Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يشهد 2022 خفضا جديدا للجنيه المصري مقابل الدولار؟

الورقة الأميركية قفزت بنسبة 620 في المئة خلال 22 سنة و"المركزي" يستهدف سعراً مرناً

ما زالت التوقعات السلبية تطارد الجنيه المصري في معركته بمواجهة الدولار  (أ ف ب)

مجدداً، عاد الحديث عن تعويم الجنيه المصري بعد سلسلة من الخسائر المتتالية مقابل الدولار الأميركي، وعودة المضاربات العنيفة في السوق السوداء لتدفع سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء إلى مستويات قياسية. هذه الخسائر دفعت إلى عودة الحديث عن إمكانية القيام بثالث تعويم للعملة المصرية مقابل الدولار الأميركي خلال العام الحالي.

وفيما تشهد سوق الصرف الرسمية حالة من الهدوء والاستقرار، يواصل البنك المركزي المصري تحركات مكثفة بالتعاون مع الحكومة والبنوك العاملة في السوق المصرية، لبحث آليات زيادة الحصيلة الدولارية وتوفير العملة الصعبة في ظل استمرار تكدس البضائع في الموانئ وعدم قدرة المستوردين على توفير المبالغ اللازمة للإفراج عنها.

في سوق الصرف الرسمية، سجل أعلى سعر لصرف الدولار في بنوك الاستثمار العربي والمصري الخليجي ومصرف أبوظبي الإسلامي، عند مستوى 24.58 جنيه للشراء، مقابل 24.60 جنيه للبيع. وفي خمسة بنوك بقيادة بنك المشرق والكويت الوطني سجل سعر صرف الدولار مستوى 24.55 جنيه للشراء، مقابل 24.60 جنيه للبيع. وسجلت الورقة الأميركية الخضراء مستوى 24.54 جنيه للشراء، مقارنة بنحو 24.62 جنيه للبيع، لدى البنك المركزي المصري.

وكان أقل سعر لصرف الدولار في 10 بنوك بقيادة بنك البركة وقناة السويس عند مستوى 24.50 جنيه للشراء، مقابل 24.60 جنيه للبيع. وفي أكبر بنكين حكوميين هما البنك الأهلي المصري وبنك مصر، استقر سعر صرف الدولار عند مستوى 24.50 جنيه للشراء، مقابل 24.55 جنيه للبيع.

البيانات التي أعدتها "اندبندنت عربية"، تشير إلى أن الدولار الأميركي شهد ارتفاعات بأكثر من 620 في المئة مقابل الجنيه المصري منذ بداية عام 2000 وحتى قرار البنك المركزي المصري بخفض قيمته خلال ثاني اجتماع استثنائي في 2022، حيث قفز سعر صرف الدولار الأميركي من مستوى 3.42 جنيه في عام 2000 إلى مستوى 24.62 جنيه في الوقت الحالي. وعلى خلفية هذه الارتفاعات، يبلغ متوسط المكاسب السنوية للدولار مقابل الجنيه المصري نحو 28.20 في المئة خلال الـ22 عاماً الأخيرة.

مصادر مطلعة أكدت لـ"اندبندنت عربية"، أنه يجري بالفعل تعويم للعملة المصرية مقابل الدولار، ولكن في إطار ما يسمى التعويم المدار أو التعويم التدريجي. وما يتحدث عنه البعض في شأن القيام بتعويم ثالث أو خفض كبير في قيمة العملة المصرية لن يحدث، بخاصة أن البنك المركزي المصري يستهدف سياسة صرف مرن ولكن بشكل تدريجي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان البنك المركزي المصري قد أعلن في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016، أول تعويم للجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، وذلك في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من برنامج الإصلاح الاقتصادي التي نفذتها الحكومة المصرية تحت إشراف عدة مؤسسات دولية يتصدرها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وعلى خلفية القرار، فقد أعلن البنك المركزي المصري وقتها، خفض قيمة العملة من مستوى 8.80 جنيه إلى مستوى 13 جنيهاً. وواصل سعر صرف الدولار ليسجل بنهاية عام 2016 أعلى مستوى مقابل الجنيه المصري عندما بلغ نحو 19.60 جنيه.

وشهد العام الحالي عودة البنك المركزي المصري إلى التعويم من جديد، حيث أعلن خلال اجتماع استثنائي عقده في مارس (آذار) الماضي، رفع سعر صرف الدولار من مستوى 15.74 جنيه، إلى نحو 19.60 جنيه. ومجدداً عاد مرة ثالثة ليقوم بالتعويم الثالث في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث تقرر خفض قيمة العملة المصرية من مستوى 19.60 جنيه إلى مستوى 24.62 جنيه في الوقت الحالي.

توقعات سلبية

لكن حتى الآن، ما زالت التوقعات السلبية تطارد الجنيه المصري، حيث كشف بنك "نومورا" الياباني، في مذكرة بحثية حديثة، أن مصر هي الدولة الأكثر عرضة لأزمة عملة بين الأسواق الناشئة خلال الأشهر الـ12 المقبلة. وتصدرت مصر القائمة بين الـ32 سوقاً ناشئة المدرجة على مؤشر "داموكليس" التابع لبنك "نومورا" الياباني، مما يعد مؤشراً على فرصة قوية بأن البلاد ستتعرض لأزمة في سعر الصرف خلال الأشهر المقبلة.

وفي السياق ذاته، كانت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، قد أعلنت تعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من "مستقرة" إلى "سلبية"، مرجعة ذلك إلى "تدهور" وضع السيولة الخارجية للبلاد. وأبقت الوكالة على التصنيف الائتماني للبلاد عند مستوى  (+B)، وعزت ذلك إلى النمو الاقتصادي القوي، و"الدعم الدولي القوي" من الحلفاء الخليجيين والشركات الدوليين.

لكن في الوقت نفسه، حذرت الوكالة من أنها قد تخفض التصنيف خلال الأشهر المقبلة، إذا استمرت ضغوط التمويل الخارجي أو لم تتمكن الحكومة من خفض العجز وتقليص نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، فيما يعكس التخفيض "تدهور وضع السيولة الخارجية وتراجع آفاق الوصول إلى سوق السندات، ما يجعل البلاد عرضة لظروف عالمية معاكسة في وقت ارتفاع عجز الحساب الجاري وآجال استحقاق الديون الخارجية".

وفي مايو (أيار) الماضي، كانت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني، قد أعلنت تعديل نظرتها المستقبلية لمصر إلى "سلبية". والشهر الماضي، أبقت وكالة "ستاندرد أند بورز" على التصنيف السيادي للبلاد عند مستوى (B) مع توقعات مستقبلية مستقرة، وذلك على خلفية التوقعات بتمويلات مقبلة من صندوق النقد الدولي ودول الخليج.

تدهور وضع السيولة

وأرجعت وكالة "فيتش" تعديل نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري، إلى التدهور في وضع السيولة بالعملة الأجنبية وانخفاض آفاق وصول مصر لسوق السندات ما يتركها تصارع عواقب الأحداث العالمية في وقت يسجل فيه حسابها الجاري عجزاً مرتفعاً وينتظرها سداد ديون خارجية.

الوكالة الدولية أشارت إلى تراجع الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي لأقل من 32 مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضي، مقابل نحو 35 مليار دولار في مارس ونحو 40 ملياراً في فبراير (شباط) وعلى الرغم من استقرارها في الأشهر الأخيرة، فإن معدل تغطيتها للمدفوعات الخارجية الجارية أقل من متوسط تغطية أقرانها أصحاب التصنيف نفسه عند أربعة أشهر.

مدفوعات الدين الخارجي

وذكرت الوكالة أن مصر تواجه موقفاً مركباً على صعيد مدفوعات الدين الخارجي، التي قدرتها بنحو ستة مليارات دولار في العام المالي 2023 وتسعة مليارات دولار في العام المالي 2024 باستبعاد ودائع الخليج والقروض الثنائية التي على الأرجح قابلة للتمديد. وقالت إن ما كشفت عنه الحكومة المصرية من تمويلات تغطي ما تحتاج إليه خلال العام المالي الحالي في حال عادت بعض استثمارات المحافظ المالية وتدفق 10 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بدعم من خطة الخصخصة من الحكومة خصوصاً لصالح المستثمرين في دول مجلس التعاون الخليجي.

فيما يتعلق بالتوقعات الخاصة بالتضخم وقيمة الجنيه المصري مقابل الدولار، رجحت "فيتش"، أن يؤدي خفض الجنيه إلى زيادة معدلات التضخم، مما يرفع معدلاته على الأرجح إلى مستوى 17 في المئة في المتوسط على أساس سنوي خلال العام المالي الحالي، و12 في المئة في العام المالي المقبل، بافتراض "ارتفاع متواضع" لقيمة الجنيه مقابل الدولار ليصل إلى 24 جنيهاً. وأشارت الوكالة إلى أن المخاطر "تميل إلى الاتجاه الصعودي" وأن البنك المركزي المصري قد يشرع في إقرار مزيد من زيادات أسعار الفائدة لترويض التضخم المرتفع الذي سجل خلال الشهر الماضي أعلى مستوى في أكثر من أربع سنوات.