Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

يوم إعلان الميزانية في البرلمان البريطاني يشبه أيام المناسبات في المدرسة

إنه شعور غريب، أن تدرك أنه سيتعين عليك تنفيذ كل ما تم الإعلان عنه في الجزء الخاص بك من الميزانية ولا سبيل لتغيير ذاك

فترة الإعداد التي تسبق الإعلان عن الميزانية هي فترة استنزاف وتوتر شديد (رويترز)

إن أيام مناقشة البيانات المالية في البرلمان البريطاني هي أيام طريفة بعض الشيء، خصوصاً إذا كنتم لا تعملون في وزارة الخزانة. إذ يبدو اليوم وكأنه يوم مدرسي بلباس حرّ ومن دون الحاجة لارتداء الزي الرسمي. فأنتم موجودون هناك وتواصلون عملكم اليومي ولكن كل شيء يبدو مختلفاً قليلاً. ففي هذه الأيام التي تكون فيها الأنظار مسلطة على وزارة الخزانة، يتسنى للكثيرين ممن يعملون في الوظائف الحكومية وقف العمل ومتابعة البيان الذي يتلوه وزير الخزانة، تماماً كما يفعل المعلقون والصحافيون العاديون.

إنه شعور غريب، فعليكم أن تبدأوا في تطبيق ما يتم الإعلان عنه في الشق من الميزانية المتعلق بالإدارة التي تعملون بها وليس شيء آخر يمكنكم القيام به حيال ذلك. فعليكم أن تقوموا ببعض الاتصالات بعد نشر البيان لمحاولة استيضاح ما جاء فيه، لتصحيح ما فهمه بعض الصحافيين خطأ، أو أن تتقبلوا التهاني من البعض أو تسعون لتهدئة المتأثرين جراء ما سمعوه من قرارات في البيان.

عادة ما تتوافر لديكم بعض المعلومات عما ستحمله الميزانية وكيف ستؤثر في إدارتكم الحكومية، ولكن إلى حد كبير قد تكونون في ذلك اليوم مثلكم مثل غيركم، تنتظرون ببساطة التبعات الكاملة التي ستلحق بكم، كما تمضون الوقت في محاولة فهم ماذا تعني الميزانية بشكل عام وكيف ستؤثر في الحكومة وعملها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وزير الخزانة عادة ما يقف بشكل استعراضي مع صندوقه الأحمر (أو الملف في حالة وزير الخزانة الحالي) خارج رقم 11 داونينغ ستريت [مقر وزير الخزانة]، قبل أن يتجه إلى مجلس العموم لتلاوة بيان الميزانية الذي يتم وسط صمت كامل من النواب ــ وربما ذلك سببه وحي أهمية المناسبة. لكن عملية الإعداد لذلك الحدث أمر متعب وشاق يؤدي إلى استنزافنا جميعاً.

لذلك كله ربما، إن الإعلان عن برامج الميزانية معرض للوقوع بأخطاء. ولكن ذلك لا يحدث دوماً كما حدث مع وزير الخزانة السابق المزاجي كوازي كوارتنغ، الذي أدلى ببيان ميزانيته الأول والأخير، لكن هناك دوماً أمور عالقة، ومشكلات، وانتقادات للبيان. أي حكومة قد تتمنى أن تتركز التغطية الإعلامية على مسألة مثل فرض الضرائب على "طلبيات الطعام الجاهزة للأكل خارج المطعم" pasty tax [في إشارة إلى جدل وقع عام 2012 حين اقترح وزير الخزانة فرض الضريبة المضافة على هذه المأكولات]، بدلاً من أن تتركز التغطيات على وقوع أزمة اقتصادية حادة [كما حدث مع ميزانية كوارتنغ] ــ ولكن دائماً ما يشهد هذا الحدث تداعيات بسبب ما تتضمنه الميزانية.

إن الفترة التي تسبق الإعلان عن الميزانية هي فترة توتر شديدة. ويتخللها كثير من المشاحنات التي تدور على هامش الإعلان، والأرقام، والجدال، بالإضافة إلى التعليقات غير المجدية التي تظهر في الصحف. إنها معجزة أن يصدر في نهاية العملية شيء متكامل ومفهوم. إن وزير الخزانة في هذه الأثناء، قد يضطر إلى التعاطي مع عدد مختلف من القرارات ولوائح المدفوعات، على أمل أن ينجح في موازنة الأولويات التي تجعل من يوم الإعلان عن الميزانية نهاراً ناجحاً.

إن لقرارات الوزير هذه تداعيات تحدد الواقع الحقيقي الذي سنواجهه مستقبلاً. ولذلك عادة ما يكون وزير الخزانة البريطاني إلى جانب رئيس الوزراء أهم شخصية في الحكومة. وحتى عندما تكون الخيارات كافة أمامنا سيئة، وعندما تكون لدى الجميع مشكلة ما في أقسامهم الإدارية. فما هي الخطوة الأخلاقية التي علينا استخدامها كي ننجح في التوفير في المصاريف العامة؟ وأي حسابات سياسية يمكننا أن نقيمها عندما نقرر من سيتحمل عبء كلفة القرار المتخذ؟

لذلك إنه من المهم لبقية أعضاء الحكومة أن يثقوا بأن وزير الخزانة هو شخصية يمكنهم التعامل معها، على المستوى الشخصي بالإضافة إلى المستوى المهني. في حالات كثيرة، أن تكون لديك علاقة تسودها الصعوبات مع صاحب هذا المنصب الرسمي الكبير هو أسوأ من أن تختلف حتى مع رئيس الحكومة نفسه. إذ لا يمكنك انجاز الكثير في الحكومة إن كنت على خلاف مع وزير الخزانة.

مهما كان رأيكم حول ما تم الإعلان عنه من إجراءات في الميزانية البريطانية الجديدة، لا يمكننا أن ننفي أن شخصية تتمتع بنزاهة تعمل على اتخاذ قرارات صعبة والتي لا يمكن اقناع الجماهير بها بسهولة.

© The Independent

المزيد من آراء