Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لتحقيق النمو الاقتصادي في بريطانيا ينبغي إعادة النظر في بريكست

افتتاحية: هل من قبيل المبالغة أن نأمل في إصلاح على الأقل لبريكست بحلول ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين بعد ضياع عقد آخر في وهم اقتصادي؟

"من المؤكد أن الرأي العام يتحرك في اتجاه إصلاح بريكست" (رويترز)

تشكل مقولة "ألم الآن وألم لاحقاً" ملخصاً معقولاً لبيان الخريف الذي أعلنه وزير المالية. ذلك أن العديد من التخفيضات التي خطط لها جيريمي هانت في الإنفاق العام "مؤخرة" (إذا استعملنا المصطلح)، ستدخل حيز التنفيذ بالقرب من نهاية "أفق التوقعات"، التي يصادف حلولها بعد الانتخابات العامة المقبلة– لحسن حظ المحافظين.

بيد أن الزيادات الضريبية وبعض الضغوط المفروضة على القطاع العام ستكون مؤلمة على مدى الأشهر القليلة المقبلة. ستُخفض حزمة الدعم المخصصة لأسعار الطاقة بعد الربيع المقبل. وسيضيف برنامج بنك إنجلترا الذي يقضي بفرض زيادات حادة في معدلات الفائدة إلى تكاليف الرهن العقاري والشركات وعلى نحو غير مباشر الإيجارات.

هذا تحول هائل في وقت قصير كهذا. قبل أقل من شهرين، قدم كواسي كوارتنغ ميزانية مصغرة تشمل تخفيضات ضريبية وحزمة دعم لأسعار الطاقة بلغت 72 مليار جنيه إسترليني (86 مليار دولار)، من دون أي تخفيضات في الإنفاق العام. والآن يقترح خليفته تشديد المالية العامة بما يعادل 55 مليار جنيه– تشمل نحو 30 مليار جنيه من التخفيضات في الإنفاق ونحو 25 مليار جنيه من الزيادات الضريبية على مدى السنوات الخمس المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كانت تخفيضات السيد كوارتنغ الضريبية الأكبر من نوعها منذ عام 1972؛ قد يكون تشديد السيد هانت المالية العامة الأكبر في العصر الحديث. ولعل "التحول" من التوسع إلى الانكماش بما يتجاوز 100 مليار جنيه في غضون سبعة أسابيع هو الأسرع والأضخم في التاريخ.

ماذا يعني ذلك؟ إن التوقعات بالنسبة إلى الأسر قاتمة، وتبينها بضعة أرقام أساسية من أحدث توقعات تصدر عن مكتب مسؤولية الميزانية. ستظل مستويات معيشة الشعب البريطاني نهاية عام 2024، مثلاً، أدنى منها قبل الجائحة. ولن يعود الناتج إلى مستواه الذي كان عليه نهاية عام 2019 حتى عام 2027.

وستهبط أسعار المساكن بنحو تسعة في المئة بين الفصل الرابع من عام 2022 والفصل الثالث من عام 2024، "تدفعها إلى حد كبير معدلات أعلى كثيراً للرهن العقاري فضلاً عن الانكماش الاقتصادي الأوسع نطاقاً".

من السهل أن تجعل أحداث وخيمة هذه التوقعات تبدو متفائلة؛ مثلاً، إذا تباطأت التجارة العالمية، أو تصاعدت الحرب في أوكرانيا، أو أثبت التضخم أنه أكثر دواماً. ومن ناحية أخرى، هناك بضعة أسباب للتفاؤل.

بغض النظر عن مدى الشدة التي ستحملها السنوات القليلة المقبلة، يجب على الحزب الذي حكم المملكة المتحدة منذ عام 2010– تحت مجموعة من الأشكال والشخصيات– أن يتحمل نصيبه من المسؤولية.

من الواضح أن الحرب في أوكرانيا، والآثار المترتبة على الجائحة وسياسات الدعم الرسمية والاتجاه نحو الحمائية في أنحاء العالم كلها، تآمرت كلها على ضرب الاقتصاد العالمي. ويخبرنا السيد هانت أن بريطانيا تمر بركود، كما ستكون حال حوالى ثلث الاقتصاد العالمي خلال السنة المقبلة أو السنتين المقبلتين.

