Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تأثرت مدخرات الأميركيين برفع الفائدة 6 مرات في 2022؟

قدمت البنوك التجارية أسعاراً أقل لا تتوافق مع حجم الزيادات التي أقرها الاحتياطي الفيدرالي

مبنى بنك الاحتياطي الفديرالي الأميركي في مانهاتن بولاية نيويورك (رويترز)

في وقت بدأ فيه الحديث عن قرب إنهاء وتيرة رفع أسعار الفائدة في السوق الأميركية، تخلفت البنوك التجارية الأميركية عن رفع معدلات الفائدة على ودائع المدخرين بوتيرة تتوافق مع عمليات رفع الفائدة الأساسية من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وكشفت دراسة حديثة صادرة عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) في نيويورك، أن معدلات الفائدة على الودائع المصرفية فشلت لفترة طويلة في اللحاق بالتغيرات في معدلات الفائدة قصيرة الأجل، التي يحددها البنك المركزي.

وأشارت الدراسة إلى أنه في الدورة الحالية من الرفع السريع لمعدلات الفائدة قصيرة الأجل، من المرجح أن تتسع الفجوة بين هدف الفائدة قصير الأجل وما ترغب البنوك في دفعه مقابل الودائع. وذكرت الدراسة أن "ودائع المدخرين في الولايات المتحدة زادت بشكل كبير كمصدر لتمويل القطاع المصرفي، لكن أحد أسباب امتناع البنوك عن رفع معدلات الفائدة على الودائع يتمثل في أن لديها ودائع أكثر مما تحتاج إليه بالفعل، بالتالي فهي على استعداد للسماح للمودعين بالسعي إلى لحصول على معدلات فائدة أعلى في بنوك أخرى".

ورفع "مجلس الاحتياطي الفيدرالي" معدلات الفائدة قصيرة الأجل من مستوى قرب الصفر في مارس (آذار) الماضي إلى نطاق 3.75 في المئة و4 في المئة، وسط توقعات باستمرار رفعها لمستوى قرب 5 في المئة في بداية العام المقبل. وبلغ متوسط معدل الفائدة على حساب الادخار على الصعيد الوطني الأميركي نحو 0.18 في المئة، حتى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.

أسعار الفائدة الأميركية تسجل مستويات قياسية

وبدأت رحلة الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة في مارس الماضي، مع وصول التضخم إلى مستويات قياسية، وبدء تبني سياسات نقدية أكثر تشدداً لمواجهته. وغالباً ما تلجأ البنوك المركزية إلى رفع أسعار الفائدة وتشديد الإقراض في وقت التضخم المرتفع، من أجل سحب السيولة من الأسواق، بما يدعم السيطرة على الأسعار.
ورفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لأول مرة في نحو 4 سنوات خلال مارس 2022 بنسبة 0.25 في المئة، وتبعها زيادة بنسبة 0.5 في المئة خلال اجتماع مايو (أيار) الماضي، ثم زادها بنسبة 0.75 في المئة خلال اجتماع يونيو (حزيران) الماضي.

وفي يوليو (تموز) 2022، قرر البنك المركزي الأميركي رفع أسعار الفائدة بنسبة 0.75 في المئة، كما قرر زيادتها بنفس النسبة خلال اجتماع سبتمبر (أيلول). واتخذ قرار الرفع الأخير، وهو السادس من نوعه، في اجتماع جرى في أول نوفمبر الحالي، حين قرر البنك المركزي الأميركي رفع أسعار الفائدة بنسبة 0.75 في المئة.
وخلال الاجتماع الحالي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، أجمع غالبية صناع السياسة النقدية، على إمكانية إبطاء وتيرة زيادة أسعار الفائدة "قريباً"، وفقاً لما أظهره محضر اجتماع لجنة السوق المفتوحة. وإثر اجتماع عقد في الأول والثاني من نوفمبر الحالي، رأت غالبية كبيرة من مسؤولي "الفيدرالي" أنه "سيكون من المناسب قريباً إبطاء وتيرة زيادات أسعار الفائدة". ويدعم ذلك التوجه احتمال قيام البنك المركزي بخفض الفائدة بنحو 50 نقطة أساس في اجتماعه المرتقب في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

الديون تقفز وخسائر كبيرة تواجه "المركزي الأميركي"

في المقابل، كشف تقرير سابق لـ"المركزي الأميركي"، أن ديون الأسر الأميركية ارتفعت إلى مستوى قياسي بلغ 16.15 تريليون دولار في الربع الثاني من العام الحالي، مدفوعة في أغلبها بقفزة قدرها 207 مليارات دولار في القروض العقارية، بينما زاد المستهلكون الاقتراض للتعامل مع تضخم متسارع. وبحسب التقرير، الصادر عن فرع مجلس الاحتياطي الاتحادي في نيويورك، زادت الديون العقارية إلى 11.39 تريليون دولار في نهاية يونيو الماضي. وكشف عن أن إجمالي ديون الأسر الأميركية الآن مرتفع بأكثر من تريليوني دولار عما كان عليه في الربع الرابع من عام 2019، قبيل بدء الجائحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على صعيد خسائر الاحتياطي الفيدرالي من موجة رفع أسعار الفائدة، فخلال الفترة من نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وحتى نهاية مايو 2022، خسر الاحتياطي الفيدرالي نحو 540 مليار دولار من القيمة السوقية لمحفظته من الأوراق المالية.

وفي ضوء الارتفاعات المتتالية لأسعار الفائدة الأميركية، يرجح أن يؤثر ذلك سلباً على المركز المالي للاحتياطي الفيدرالي، وهو ما يظهر بشكل واضح في 5 أزمات متوقعة. فمن المرجح انخفاض قيمة محفظة الأوراق المالية، حيث تتأثر القيمة السوقية لمحفظة الاحتياطي الفيدرالي من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري تبعاً للتغيرات في أسعار الفائدة بطريقة عكسية، بما يعني أن ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية يؤدي إلى تراجع القيمة السوقية للمحفظة.

تقليص الميزانية العمومية المتضخمة

كما انخفضت إيرادات الفوائد من الأوراق المالية، إذ تزامن ارتفاع أسعار الفائدة مع تقليص الاحتياطي الفيدرالي حجم الميزانية العمومية المتضخمة بالأوراق المالية، حيث بدأ بخفض حيازته منها بمقدار 95 مليار دولار شهرياً بدءاً من سبتمبر 2022، مما يزيد من تراجع إيرادات الفائدة التي يحصل عليها الفيدرالي من محفظة الأوراق المالية نتيجة لتراجع حجمها، وهو ما يسهم بشكل غير مباشر في ارتفاع خسائر "الفيدرالي". وتشير التوقعات إلى تراجع حجم محفظة الأوراق المالية التي يمتلكها الفيدرالي إلى 6.3 تريليون دولار في عام 2024، مقارنة بنحو 8.3 تريليون دولار في الثاني من نوفمبر الحالي.

كما تقود السياسة المالية المتشددة إلى ارتفاع الخسائر غير المحققة، حيث يتبع الاحتياطي الفيدرالي قواعده المحاسبية الخاصة، حيث يعتبر أي مكاسب أو خسائر، غير محققة، إلى حين بيع الأوراق المالية. وتسبب ارتفاع أسعار الفائدة في تحول محفظة الأوراق المالية الخاصة بالفيدرالي إلى وضع خسارة غير محققة، وصلت إلى 330 مليار دولار، أو نحو 4 في المئة من القيمة الاسمية للمحفظة، وذلك بنهاية الربع الأول من العام الحالي، بينما بلغت مكاسب المحفظة غير المحققة نحو 400 مليار دولار في عام 2020، ونحو 128 مليار دولار في عام 2021. ومع الارتفاع في أسعار الفائدة، من المتوقع أن ترتفع الخسائر غير المحققة لتبلغ نحو 670 مليار دولار، أو نحو 8 في المئة من القيمة الاسمية للمحفظة، وذلك بحلول نهاية عام 2022، ثم تنخفض تلك الخسائر تدريجاً.

ومن المرجح أيضاً ارتفاع الخسائر التشغيلية. وتشير البيانات إلى أن الخسائر التشغيلية للاحتياطي الفيدرالي ارتفعت، أخيراً، لأن مدفوعات الفائدة على التزامات الاحتياطي الفيدرالي ومنها اتفاقيات إعادة الشراء العكسي، واحتياطيات البنوك، أصبحت تتجاوز إيرادات الفائدة من محفظة الأوراق المالية التي يمتلكها، التي تبلغ نحو 8.3 تريليون دولار. ويتوقع بنك "باركليز"، أن تصل الخسائر التي يحققها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي نتيجة تجاوز مدفوعات الفائدة لإيراداتها، إلى 60 مليار دولار في 2023، و15 مليار دولار في 2024.