Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يتحقق حلم "بلو لوك" الياباني في المونديال واقعياً؟

يرتدي لاعبو منتخب الساموراي قمصاناً مستوحاة من قصة مسلسل مثير ينتهي بإحراز اللقب

يخوص منتخب "الساموراي" مباراياته وسط روح ومعنويات عالية بعد تجاوز منتخب ألمانيا (الخدمة الإعلامية)

لربما أن البروفيسورة في جامعة فيرفورد شاير البريطانية كارين باين كانت محقة عندما قالت إن "العقل هو ما ترتديه" وهي الجملة التي جاءت عنواناً لكتابها الذي يتحدث عن التأثير المباشر بين ما يرتديه الإنسان وبين ثقته بنفسه. فبعد دراسات علمية عدة أفادت كارين بأن العينة التي اختارتها لترتدي ملابس تحمل رسومات لشخصيات أسطورية مثل "سوبرمان" لم تمنح الأفراد الثقة فحسب، بل جعلتهم يعتقدون بأنهم يمتلكون قدرات خارقة.

ما ورد في الكتاب الذي صدر عام 2014 ربما كان أحد مفاتيح فهم انتصار منتخب اليابان في الجولة الأولى من مونديال قطر 2022 وهو الفوز الذي يأتي للمرة الأولى في تاريخها على منتخب ألمانيا (بطلة العالم أربع مرات). قد تتساءل كيف تم ذلك؟ ببساطة ليس لأن الملابس التي ارتداها اليابانيون في نزالهم المثير كانت مصممة من ملابس منتخب ياباني كان  حقق كأس العالم في عالم "المانجو" الافتراضي، ولكن تأثير ذلك كان في اعتقاد اليابانيين في الأقل طاغياً.

لماذا لا تحقق اليابان كأس العالم؟

والمسلسل واسع الانتشار في اليابان اسمه " Blue Lock" ويعني القفل الأزرق. وتعود فكرته لعام 2018 عندما خرج منتخب الساموراي من الدور الثاني من مونديال روسيا. حينها تبادر لخلد كاتب القصص الياباني الشهير مونيوكي كاناشيرو كتابة قصة جسدها مسلسل "أنمي" مكون من سلسلة حلقات وجاء تصنيفه  "أكشن- رياضي- نفسي" وحاز جوائز عدة وإيرادات باهظة.

 

 

القصة التي تطورت من الورق لتصبح مفضلة لدى محبي مسلسلات "الأنمي" مزجت بين الواقع والخيال بشخصياتها وأحداثها وهي تدور حول الحلم الياباني "لماذا لا نحقق كأس العالم؟". يبدأ المسلسل المثير بأحداثه حين اختار الاتحاد الياباني مدرباً ذا عقلية أقرب للعبقرية والجنون وهو إيغو جينباتشي.

قام المدرب العبقري ضمن مشروعه الذي بدأ في 2018 نحو المنافسات في مونديال 2022 باختيار أفضل 300 مهاجم من المدارس الثانوية في جميع أنحاء اليابان، وهو بمشروعه هذا يعتقد بأن المنتخب الأزرق يفتقر إلى المهاجم الأناني المتعطش للأهداف.

تبدأ الأحداث بالزج بالمهاجمين في منشأة تشبه السجن. طعام محدود وتدريبات شاقة لا تمت أحياناً لمنطق الكرة بصلة، لكنها تبدو ناجعة بالنسبة إلى المدرب غريب الأطوار.

في "Blue Lock" يعزل المهاجمون الذين لا تتجاوز أعمارهم 20 سنة عن الهواتف والناس. فالمعركة والمنافسة "تتطلب مهاجماً ثورياً يستطيع الوقوف على 299 جثة" كما يقول المدرب الذي يجلس في غرفة عمليات تملؤها الشاشات والأحلام يراقب مقاتلي منطقة الجزاء.

وضمن أحداث الخطة الخارقة يتنافس المهاجمون ضد بعضهم. الناجي الوحيد بينهم له الحق في أن يصبح مهاجم المنتخب الوطني، وأولئك الذين هزموا سيتم منعهم من الانضمام إلى أي فريق إلى الأبد. وهذا تحدٍ رهيب ومثير.