ومن الواضح، كما تشير الحكومة، أن بعض الاقتصادات الأوروبية تضررت حقاً من أزمة الطاقة أكثر حتى من المملكة المتحدة، لأنها كانت تعتمد في شكل كبير على خطوط أنابيب الغاز الروسي.

على ورغم ذلك، كان على حكومة المحافظين التي تدير البلاد (ولو في بعض الأحيان في ائتلاف أو بدعم من أقلية في مجلس العموم) أن تُحاسَب لإخفاقاتها وهي في السلطة. والقائمة طويلة، لكن ثمة ثلاثة إخفاقات أساسية.

أولاً، هناك سياسة التقشف التي قلصت الاستثمار في البنية التحتية الوطنية في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ولا سيما في مجال توليد الطاقة، والأمن، والعزل الحراري، والتعليم، والصحة وهيئة الخدمات الصحية الوطنية.

ثانياً، هناك بريكست؛ كانت آثاره متوقعة في شكل جيد للغاية وهي الآن تمنع المملكة المتحدة من الاتجار بما يكفي للخروج من الركود وتحقيق النمو.

ثالثاً، هناك ميزانية تراس- كوارتنغ المصغرة، التي يبدو أنها فرضت على المملكة المتحدة "علاوة غبية" غير مرغوب فيها تماماً في مجال تكاليف الاقتراض، وهي إرث دائم ومكلف من هذه التجربة القصيرة مع الإصلاح الجذري لجانب العرض والتخفيضات الضريبية غير الممولة.

كانت النتيجة الصافية لعشرات السنين من حكم المحافظين معدلات نمو بعيدة الأجل تقل عنها في عقود عديدة. ونظراً إلى مدى هزال معدلات النمو منذ عام 2007، من الإنصاف أن نقول إن المملكة المتحدة كانت قريبة من الركود (أو واقعة فيه) منذ ذلك الوقت.

كان العقدان الماضيان، منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية، مخيبين لآمال الشعب البريطاني. وكانت الفكرة القائلة إن من شأن بريكست أن يحدث ثورة في الوضع بمثابة خدعة قاسية. وعلى رغم خطة السيد هانت الأخيرة للنمو، يبدو أن عشرينيات القرن الحادي والعشرين تتجه إلى أن تكون عقداً آخر من الركود.

كما تؤكد الاستطلاعات والتوقعات الاقتصادية، ستتولى الحكومة المقبلة– العمالية على الأرجح– أسوأ مهمة من مهام إصلاح الفوضى التي تعاني منها المالية العامة، ومحاولة توليد نوع ما من النمو الاقتصادي وتعزيز لمستويات المعيشة.

من الناحية السياسية، من الصعب أن يكون كير ستارمر ورايتشل ريفز صريحين أكثر مما ينبغي في شأن مدى استمرار بريكست في عرقلة النمو الاقتصادي، ناهيك عن الوعد بإبطال بريكست (تطور سيكون إلى حد كبير أفضل خطة للنمو).

لكن لا بد من إعادة النظر في بريكست. هل من قبيل المبالغة أن نأمل في إصلاح على الأقل لبريكست بحلول ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين بعد ضياع عقد آخر في وهم اقتصادي؟ أياً كانت النظرية الخاصة ببريكست، أو بـ"ما صوت له مؤيدو بريكست"، لم تظهر التجربة الفعلية لبريكست تجربة محررة كما وُعِد ذات يوم.

فبريطانيا لم تنعم بـ"الازدهار القوي" خلافاً لقول بوريس جونسون. ولو حصل، لما كانت المملكة المتحدة تعاني الآن من أجل تغطية تكاليف خدماتها العامة. ومن المؤكد أن الرأي العام يتحرك في اتجاه إصلاح بريكست. وربما توجه بضعة أشهر أخرى من الركود عدداً كبيراً إضافياً من الناس في هذا الاتجاه.

© The Independent

المزيد من آراء