Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غابريال يمين: القدر خط طريقي بين التمثيل والإخراج

كتب وترجم أعمالا عالمية كثيرة والمسرحي ريمون جبارة والده الروحي 

الممثل والمخرج غابريال يمين في دور تلفزيوني (صفحة الممثل - فيسبوك)

غابريال يمين مخرج وكاتب وممثل ومؤلف موسيقي وأستاذ جامعي وصاحب رصيد فني كبير في السينما والمسرح والتلفزيون. وقف على 86 خشبة مسرح لبناني وعربي وعالمي إلى جانب مشاركته ككاتب ومخرج، في مجموعة كبيرة من الأعمال المسرحية في لبنان، كما قدم ترجمات كثيرة لأعمال مسرحية عالمية. أحدث مسرحية له هي "رحيل" التي يقدمها على خشبة مسرح المدينة، وهي من اقتباسه وإخراجه.

واكب خلال مسيرته المسرحية أهم المبدعين المسرحيين وفي مقدمتهم الراحل ريمون جبارة، الذي يعتبره والده الفني والروحي الذي أعطاه كل شيء. أحب الموسيقى والسينما لكن الظروف عاكسته عندما اختار له القدر طريقاً فنياً آخر، وهو سلم نفسه له بكل رحابة صدر. حلمه بالموسيقى لم يتحقق بسبب إصابته بـ"نشاف" في الأذن، أما حلمه بالسينما العالمية فكاد يصبح حقيقة لو لم تقف تأشيرة السفر عثرة في دربه وتحول بينهما.

بين الموسيقى والسينما والمسرح

 

لا يفرق يمين بين كونه مخرجاً وكاتباً وممثلاً وموسيقياً وأستاذاً جامعياً بل هو يعتبر أنه فنان وكل هذه المجالات تتكامل بعضها مع بعض وتشكل حياته. أما مساره الفني فكان ميسراً وسهلاً، إذ يقول "أنا من الفنانين القلائل الذين انطلقوا في هذه المسيرة في وقت مبكر جداً ولم أكن أتوقع ذلك على الإطلاق. في الأساس، قررت دخول الجامعة من أجل دراسة الموسيقى والسينما، إلا أنني اكتشفت أن هذين الاختصاصين لا يدرسان فيها، فأجبرت على دراسة المسرح وأكملت فيه، لكن بيني وبين نفسي لم أكن أرغب في هذا الاختصاص، لأنني كنت أحب السينما والموسيقى ولكن إصابتي بنشاف في الأذن حالت دون أن أستمر في مجال الموسيقى مع أنني أحمل شهادة الدراسات العليا في الموسيقى".

 

وعما إذا كان هذا الأمر خدمه في مرحلة لاحقة، يوضح "من يقل إن مجالاً معيناً قد خدمه فيجب أن يكون قد وضع هدفاً، وأنا لم أفعل ذلك، بل إن الظروف كانت تسير من تلقاء نفسها وأنا ممتن كثيراً. ولو عاد بي الزمن إلى الوراء لكنت مشيت على الخطى نفسها وتركت الأمر للظروف لكي تحدد لي مساري وأكمل إلى الأمام. أنا أقول بيني وبين نفسي إن كل ما يحدث معي لا بد من أن يخدمني سواء أكان جيداً أم سيئاً. هكذا أفكر وهكذا أؤمن". وفي المقابل ينفي أن يكون قد شعر مع الوقت أن حبه للمسرح يفوق حبه للموسيقى، ويضيف "الفن مرتبط بعضه ببعض، ولكن طريقة التعبير هي التي تختلف سواء بآلة موسيقية أو بنص مسرحي أو بطريقة تمثيل. التصنيفات لا تهمني، بل ما يهمني هو أن أفكر بطريقة فنية وأن أحلم بطريقة فنية وأن أخلق بطريقة فنية في أي مجال. ولكنني أتمنى لو أنني أجيد فن الرسم أو الرقص مع أنني رقصت. حبي لمجال فني معين لا يفوق حبي لمجال فني آخر، وحبي للمسرح لا يفوق حبي للموسيقى ولا حبي للموسيقى يتغلب على حبي للمسرح، وربما هذا الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى الآخرين. أنا أحب أن أخلق وأن أفكر وأن أحس، ومن يطلبني للغناء أبذل كل جهدي، والأمر نفسه عندما أطلب للتأليف الموسيقي سواء على المسرح أو بعيداً منه".

يمين الذي خاض تجارب مسرحية عالمية يؤكد أنها أعطته الكثير، ويشرح "أنا بدأت من لبنان وكانت لدي فكرة معينة عن المسرح، كيف يحضر وكيف يقدم وكيف يصل إلى الناس ضمن النطاق الضيق، لكوني أعيش في لبنان، لكن في الخارج اكتشفت أشياء كثيرة عن حقيقة المسرح وكيف يتعامل معه المخرج والكاتب والممثل، لكي يصل إلى شريحة معينة من الناس. فالمسرح لا يصل عند العرب بالطريقة نفسها التي يصل فيها عند الأوروبيين والأميركيين، بسبب اختلاف الفضاءات. ولقد اختبرت هذه الأشياء وتعلمتها، وهي ساعدتني كثيراً ووسعت أفق تفكيري حول المسرح العالمي، لكي أتعلم كيفية التعامل معه وإحضاره إلى لبنان وتكييفه، كي لا يصل إلى الناس بطريقة "ثقيلة الدم"، فلا تكون النظرة إليه ثقافية بل اجتماعية وبإحساس كبير. كل هذه الخبرة التي اكتسبتها من مسارح كثيرة في لبنان والعالم، ساعدتني في فهم الكثير من الأمور، وربما كنت محظوظاً أكثر من غيري من هذه الناحية". هل هذا يعني أن المسرح الذي يقدمه الآخرون "ثقيل الدم"؟ يرد بالنفي ويوضح "عند ترجمة مسرحية عالمية لشكسبير أو سوفوكليس وعرضها أمام الجمهور اللبناني فإنه يشعر أنها "ثقيلة الدم"، ومن خلال خبرتي في المسرح العالمي اكتشفت أنه يمكن تبسيطها وجعلها أكثر قرباً من الناس لكي يفهموها على طريقتهم". 

 حضور ريمون جبارة

 

غبريال يمين الذي عاصر المخرج ريمون جبارة تحدث عن أهميته في حياته الفنية، قائلاً "هناك شخصان أنجباني هما والدي البيولوجي وريمون جبارة الذي تعلمت منه كل شيء. مسرحه مرتبط ارتباطاً عضويا وجذرياً بالحياة، ولو أنه لم يرافقني في حياتي ولم أتمكن من وضع رأسي على كتفه ومن سماعه وهو يتكلم، ومشاهدته وهو يمشي، لما كنت تمكنت من إعطاء كل ما أعطيه للمسرح ولطلابي. لقد اكتشفت أن الحياة تعلم المسرح وأن المسرح يعلم الحياة، وقد يجد الناس صعوبة في فهم ما أقوله، ولكنه كلام حقيقي وصحيح". أما عن الدور الذي لعبه جبارة في توجهه نحو الإخراج، فيقول "أنا لم أفكر في هذا الموضوع خلال عملي معه ومساعدتي له في الإخراج، لكونه كان يعاني إعاقة جسدية، ثم أكملت. ولكنني لم أخطط أبداً لهذا الأمر".

ولأنه على ما يبدو لم يخطط لشيء في حياته الفنية إلا للسينما فإنه يوضح "أنا خططت للسينما كما يفعل سائر الشباب الذين يخططون في سن معينة لدراسة اختصاص معين، ولكن في مرحلة لاحقة شعرت "أن الله أمسك بيدي وقال لي خذ". أنا أترك كل شيء للمشيئة الإلهية، ولا أعرف إلى أين يمكن أن أصل بعد فترة، وربما أبتعد عن الفن وأفتح محلاً لبيع المناقيش، وأنا سأرضى ولن أعترض أبداً. أنا شخص ممتن وقناعتي الداخلية كبيرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سينمائياً، يضم رصيد يمين 60 فيلماً قصيراً بعضها أنيمايشين أو "تحريك"، وبعضها الآخر وثائقي، إضافة إلى مجموعة من الأفلام الطويلة، وآخر أفلامه "أصحاب ولا أعز" الذي يعرض على "نتفليكس" الذي شارك فيه كتابة. أما تمثيلاً فشارك في فيلم "بروكن كيز" لجيمي كيروز و"غود مورنينغ" لبهيج حجيج، كما انتهى من تصوير فيلم "هردبشت". وهو يرى أن صناع السينما يشكرون على مبادراتهم ضمن الإمكانات المتاحة وأنه يبذل قصارى جهده لمساعدة من يقدمون سينما جدية.

دور سينمائي عالمي

 

وعن خيبة الأمل التي عاشها بسبب حرمانه من دور سينمائي عالمي كان يفترض أن يصوره تحت إدارة مخرجة عالمية كان يحلم بالعمل معها، وعدم قدرته على تحقيقه بسبب عدم حصوله على تأشيرة سفر، يرد يمين "بصراحة، أنا لم أسع يوماً للعمل على نطاق عالمي سينمائياً، بل كنت أترك كل شيء للمشيئة الإلهية إلى أن جاءت الفرصة قبل مدة، ولكن على ما يبدو -وربانياً أيضاً- لم يشأ الله أن أشارك في هذا العمل. وما حصل لم يشكل لي خيبة أمل ولم يزعجني على الإطلاق، بل أنا عاتب لأنه قيل لي (لو كنت أوروبياً ولم تكن لبنانياً لكانت تيسرت أمورك بسهولة)، وهذه العبارة آذتني كثيراً لأن لا مانع لدي بأن أكون لبنانياً. صحيح أنها كانت فرصة ولكنها (خسارة بخسارة)، لا أنكر أن الفيلم عالمي ومهم ولكن المكسب الوحيد منه معنوي فقط، لأنني أعمل في لبنان وأشعر براحة أكبر من مشاركتي في ذاك الفيلم العالمي".

تلفزيونياً، لا ينكر يمين أنه يدين لشخصية "صابر" لأنها السبب في اكتسابه جماهيرية عريضة كما يقول، ولكنه يعقب "صحيح أن هذه الشخصية عرفت الناس عليَّ على نطاق واسع، ولكنهم كانوا "يبهدلوني" لطبيعة الدور، عندما كنت أسير في الشارع. أنا عملت لسنوات طويلة في التلفزيون ثم ابتعدت عنه بسبب انشغالي بالمسرح ثم عدت إليه مجدداً. أنا أسعى إلى العمل في المسرح أكثر من التلفزيون، وفي حال تلقيت عرضين في وقت واحد الأول تلفزيوني والثاني مسرحي فلا شك أنني سأختار المسرح".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة