Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمات القطاع المالي العالمي تحل على "دويتشه بنك"... خسائر ضخمة وتسريح آلاف الوظائف

المدير المالي للمصرف الألماني: نتوقع استمرار الخسائر مع بدء تنفيذ خطط إعادة الهيكلة

أطلقت تقارير ودراسات عديدة تحذيرات سابقة من أن النظام المالي العالمي يقف على أعتاب العديد من الأزمات، وجاءت الأحداث الأخيرة التي يواجهها المصرف الألماني "دويتشه بنك" لتؤكد أن الأزمة بدأت بالفعل وأن مستقبلاً غامضاً ينتظر القطاع المالي العالمي خلال العام الحالي.

وأعلن مصرف "دويتشه بنك" الألماني عزمه شطب 18 ألف وظيفة بدوام كامل، مؤكدا إقرار برنامج شامل لإعادة الهيكلة حتى العام 2022، بتكلفة إجمالية تبلغ نحو 7.4 مليار يورو (8.3 مليار دولار).

وذكرت وكالة أنباء "بلومبيرغ" أن خفض قوة العمل في البنك بهذا الحجم ستتم بحلول عام 2022.

وبحسب وكالة "د.ب.أ."، أعرب بيتر التماير، وزير الاقتصاد الألماني، عن تفاؤله حيال نجاح إعادة هيكلة مصرف "دويتشه بنك"، أكبر بنك تجاري في ألمانيا.

وبدأ "دويتشه بنك" تنفيذ واحدة من أكبر عمليات الإصلاح في البنوك الاستثمارية منذ توابع الأزمة المالية العالمية، والتي تتضمن خفض 18 ألف وظيفة عالمياً، باستبعاد أطقم كاملة من عملياته في آسيا، وهو ما دفع أسهم البنك الألماني للارتفاع في التعاملات قبل فتح السوق اليوم الاثنين.

وأعلن البنك أن اتجاهه إلى خفض الوظائف يأتي في إطار خطة إعادة هيكلة ستصل تكلفتها في النهاية إلى 7.4 مليار يورو (8.3 مليار دولار)، وستشهد تراجعا عن عمل استمر لسنوات استهدف جعل البنك الاستثماري قوة كبيرة في "وول ستريت".

ما هي نقاط الضعف التي تهدد الاستقرار المالي العالمي؟

وحسب تقرير الاستقرار المالي العالمي، الذي صدر أخيراً، فإن ثمة مخاطر تهدد الاستقرار المالي العالمي، مشيراً إلى مجموعة من نقاط الضعف في النظام المالي، حتى يتمكن صناع السياسة من رصد تلك الثغرات في الوقت المناسب واتخاذ خطوات وقائية عند الضرورة لتخفيف المخاطر.

في الاقتصادات المتقدمة، فقد تزايدت ديون الشركات والإقبال على المخاطرة، كما تدهورت الجدارة الائتمانية للمقترضين. كما ارتفع حجم السندات ذات التصنيف الائتماني "BBB" بنحو 4 أمثال، وتضاعف تقريباً حجم الديون ذات الدرجة الائتمانية غير الاستثمارية "الخردة" في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو منذ الأزمة.

ومن الممكن أن يجعل التشديد الحاد للظروف المالية أو الاتجاه الاقتصادي الهبوطي الشديد من الصعب على الشركات المثقلة بالديون أن تسدد قروضها وقد تجبرهم على خفض الاستثمار أو العمالة.

ويُعد ما يسمى بقروض الرافعة المالية بالنسبة إلى المقترضين المثقلين بالديون بشكل مرتفع مصدراً خاصاً للقلق.

ولفت التقرير إلى أن التحديات المالية في بعض دول منطقة اليورو يمكن أن تدفع عوائد السندات للارتفاع بشكل حاد، ما قد يتسبب في خسائر كبيرة بالنسبة إلى البنوك التي تمتلك حيازات كبيرة من الديون الحكومية، ويمكن أن تواجه شركات التأمين خسائر كذلك.

وكانت هذه الديناميكية، والمعروفة باسم "رابطة القطاع المالي السيادي"، جوهر أزمة منطقة اليورو عام 2011.

ومع ذلك، فإنه يوجد لدى المصارف معدلات رأسمالية أعلى اليوم، وقد اتّخذ صناع السياسة خطوات لمعالجة القروض المتعثرة في ميزانيات البنوك.

كما يؤدي تراجع الأرباح ومستويات رأس المال المنخفضة لدى البنوك الصغيرة والمتوسطة الحجم في الصين إلى تقييد الائتمان لشركات القطاع الخاص الأصغر.

ومن المحتمل أن يؤدي المزيد من الدعم النقدي والائتماني إلى زيادة مخاطر الاستقرار المالي، حيث أن النمو المستمر في الائتمان يجعل من الصعب على البنوك الأصغر معالجة عجز ميزانياتها العمومية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالنسبة إلى الأسواق الناشئة، فإنه وعلى نحو متزايد يتم إدارة استثمارات المحافِظ الخارجية في الأسواق الناشئة بواسطة مديرين يسعون إلى تحقيق عوائد مماثلة للمؤشرات الشهيرة.

وتزايدت قيمة الاستثمارات ذات الدخل الثابت، والتي تتبع مؤشرات رئيسة، بنحو 4 أمثال في العشر سنوات الماضية لتصل إلى 800 مليار دولار.

وفي الوقت الذي توسّعت فيه الصناديق التي تحركها المؤشرات في حجم الاستثمارات في اقتصاديات الأسواق الناشئة، فإن ذلك يجعلها أكثر عرضة للانعكاسات المفاجئة للتدفقات الرأسمالية استجابة للاتجاهات العالمية.

