Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقييد جديد للحريات في غزة بمنع الحفلات في الأماكن العامة

يعتقد السكان بأن الهدف من القرار تحصيل ضرائب من صالات المناسبات

تقول الحكومة في غزة إنها تحاول الحفاظ على الهدوء والسكينة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

اتخذت وزارة الداخلية في قطاع غزة قراراً بمنع الحفلات في الشوارع أو الأماكن العامة، باعتبارها مصدر ضجيج يخالف القانون الفلسطيني. ويبدو أن هذا الحكم سيدخل حيز التنفيذ فعلياً هذه المرة، بعدما صدر في ثلاث مناسبات سابقة دون أي متابعة فعلية، ما أثار غضب واستياء سكان القطاع على اعتبار أن الإجراء يقضي على معظم أشكال الترفيه التي تحتاجها تلك المنطقة الكئيبة من العالم، ويعد تجاوزاً لتقاليد شعبية يمارسها كل الفلسطينيين.
وفي التفاصيل، فإن الحكومة في غزة قررت وقف جميع أشكال الضجيج، وتنفيذاً لذلك خولت وزارة الداخلية والأمن الوطني (تسيطر عليها حركة حماس)، أجهزتها الشرطية باتخاذ الإجراءات لمنع إقامة الحفلات في الأماكن العامة وحتى في شوارع الأحياء السكنية.

تقييد حرية
ويشمل المنع، جميع أشكال الحفلات بما فيها السهرات الشبابية التي تقام قبل مراسم الزفاف، وأي حفلات أو فعاليات أخرى تستخدم فيها مكبرات الصوت.
وأثار هذا القرار استياء السكان واعتبروه تقييداً لحريتهم في تنظيم حفلات أو فعاليات، بخاصة سهرات الشباب التي تنظم ضمن مراسم الزواج الشعبي الدارج في غزة، ونظروا إليه بأنه إعدام للترفيه الذي يحتاجونه، كما يتضمن قرار المنع معايير مزدوجة، إذ تسمح وزارة الداخلية لمركبات السيارات الحزبية التي تعتليها مكبرات الصوت بالتجول في الشوارع دون ضوابط.
واعتاد سكان غزة على تنظيم مناسباتهم وأفراحهم الخاصة بالشباب وحفلاتهم في الشوارع وقرب منازلهم، وهي عادة تدخل الفرحة والسرور إلى النفوس وتعد شكلاً محبباً من أشكال الترفيه، ونظراً لطبيعة العلاقات الاجتماعية المترابطة بين العائلات والمدن والمخيمات يلجأ كثيرون إلى تنظيم تلك الحفلات في الشوارع لتتسع للمدعوين، وتعد هذه الحفلات بخاصة تلك المتعلقة بالزفاف مقياساً للمكانة الاجتماعية.


مصلحة عامة

بحسب الناطق باسم وزارة الداخلية في غزة، إياد البزم فإن "هذا الإجراء جاء من أجل الحفاظ على الهدوء والسكينة وذلك تحقيقاً للمصلحة العامة في غزة"، مضيفاً أنه "ستتخذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين".

في الواقع، سبق وأن اتخذت الجهات الإدارية في غزة على مدار السنوات العشر الماضية القرار ذاته أكثر من مرة بدايةً من عام 2015، لكن لم ينفذ في أي مرة.
وتتضمن القرارات المشابهة السنوية منع إقامة جميع أنواع الحفلات أثناء تقديم تلاميذ المدارس الاختبارات النهائية، وتحديد مدة ثلاث ساعات لأي مناسبة تستخدم فيها مكبرات الصوت، إضافة إلى فرض عدم تجاوز الحفلات المسائية الساعة الـ10 ليلاً.
وكانت أجهزة الشرطة تتمكن فعلياً من تطبيق هذه القرارات، ويلتزم سكان غزة بها على اعتبار أنها جاءت لتحقيق المصالح العامة ولا تحرمهم من الترفيه، وفي المحصلة يحتفلون بمناسباتهم أو يقيمون سهراتهم للترويح عن أنفسهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


قد تكون دخلاً إضافياً

لكن هذه المرة ما أثار غضب سكان غزة، أن القرار الحكومي يمنع إقامة أي حفلات في الأماكن العامة وشوارع الأحياء بشكل نهائي، وقال أحد سكان غزة ويدعى هيثم، إن "حفلات المناسبات أو تلك الخاصة للترفيه هدفها الفرح، هذه الحفلات تقام في شوارع الأحياء بتوافق بين الجيران بخاصة إذا كانت سهرة شباب قبل مراسم الزواج، وهذه الحفلات مهمة لفرحة الناس والشعب في غزة لديه ما يكفيه من الحزن الذي يعيشه من عشرات السنين، وعلى الجهات الحكومية مراعاة ذلك".

في المقابل، يقول الناطق باسم وزارة الداخلية إياد البزم إنهم لم يمنعوا الناس من تنظيم حفلات، ولكنهم يرفضون بشكل قاطع تنظيمها في الأماكن العامة وشوارع الأحياء، لذلك وضعوا الحل بأن تكون هذه الفعاليات والأنشطة داخل قاعات بعيدة من المنازل أو في صالات مغلقة.
ويرد على ذلك المواطن سليمان بأن "حكومة غزة لن تستفد مالياً من الحفلات التي تنظم بطريقة شعبية، لكنها حتماً تفرض ضريبة على الصالات وهذا القرار هدفه زيادة الدخل للجهات الحكومية فقط، بينما نحن لا نعيش في رخاء اقتصادي".

تطبيق القانون

بالنسبة إلى حكومة غزة، فإنها تبرر اتخاذها القرار بأنه جاء بعد تلقيها شكاوى المواطنين بهذا الخصوص، وقال الناطق باسم الشرطة في غزة، أيمن البطنيجي إن "القرار جاء لحماية المواطنين، والتزاماً بالمسؤولية الاجتماعية وتحقيقاً للأمن والسكينة العامة، السهرات الشبابية والحفلات الأخرى في المناطق العامة أو شوارع الأحياء، تسبب الإزعاج للمرضى وكبار السن والأطفال"، لافتاً إلى أن "الحفلات في المناطق الرئيسة عرضت أحياناً حياة المواطنين للخطر وتحديداً عند تعذر عبور سيارات الإسعاف أو الإطفاء لتلك الشوارع".

وأكد البطنيجي أن "القرار أتى تطبيقاً للقانون وسبق وأن طبقت الحكومة إجراءات مشابهة لمكافحة الضوضاء والتلوث السمعي باستخدام مكبرات الصوت"، لافتاً إلى أن "الشرطة ستلاحق من يقومون بتأجير أجهزة الصوت والموسيقى".
وتعمل في غزة، 200 شركة في مجال تأجير مستلزمات الحفلات، سواء المسارح أو أجهزة الإضاءة والصوت وتشغل نحو 400 عامل، وبحسب أحمد التعبان، صاحب أحد المسارح، فإن الحكومة في غزة تملك بياناتهم الرسمية بالكامل.

ويقول التعبان "منع الحفلات هو بمثابة حكم بالإعدام، واتخذ القرار بشكل أحادي دون الجلوس مع أصحاب المسارح ولم تضع الداخلية بدائل، لذلك سننظم احتجاجات إذا لم يعدل هذا الإجراء".


مكبرات الصوت مسموحة لفئات معينة

من جانب آخر، قال الباحث في الشؤون الاجتماعية إياد الدريملي، إن "القانون يكفل حق المواطن بالتمتع بالسكينة وعدم الإضرار بمصالحه، والضابط العام الذي يحكم تنظيم تلك المناسبات هو عدم الوقوع في مخالفات عرفية واجتماعية وعدم إغلاق الشوارع إلا اضطراراً، لكن هنا نتحدث عن تقاليد اجتماعية اعتاد الناس اتباعها وتقاس بها المكانة الاجتماعية، لذلك على جهات إنفاذ القانون مراعاة ذلك".

 وأضاف "إذا أرادت الحكومة تطبيق ذلك وأن يتلزم السكان قرارها عليها أن تكمل إجراءاتها وتمنع دخول السيارات المحملة بأجهزة صوت ضخمة داخل الأحياء المكتظة والمزدحمة لأغراض دعائية حزبية، كما يجب أن تمنع فتح محلات ومنشآت مقلقة ومضرة بالراحة والصحة والسكينة العامة في الشوارع المكتظة وبجوار المستشفيات ودور الرعاية وداخل الأحياء التي تعد أيضاً مزعجة وسجل عديد من الشكاوى بخصوصها، فلا أحد فوق القانون".

المزيد من متابعات