Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موجة اضطرابات جديدة قد تضرب سلاسل الغذاء العالمية بعد الحرب والجائحة

متخصصون يتوقعون استمرار تعثر الأسواق في 2023 والإجراءات ستمثل عبئاً على الأسعار

توقعات بارتفاع أسعار المواد الغذائية في الولايات المتحدة ما يتخطى المعدلات التاريخية (أ ف ب)

قدمت العولمة على مر عقود مضت التنوع وأسهمت في خفض كلفة الغذاء قبل أن تضرب الجائحة العالمية والحرب الروسية في أوكرانيا، إذ أظهر الوباء والحرب اضطرابات عالمية اضطربت معها الأسعار، خصوصاً مع وصول تضخم أسعار الغذاء إلى أعلى مستوياته على مدى عقود هذا العام في الولايات المتحدة وأماكن أخرى من العالم، متجاوزاً أسعار المستهلكين الإجمالية.

وعلى رغم أن تضخم أسعار المواد الغذائية قد هدأ في الأسابيع الأخيرة، فإن أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم لا تزال أعلى بنسبة 25 في المئة، مما كانت عليه قبل الجائحة وفقاً لمؤشر أسعار الغذاء التابع للأمم المتحدة.

اضطرابات التصنيع والنقل

ويقول المسؤولون التنفيذيون والاقتصاديون في صناعة الأغذية إن من بين العوامل التي أدت إلى ارتفاع الأسعار اضطرابات التصنيع والنقل الناجمة عن الوباء وتأثير الحرب في أوكرانيا على أسعار الطاقة والحبوب، في حين أن هذه المشكلات قد تنحسر مستقبلاً في الوقت الذي يبحث فيه الموردون عن مكان أقرب إلى المنزل في حين يتوقع المحللون أن تكون تقلبات الأسعار أكثر تواتراً.

مدخلات الطعام والشراب يتم جمعها مثلها كباقي الصناعات من مختلف أنحاء العالم، إذ يمكن تغطية "البيتزا" الأميركية بلحم الخنزير من إسبانيا والصلصة المكسيكية، في وقت يصنع "ويسكي سكوتش" أحياناً من الشعير الأوكراني وبشكل عام ما يقرب من ربع الصادرات الغذائية العالمية تحتوي الآن على مكون أجنبي وفقاً لبيانات منظمة التجارة العالمية.

وقالت الأستاذة في كلية "وارتون" بجامعة "بنسلفانيا" الأميركية سوزان واتشتر لـ"وول ستريت جورنال"، "عندما يفكر الناس في التجارة المعولمة فإنهم لا يعتقدون أن أحد المكونات الرئيسة للعولمة كان السلسلة الغذائية"، مضيفة أن "التعقيد المتزايد لتلك السلسلة الغذائية يجعل الإمدادات الغذائية شديدة التأثر بصدمات الإمداد".

تقلب أسعار الغذاء مستمر

في غضون ذلك، تتوقع "رابوبنك" شركة الخدمات المصرفية والمالية الهولندية متعددة الجنسيات، ومقرها أوترخت بهولندا، أن تظل أسعار المواد الغذائية متقلبة، العام المقبل، في ظل نقص الطاقة ومشكلات الإمداد بالسلع الزراعية الرئيسة وارتفاع أسعار الأسمدة، كما سترتفع أسعار المواد الغذائية في الولايات المتحدة بنسبة ثلاثة إلى أربعة في المئة، العام المقبل، ما يتخطى المعدلات التاريخية وفقاً لإحصائيات وزارة الزراعة الأميركية. وعملية استيراد الغذاء مستمرة منذ آلاف السنين، إذ أرسل المزارعون في ما يعرف الآن بأوكرانيا الحبوب إلى الدول اليونانية منذ القرن السادس قبل الميلاد، بينما في العصر الحديث قفز حجم وتنوع الطعام الذي يعبر الحدود مع عولمة العالم، إذ استوردت الولايات المتحدة نحو 18.3 في المئة من إجمالي فاتورة المواد الغذائية والمشروبات عام 2020، ارتفاعاً من 13.2 في المئة عام 2008 وفقاً لبيانات لوزارة الزراعة الأميركية.

أما على الصعيد العالمي، فارتفعت حصة استهلاك القمح الذي يتم الحصول عليه من الخارج إلى 25 في المئة عام 2019 من 17 في المئة عام 1995 وفقاً للمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية.

وفي عام 2019، كان من المرجح أن تشكل دولة ما رابطاً مباشراً لتجارة المواد الغذائية والزراعية مع دولة أخرى بنسبة 50 في المئة أكثر مما كانت عليه عام 1995 وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"، في حين أدت المكاسب الهائلة في إنتاجية الزراعة وتصنيع الأغذية والعولمة وكلفة النقل المنخفضة إلى توسيع الخيارات وخفض الأسعار للمستهلكين.

مخاطر السلسلة العالمية

علاوة على ذلك، يمكن للإمدادات الغذائية المتنوعة في بعض الأحيان أن تحمي من تقلب الأسعار كما يمكن لدولة واحدة تعاني فشل المحاصيل، على سبيل المثال، أن تلجأ إلى بقية العالم لزيادة إمداداتها، ومع ذلك كشفت الأحداث التي وقعت في السنوات الأخيرة عن مخاطر السلسلة الغذائية المعولمة، فعندما ضربت الجائحة أوائل عام 2020، أغلقت مواقع تصنيع الأغذية والحدود والمزارع في مختلف أنحاء العالم، بينما ارتفعت كلفة النقل وسط ازدحام الموانئ ونقص الحاويات وناقلات النقل، وفي نهاية العام الماضي، قالت نحو 90 في المئة من شركات الأغذية والمشروبات الأوروبية والأميركية التي استطلعت آراءها شركة "ديلويت" للمحاسبة إنها واجهت تحديات كبيرة في تأمين المدخلات وإيصال المنتجات إلى السوق.

وكانت شركة "كوزين سوليوشنر" لتصنيع الوجبات المعبأة في الهواء الطلق بفرجينيا في أميركا دفعت عادة نحو 3000 دولار لاستئجار حاوية لجلب المكونات من آسيا إلى الولايات المتحدة قبل الوباء، وارتفع ذلك إلى 30 ألف دولار قبل أن يستقر عند نحو 4500 دولار في الوقت الحالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع نقص المعروض من سائقي الشاحنات عما كان عليه قبل الوباء، تضاعفت كلفة نقل تلك الحاوية من ميناء بالتيمور إلى أحد مصانع الشركة في ولاية بنسلفانيا ثلاث مرات لتصل إلى 4500 دولار، وفي الوقت نفسه أصبحت أسماك "بيراروكو" الأمازونية العملاقة التي كانت الشركة تستوردها لسنوات لوجبات طيران درجة رجال الأعمال، باهظة الثمن لدرجة أن الشركة أوقفت التجارة بها.

في تلك الأثناء، قال الرئيس التنفيذي لشركة "كوزين سوليوشنز" فيليب هاسلمان إن "كان كل شيء يسير على ما يرام، ثم حدث الوباء".

وفي الآونة الأخيرة، تسبب الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي إلى إغلاق الموانئ التي كانت تنقل شريحة كبيرة من صادرات العالم من الحبوب وزيت عباد الشمس، لترتفع أسعار هذه المنتجات، وكذلك الأسمدة في حين لم يدرك إيفانغيلوس ماندلسون "مدى اعتماد مجموعته للأطعمة والمطاعم في واشنطن العاصمة على زيت الطهي الأوكراني".

من جانبه، قال أحد مؤسسي شركة "بي أل أن تي بيرغر" ماندلسون التي تصنع الأطعمة النباتية وتدير 12 مطعماً، "لقد فاجأتني بالتأكيد".

"بريكست" عبء آخر

كان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مثالاً آخر على نوع التحول السياسي والاقتصادي الذي من المحتمل أن يؤدي إلى مخاطر دائمة على سلاسل الإمداد الغذائي، فقد أدى تصويت المملكة المتحدة الأصلي لمغادرة الاتحاد الأوروبي إلى انخفاض قيمة الجنيه البريطاني، كما أدى الخروج الفعلي عام 2020 إلى زيادة الأوراق الجمركية، وكلاهما جعل الواردات الغذائية أكثر كلفة، فعلى سبيل المثال يستخدم غوليان أبيل مكونات من مختلف أنحاء العالم لصنع صلصات الكاري الخاصة به لشركة "نوت بونسي كو"، ومقرها شمال إنجلترا، بما في ذلك التوابل من آسيا، والفلفل الحار من رواندا، والطماطم من جنوب أوروبا، ويمكن الحصول على القليل من ذلك في المملكة المتحدة، واليوم ارتفعت مكونات صلصة الكاري بشكل كبير، إذ ارتفع سعر الكيلوغرام من ذلك الفلفل الحار إلى 36 جنيهاً استرلينياً (43.50 دولار) من نحو 15 جنيهاً استرلينياً (18.12 دولار) قبل الوباء، كما أضافت الأعمال الورقية الإضافية إلى الكلفة والتأخيرات التي تتكبدها الشركة، فعلى سبيل المثال، يجب الآن كتابة أرقام الدخول الجمركية لكل عملية استيراد في نظام حكومي. وقال أبيل إنه "إذا كان حتى رقم واحد خاطئ يتعين على السائق الانتظار في الميناء، ما يكلف أبيل المال الذي يغذي سعر التجزئة في النهاية".

تبديل المكونات

في المقابل، يقوم بعض مصنعي المواد الغذائية، ومن بينهم ماندلسون، بشراء بعض المنتجات القريبة من المنزل وتبديل المكونات، قائلاً "فطر غيركي"، على سبيل المثال، والذي يعتبر مصدراً كبيراً لفيتامينات (ب) والنياسين وحمض البانتوثنيك، والغني أيضاً بمضادات الأكسدة مثل السيلينيوم والغلوتاثيون، وهو أيضاً مصدر جيد للألياف، ويصنع من فطريات مصدرها ولاية بنسلفانيا الأميركية.

بناءً على ذلك، فإن المستهلكين ليسوا على وشك فقدان مذاقهم للمأكولات العالمية ذات الأسعار المعقولة، لكن المحللين يقولون إن عليهم توقع نوبات أخرى من التقلبات، إذ تضر الأحداث المضطربة بسلاسل التوريد التي أتت بهذا الاختيار بهذه الأسعار.

ويشكو أبيل من تقلبات الأسعار المستمرة في الآونة الأخيرة، إذ نقل عنه وكيل الشحن الخاص به رسوم وقود إضافية بنسبة 16 في المئة لإحضار المعكرونة من إيطاليا، وبعد أسبوع ارتفع هذا المعدل إلى 21 في المئة مع ارتفاع أسعار النفط، قائلاً، "كل ما يمكننا فعله هو الذهاب إلى وضع البقاء على قيد الحياة".