البنك يتخلى عن أنشطته في قطاع الأسهم العالمية

وفي إطار خطة الإصلاح، سيتخلى "دويتشه بنك" عن أنشطته للأسهم العالمية وسيقلص بعض العمليات في خدمات الدخل الثابت، وهو مجال اُعتيد اعتباره إحدى أكبر نقاط قوته.

ووفقاً لوكالة "رويترز"، قال المدير المالي لـ"دويتشه بنك"، إن البنك يستهدف الوصول لمستوى التعادل أو تحقيق أرباح في 2020، لكن هناك ضبابية كبيرة حول هذا التوقع.

وكان البنك قد قال بالفعل إنه يتوقع أن يتكبد خسارة هذا العام نتيجة لبرنامجه لإعادة الهيكلة الذي أعلنه أمس الأحد.

وبحسب بيانات تعاملات ما قبل فتح السوق من شركة الوساطة "لانج آند شفارتس"، أفادت مؤشرات مالية بأن أسهم "دويتشه بنك" ستفتح مرتفعة 5.2%.

ولم يعطِ المصرف الألماني تفصيلاً جغرافيا لخفض الوظائف، لكن من المتوقع على نطاق واسع أن تكون الغالبية العظمى في أوروبا والولايات المتحدة.

وعلى الرغم من ذلك، بدأ الخفض العالمي اليوم الاثنين بخفض وظائف في سيدني وهونج كونج ومناطق أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادي.

خسائر كبيرة تواجه المصرف الألماني في الربع الثاني من 2019

وأشارت توقعات سابقة لـ"دويتشه بنك"، إلى تسجيل خسائر كبيرة في الربع الثاني من العام الحالي متأثرا ببرنامج إعادة الهيكلة، إذ توقعت أرقام أولية أن يسجل في الفترة بين أبريل (نيسان) حتى يونيو (حزيران) الماضيين خسارة بقيمة نحو 500 مليون يورو (605 ملايين دولار) قبل احتساب الضرائب (خسارة تشغيل)، وبقيمة 2.8 مليار يورو (3.388 مليار دولار) بعد احتسابها، وتشمل هذه الخسائر الأعباء الناجمة عن إعادة الهيكلة.

وفي حال عدم احتساب أعباء إعادة الهيكلة، يتوقع البنك تحقيق أرباح بقيمة نحو 400 مليون يورو (484 مليون دولار) قبل احتساب الضرائب، وبقيمة 120 مليون يورو (145.2 مليون دولار) بعد احتسابها.

وسيعلن البنك النتائج الأولية للربع الثاني في الـ24 من الشهر الحالي كما هو مخطط له. وأعلن البنك برنامجا لتخفيض التكاليف يهدف من خلاله إلى تخفيض تكاليفه إلى 17 مليار يورو (20.57 مليار دولار) في عام 2022.

وكان عدد الموظفين العاملين في البنك بدوام كامل قد بلغ بحلول نهاية مارس (آذار) الماضي نحو 91 ألفا و500 موظف في جميع أنحاء العالم، منهم أكثر من 41 ألفا و500 موظف في ألمانيا.

وحقق المصرف العام الماضي أول أرباح له منذ العام 2014، غير أن نتائج الربع الأول أظهرت مدى توتر الوضع، إذ بلغت أرباح البنك في الأشهر الثلاثة الأولى 201 مليون يورو (243.2 مليون دولار).

خطط المواجهة تبدأ من هنا

تقرير الاستقرار المالي أشار إلى أن هناك عدة حلول لمواجهة الأزمات التي تهدّد القطاع المالي على مستوى العالم، والتي تبدأ بما يسمى بأدوات الاحتياط الكلي، والتي يمكن أن تعمل على إبطاء نمو الائتمان وتجعل النظام المالي أكثر مرونة.

كما يمكن للدول التي لديها ديون شركات مرتفعة أن تقوم بتطوير أدوات للحدّ من مخاطر الائتمان للشركات، وبخاصة الائتمان المقدم من المقرضين من غير المصرفيين.

و في منطقة اليورو يمثل خفض معدل الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي بين الحكومات المثقلة بالديون أولوية للحد من المخاطر. وكذلك الأمر في إصلاح الميزانيات العمومية البنوك، بما في ذلك عن طريق تقليص القروض المتعثرة.

فيما تحتاج الصين إلى الاستمرار في تقليص الرافعة المالية في القطاع المالي، وبخاصة في الظل المصرفي، إضافة إلى ضمان أن المقرضين يوفرون مصدّات حماية لرأس المال. ويجب على السلطات كذلك إجراء إصلاحات ملحوظة لمعالجة المخاطر في الأصول الاستثمارية.

ويمكن أن تقوم اقتصادات الأسواق الناشئة التي تواجه تدفقات رأس المال المتقلبة، بالحدّ من الاعتماد على الديون الخارجية قصيرة الأجل وتعزيز احتياطيات كافية من العملات الأجنبية والحماية المالية. كما يمكن للدول أيضاً استخدام أسعار صرف مرنة من أجل امتصاص الصدمات.

وفي بعض الظروف، يمكن للدول ذات الاقتصادات القوية والتضخم عند أو أعلى من المستهدف أن تنظر كذلك في استخدام السياسة النقدية من أجل "السير ضد التيار". ومع المزيج الصحيح من السياسات يمكن للدول أن تبقى اقتصاداتها قوية مع الحدّ من المخاطر على الاستقرار المالي.

المزيد من اقتصاد