Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سليم بركات ينبش ذاكرة الحي اليهودي في القامشلي

رواية حب في مدينة الأرمن واليهود والأكراد

غلاف رواية سليم بركات (المؤسسة العربية)

رواية جديدة للشاعر السوري الكردي المقيم في السويد سليم بركات بعنوان "ماذا عن السيدة اليهودية راحيل؟"، صدرت عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" (566 صفحة).  وتبدو أجواء الرواية مختلفة عن عالم بركات السردي، فوقائعها تجري في الحيِّ اليهودي في مدينة القامشلي، وتدور حول الأرمن، ومناهج الخوف، مؤطرة بحكاية حب غير مكتملة، بعد حرب 1967، في دولة كلُّها إغراءٌ بالرحيل، وإبداعٌ للشَّغف بخطط الهجرة.

لكنَّ هذا التلخيص الشديد لا يستوفي ولو لبعض الإشارات إلى البانوراما الشاسعة في الرواية عن الوضع السوري في الأيام التي تلت هزيمة حرب الأيام الستة سنة 1967، وعن الاستبداد البوليسي آنذاك الذي لم يتغير البتة في ما بعد، وعن الدور المشبوه للشعارات والاستخبارات في تسهيل هجرة اليهود من مدينة القامشلي، بتهريبهم إلى تركيا، ولبنان، ومنهما إلى قبرص حيث يتوزعون من هناك على فلسطين، وأميركا التي استقرَّ الكثير منهم في حي بروكلين النيويوركي.

وقدم الرواية قصة غرام فتى مراهق بفتاة من الحي اليهودي، ثم تنمو في السياق خطوط كثيرة عن الأكراد، والأرمن، وأيام الحرب، وثرثرات المراهقين المغرمين بالسينما.

هنا مقطع من الرواية: "لا كتبَ عندنا بالعبرية. لا أكتب رسائل إلى أمي بالعبرية ليجدها أحد. ليس عندنا بالعبرية إلاَّ التوراة في البيت"، ردت لينا. "نحن أيضاً ليس عندنا شيء مكتوب بالكردية، يا لينا"، قال كيهات. أشار إلى عنقه بأصابعه كأنه يقطعه: "قد نذبح". "ألا تعرف الكتابة بالكردية؟"، سألته لينا. "لا كتابة بالكردية. لا قراءة بالكردية. لا كلام بالكردية في غرف المدرسة. لا أكْلَ باللغة الكردية"، رد كيهات. هأْهأَت لينا مستظرفة: "لا أكل بالكردية؟ بأية لغة تأكل؟ "بأسنان اللغة العربية"، رد كيهات.

استطالت ابتسامة لينا على شفتيها الرقيقتين. سألتْه: كيف تُكتب اللغة الكردية؟ "لا أعرف. من اليمين إلى اليسار. من اليسار إلى اليمين. من الشمال إلى الجنوب"، رد كيهات مبتسماً. "العبرية كالعربية، يا كيهات. من اليمين إلى اليسار"، قالت لينا. "سأعلمك كتابة اسمك بالعبرية". "لا"، تمتم كيهات متهيباً أن يحضر إلى خياله ظلال حروف وضعتها حروب العقل، في دولته، على سويَّة من غدر الشر بالتاريخ. تدريس اللغة العبرية مباح في الجامعة، لكن على غاية من مبدأ "اعْرفْ عدوَّك"، وليس من مبدأ تباهي العقل بمعرفة لغة من تصاميم المعرفة. كيهات يحْذر ـ من انتصار التلقين على أي اختيار ذاتي فيه ـ أن يقترب من المحذورات. "لا"، قال للينا ـ أميرة قلبه السرية. لن يقول لها "لا" قط في أي شيء آخر.

  

المزيد من ثقافة