Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فشل قمة المناخ "كوب 27" يقوض جهود الأمم المتحدة بأكملها

تحليل: إلى متى تنوي الدول مواصلة الارتباط بهذا الفشل الذريع في معالجة تغير المناخ؟

النتيجة الرئيسة التي خرجت بها القمة كانت الفشل الذريع في إيجاد وسيلة للاتفاق على تخفيض غازات الدفيئة (أ ف ب/ غيتي)

تم عقد 27 قمة سنوية للأمم المتحدة لمعالجة تغير المناخ المعروفة بـ"مؤتمر الأطراف" حتى الآن، لكن وعلى رغم ذلك فإن الـ 200 دولة تقريباً الممثلة في هذا اللقاء الدولي لم تستطع الاتفاق على أن العالم بحاجة إلى التخلص التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إنه سجل سيئ على نحو صاعق، وهو ما يجعل مسار قمم المناخ برمته بعيداً من تحقيق أي نوع من إنجازات التعاون الدولي، لا بل على العكس فقد بات أرشيفاً - يحظى بتغطية إعلامية واسعة - يوثق بالتفصيل عقوداً من الفشل البشري في معالجة أكبر تهديد للحياة على كوكبنا.

وفي وقت حمل مؤتمر هذه السنة في مدينة شرم الشيخ المصرية، بعض علامات التفاؤل - التي تمثلت في اتفاق بين الدول الغنية على تقديم مساعدات مالية للدول الفقيرة التي سبق أن تحملت وطأة هذا الانهيار المناخي - إلا أن النتيجة الرئيسة للقمة التي استمرت أسبوعين، كانت فشلاً ذريعاً في بلورة طريقة للاتفاق بشكل فعلي وحاسم على تخفيض غازات الدفيئة التي تسهم في تغير المناخ، من خلال التسبب بالمشكلة المتفاقمة للاحتباس الحراري التي يعانيها كوكبنا.

ما حصل أن الدول المنتجة للنفط والبلدان المسؤولة عن انبعاثات مرتفعة من غازات الدفيئة، أضعفت الالتزامات أو اعترضت عليها بشكل كامل، ليس فقط تلك المتعلقة بوضع حد لاستخدام الوقود الأحفوري وهو الأمر الذي نحتاج إليه بشكل عاجل، بل حتى فكرة التخلص التدريجي من هذا الوقود الملوث على الإطلاق.

 

إن هذا الواقع لم يجعل تلك الدول والحكومات عديمة الضمير تفلت من مسؤولياتها فحسب، بل أيضاً قذفت بقضية المناخ بعيداً نحو المجهول، لتختفي وسط وميض ضباب الحرارة. أما الجواب على السؤال: ما هي النتيجة الواضحة لنحو ثلاثة عقود زمنية من المفاوضات الدولية؟ فهو أن الانبعاثات الحرارية العالمية بلغت مستوى قياسياً ومعدلاتها ما زالت تواصل الارتفاع.

ما جرى في الواقع أنه لم يتم التعامل مع المشكلة الأساسية. فبعد التفاؤل الذي بثته "القمة الـ 21 لتغير المناخ" (كوب 21) Cop21 في باريس عام 2015 التي تعهد خلالها مندوبو الدول بخفض الانبعاثات من أجل الحفاظ على درجات حرارة عالمية في حدود 1.5 مئوية فوق عتبة حقبة ما قبل عصر الصناعة، لم يتوقف هذا الزخم فحسب، بل بدأ يتراجع إلى الخلف.

فالحكومات هي في وضع يفوق قدراتها ومفقود الأمل منها لجهة معالجة مسألة اعتمادها على الوقود الأحفوري، كما أن وقت استحقاق أهدافها الذي يلوح في الأفق لجهة الانبعاثات الحرارية الصفرية ما زال بعيد المنال. ولا توجد في الحقيقة اقتصادات رائدة، بدأت حتى في اعتماد المستوى العالي من إعادة التقويم الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة.

وفي تعليق على ما خرجت به قمة المناخ، وصفت مجموعة "أصدقاء الأرض" Friends of the Earth  (التي تضم منظمات مدافعة عن البيئة في 73 دولة) النتيجة بأنها "كارثية"، فيما أعربت مجموعة  "أوكسفام" Oxfam (التي تضم 21 منظمة خيرية تعنى بالتخفيف من الفقر) عن "قلق بالغ" في شأن فشل دول العالم في الاتفاق على تخفيضات للوقود الأحفوري، ورأى "حزب الخضر" في المملكة المتحدة أن المفاوضات "تخلفت خطوة إلى الوراء".

أما بوب وورد من "معهد غرانثام" Grantham Institute (يتبع لـ"جامعة إمبريال كوليدج لندن" ويعنى بتغير المناخ والبيئة)، فاعتبر أن النتيجة التي خرجت بها القمة في ما يتعلق بالانبعاثات الحرارية، جاءت " مخيبة للآمال بشكل كبير".

إن هذه القائمة الدامغة من الإخفاقات ومحطات عدم الكفاءة، تنذر في الوقت الراهن بتقويض جهود مؤتمرات المناخ تقويضاً كاملاً. والسؤال: هل ترغب الحكومات في مواصلة التصاقها بهذا المستوى الهائل من الفشل؟ فبدلاً من لجوء قادة الدول المتحمسين إلى إظهار القوة من أجل مستقبل جنسنا البشري، كان الحضور الأكثر حماسة لجماعات الضغط العاملة في مجال الوقود الأحفوري التي وصلت بأعداد قياسية إلى المؤتمر، من أجل الإبقاء على منتجاتها السامة ومواصلة دفعها قدماً.

في غضون ذلك، كان على بعض قادة الدول - وفي مقدمتهم رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك - أن يبذلوا جهداً كبيراً لمجرد الحضور فقط! وليس مفاجئاً أنه لم يتم إحراز سوى تقدم ضئيل في مثل هذه الظروف.

إن التعاون الدولي بين نحو 200 دولة من دول العالم، هو بطبيعته شأن غريب يصعب التعامل معه، لذا ينبغي ألا نتفاجأ بأن التقدم الذي تم إحرازه في بعض الأعوام هو أقل من أعوام أخرى. لكن من الواضح تماماً أن قرابة 30 عاماً من المفاوضات لم تُجدِ نفعاً.

من المؤكد أن جوهر المسألة الذي تمتلك فيه حفنة من الحكومات المعتمدة على النفط كثيراً من القوة لإحباط نجاح المشروع، بات الآن يتطلب إعادة النظر فيه.

قمة الأمم المتحدة للمناخ "كوب 28"، ستعقد في مدينة دبي حيث تم اكتشاف النفط للمرة الأولى قبل 56 عاماً، تحديداً عام 1966. ومنذ ذلك الحين أصبحت من أغنى مدن الشرق الأوسط.

لكن كم هو مرجح أن يوافق البشر أخيراً على إنهاء هذا التدافع على جني أموال الوقود الأحفوري؟ لا شك في أنه من دون اتخاذ القمة الأكبر للمناخ في العالم إجراءات جذرية من تلقاء نفسها، فستواصل طريقها نحو تعزيز فكرة عدم أهميتها.

© The Independent

المزيد من تحلیل