حذرت دراسة صدرت نتائجها حديثاً من أن العناء الذي يلحق بالجسم نتيجة الضغط النفسي المزمن والمستمر طول العمر ربما يفاقم خطر الوفاة بسبب السرطان.
معلوم أن السرطان يشكل السبب الرئيس الثاني للوفاة في الولايات المتحدة، وكان مسؤولاً عما يقدر بنحو 1.9 مليون إصابة وأكثر من 600 ألف حالة وفاة في عام 2021 وحده.
الأشخاص الذين يعانون مستويات عالية من هذا العناء المتراكم على مر السنين، ويسمى علمياً "الحمل الألوستاتيكي" أو "الحِمل التفسدي" allostatic load [بمعنى "تخرب الجسد وتأذيه"]، كانوا أكثر عرضة بمقدار 2.4 مرة للوفاة بسبب السرطان مقارنة مع من يواجهون مستويات منخفضة من الضغط النفسي، وفق الدراسة التي نُشرت أخيراً في مجلة "أس أس أم بوبيوليشن هيلث" SSM Population Health.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"كرد فعل على الضغط الخارجي، يطلق جسمك هرمون التوتر "الكورتيزول"، ثم ما إن يزول الضغط النفسي، لا بد من أن تتراجع مستويات هذا الهرمون"، قال جاستن كزافييه مور، باحث مشارك في الدراسة، وعالم في الأوبئة في كلية الطب في جورجيا و"مركز جورجيا للسرطان".
"ولكن إذا كنت تعاني ضغطاً نفسياً اجتماعياً مزمناً ومستمراً، فإنه لا يسمح [لمستويات الكورتيزول في جسمك] بالتراجع أبداً"، فيؤدي ذلك إلى تلف جسمك على المستوى البيولوجي"، كما أوضح الدكتور مور.
في الدراسة، راجع العلماء بيانات خاصة بـ41 ألف مشارك من "المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية"، أو اختصاراً NHANES، جرى تنفيذه في الفترة الممتدة بين 1988 و2019.
احتسب العلماء، بأثر رجعي، "الحمل التفسدي" لدى المشاركين مستندين إلى مؤشر كتلة الجسم، وضغط الدم الانبساطي والانقباضي، والكوليسترول الكلي، ومستويات الهيموغلوبين، والألبومين، والكرياتينين، والبروتين سي التفاعلي، علماً أن مستوياته ترتفع في الجسم في حال تعرض لبعض أنواع الالتهابات المختلفة.
حدد الباحثون وجود "الحمل التفسدي" العالي بالحصول على معدل أعلى من ثلاث درجات.
في مرحلة لاحقة، قارن الباحثون بين بيانات مستقاة من "مؤشر الوفيات الوطني"- الذي يحتفظ به "المركز الوطني للإحصاءات الصحية" و"مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها"– وبين المشاركين كي يحددوا من منهم توفي بسبب السرطان وتاريخ الوفاة.
أوضح الباحثون أن "دراسة علاقة الحمل التفسدي بنتائج السرطان، وما إذا كانت هذه الصلات تختلف باختلاف العرق، ربما يقدم رؤية إلى مقاربات جديدة تسهم في الحد من التباينات الصحية بين مرضى السرطان".
وجد العلماء أن من سجلوا حملاً تفسدياً عالياً كانوا أكثر عرضة للوفاة بسبب السرطان بمقدار 2.4 مرة مقارنة مع من سجلوا مستويات منخفضة من الحمل التفسدي، إنما من دون أن يأخذوا في الاعتبار أي عوامل مربكة محتملة مثل العمر، والتركيبة السكانية الاجتماعية كالعرق والجنس، ونسبة الفقر إلى الدخل، والمستوى التعليمي.
كذلك عند مراعاة عامل العمر في النتائج، وجد الباحثون أن خطر الوفاة بسبب السرطان بلغ 28 في المئة أيضاً لدى الأشخاص الذين كابدوا مستوى عالياً من "الحمل التفسدي".
ذلك مفاده، وفق الدكتور مور، أنه لو أن شخصين في العمر نفسه، وكابد أحدهما حملاً ألوستاتيكياً عالياً، يكون أكثر عرضة للوفاة بالسرطان بنسبة 28 في المئة".
"حتى إذا لم تحصل على أي درجة [من "الحمل التفسدي"]، في النهاية البيئات التي نعيش ونعمل ونؤدي أدوارنا فيها، حيث تكافأ على بذل مجهود أكبر في العمل، في حين تعتبر ضعيفاً أحياناً إذا خصصت بعض الوقت لنفسك، تقود إلى ارتفاع الضغط النفسي الذي بدوره قد يؤدي إلى نشوء السرطان وتزايد معدلات المرض والوفيات"، قال الدكتور مور.
وبعدما أخذ العلماء في عين الاعتبار عوامل أخرى من بينها الجنس والعرق والمستوى التعليمي، أدى "الحمل التفسدي" المرتفع إلى زيادة بنسبة 21 في المئة [في خطر الوفاة نتيجة السرطان]، وعند إجراء تعديل إضافي على النتائج باحتساب عوامل خطر أخرى مثل التدخين أو ما إذا كان المشاركون قد واجهوا نوبة قلبية أو سبق أن شخصت إصابتهم بالسرطان أو قصور القلب الاحتقاني، ارتفعت الزيادة بنسبة 14 في المئة.
بناء على ما تقدم، يدعو الباحثون إلى النهوض بدراسات مستقبلية بغية تحديد الصلة التي تربط بين الضغط النفسي المزمن والموت بسبب السرطان، من ثم التوصل إلى فهم أفضل للآلية السببية المعنية.
© The Independent