معركة المهاجمين

الضرب والركل والأنانية طاغية في الغرفة التي تبلغ مساحتها عمداً مساحة "منطقة الجزاء" في ملاعب كرة القدم، فالمعركة الغريبة بداخلها هي معركة بين مهاجمين فحسب، فلا حراس للمرمى ولا دفاع، الجميع يهاجم منافسه، أو بالأحرى وبحسب عبقرية إيغو "يقاتل ليصبح الأول في اليابان".

ومع اشتداد المعارك داخل الغرفة المحكمة أغلالها يبدأ العدد بالانخفاض، لا بقاء هنا إلا للقوي الأناني المتعطش للأهداف. ومع خروج كل مهاجم من الغرفة يتبدد حلمه في ركل الكرة إلى الأبد. يمكنه بيع البطاطا على أرصفة طوكيو، لكن من العار أن يركل الكرة. هذا بمنطق المدرب الذي اختارته اليابان لتحقيق حلمها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول إيغو إن الغرفة بحجم منطقة الجزاء وهذا يعني أنه المكان الذي تخلق منه قرابة 95 في المئة من الأهداف، فإن كنت عاجزاً عن أداء عملك في هذه المساحة فأنت لا تملك الموهبة"، ويرد إيغو على مهاجميه الشبان الذين يتمتم بعضهم قائلين "إن ما يفعله هذا الرجل نوع من الجنون"، قائلاً "إجمالي الوقت الذي يقضيه أي لاعب وفي حوزته الكرة في مباراة من 90 دقيقة هو 136 ثانية. لذا يجب أن تخلق أهدافاً من تلك الثواني وإلا لن تحقق حلم بلادك".

وبحسب منطق المدرب الذي يبدو حازماً أحياناً، وأحياناً أقل حزماً فإن بقاء منتخب اليابان ضعيفاً، هو التفكير بطرق تقليدية. 11 لاعباً يتعاونون معاً. التضحية بالذات. اللعب لأجل الزملاء في الفريق. وهذا أمر غير مألوف بالنسبة إلى المدرب الذي يمسك بتلابيب خطط وأحلام كبرى، "كرة القدم هي إحراز الأهداف أكثر من الخصم. من يحرز الأهداف هو الأعظم"، كما يقول.

 

 

الأنانية سلاح منتخب اليابان

يستعير كاتب القصة في "بلو لوك" حديثاً لمهاجمين عالميين مثل إيريك كانتونا المهاجم الفرنسي الذي كان بارزاً في حقبة التسعينيات، حين لعب لمانشستر يونايتد "لا أبالي في شأن فريقي، كل ما أريده هو لفت الأنظار". كانت تلك جملة تحفيزية من المدرب للمهاجمين الذين اعتزلوا العالم الخارجي لأعوام.

ويضيف بمقولة أخرى لأسطورة البرازيل بيليه "الأفضل في العالم سواء كان مهاجماً أو لاعب وسط أو مدافعاً أو حارس مرمى إسأل عما تشاء، الجواب يبقى أنا". وهذه رسالة لخلق حال من الغطرسة والأنانية والغرور داخل أنفس الشبان الذين اشتدت المنافسة بينهم.

يصرخ المدرب بعد حديثه عن بيليه وكانتونا "ما رأيكم... أليس هذا فظيعاً!؟ جميعهم من أفضل اللاعبين! وجميعهم أنانيون بشكل غير عادي... هذا ما تفتقره الكرة اليابانية. لا يمكنك أن تصبح المهاجم الأفضل في العالم ما لم تكن الأناني الأكبر في العالم".

لا يميل المدرب المهووس بالأنانية إلى الطرق التقليدية في كرة القدم. ففي واحدة من محاضراته لمهاجميه قال "تخيل فحسب أنك في نهائي كأس العالم. 80 ألف شخص في المدرجات وأنت واقف على أرضية الملعب، النتيجة 0-0، إنه الشوط الثاني من الوقت الإضافي، إنها اللعبة الأخيرة بتمريرة من زميلك، اخترقت الدفاع... وأنت في مواجهة فردية مع الحارس وزميلك في الفريق على بعد ستة أمتار إلى يمينك، إذا مررت فإحراز الهدف مضمون في لحظة تكون فيها كل آمال البلد والبطولة تعتمد عليك، وحده الأناني المجنون من يسدد تلك التسديدة بلا تردد... اخترق هذه الأبواب... وتخل عن المنطق الشائع. في أرضية الملعب، أنت النجم!"

أهدافك الخاصة مصدر بهجتك

ويواصل "لا شيء ينبغي أن يحقق لك البهجة أكثر من أهدافك الخاصة... عش لأجل هذه اللحظة فقط... أليس هذا ما يعنيه أن تكون مهاجماً"، حينها يبدأ المهاجمون في الحماسة والإيمان بمنطق الرجل المجنون.

تطول أحداث المسلسل الذي تنتهي قصته بخلق مهاجم تاريخي يحقق لليابان أحلامها ببطولة كأس العالم.

 

وربما تكون هذه القصة التي شاعت في البلد الآسيوي وتوصيات المدرب العبقري توغلت في ذهن لاعبه ريتسو داون الذي توغل في منطقة جزاء منتخب ألمانيا في الدقيقة الـ75 ليسجل هدف التعادل للكتيبة الزرقاء قبل أن تحدث مفاجأة أشد جنوناً في الدقيقة الـ83 حين أودع تاكوما أسانو مهاجم شتوتغارت الألماني هدف التقدم والفوز. 10 دقائق كانت مثيرة على ملعب خليفة الأربعاء الماضي، نعم وكما يقول رجل الغرفة الزرقاء إيغو جينباتشي "كرة القدم هي إحراز الأهداف أكثر من الخصم. من يحرز الأهداف هو الأعظم"، حتى ولو كان الخصم مانويل نوير ومولر وبقية رجال برلين المترعة خزاناتهم بالذهب والتاريخ.

قطر 2022

وتخوض اليابان منافسات كأس العالم 2022 للمرة السابعة على التوالي في مسيرة بدأت في فرنسا 1998. وتسعى إلى الوصول لدور الثمانية للمرة الأولى في تاريخها.

وعقب انتصارها التاريخي على منتخب ألمانيا، وصف مهاجم المنتخب الياباني ريتسو داون الفوز بأنه جاء "لإخراس الألسن المتعالية". وأضاف في مؤتمر بعد المباراة  "أبتسم لهم مستاء وأنا أسمع هذا وقلت في نفسي لا تكن سخيفاً. كرجل، أعتقد بأن مثل هذه النتيجة هي الطريقة المثلى لإخراس هذه الألسن، لذا يسعدني أن الأمور سارت على هذا المنوال".

 

 

وتبدو مواجهة الفريق يوم غد الأحد أمام منتخب كوستاريكا الذي تلقت شباكه سبعة أهداف من المنتخب الإسباني أكثر سهولة، وهي كفيلة بمواصلة حلم الساموراي نحو أدوار متقدمة وقد تكون أحلام "بلو لوك" في "المانجو" حاضرة على أرض الواقع في قطر.

رموز الصلوات التي تجلب الفرح

وحول القمصان التي يرتديها اللاعبون يقول موقع "اليابان بالعربي"، إنه زي يقوم على مفهوم "الأوريغامي (ORIGAMI)" وهو رمز الصلوات التي تجلب الفرح.

ويتميز بالتصميم الغرافيكي للأوريغامي في الجانب الأمامي وهذا التصميم عبارة عن خطوط قابلة للطي وأشكال مفتوحة. ويختلف عن الزي المعتاد في مكان وجود العلم الياباني. فحتى الآن، تم وضع العلم فوق الشعار الموجود على جانب الصدر الأيسر، لكنه في هذه المرة تم وضعه على الجزء العلوي من الظهر.

ويوضح قسم الإعلان في شركة "أديداس اليابان" ذلك قائلاً إن "هذا التصميم يتضمن رسالة تقول ’في الوقت ذاته الذي يحمل فيه اللاعبون مسؤولية الوطن على عاتقهم، فإن المشجعين يقومون بمساندة اللاعبين ودفعهم من الخلف".

وإضافة إلى ذلك، فإن رقم اللاعب في الخلف أصبح أصفر اللون بعد الأخذ في الاعتبار وضوح الرؤية عند مشاهدة المباريات في التلفاز أو الهاتف الذكي.

واليابان التي تطغى المانجو الخاصة بها ورسومها الكارتونية على حياة سكانها وحياة الناس وذكرياتهم أحيا فوزها المثير على منتخب المانشافت "نوستالجيا الكابتن ماجد" وهي ذكريات قديمة لدى شعبها وعدد من سكان القارة الصفراء، بخاصة العرب. وهو المسلسل الكرتوني الشهير الذي نال شهرة واسعة في تسعينيات القرن الماضي.

المزيد من رياضة