Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بهدف تطويق التوتر... إيران تناور الثلاثي الأوروبي بزيادة تخصيب اليورانيوم

مساع ألمانية فرنسية... وباريس تحذر من إضعاف الاتّفاق النووي

قررت إيران رفع مستوى تخصيب اليورانيوم عن معدل 3.67%، الذي حدّده لها اتفاقها النووي للعام 2015 مع القوى الكبرى. وقد أعلن ذلك نائب وزير الخارجية، عبّاس عراقجي، الأحد في مؤتمر صحافي، وقال إن "طهران ستواصل خفض التزامها بالاتفاق كل 60 يوما، لكنها لا تزال ترغب في إنقاذ الصفقة"، مشدداً على أن الدبلوماسية لا تزال خياراً لحكومته شرط رفع العقوبات، وألقى باللوم على الدول الأوروبية لفشلها في الوفاء بوعودها.

وفي المقابل، أكد متحدث باسم "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" التابعة للأمم المتحدة، أن "مفتشيها سيعودون إلى مقرهم بمجرد التحقق من التطور المعلن".

ردّ على العقوبات

القرار الإيراني الذي مهّد له الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الأربعاء الماضي، وعلي أكبر ولايتي، كبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي قبل يومين، يأتي رداً على العقوبات الأميركية التي استهدفت بشكل ملحوظ إيرادات طهران الخارجية الرئيسة، ولا سيّما منها صادرات النفط الخام. وهذه الخطوة ستزيد التوتر بين البلدين، والذي بدأ العام الماضي، عندما خرج الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق بين إيران والقوى الست، وأعاد فرض العقوبات التي تم رفعها بموجب الاتفاق في مقابل وقف طهران أنشطتها النووية الحساسة.

خرق محدود

وفيما يُعد الإعلان الإيراني خرقاً جديداً للاتفاق النووي، يحرص مسؤولوها على نفي أي نية لصنع أسلحة نووية. ويرى عبد الرسول دوكاهكي، القنصل العام لإيران في دبي، أن لبلاده الحق في تخصيب اليورانيوم وهي تلتزم الاتفاق النووي الموقع في العام 2015. وقال لـ "اندبندنت عربية" إن "طهران لم تخرق حدود التخصيب المسموح بها وفق الاتفاق، وأن التخصيب لا يزال ضمن المستويات المتفق عليها"، واستبعد في المقابل أن يتخذ الاتحاد الأوروبي موقفاً متشدداً تجاه طهران أسوة بالتشدّد الذي تبديه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب. 

وينصّ الاتفاق على أنه يمكن لإيران تخصيب اليورانيوم حتى معدل 3.67% من المواد الانشطارية، وهو مستوى أقل بكثير من عتبة 20%، التي وصلت إليها قبل الصفقة، علماً بأن المعدل المطلوب لصنع سلاح نووي هو في حدود 90%. وقال "عراقجي"، في مؤتمره الصحافي، إن "زيادة التخصيب ستبدأ في غضون ساعات قليلة، لتأمين الوقود لمحطة بوشهر للطاقة". أما المتحدث باسم "منظمة الطاقة الذرية الإيرانية"، بهروز كمال فندي، فأكد أن إيران لن تنتج الوقود لمفاعلها في طهران، الذي يتطلب تركيزاً بمعدل 20%، وقال "سنخصّب اليورانيوم بناءً على احتياجاتنا. وفي الوقت الحالي لسنا بحاجة إلى تخصيب اليورانيوم لمفاعل طهران".

"الوكالة الذرية" 

البعثة الأميركية لدى "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" طلبت عقد اجتماع خاص لمجلس محافظي الوكالة المؤلف من 35 دولة لمناقشة الموضوع الإيراني. وتوقعت أوساطها عقد الاجتماع الأربعاء. ولفت رياض قهوجي، رئيس مركز الشرق الأوسط والخليج للتحليل العسكري (إنيغما)، في هذا الإطار إلى أن "الوكالة الذرية" هي مَن يحدد ما إذا كانت إيران قد تجاوزت معدلات التخصيب المسموح بها، وأن جميع الأطراف الضالعة في الاتفاق تنتظر تقريرها. وعن الهدف من الإعلان الإيراني، رأى أنه "للضغط على الطرف الأوروبي وعلى شركاء إيران في الاتفاق النووي. فهو بمثابة آلية تهدّد عبرها طهران بالانسحاب تدريجياً من الاتفاق النووي"، وأشار إلى أن "انسحابها من أي اتفاق مبرم من شأنه أن يقرّب الموقف الأوروبي من الموقف الأميركي المتشدد، ويصعّد الأزمة الحاصلة".

