Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحيل فريدرك بروكس قائد ثورة هندسة الكمبيوتر

يعد تصميم نظام 360 البذرة التي نشأت منها أنظمة تشغيل "ويندوز" و"أبل" و"أندرويد"

فريدريك بروكس (يوتيوب)

توفي صبيحة، الخميس 24 نوفمبر (تشرين الثاني) فريدريك فيليبس بروكس جونيور، الذي ساعد عمله المبتكر في تصميم الكمبيوتر وهندسة البرمجيات في تشكيل المشهد الحالي لعلوم الكمبيوتر.

أكد ابنه رودجر رحيل والده عن عمر 91 عاماً في منزله في نورث كارولاينا، بعد تدهور حالته الصحية لفترة طويلة منذ تعرضه لجلطة دماغية قبل سنتين.

شمل عمل الدكتور بروكس مجالات واسعة تضمنت إنشاء قسم علوم الكمبيوتر في جامعة نورث كارولاينا وقيادة أبحاث مؤثرة في الغرافيك والواقع الافتراضي.

لكنه اشتهر بكونه أحد القادة التقنيين لمشروع كمبيوتر 360 الذي أطلقته شركة "آي بي أم" في ستينيات القرن الماضي. تقول صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه كان مشروعاً شديد الطموح في وقت كانت شركات منافسة أصغر مثل "بوروز" و"يونيفاك" و"أن سي آر" تحقق بعض النجاحات. وصفت مجلة "فورتشون" المشروع بأنه "رهان بقيمة خمسة مليارات دولار".

كانت "أجهزة 360" هي العائلة الأولى من الكمبيوترات المصممة لتلبية كل من التطبيقات التجارية والعلمية ولتغطية مجموعة كاملة من التطبيقات الصغيرة والكبيرة. تمكن النظام من التمييز بين التصميم والتنفيذ، ما سمح لشركة "آي بي أم" بإصدار مجموعة من التصاميم المتوافقة بأسعار مختلفة.

لغاية صدور "أجهزة 360"، كان لكل نموذج من أجهزة الكمبيوتر تصميم خاص به، ما جعل المهندسين بحاجة إلى تعديل برامجهم لتكون متوافقة مع كل جهاز جديد تحمل عليه.

لكن "آي بي أم" وعدت بأنها ستنهي هذا الجهد المكلف والمستهلك للوقت باتباع نهج مدعوم من قبل الدكتور بروكس، وهو نجم شاب صاعد في مجال الهندسة في الشركة، وبضعة من زملائه. في أبريل (نيسان) عام 1964 أعلنت الشركة عن "نظام 360" كعائلة مكونة من ستة أجهزة كمبيوتر متوافقة. يمكن تشغيل البرامج الموضوعة لأي جهاز من هذه الأجهزة الستة على بقية الكمبيوترات، من دون الحاجة إلى إعادة صياغة البرامج.

تم شرح التصميم المشترك بين عديد من الأجهزة، الذي وصف بأنه "ثورة قادها بروكس في هندسة الكمبيوتر"، في بحث كتبه الدكتور بروكس وزميلاه جين أمدال وجيريت بلاو بعنوان "هندسة نظام أي بي أم 360".

لكن كانت هناك مشكلة أمام الشركة، إذ إن البرمجيات اللازمة للوفاء بوعدها بجعل التوافق عبر الأجهزة والقدرة على تشغيل برامج متعددة في وقت واحد ممكناً، لم تكن جاهزة. أثبتت التجربة العملية أنها كانت تحدياً أصعب مما كان متوقعاً. غالباً ما يوصف برنامج نظام التشغيل بأنه نظام القيادة والتحكم بالكمبيوتر. كان نظام 360 البذرة التي نشأت منها أنظمة تشغيل "ويندوز" من "مايكروسوفت"، و"آي أو أس" من "أبل"، و"أندرويد" من "غوغل".

