Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشمال السوري يستعد لـ"رصاصة بداية" تنطلق من تركيا

مع اقتراب الهجوم البري يخشى السكان المحليون من حركة نزوح وشيكة وأوضاع صعبة بالنسبة إلى المخيمات

يؤكد خبراء عسكريون أن كل الأطراف المنخرطة في الصراع التركي - السوري تبحث أسوأ السيناريوهات المحتملة (أ ف ب)

الشمال السوري على صفيح ساخن والوقائع الميدانية تشهد تطوراً سريعاً منذ تفجير إسطنبول في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، اتهمت الحكومة التركية "حزب العمال الكردستاني" بالوقوف وراءه. ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف الضربات الجوية التي وقع ضحيتها مئات بعد شن هجمات على مواقع كردية.

ويرى خبراء عسكريون أن "جهوزية الحملة العسكرية التركية المزمع شنها شمال سوريا قد تكون أوشكت على الانتهاء، وبات العد التنازلي قريباً أمام رصاصة البداية لهجوم مرتقب على مواقع الفصائل الكردية المقاتلة ومناطق نفوذها الأبرز منها منبج وعين العرب (كوباني) وتل رفعت، بالتالي تخطط كل الأطراف المنخرطة بالصراع لأسوأ السيناريوهات المحتملة، فهذه العملية ستغير وجه خريطة الانتشار وخطوط الاشتباك من جديد".

تعزيزات عسكرية

وأمام هذا المشهد الضبابي، دفع التحالف الدولي بقوافل تعزيزات عسكرية ضخمة قادمة من معبر الوليد مع إقليم كردستان العراق. ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد تم رصد وصول الدفعة السادسة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من سلسلة قوافل، والأخيرة ضمت 100 شاحنة توجهت نحو قواعد أميركية في تل بيدر وقسرك جنوب الحسكة.

من جهة ثانية لم يفض الاجتماع السري الذي عقده قائد القوات الروسية في سوريا ألكسندر تشايكو مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في محافظة الحسكة، إلى أية نتائج. يأتي ذلك مع رفض كل الأطراف الدولية العملية، إلا أن الجانب التركي يقول إنه يعمل على التمدد "نحو 30 كيلومتراً لحماية حدوده الجنوبية".

أما قوات المعارضة السورية المسلحة، وبحسب مراقبين ميدانيين، فـ"تستعد للتقدم وانتهاز الفرصة التي تراها مناسبة لإعادة توسيع مناطق نفوذها، في ظل أجواء مصالحة متوقعة بين أنقرة ودمشق ومعلومات عن لقاء رفيع المستوى من الممكن أن ترعاه موسكو في المنظور القريب، من المرجح أن يعقد بعد انتهاء العمل العسكري وقبل الانتخابات التركية".

بداية حركة نزوح

ومع تردد صدى طبول الحرب، يحبس المدنيون والسكان المحليون في مناطق النفوذ الكردية أنفاسهم، لاسيما وأنهم على أبوب شتاء شديد البرودة خصوصاً بالنسبة إلى النازحين وأصحاب الخيام.

فالسيدة الخمسينية أم محمد لا تدري إذا ما أحسنت اختيار طريقها الواصل إلى مدينة حلب بعد عناء سفر وترحال أمضته في طرقات وعرة، قادمة من الريف الشرقي لمنبج برفقة أولادها التسعة مفضلة الابتعاد عن أكثر المناطق سخونة والمليئة بالتوترات، ومن المرتقب أن تدور على تخومها معركة فاصلة.

حال أم محمد المنحدرة من أصول كردية "لا يسر الصديق ولا العدو" إذ تركت زوجها قبل أيام قليلة لبيع ما تبقى لهم من أملاك كأراض وعقارات بأثمان بخسة أملاً في الهجرة. حاولت وأسرتها التعايش مع هذا الواقع الجديد، لكن من الصعب توقع ما سيحدث، وتقول "نسعى للاستحصال على وثائق سفر للهجرة إلى أربيل، كردستان العراق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأردفت "كل الدروب أغلقت في وجهنا، إننا أمام خطر محدق، أعشق أرضي وبيتي ولكن الأمر يحتاج إلى مغامرة الرحيل والهجرة".

وبحسب المعلومات الواردة من المناطق المزمع استهدافها من قبل الجيش التركي، هناك استقرار نسبي وحركة نزوح بطيئة لم تنفجر بعد، إذ ما زالت تقتصر على تغيير مكان سكن بعض عائلات المقاتلين الأكراد، بأماكن أكثر أماناً.

يأتي ذلك مع توقف الدوريات الروسية والتركية المشتركة عن تسييرها في ريف عين العرب "كوباني" بعد التصعيد الأخير بين الأتراك والكرد، وهذا بحسب متابعين يدل على تحييد الجنود الروس عن أي خطر، وإشارة إلى اقتراب موعد الهجوم.

القاطنون ومخاوف المعركة

في غضون ذلك، يؤكد متابعون في الشأن الكردي أن قوات سوريا الديمقراطية باتت تتمتع بجهوزية عالية لصد الهجوم، ومع هذا تبقى الهواجس حيال عدم قدرة السكان المحليين العزل على التحمل والصمود أمام القصف والضربات الجوية والبرية أو الاشتباك المباشر مع الحشود المدربة في حال اقتحام الجيش التركي مناطقهم.

ويقول موظف في إحدى الجمعيات الإغاثية "لقد كنت شاهداً على حروب عدة شمال سوريا، فمع اشتداد المعارك تزداد أعداد النازحين والهاربين من اتساع نيرانها طلباً للملجأ الآمن، والمشكلة اليوم إلى أين سيذهب كل هؤلاء المدنيين؟".

وفي الوقت ذاته يتخوف السوريون ولاسيما الكرد من تقطع السبل والطرقات وانسداد الوصول إلى مناطق آمنة نسبياً. ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان وجود ما يقارب 300 ألف نازح في مناطق نفوذ "قسد" والحكومة على حد سواء، موزعين على خمسة مخيمات (العودة وسردم وفافين والشهباء وكوجر)، وكل هؤلاء يعانون أوضاعاً إنسانية صعبة. وبحسب ناشطين إغاثيين، "ستزيد العملية البرية من أوضاعهم المأسوية، علاوة على ترقب انتهاكات بحق السوريين من المكون الكردي".

"تأقلم مع الوضع"

وتحدث قيادي في الرئاسة المشتركة للمجلس التشريعي في مدينة منبج، محمد العلي عن وجود أربعة مكونات في المدينة (عربي وكردي وشركسي والتركماني)، ولعل المكون التركماني يقع أغلبه في رقعة جغرافية على خط التماس بريف منبج الشمالي الغربي، وأردف "لا توجد حركة نزوح ملفتة للنظر، الجميع متشبث بأرضه وبيته، بينما العجلة الاقتصادية بمنبج في أفضل حال من بقية المناطق، ولكن كلما انتعش الوضع الاقتصادي تعود الانتهاكات والتهديدات بقصف تركي لتتسبب بتراجع الأعمال التجارية، ولعل الترابط الوثيق بين الاقتصاد والسياسة والحركة التجارية يصيبها الركود، أما الوضع المعيشي فهو مستقر نسبياً".

لقد تأقلم أهل مدينة منبج بحسب القيادي في مجلس المدينة التشريعي، مع هذه التطورات، ويعدون ما حدث بـ"الأمر شبه الطبيعي، يأخذون كل الاحتياطات اللازمة، والجناح العسكري يؤدي واجبه، الأمر الذي يعطي رسالة أمان بالنسبة إلى السكان المحليين".

المزيد من متابعات