Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حرب الرقائق" بين أميركا والصين تشتعل في أوروبا

تعطيل صفقات ضخمة ببريطانيا وألمانيا وهولندا لأسباب تتعلق بالأمن القومي

عملية تصنيع الرقائق الإلكترونية في مصنع لأشباه الموصلات بالقرب من باريس (أ ف ب)
 

واجهت صفقتان أوروبيتان للرقائق الإلكترونية مشكلات في شأن علاقاتهما مع الصين، وهي علامة على انتشار القلق في الغرب بخصوص سيطرة بكين المحتملة على البنية التحتية الحيوية.

خلال الأسبوع الماضي، صدرت أوامر للمالك الجديد لأكبر شركة لتصنيع الرقائق في بريطانيا بإلغاء استحواذها، بعد أيام فقط من منع بيع مصنع رقائق آخر في ألمانيا.

وتأثرت كلتا العمليتين بمخاوف تتعلق بالأمن القومي، واشتملت على عمليات استحواذ من قبل شركات مملوكة للصين.

في المملكة المتحدة طلبت الحكومة من "نيكسبيريا"، وهي شركة هولندية تابعة لشركة "وينغ تك" لصناعة أشباه الموصلات المدرجة في شنغهاي، بيع 86 في المئة على الأقل من حصتها بـ"نيو بورت ويفر فاب"، بعد أكثر من عام من الاستحواذ على المصنع، واحتج الموظفون منذ ذلك الحين على القرار، قائلين إنه يعرض ما يقرب من 600 وظيفة للخطر.

وفي ألمانيا منعت وزارة الاقتصاد صانع رقائق السيارات "إيلموس سيميكوندكتور"، من بيع مصنعها في مدينة دورتموند إلى "سيلكس"، وهي شركة سويدية تابعة لشركة "ساي ميكرو إلكترونيكس" الصينية، وبالفعل كانت صناعة الرقائق تبرز كواجهة جديدة في التوترات بين الولايات المتحدة والصين.

وتوضح الاتفاقيتان المتعثرتان الآن كيف أن الضغط يتزايد أيضاً في أوروبا، خصوصاً أن المسؤولين الغربيين يواجهون دعوات لإبقاء القطاعات الرئيسة خارج السيطرة الصينية.

قال مدير التكنولوجيا الجغرافية في مجموعة "أوراسيا غروب"، ياومينغ لو، "تمثل هذه القرارات تحولاً نحو مواقف أكثر صرامة في ما يتعلق بالاستثمار الصيني في الصناعات الحيوية في أوروبا".

بالتأكيد أسهم الضغط الأميركي في هذه القرارات، ومن المحتمل أيضاً أن يكون الشعور المتزايد بسيادة التكنولوجيا هو الدافع وراء هذه التحركات، فالحكومات في جميع أنحاء العالم تنظر بشكل متزايد إلى صناعة أشباه الموصلات كمورد استراتيجي وتسعى إلى حمايتها من عمليات الاستحواذ الأجنبية.

تهديد الأمن القومي

خبراء قانونيون قالوا إن القرارين كانا ملحوظين، لأنه كان يعتقد في البداية أنها تمت الموافقة على كل صفقة، وقضية "نيوبورت ويفر" هي "أول عملية استحواذ مكتملة" يجب فكها بموجب قانون الأمن القومي والاستثمار في المملكة المتحدة، وفقاً لما ذكره إيان غايلز رئيس مكافحة الاحتكار والمنافسة في أوروبا والشرق الأوسط.

فيما قالت "نيكسبيريا"، في بيان الأسبوع الماضي، إنها "صدمت" من القرار، وإن "حكومة المملكة المتحدة اختارت عدم الدخول في حوار هادف معها أو حتى زيارة موقع نيوبورت".

وأوضحت الشركة أنها عرضت تجنب "الأنشطة ذات الأهمية المحتملة، وتزويد حكومة المملكة المتحدة بالسيطرة المباشرة والمشاركة في إدارة نيوبورت"، وهو موقع بمساحة 28 فداناً في جنوب ويلز.

والمصنع يعمل على إنتاج رقائق السيليكون، وهي أساس صناعة رقائق الكمبيوتر، وتعمل عديد من منتجاتها في النهاية على تشغيل السيارات والمعدات الطبية.

وأشارت "نيكسبيريا" إلى أن العمال في المنشأة يواجهون الآن مستقبلاً غير مؤكد، وفي رسالة مفتوحة إلى حكومة المملكة المتحدة يوم الخميس الماضي، قالت جمعية موظفي "نيكسبيريا نيوبورت" إنه "من غير المصدق" أن سبل عيش الموظفين "تعرضت للخطر خلال الفترة التي تسبق عيد الميلاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكتبت المجموعة "من الواضح أن هذا قرار سياسي عميق"، رافضة فكرة أن الصفقة ستقوض الأمن البريطاني، وأضافت "يجب أن تتحلى بالحس السليم وتحمي وظائفنا من خلال السماح لشركة نيسكبيريا بالاحتفاظ بمصنع نيوبورت الخاص بها".

بالنسبة لشركة "إيلموس"، أشارت السلطات الألمانية في البداية إلى أنها ستصدر موافقة مشروطة، بل إنها شاركت في مسودة الموافقة بعد عملية مراجعة مكثفة استمرت نحو 10 أشهر، بحسب ما قالت الشركة في بيان.

وقال تيم شابير رئيس مكافحة الاحتكار والمنافسة في ألمانيا بـ"نورتون روز"، إن التدخل الحكومي كان مهماً أيضاً نظراً لأن "تقنية إيلموس قيل إنها قديمة جداً، وكانت حديثة في التسعينيات، ويزعم أنها ليست ذات أهمية صناعية كبيرة".

وأضاف "أصبحت الصفقة ألعوبة في نقاش عام حول استحواذ المستثمرين الصينيين على حصص في التقنيات الألمانية الرئيسة".

ومن المحتمل أن يكون المنظمون قلقين بشأن تدفق المعرفة التقنية، وفقاً لما ذكره ألكسندر رين رئيس مكتب المحاماة الدولي (ميلبانك) في أوروبا لمكافحة الاحتكار في ميونيخ.

وأضاف "تشتهر إيلموس بصناعة الرقائق لقطاع السيارات، وهي الصناعة الأساسية في ألمانيا وفخر البلاد".

مصدر قلق متزايد

تعد الرقائق مصدراً متزايداً للتوتر بين الولايات المتحدة والصين، وأعلنت واشنطن أن النقص في المواد يمثل قضية أمن قومي، وسلطت الضوء على أهمية الحفاظ على القدرة التنافسية في القدرات التكنولوجية المتقدمة.

وخلال العام الحالي، شددت الولايات المتحدة قيودها وضغطت على الحلفاء لسن قوانين خاصة بهم، وفي أغسطس (آب) الماضي أمرت الحكومة الأميركية اثنين من كبار مصنعي الرقائق وهما "إي دي أم"، و"نيفيديا" بوقف تصدير بعض الرقائق عالية الأداء إلى الصين.

وبعد شهرين، كشفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن النقاب عن ضوابط تصدير كاسحة منعت الشركات الصينية من شراء رقائق ومعدات تصنيع رقائق متقدمة من دون ترخيص.

كما قيدت القواعد قدرة المواطنين الأميركيين أو حاملي البطاقة الخضراء في الولايات المتحدة على تقديم الدعم لتطوير أو إنتاج الرقائق في بعض مرافق التصنيع بالصين.

لكن الضغط يتصاعد، ويوم الإثنين الماضي، حث الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ دول الغرب على "توخي الحرص على عدم خلق تبعيات جديدة" على الصين.

وأوضح أنه يرى "جهوداً صينية متزايدة" للسيطرة على البنية التحتية الغربية الحيوية، وسلاسل التوريد، والقطاعات الصناعية الرئيسة". وقال "لا يمكننا أن نمنح الأنظمة الاستبدادية أي فرصة لاستغلال نقاط ضعفنا وتقويضنا".

وتراجعت الصين عن التعامل مع حالتين من أشباه الموصلات الأوروبية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ "نحن نعارض بشدة تحرك المملكة المتحدة، وندعوها إلى احترام الحقوق والمصالح المشروعة للشركات الصينية وتوفير بيئة أعمال عادلة أو غير تمييزية".

وأضاف "المملكة المتحدة أفرطت في التوسع في مفهوم الأمن القومي وأساءت استخدام سلطة الدولة".

كما دعا تشاو ليغيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ألمانيا والدول الأخرى إلى "الامتناع عن تسييس التعاون الاقتصادي والتجاري الطبيعي".

وأظهرت ألمانيا تدقيقاً أكبر للمشترين الصينيين هذا العام، وخلال الشهر الماضي أثار عرض قدمته شركة الشحن الحكومية الصينية العملاقة "كوسكو" للحصول على حصة في مشغل محطة ميناء هامبورغ جدلاً مماثلاً، وتحت ضغط من بعض أعضاء الحكومة، حدد حجم الاستثمار في ما بعد.

ساحة المعركة المقبلة

يقول المحامون، إنه إذا استأنف صانعو الرقائق فقد يواجهون معركة غير مؤكدة قد تستمر لسنوات، وفي كل حالة سيحتاجون إلى تقديم طعن للمحكمة خلال شهر تقريباً من قرارات المنظمين باستثناء الظروف الاستثنائية، وفقاً لما ذكره "نورتون روز".

وأخيراً، أضافت كل من بريطانيا وألمانيا قواعد توسع رقابة الحكومة على مثل هذه القرارات، مما يجعل التنبؤ بالنتائج أكثر صعوبة.

وتشير البيانات إلى أن تغيير قواعد الاستثمار الأجنبي المباشر في ألمانيا عام 2020 يعني أن الحكومة يمكن أن تتدخل في الصفقات المحتملة إذا كان هناك إضعاف محتمل للنظام العام والأمن.

في السابق، على النقيض من ذلك، كان بإمكانها فرض قيود فقط "إذا كان هناك" تهديد حقيقي وخطير بما فيه الكفاية للنظام العام والأمن.

تقول أندريا هاميلتون، الشريك في "ميلبانك" بلندن، إن قدرة حكومة المملكة المتحدة على مراجعة الصفقات بأثر رجعي بموجب قانون المعهد الوطني للإحصاء "كانت حقاً شيئاً يعد مفاجئاً وبعيد المدى".

وأضافت "إذا تم الطعن، كما تعتزم نيكسبيريا على ما يبدو، فسوف تصبح أيضاً حالة اختبار في ما يتعلق بمدى حدود القانون".

وفي أماكن أخرى، يتحول الاهتمام إلى هولندا، حيث تواجه الحكومة حالياً ضغوطاً من الولايات المتحدة للحد من الصادرات إلى الصين، لا سيما من قبل شركة "إي أس أم أل"، وهي شركة لتصنيع معدات أشباه الموصلات التي تحتل موقعاً مهيمناً في سوق آلات الطباعة الحجرية، وفقاً لما ذكره لو من مجموعة أوراسيا.

ورداً على سؤال حول هذه القضية، قالت وزيرة التجارة الخارجية الهولندية ليسجي شرينيماخر، إن البلاد "لن تنسخ قيود الصادرات الأميركية على الصين بشكل فردي"، وأضافت "نجري تقييمنا بأنفسنا".

المزيد من تقارير