يتواصل السجال في الداخل الأميركي حول الظروف "القاسية" وفق تعبير البعض، التي يعيشها المهاجرون في مراكز الاحتجاز على الحدود الجنوبية الأميركية مع الجانب المكسيكي، على الرغم من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فتح تلك المراكز أمام الصحافيين والإعلام محاولا كبح الانتقادات المتواصلة بشأن سياساته "المتشددة" تجاه الهجرة.
وفي تصريح للصحافة في موريستاون بولاية نيو جيرسي، قال ترمب "سأبدأ بعرض بعض مراكز الاحتجاز هذه على الصحافة. أريد أن تذهب الصحافة وتراها". مضيفا "بعض أفراد الصحافة سيذهبون لأنها مكتظة، ونحن كنا نشكو من اكتظاظها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الاكتظاظ الخطير
وقبيل ذلك الإعلان، أثار الرئيس الأميركي الجدل، بعد أن قلّل من شأن تقرير أعدّته إدارته وحذّرت فيه من "الاكتظاظ الخطير" في مراكز احتجاز المهاجرين والظروف القاسية التي يعاني منها هؤلاء، وقال ترمب في تغريدة على تويتر "إذا لم يكن المهاجرون غير الشرعيين راضين عن الظروف في مراكز الاحتجاز التي تمّ بسرعة بناؤها أو تجديدها، فما عليكم سوى أن تقولوا لهم ألا يأتوا إلى هنا. هذا الأمر كفيل بحلّ كلّ المشكلات!".
ووفق التقرير الذي أعدّه المفتش العام في وزارة الأمن الداخلي المسؤولة عن شرطة الحدود ونشره قبل أيام، "فإنّ مراكز احتجاز المهاجرين في تكساس تشكّل خطراً عليهم. وزاد هذا التقرير من الضغوط التي تتعرض لها إدارة ترمب لإغلاق هذه المراكز والإفراج عن هؤلاء المهاجرين، حين كشف عن قلق الإدارة من عدد المحتجزين الذي يفوق طاقتها (المراكز) واعتقالهم لفترة طويلة، وهما أمران يشكلان خطرا مباشراً على صحة وسلامة موظفي وضباط الوزارة وكذلك المحتجزين".
كما قال التقرير "إن بعض القاصرين الذين لا يرافقهم بالغون وتقلّ أعمارهم عن سبع سنوات، كانوا ينتظرون نقلهم منذ أسبوعين على الأقلّ بينما يجب تسليم هؤلاء الأطفال إلى عائلاتهم أو تتولّى وكالة حكومية أمرهم خلال 72 ساعة". وظهر في صور التقطها المحققون محتجون مكدّسون في زنازين مكتظة أو صالات تفصل بينها أسيجة، وبعضهم يغطون أفواههم بأقنعة واقية.
انتقادات واسعة
في غضون ذلك، نشرت صحيفتا "نيويورك تايمز" الأميركية، و"إل باسو تايمز" المكسيكية تقريرا عن مركز احتجاز تابع لحرس الحدود في كلينت بولاية تكساس، جاء فيه "أنه يتم فيه احتجاز مئات الأطفال المكدسين في زنزانات تكثر فيها الأمراض، وهم يرتدون ملابس قذرة"، وهو ما اعتبره ترمب بأنه "كاذب".
وتضمن التقرير أن "رائحة ملابس الأطفال القذرة كانت نتنة إلى حد أنها كانت تنبعث حتى من ملابس العناصر أنفسهم. وكان الأطفال يبكون بدون توقف". وتابع "بدت فتاة على وشك الانتحار، إلى حد أن العناصر جعلوها تنام في سرير صغير أمامهم بحيث يمكنهم مراقبتها وهم يهتمون بالوافدين الجدد".
ومع موافقة الرئيس المكسيكي أندريس مانويل أوبرادور تحت ضغط واشنطن على تعزيز المراقبة على حدود بلاده الشمالية. لا يزال يتحدث برلمانيون ديموقراطيون زاروا بعض هذه المراكز عن زنزانات مكتظة لا مياه جارية فيها ولا يمكن للأطفال والبالغين المحتجزين فيها الحصول على أدوية أو حتى الاستحمام.
