرات الصخرية في بريطانيا". ويخبرني هونولد عن بيتر كروفت الذي كاد يرتطم بحائط صخري بسبب المصور –ما يشكل طريقة بشعة للسقوط الذي ينتهي بموتك"، ويضحك بعدها. 


المشكلة تكمن في أن المصورين معلقون بالحبال، فإذا ما تأرجحوا على جانب ما للحصول على زاوية تصوير أفضل، فإن ذلك يعني أنهم مثبتون في هذا الحبل المتدلي، ولو تم فك الحزام الذي يربطهم به فإنهم سوف يتأرجحون باتجاه الحائط الصخري ومن المحتمل أن يقوموا بدفعك بواسطة الحبل. 
"هذه هي بالتحديد الأشياء التي كان فريق العمل كله يراعيها بشدة أثناء تصوير فري سولو، لتفادي أن يتسببوا في أي حادث".


أثناء التدريب انزلق هونولد، ما تسبب بالتواء شديد في كاحله. ولم يكن الكاحل قد تعافى وعاد إلى كامل قوته عندما حاول هونولد تنفيد التسلق المنفرد الحر في "إل كاب" للمرة الأولى عام 2016، وقام لذلك بإلغاء المحاولة في منتصف عملية التسلق. لقد أدرك أن اللعبة انتهت عندما وصل إلى نقطة "تعتمد فيها حياتك على موطئ القدم اليمنى على وجه التحديد وتجد نفسك تستند إلى الحائط بيدك. ويقول: "ما زال يمكنني أن أرى ذلك أمام عيني" بينما يقوم بمحاكاة الحركات. 


"كانت قدمي متورمة وداكنة اللون، كانت باردة ولم أكن أشعر بأصابعي. لم أستطع أن أحدد ما إذا كانت أصابع قدمي في الموضع المحدد أم لا. هل تعلم أننى كنت سوف أعتمد في حياتي على هذه الحافة الصغيرة التي لا يمكنني أن أشعر بها، ولذلك بدأت على الفور في الغش".
الفشل "هو شيء مثبط للعزيمة ومسبب للإحباط "، ولكن سرعان ما أدرك حقيقة أن تمكنه من "صعود قاعدة "إل كاب" مشيًا على الأقدام والبدء في التسلق بعدها" هو "انتصار كبير". وكما سجل في كتابه، فإن النهوض من على الأرض كان سيكون تحديًا كبيرًا لأي شخص يحاول دائمًا تسلق الحائط الصخري بشكل منفرد، ولذلك فإنه حتى ذلك بدا إنجازًا كبيرًا بطريقة ما". 


بعد الانتهاء من ذلك كان "يشعر ببعض الجوع"، فذهب لقضاء فترة في لاس فيغاس ليتعافى ويواصل تمارينه. ثم عاد مرة أخرى إلى يوسيميتي في ربيع العام الماضي يوم السبت الثالث من يوليو، وبعد حوالى العامين من بداية استعداداته استطاع تحقيق ما خطط له، وقد تم تصوير أبزر تفاصيل مغامرته وتضمنت لحظات جميلة وأجواء طبيعية خلابة وأحيانًا مسببة للدوار في فيلم "فري سولو".


بعد أن حلم لوقت طويل بتسلق الحائط الصخري في شكل منفرد، أتساءل عما إذا كان إنجاز ذلك فعليًّا ترك فراغًا كبيرًا بحجم "إل كاب" في حياة هونولد. وقد رد على ذلك قائلًا: " ليس بهذه الدرجة حتى الآن"... "وذلك سببه انشغالي بالتحضير لتحديات أخرى في مجال التسلق". 
بعد أسبوع من تسلقه "إل كاب" منفردًا ذهب إلى ألاسكا للتحضير لرحلة استكشافية إلى القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا). وحاليًّا، وأثناء قيامه بالدعاية لفيلمه، عاد الى ممارسة التسلق في الصالات الرياضية، وهو شكل من اشكال العودة إلى الجذور إلى حد ما".


لكن عليه أن يكون حذرًا أين يذهب بعد ذلك، فقد تجمهر الناس أخيرًا حوله في صالة رياضية في لوس أنجليس وحولوا التمرين الهادف إلى الاسترخاء بين رحلة الطيران وعرض تقديمي في فترة المساء، إلى تجربة مكتملة بكل تفاصيل اللقاء مع الناس والتعرف إليهم. "كنت أقول لنفسي: هذا ليس استرخاء بالتأكيد أو طريقة ممتعة للتحرر من التوتر بعد رحلة بالطائرة. ذلك جنون! هناك عدد كبير جدًّا من الناس. يصيبني التوتر بمجرد التفكير في ذلك"، يقول ذلك بينما يمكن سماع صوته يتهدج.


لكنه استطاع بالرغم من ذلك أن يتعامل مع الموقف بشكل أحسن من طريقة الطفل الخجول الأحمق المنطوي التي كان سيتعامل بها في طفولته. وقد اعترف بذلك قائلًا إن ذلك كان سيمثل أسوأ كابوس بالنسبة إليه حينها. "هل لك أن تتخيل ذلك؟ أن تكون خجولًا لدرجة لا تسمح لك بالتحدث مع أحد وبعدها تجد نفسك وقد أصبحت مضطرًّا إلى الحديث مع الجمهور كل ليلة فعليًّا، بالإضافة إلى اللقاءات والأشياء الأخرى". 


فيلم "فري سولو" سوف يقرِّب هونولد إلى شريحة أعرض من الجمهور، وقد يؤدي به هو وفريق عمل الفيلم بقيادة المخرجين المساعدين جيمي تشين وإليزابيث تشاى فاسارهيلي، حتى إلى الأوسكار. يُعتبر الفيلم تسجيلًا مذهلًا لإنجاز رائع سوف يظل دائما شاهدًا على تفاني المتسلق وحبه الرياضة التي تتحدى الموت.
"لا أستطيع الانتظار إلى أن أجعل أطفالي وأحفادي يشاهدون ذلك في يوم من الأيام"، يقول هونولد بحماس بعد أن أكد أنه يتمنى أن تكون له أسرة في يوم ما. "لك أن تتخيل كيف سيكون حالي وأنا في سن الخامسة والثمانين وأعرض ذلك على أحفادي وأقول: انظر ماذا كنا نفعل في ذلك الحين! هذا شيء رائع!".
يعرض وثائقي ناشيونال جيوغرافيك "فري سولو" في دور العرض بداية من يوم 14 ديسمبر/ كانون الأول. 

© The Independent

المزيد من رياضة