عندما أعلنت "آي بي أم" عن "نظام 360"، لم يكن الدكتور بروكس قد تجاوز الـ33 من عمره واختار التوجه نحو الدراسات الأكاديمية. كان قد وافق على العودة إلى مكان نشأته في ولاية نورث كارولاينا، وإنشاء قسم علوم الكمبيوتر في جامعة تشابل هيل، لكن رئيس شركة "آي بي أم"، طلب منه البقاء لمدة عام آخر لمعالجة مشكلات البرمجيات التي تواجهها الشركة.

وافق الدكتور بروكس على ذلك، وتمكن في النهاية من حل مشكلات نظام تشغيل 360. وحقق مشروع 360 نجاحاً هائلاً، ما عزز هيمنة الشركة على سوق الكمبيوتر في الثمانينيات.

يقول أرفيند كريشنا عالم كمبيوتر والرئيس التنفيذي لشركة "آي بي أم" "كان فريد بروكس عالماً لامعاً وغير الحوسبة... نحن مدينون له على مساهماته الرائدة في الصناعة".

بعد قيام بروكس بتأسيس قسم علوم الكمبيوتر بجامعة نورث كارولاينا، شغل منصب عميدها لمدة 20 عاماً.

دروس صعبة

استفاد الدكتور بروكس من الدروس الصعبة التي تعلمها أثناء تعامله مع نظام تشغيل 360، لتكون العنصر الأساس لكتابه "جهود المبرمج الأسطورية: مقالات حول هندسة البرمجيات" الذي طبع لأول مرة سنة 1975، وسرعان ما تحول إلى عمل كلاسيكي تباع أعداد كبيرة من نسخه عاماً تلو الآخر، ويشير إليه العلماء على أنه الكتاب المقدس في عالم الكمبيوتر.

كان أكثر مبادئه شهرة هو ما سماه قانون بروكس "إشراك مزيد من العاملين في مشروع برمجي متأخر يجعله أكثر تأخراً". اعترف الدكتور بروكس ذات مرة بأنه كان "يبسط الأمور بشدة بشكل شائن"، لكنه كان يبالغ من أجل توضيح فكرة ما.

أشار إلى أن إعادة التفكير في الأشياء تكون عادة نهجاً أذكى من إشراك مزيد من الأشخاص. وفي هندسة البرمجيات التي تنطوي على جوانب فنية وإبداعية، فإن العاملين على مشروع ما ليسوا قوى عاملة يمكن استبدالها.

لكن بعض مطوري البرامج يقولون، إن قانون بروكس لم يعد سارياً في عصر الإنترنت، إذ تجند المشاريع البرمجية الكبيرة مفتوحة المصدر، وتسمى هكذا لأن الرمز الأساسي "للمصدر" يكون متاحاً أمام الجميع، جيوشاً من المهندسين المتصلين بالإنترنت لاكتشاف العيوب في الرمز وتقديم اقتراحات لإصلاحها. على كل، فحتى المشروعات مفتوحة المصدر تتحكم بها عادة مجموعة صغيرة من الأفراد، فريق يتمتع بخبرة الاختصاص أكثر من معرفة الجموع.

كان فريدريك فيليبس بروكس جونيور المولود في 19 أبريل (نيسان) عام 1931 في دورهام بنورث كارولاينا، الأكبر بين ثلاثة أبناء لطبيب وربة منزل.

نشأ في منطقة غرينفيل ودرس الفيزياء في جامعة ديوك قبل أن يتخرج في جامعة هارفرد. لم تكن هناك أقسام لعلوم الكمبيوتر آنذاك، لكن أقسام الفيزياء والرياضيات والهندسة كانت تستخدم أجهزة الكمبيوتر للبحث.

حصل بروكس على درجة الدكتوراه في الرياضيات التطبيقية عام 1956، كان المشرف على رسالته هوارد أيكن، عالم فيزياء ورائد في الكمبيوتر. وكان مدرساً مساعداً لـكينيث إيفرسون، أحد أوائل مصممي لغات البرمجة.