وقال النائب الديموقراطي واكين كاسترو بعد زيارة للحدود "إن المحتجزين لم يسمح لهم بالاستحمام منذ أسبوعين، وإنهم محرومون من الدواء ومحبوسون في أماكن صنابير المياه فيها مكسورة". وأضاف النائب عن ولاية تكساس "من الواضح أن حقوقهم مهملة".
كما قال السيناتور الأميركي كوري بوكر، الذي يسعى لترشيح الحزب الديموقراطي له لخوض انتخابات الرئاسة، بعد مرافقته خمس نساء يُعتقد أنهن هربن من العنف المنزلي عبر جسر فوق نهر ريو غراندي وصولا إلى نقطة الدخول الحدودية في إل باسو في تكساس، "إن المسؤولين أعادوا هؤلاء النساء جورا في حين كان ينبغي أن تقبلهن السلطات الأميركية".
وأعلنت سلطات الهجرة المكسيكية الأسبوع الماضي عن زيادة عمليات الترحيل بنسبة 33% في يونيو (حزيران)، فيما تتوقع وزارة الأمن الداخلي الأميركية تراجع عدد المهاجرين الذين يتم توقيفهم على الحدود مع المكسيك بنسبة 25% في الشهر ذاته.
الأمم المتحدة تدخل على الخط
من جانبها، دخلت الأمم المتحدة على خط السجال الأميركي، بعد أن أعربت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، عن صدمتها العميقة من طريقة التعامل مع الأطفال في مراكز احتجاز المهاجرين بالولايات المتحدة.
وبحسب باشيليت، وفقما جاء في بيان لها أمس الاثنين، فإنها كطبيبة أطفال وأم ورئيسة دولة سابقة "أشعر بصدمة عميقة جراء إجبار الأطفال على النوم على الأرض في مراكز مكتظة بدون إمكانية الحصول على رعاية صحية أو طعام، ضمن ظروف صرف صحي سيئة".
مراكز المهاجرين
وتضمّ هذه المراكز آلاف المهاجرين الذين دخلوا الولايات المتحدة خلسة على أمل تأسيس حياة جديدة فيها بعيداً عن بلادهم الواقعة بغالبيتها في أميركا الوسطى والتي هجرها القسم الأكبر منهم هرباً من العنف والفقر.
ووفق إحصاءات أجرتها صحيفة "واشنطن بوست"، بالتعاون مع مركز الإحصاءات الفيدرالي الأميركي، زادت نسبة الترحيلات السنوية لمن دخلوا الولايات المتحدة بشكل غير قانوني من 303,916 حالة ترحيل إلى 408,870 حالة خلال العام الأول لترمب، كما انخفضت نسبة قبول اللاجئين إلى الولايات المتحدة من 84,995 حالة إلى 53,716 حالة فقط.
وتعد ولايات كاليفورنيا وتكساس وفلوريدا ونيويورك ونيوجيرسي وإلينوي من أكثر الولايات الأميركية التي يوجد بها مهاجرون غير قانونيين، وأكثر من 66% منهم موجودون في الولايات المتحدة منذ أكثر من 10 أعوام. ويعمل معظمهم في أعمال لا تتطلب كفاءات وخبرات، مثل تنظيف الأواني بالمطاعم، وفي قطاع الإنشاءات، وفي توزيع الطرود والحوالات.
ووفق مركز "بيو" الأميركي للأبحاث، يبلغ عدد المهاجرين غير القانونيين الذين يعيشون في الولايات الأميركية المختلفة، 11.1 مليون شخص، منهم 52% من المكسيك، و15% من دول أميركا الوسطى، و12% من دول القارة الآسيوية، و6% من أميركا الجنوبية، و5% من جزر الكاريبي، و5% من دول القارة الأوروبية وكندا، والبقية من دول أخرى.