مناورة طهران

وترى أوساط أوروبية معنية بالموضوع أن "التدابير التي أعلنها الإيرانيون تجعلهم ينتهكون التزاماتهم، لكنها لا تشير إلى معاودة البرنامج النووي العسكري. فالمقصود من الخطوة تحريك المياه وترك المجال للمبادرات السياسية والحوار"، وتضيف تلك الأوساط أن "مناورة طهران هي دعوة للشركاء في الاتفاق، ولا سيما منهم الأوروبيون، إلى التحرك"، واعتبروا أن الغاية هي الضغط على الأطراف التي ما زالت ضمن الاتفاق النووي، خصوصاً بعد  احتجاز بريطانيا وسلطات جبل طارق ناقلة نفط إيرانية اشتُبه في نقلها نفطاً إلى سوريا، في انتهاك للعقوبات الأوروبية.

مسعى فرنسي

وقد اتّصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، بنظيره الإيراني حسن روحاني وأبلغه "قلقه الشديد من خطر إضعاف بلاده الاتفاق النووي والعواقب التي ستتبعه بالتأكيد"، حسبما أعلن قصر الإليزيه. وفي المحادثة الهاتفية أكد ماكرون أنه "سيعمل في فترة لا تتعدى الـ 15 من يوليو (تموز) الحالي على تهيئة الظروف لمعاودة الحوار مع جميع الأطراف". وأوضح بيان الرئاسة الفرنسية أن "باريس ستقوم بمشاورات مع السلطات الإيرانية والشركاء الدوليين المعنيين، لتطويق التوتر الذي قد ينتج عن تصعيد الملف النووي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 هل تشكّل هذه المباحثات مخرجاً للأزمة؟ يجيب المحلل قهوجي بأن "طهران غير مهتمة بأي مفاوضات لا تقودها إلى مبتغاها. فهي تبحث عن نظام اقتصادي أو مالي يمكّنها من بيع نفطها وتنشيط تجارتها مع الدول الأوروبية بعيداً عن العقوبات الأميركية، أو رفع العقوبات الأميركية كليا. وبالتالي، لا أتصوّر أن النظام الإيراني مهتم بأي بديل آخر في هذا الوقت". ​

قلق ألماني

وتربط طهران التزامها بالاتفاق النووي بأن تضمن الدول الموقّعة، ولا سيما منها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، استفادتها مالياً من الاتفاق، وهو الدافع الرئيس لتوقيعها عليه. وفي أول ردة فعل من برلين، أعلن راينر بريول، المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، أن حكومته "تشعر كما الشركاء في الاتفاق وفي الاتحاد الأوروبي، بأشدّ درجات القلق إزاء إعلان إيران". ودعا طهران إلى التوقف عن اتخاذ أي خطوات لا تتفق مع التزاماتها بموجب "خطة العمل المشتركة الشاملة". وكان قد أكد أن بلاده تعمل على إنشاء قناة تجارية خاصة بين إيران والمصدّرين الأوروبيين. وشدد على أن الصناعة الأوروبية لديها اهتمام كبير بالنظام الذي يتم إدخاله عبر الإنترنت، ما يضمن استمرار التجارة بين أعضاء الاتحاد الأوروبي وإيران على رغم العقوبات الأميركية الصارمة.

آلية "إنستكس"

وتقوم آلية "إنستكس" (أداة دعم التبادلات التجارية) التي أنشأتها فرنسا وبريطانيا وألمانيا، على مبدأ تجارة المقايضة، وتتجنّب التحويلات المالية المباشرة عن طريق موازنة الأرصدة بين المستوردين والمصدّرين. لكن الأوروبيين لا يستطيعون القيام بالكثير، فالآلية التي تحاول فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا إحياءها تعاني ركوداً خصوصاً أن مواردها المالية قليلة، والأنشطة تتعلق فقط بالأدوية والمواد الغذائية، وليست سوى تعبير عن حسن النية.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد