Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتم تطبيق قانون الجنسية والحدود البريطاني على أرض الواقع؟

حصرياً: أرقام وزارة الداخلية تظهر أن هناك 60 ملاحقة قضائية لمهاجرين غير قانونيين عبروا إلى السواحل البريطانية، فيما بلغ العدد الإجمالي للواصلين بعد إقرار القانون نحو 30 ألفاً

تمت مقاضاة جزء بسيط من الأشخاص الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة، بموجب قوانين بريطانية كانت وزيرة الداخلية السابقة بريتي باتيل ادعت سابقاً أنها ستسهم في ردع عمليات عبور المهاجرين القنال الإنجليزي إلى البر البريطاني.

يشار إلى أن استخدام القوارب لعبور القنال الإنجليزي، بات منذ الـ28 من يونيو (حزيران) الماضي أمراً غير قانوني في بريطانيا، في خطوة اعتبرت "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"  United Nations High Commissioner for Refugees أنها "تجرم طلب اللجوء". لكن اتهامات تحت بنود هذا القانون الجديد كان قد تم توجيهها إلى 60 شخصاً فقط - 0.2 في المئة، أو فرد من كل 500 قاموا برحلاتهم ووصلوا إلى البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وزيرة الداخلية السابقة كانت أعلنت أمام البرلمان أن "قانون الجنسية والحدود" Nationality and Borders Act واسع النطاق، كان خطوة ضرورية "لكسر العمليات الممنهجة لعصابات تهريب البشر"، لكن السجلات كشفت عن عبور نحو 30 ألف شخص للقنال الإنجليزي منذ دخول قانون الجرائم الجنائية الجديد حيز التنفيذ.

وتبين أرقام وزارة الداخلية التي تمكنت "اندبندنت" من الحصول عليها، أن 85 شخصاً جرت محاكمتهم  بموجب مجموعة القوانين المثيرة للجدل.

الوصول من دون "إذن بالدخول"، وهو الجرم الذي تم استحداثه لمستخدمي القوارب الصغيرة الذي لم يرق إلى مستوى جريمة في السابق، كان التهمة الأكثر شيوعاً، تليها تهمة "تسهيل ارتكاب انتهاك لقانون الهجرة في المملكة المتحدة من جانب مواطن غير بريطاني"، التي جرى توجيهها 28 مرة. كما تم اتهام 13 شخصاً بدخول البلاد في خرق لأمر الترحيل، وتمت مقاضاة سبعة آخرين حتى الآن لحيازتهم هويات تم تزييفها "عن قصد" للتمكن من دخول الأراضي البريطانية.

في المقابل، تم تسجيل تهمتين فقط حتى الآن تتعلقان بجرم "مساعدة طالب لجوء على دخول المملكة المتحدة"، إلا أن الحكومة أكدت للبرلمان أنه لن يتم استخدام هذا القانون ضد "المؤسسة الملكية الوطنية لقوارب النجاة" Royal National Lifeboat Institution (RNLI) (منظمة تعمل على إنقاذ أرواح الأفراد في المياه البريطانية بواسطة قوارب نجاة) وغيرها من المنظمات الإنسانية.

وتؤكد بوضوح إرشادات "دائرة الادعاء العام الملكية" Crown Prosecution Service (CPS)  المتعلقة بجرائم قانون الجنسية والحدود، أنه لن يتم توجيه تهم في كل قضية.

كما لفتت دائرة الإدعاء العام إلى وجوب نظر المدعين العامين في "الأهداف الإنسانية لاتفاق اللاجئين" عند اتخاذ قرار في شأن مقاضاة طالبي اللجوء، وأضافت: "في ما يتعلق بجرائم الدخول غير القانوني، قد يكون سبب عدم محاكمة هؤلاء اللاجئين، أو اللاجئين المفترضين، الذين يرتكبون جرائم جنائية، يعود إلى اضطرارهم للقيام برحلتهم هذه كجزء من محاولتهم لطلب اللجوء في المملكة المتحدة".

وزارة الداخلية امتنعت عن إعطاء معلومات عن الجنسية أو العمر أو أي تفاصيل أخرى عن الأفراد الذين تمت محاكمتهم، وعلمت "اندبندنت" أن الدعاوى في معظمها ما زالت قائمة أمام المحاكم. ومع ذلك، قال متحدث باسم الوزارة: "بدأ قانون الجنسية والحدود باختراق هذا النموذج التجاري الاستغلالي، حيث تم بالفعل اعتقال أكثر من 250 شخصاً منذ أن أصبح قانوناً. نحن نبذل قصارى جهدنا لقمع مهربي البشر الأشرار الذين يخاطرون بحياة الناس الضعفاء من أجل الربح، مع الاستمرار في دعم المحتاجين الحقيقيين".

وأضاف المتحدث: "لا يوجد حل واحد لأزمة الهجرة في العالم، لكننا سنظل ملتزمين بالمضي قدماً وبشكل أسرع للتعامل مع أولئك الذين يسيئون استخدام النظام، باستخدام كل أداة تحت تصرفنا لردع الهجرة غير الشرعية وتعطيل أعمال مهربي البشر".

 

لكن عمليات عبور القنال الإنجليزي واصلت ارتفاعها لتصل إلى مستويات قياسية جديدة، فلقد تمكن أكثر من 40 ألف مهاجر من العبور على متن قوارب صغيرة إلى بريطانيا حتى الآن هذه السنة، وقد طلب أكثر من 90 في المئة منهم اللجوء.

أرقام وزارة الداخلية لا تظهر أي مؤشر على تباطؤ وتيرة هذه العمليات، على رغم إعلان اعتماد مجموعة من السياسات التي زعمت الحكومة أنها ستكون بمثابة رادع لها، بما فيها صفقة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا، ودوريات "البحرية الملكية" والحملات الإعلانية، والتهديد برد المهاجرين في عرض البحر.

معارضو نهج الحكومة يرون أنه ينبغي عدم تجريم أي طالب لجوء لعبوره مياه القنال الإنجليزي، وأنه يتعين على المملكة المتحدة تقديم بدائل أكثر أماناً وقانونية لهؤلاء.

تيم ناور هيلتون الرئيس التنفيذي لمنظمة "ريفيوجي أكشن" Refugee Action (مؤسسة خيرية مستقلة تقدم المشورة والدعم للاجئين وطالبي اللجوء في المملكة المتّحدة) وصف القوانين التي تجرم الأشخاص الذين يصلون إلى بريطانيا لطلب اللجوء بأنها "جائرة". وقال إن "الناس سيواصلون المخاطرة وخسارة حياتهم قبالة سواحلنا، ما لم تلغ الحكومة قوانينها المناهضة للاجئين، وتحدد طرقاً آمنة جديدة للسفر إلى المملكة المتحدة من أجل طلب اللجوء".

أما رافيشان راهيل موثيا من "المجلس المشترك لرعاية المهاجرين" Joint Council for the Welfare of Immigrants (مؤسسة خيرية تعنى بعدالة قوانين الهجرة والجنسية واللاجئين)، فرأى أن هذه القوانين "تستهدف تأجيج الكراهية وتصدر عناوين الصحف".

واعتبر أنه "لا يجوز تجريم أحد لبحثه عن ملاذ وملجأ. وإذا كانت هذه الحكومة مهتمة حقاً بإنشاء نظام لجوء عادل ومتعاطف وفاعل، فعليها توفير طرق آمنة لحماية الأفراد".

ويفرض القانون البريطاني على الأشخاص أن يكونوا موجودين شخصياً في البلاد لطلب اللجوء، لكنه لا يوفر أية تأشيرة وصول إلى المملكة المتحدة لهذا الغرض. وكانت وزيرة الداخلية سويلا برافرمان - في أثناء استجوابها من جانب "لجنة الشؤون الداخلية"  Home Affairs Committee في البرلمان الأسبوع الماضي - قد عجزت عن تحديد مسار آمن وقانوني، يمكن بواسطته للاجئة أفريقية مراهقة الوصول إلى أقاربها في المملكة المتحدة.

"مجلس اللوردات" حاول مرات عدة عرقلة الجهود الرامية إلى تجريم الوصول إلى المياه البريطانية بلا تأشيرة، لكنه تراجع بعدما وعدت الحكومة بمقاضاة "الحالات الشائنة" فقط.

توم بيرسغلوف وزير الهجرة في حينه قال لأعضاء البرلمان في مارس (آذار) إنها "ليست محاولة لمحاكمة كل من يدخل البلاد بشكل غير شرعي. وبدلاً من ذلك، ستركز الملاحقات القضائية على الحالات الشائنة والمغرضة، على سبيل المثال، الحالات التي ينتهك فيها شخص أمراً سابقاً بالترحيل، أو قراراً بإبعاده صدر في وقت سابق بسبب دخوله غير القانوني إلى البلاد، أو نتيجة تجاوزه مدة الإقامة التي يحق له بها".

وأضاف: "نحن نعمل عن كثب مع أجهزة الشرطة وفرق التحقيق الداخلية لدينا، لضمان تطبيق هذه السياسة بصورة صحيحة وسليمة، لكن أيضاً بشكل متناسب".

وتستخدم السلطات البريطانية لقطات تأخذها طائرات بلا طيار، وكاميرات مركزة على سفن الإنقاذ، وغيرها من الأدلة، لتحديد نقطة المهاجرين الذين يقودون زوارق صغيرة، وذلك منذ أن بدأت الحكومة تصنفهم على أنهم "مهربو بشر" في عام 2020.

وزارة الداخلية كانت أعلنت في شهر يونيو (حزيران) الماضي أن "أي شخص يتم القبض عليه وهو يقود قارباً ينقل مهاجرين في مياه القنال الإنجليزي، يمكن أن يواجه عقوبة السجن مدى الحياة"، لكن الأرقام التي حصلت عليها "اندبندنت" تبين أن عدداً من الذين اعتقلوا للاشتباه بقيادتهم قوارب تلقوا تهماً بارتكاب جرم ذات مستوى أقل.

وفي فترة وصل فيها قرابة 675 قارباً إلى شواطئ المملكة المتحدة، تم توجيه الاتهام إلى أقل من 30 شخصاً بتسهيل تلك الرحلات.

وتدرس وزيرة الداخلية السيدة برافرمان التغييرات المحتملة في طريقة تطبيق قوانين حقوق الإنسان والعبودية الحديثة على قضايا اللجوء، بما يمكن من استخدام الجرائم الجنائية في "قانون الجنسية والحدود" Nationality and Borders Act والتدابير الأخرى على نطاق أوسع.

أخيراً وجهت مجموعة من أكثر من 50 عضواً في البرلمان من حزب "المحافظين"، رسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني تطالبه فيها بإعادة "المهاجرين الاقتصاديين" الذين يسافرون من "بلدان آمنة" مثل ألبانيا، بسرعة أكبر، من حيث أتوا.

© The Independent

المزيد من متابعات