كان اعتماد الأوساط الصناعية وكذلك الأكاديمية على أجهزة الكمبيوتر يزداد. عمل الدكتور بروكس خلال الصيف على مشاريع لصالح شركات مثل "ماراثون أويل النفطية" و"نورث أميركا للطيران" ومختبرات "بيل للاتصالات".

تعرف على نانسي غرينوود التي ستصبح زوجته، في جامعة هارفرد حيث حصلت على درجة الماجستير في الفيزياء. تزوجا بعد يومين من حفل التخرج الذي أقامته الجامعة. بعد ذلك، قبلا وظائف للعمل معاً في "آي بي أم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نزعة دينية

خلال سنوات عمله في "آي بي أم"، أصبح الدكتور بروكس "مسيحياً مقتنعاً وملتزماً"، بحسب تعبير ابنه، بعد حضوره جلسات لدراسة الكتاب المقدس كان يقدمها زميله ومصمم الكمبيوتر دكتور بلاو. يتذكر الدكتور بروكس في مقابلة مع متحف تاريخ الكمبيوتر "أدركت أن الصعوبات الفكرية التي كنت أواجهها كعالم مسيحي كانت ثانوية". كان يقدم دروساً يوم الأحد لأكثر من 50 عاماً في إحدى كنائس تشابل هيل وعمل رئيساً ومستشاراً لهيئة التدريس في مجموعات الدراسة والزمالة المسيحية في الجامعة.

إضافة إلى ابنه رودجر، ما زال على قيد الحياة من عائلة الدكتور بروكس: زوجته، وشقيقه جون، وابنه كينيث وابنته باربارا وتسعة أحفاد واثنان من أبناء الأحفاد.

حصل الدكتور بروكس على جوائز عديدة تقديراً لإنجازاته، بما فيها الميدالية الوطنية للتكنولوجيا والابتكار عام 1985، وجائزة تورينغ التي تعادل جائزة نوبل في مجال علوم الكمبيوتر سنة 1999.

رغم إنجازاته الكبيرة في تصميم الكمبيوتر وهندسة البرمجيات، توجه دكتور بروكس خلال السنوات التي قضاها في نورث كارولاينا أيضاً إلى غرافيك الكمبيوتر والواقع الافتراضي، حيث رأى أنه مجال ناشئ ومهم. قاد الجهود البحثية التي يقول الخبراء إنها تضمنت تقنيات عرض سريع وواقعي للصور وتطبيقات لدراسة الجزيئات في علم الأحياء. وكان تأثير عمله في غرافيك الكمبيوتر هائلاً وسابقاً لعصره.

قال هنري فوكس أستاذ بجامعة نورث كارولاينا وزميل لدكتور بروكس لفترة طويلة، إن هناك تيمة مشتركة في جميع أعمال بروكس على الرغم من أنها امتدت لتشمل مجموعة من الاهتمامات. سواء أكان يصمم عائلة جديدة من أجهزة الكمبيوتر المستخدمة في جميع أنحاء الاقتصاد أو يساعد علماء الأحياء على استكشاف الجزيئات لتطوير عقاقير جديدة، رأى الدكتور بروكس دور علماء الكمبيوتر كـ"صانعي أدوات". وأوضح فوكس "كان فريدريك يرى أن علماء الكمبيوتر هم أساساً صناع أدوات تساعد الآخرين على أداء وظائفهم بشكل أفضل".

سواء كنت تقرأ هذه المادة على جهاز الكمبيوتر الخاص بك أو هاتفك الذكي الذي يستخدم نظام "آي أو أس" أو "أندرويد"، تذكر أن الفضل يعود إلى هذا الرجل في تطوير أنظمة التشغيل التي نعرفها حالياً وتعد الوسيط الرئيس أو الجسر بيننا وبين أجهزة باتت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات