حذر اقتصاديون من أن ملايين الأشخاص في بريطانيا سيضطرون إلى الاعتماد على المعونات والمساعدات خلال السنوات المقبلة، فيما تثقل آثار الركود كاهلهم.
ومن المتوقع أن يحتاج مليون شخص إضافي إلى معونات الصحة والإعاقة بحلول عام 2026، في حين أن 2.3 مليون أسرة، أي ما يوازي خمس الأسر الأكثر فقراً غير المؤهلة لتلقي المعونات، تواجه "تحدياً ضخماً" من دون قدرتها على الحصول على دعم حكومي إضافي كان أعلنه وزير الخزانة جيريمي هانت في بيان الخريف المالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واستطراداً قالت "مؤسسة جوزيف راونتري" The Joseph Rowntree Foundation [مؤسسة خيرية تجري وتمول الأبحاث الهادفة إلى حل مشكلة الفقر في المملكة المتحدة] إن كثيراً من الناس لن يكونوا قادرين على مواجهة الزيادات في ضرائب المجلس البلدي [Council Tax] والغذاء والإيجار خلال هذا العام وما بعده، مضيفة أن الحكومة "يجب أن تضمن تقديم مساعدة إلى كل من يحتاج إليها في هذا الشتاء".
وبطريقة موازية توقع "مكتب مسؤولية الموازنة" Office for Budget Responsibility (OBR) زيادة بنسبة 13.4 في المئة في الإنفاق على الصحة والإعاقة خلال عام 2026، وهو ما سيكلف الحكومة 7.5 مليار جنيه استرليني (9 مليارات دولار أميركي). وأضاف أن الارتفاع في عدد المطالبات [المقدمة للحصول على معونات] وطولها يمكن أن يكون سببه المرض النفسي وكورونا الطويل الأمد.
وفي ذلك الإطار أوضح توم ووترز، كبير الباحثين الاقتصاديين في معهد الدراسات المالية Institute for Fiscal Studies، أن هذا الميل المتنامي يهدد بممارسة ضغوط خطرة على المالية العامة.
وقال لـ "اندبندنت"، "لا نعرف حقاً لماذا يسعى مزيد من الأشخاص إلى الحصول على هذه المعونات، فقد يكون بسبب آثار كورونا طويل الأمد، وعلى المدى الأبعد سيزيد عدد أولئك الذين يطالبون بمعونات لغايات تتعلق بالصحة النفسية، وإذاً قد تكون هذه هي الأسباب الأساس وراء زيادة المطالبات".
وتابع السيد ووترز أن الحكومة الائتلافية التي كانت في السلطة منذ عام 2010 حاولت حل المشكلة من طريق استبدال المعونات المعيشية لذوي الإعاقة بمخصصات الاستقلالية الشخصية (PIP) في محاولة لخفض 20 في المئة من الإنفاق، بيد أن الخطة جاءت بنتائج عكسية مما أدى إلى ارتفاع الإنفاق. وأضاف: "يبدو أن الحكومة رأت هذه المرة الفاتورة المتزايدة لذوي الإعاقة واختارت عدم القيام بأي شيء، لا بل سمحت بارتفاع الإنفاق أكثر فأكثر بدلاً من وضع سقف له".
وفي الواقع تضررت القوى العاملة في المملكة المتحدة بشدة من فيروس كورونا، مع استمرار انخفاض المشاركة في العمل بمقدار 396 ألفاً اعتباراً من سبتمبر (أيلول) 2022 مقارنة بشهر فبراير (شباط) 2020. ويعزى ذلك إلى حد كبير إلى العمال الأكبر سناً، وازدياد حالات التقاعد الباكر وارتفاع معدل المشكلات الصحية بين أفراد هذه المجموعة.
وفي سياق متصل، حذرت المؤسسة البحثية "ريزوليوشن فاونديشن" Resolution Foundation [تُعنى بتحسين مستوى معيشة الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط]، من أن عدداً كبيراً من الأسر ذات الدخل المتوسط قد يكتسب حديثاً الحق في الحصول على معونات نتيجة التراجع بنسبة سبعة في المئة في الدخل الشخصي والركود الحالي، وكذلك حذرت من أن العمال يعيشون جموداً في الأجور منذ عقدين وهو ما يعادل 15 ألف جنيه استرليني في السنة.
وقالت المؤسسة "تواجه الأسرة النموذجية تراجعاً دائماً في الدخل بنسبة 3.7 في المئة بسبب تلك الإجراءات، وهو المعدل نفسه للخمس الأغنى من الأسر، وأكبر من التراجع في الدخل المقدر بثلاثة في المئة الذي سيواجهه الخمس الأغنى من الأسر".
ومن بين النتائج الأخرى المترتبة على الركود زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون الفقر الغذائي، وفي ذلك السياق قالت ريبيكا ماكدونالد، كبيرة خبراء الاقتصاد في مؤسسة "جوزيف راونتري"، إنه على رغم أن مساعدات كلف المعيشة التي تدفعها الحكومة لمرة واحدة قد تساعد بعضاً من أفقر الناس، فأولئك الذين حرموا هذه الفرصة بالتحديد سيتضررون بشدة.
وتضيف ماكدونالد "سيحمل هذا الشتاء وما بعده عقبات مخيفة من ناحية توفير الضروريات، ويبدو أن الزيادات في ضريبة المجلس البلدي والغذاء والإيجارات ستكون جميعها أموراً من الصعب على كثيرين تجاوزها، ففي وقت لاقت خطوة رفع سقف المعونات ترحيباً في شهر أبريل (نيسان) المقبل، والتي جاءت نتيجة الإقرار بالضغوط التي يواجهها الأشخاص ذوو الدخل المنخفض، لكن استمرار تجميد [بدل السكن المحلي] LHA سيؤثر بشدة في المستأجرين من القطاع الخاص.
وتابعت، "يجب أن تضمن الحكومة مساعدة كل من يحتاج إليها هذا الشتاء، وأن تسد العجز الملحّ في مثل هذه الأوقات الصعبة تاريخياً".
وفي المقابل قال بيتر كيلي، مدير منظمة "بوفرتي ألاينس" Poverty Alliance، إن الحكومة تغاضت عن قضايا الصحة والإعاقة، بما في ذلك التأخيرات في "خدمات الصحة الوطنية" NHS التي تحرم الناس تلقي العلاج.
وأوضح السيد كيلي أن "اقتصادنا غير العادل لا يوفر للناس عملاً من النوع الآمن والمناسب الذي يحتاجون إليه، وهناك أشخاص كثيرون لا يستطيعون زيادة ساعات عملهم ببساطة بسبب ضعف وسائل النقل أو مشكلات الصحة والإعاقة أو التزامات الرعاية أو عدم توافر رعاية أطفال ميسورة الكلفة".
وأضاف، "لن يتم إصلاح هذا الوضع من خلال مقابلة في مكتب التوظيف وسنعارض بشدة أي تمديد لنظام العقوبات المخزي، فهو لا يؤدي سوى إلى مزيد من الفقر ولا يفعل شيئاً لمساعدة الناس في الحصول على عمل".
كذلك أشارت جمعية بنك الطعام الخيرية "تراسل تراست" Trussell Trust إلى أنها ستضطر إلى توزيع ما معدله 7 آلاف سلة غذائية إضافية يومياً على مدى الأشهر الستة المقبلة، إذ إن الأمة تعاني ركوداً مؤلماً، وهو أمر يبدو أنه سيؤدي إلى انخفاض بنسبة 1.4 في المئة في الاقتصاد خلال عام 2023.
وقالت إيما ريفي، الرئيسة التنفيذية لجمعية "تراسل تراست"، "إن ارتفاع الكلف والانخفاض التاريخي لمستويات الضمان الاجتماعي يعني أنه على رغم الدعم المقدم حتى الآن، فإن على آلاف الأشخاص أن يتعايشوا مع غياب الأساسيات".
وختمت ريفي أنه "في ظل دفع بنوك الطعام إلى حافة الانهيار يجب على الحكومة النظر بشكل عاجل في كيفية سد الفجوة بين مساعدات كلف المعيشة لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) ورفع مستوى المعونات في شهر أبريل".
© The Independent