Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العلاقات السياسية بين طرابلس وأثينا على حافة القطيعة التامة

نيكوس ديندياس رفض النزول من الطائرة التي أقلته إلى العاصمة الليبية عندما علم بوجود نجلاء المنقوش على رأس مستقبليه

وزير الخارجية اليوناني (يمين) وهو يغادر مجلس النواب الليبي خلال زيارته مدينة بنغازي الشرقية (أ ف ب)

في دليل جديد على توتر العلاقات السياسية بين طرابلس وأثينا واقترابها من مرحلة القطيعة الدبلوماسية، رفض وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس النزول من الطائرة التي أقلته إلى العاصمة الليبية عندما علم بوجود وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش على رأس مستقبليه في المطار.

وبعيداً من أسباب رفض مقابلة الوزيرة الليبية من قبل نظيرها اليوناني، فإن هذا التصرف حمل رسالة واضحة تؤكد امتناع الحكومة اليونانية عن التعامل بأي شكل مع حكومة الوحدة في طرابلس، احتجاجاً على معاهدتها الاقتصادية الموقعة مع تركيا قبل شهرين، التي تمنح الأخيرة حق التنقيب على مصادر الطاقة المتنازع عليها مع أثينا.

وحملت الوجهة التالية للمسؤول اليوناني في ليبيا بعد مغادرة مطار العاصمة، بنغازي، وطبيعة اللقاءات التي أجراها هناك، رسالة أخرى مفادها بأن دولته في طريقها للتعامل مع الأجسام السياسية في الشرق باعتبارها الجهة الشرعية التي تعترف بها بلاده بشكل رسمي.

توضيح من الوزير اليوناني

وقال وزير الخارجية اليوناني، في تصريح صحافي أثناء زيارته بنغازي، إن "اليونان ستبدأ محادثات لترسيم الحدود البحرية مع الحكومة الليبية التي ستشكل بعد الانتخابات، وأعتقد أننا سننتهي من ذلك سريعاً"، في إشارة جديدة لرفض بلاده الاتفاقيات الموقعة بين طرابلس وأنقرة في الأعوام الماضية، وشملت إعادة ترسيم الحدود البحرية بينهما، وهو ما رفضته دول متوسطية عدة بينها اليونان واعتبرته تعدياً على حقوقها.

وسبق لهذه الاتفاقية أن وترت الأجواء بين حكومة الوحدة الليبية وعدد من الأطراف الإقليمية البارزة مثل مصر والاتحاد الأوروبي وخصوصاً فرنسا وإيطاليا ومالطا.

وهاجم ديندياس في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر" حكومة عبدالحميد الدبيبة. واعتبر أن "الحكومة المؤقتة الحالية في ليبيا لديها التزام واحد، وهو قيادة ليبيا إلى الانتخابات في أقرب وقت، وهو ما لا تفعله". وبين الوزير اليوناني أسباب قطع زيارته إلى طرابلس بقوله، "قطعت زيارتي إلى طرابلس لأن وزيرة خارجية الحكومة الليبية المؤقتة حاولت أن تفرض علي لقاءها بوجودها في المطار، ولذلك غادرت إلى بنغازي".

وقالت مصادر إعلامية يونانية، إن برنامج وزارة الخارجية اليونانية كان أن يزور ديندياس طرابلس ثم بنغازي، وكان الشرط الذي تم تحديده بالنسبة لطرابلس هو لقاء رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي فقط، وعندما هبطت الطائرة التي تقله في مطار معيتيقة في العاصمة، وجد وزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش في استقباله، عندها قرر الوزير اليوناني المغادرة إلى بنغازي من دون الاجتماع معها.

غضب في طرابلس

وأثار تصرف الضيف اليوناني الرسمي غضباً كبيراً لدى المسؤولين في حكومة الوحدة في طرابلس، حيث استهجنت وزيرة الخارجية، في بيان، تصرف وزير خارجية اليونان، "الذي حطت طائرته في مطار معيتيقة صباح الخميس، 17 نوفمبر (تشرين الثاني)، لكنه رفض النزول منها لاستقباله وفق الأعراف الدبلوماسية". وأكدت أن "وزارة الخارجية ستتخذ الإجراءات الدبلوماسية المناسبة التي تحفظ لدولة ليبيا هيبتها وسيادتها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضافت "على الرغم من السياسات والمواقف الفجة التي انتهجها وزير خارجية اليونان خلال الأيام الماضية تجاه مصالح الدولة الليبية، التي عكستها تصريحاته غير المتزنة في ما يتعلق بسيادة ليبيا وحقها في العلاقات التي تحقق تطلعات شعبها، إلا أن وزارة الخارجية منحت الموافقة للوزير اليوناني لزيارة طرابلس بناء على طلبه، لكنه رفض النزول من طائرته في موقف مفاجئ يدعو للاستياء وعاد من حيث أتى من دون أي إيضاحات".

استدعاء السفير الليبي

وفي أول رد فعل رسمي من حكومة الدبيبة على تصرف وزير الخارجية اليوناني، أعلنت وزارة الخارجية استدعاء السفير الليبي لدى اليونان للتشاور، وأعلنت عن هذه الخطوة بعد لقاء المنقوش مع رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة الذي قال إن "الاحترام المتبادل أساس العلاقة الدبلوماسية مع دولة اليونان"، مضيفاً أنه لن يجري السماح بهذه التصرفات تجاه دولة ليبيا وسيادتها، بحسب المكتب الإعلامي للحكومة.

وقالت المنقوش خلال اللقاء إنها "قررت كذلك استدعاء القائم بالأعمال اليوناني في ليبيا لتوضيح خلفيات الحدث". ورأت أن "ما قام به الوزير اليوناني إجراء غير دبلوماسي برفضه النزول لأسباب غير معلومة ومرفوضة"، مؤكدة "عدم السماح لأي دولة بالتعامل مع ليبيا من دون احترام سيادتها وهيبتها، وأن هذه مهمة أساسية في مجال عملها".

الرئاسي يسعى للتهدئة

من جانبه، وفي أول تعليق منه على هذه الحادثة التي وترت الأجواء بين طرابلس وأثينا، قال المجلس الرئاسي إنه "يسعى إلى إزالة كل أسباب سوء الفهم مع اليونان، وتجنب أي حوادث دبلوماسية ورفض أي خطوات تصعيدية بعد إلغاء وزير خارجيتها زيارة طرابلس". وأكدت الناطقة باسم المجلس نجوى وهيبة أن "الرئاسي يحرص على استمرار العلاقات الودية مع الدول جميع التي تربطها بدولة ليبيا علاقات دبلوماسية مميزة، ويسعى لتعزيزها على قاعدة الاحترام المتبادل والقواعد الدولية المنظمة للعمل الدبلوماسي لتجنب كل ما يعرقل تلك العلاقات". وأشارت إلى أن "رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي فتح قنوات للتواصل مع وزارة الخارجية اليونانية للاستيضاح عن أسباب إلغاء ديندياس زيارته إلى العاصمة طرابلس".

وتربط المنفي علاقة جيدة مع المسؤولين في اليونان حيث عمل لسنوات طويلة سفيراً لبلاده لدى أثينا، قبل تكليفه بمهامه الحالية رئيساً للمجلس الرئاسي.

بنغازي تستثمر الموقف

ويبدو أن مدينة بنغازي، عاصمة الشرق الليبي ومركز المعارضة لحكومة عبدالحميد الدبيبة، ومقر الحكومة الموازية لها برئاسة فتحي باشاغا، كانت المستفيدة الكبرى من توتر العلاقة بين أثينا وطرابلس، حيث كانت زيارة وزير الخارجية اليوناني لها إيجابية، وتم الاتفاق فيها على تعزيز التعاون في مجالات عدة، أهمها على المستويين العسكري والاقتصادي.

وبدأت زيارة ديندياس إلى بنغازي بلقاء حمل دلالات كثيرة جمعه مع القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر. وقال في تغريدة عبر حسابه على "تويتر" "التقيت المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي في بنغازي، وتركز اللقاء على الحاجة إلى دعم الاستقرار في ليبيا وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة".

وأجرى ديندياس زيارة لعدد من المواقع الحيوية في بنغازي، من بينها ميناء المدينة المدمر جزئياً بسبب المعارك التي شهدتها المدينة قبل سنوات، قال بعدها إن "بلاده مستعدة لتقديم الدعم الكامل وما يلزم لتطوير الميناء المهم لتوصيل المساعدات الغذائية والإنسانية إلى المنطقة الواسعة في شمال أفريقيا ودول الساحل. أضاف أن "موقع الميناء استراتيجي ومهم جداً، ودعمه يعيد الاستقرار للمنطقة بالكامل".

ثناء على مواقف البرلمان

واختتم وزير الخارجية اليوناني زيارته إلى بنغازي بلقاء رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وعدد من أعضاء البرلمان. وقال إنه "شكر رؤساء لجان بمجلس النواب على إدانتهم مذكرات التفاهم التي وقعتها حكومة الوفاق الوطني السابقة عام 2019، وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع تركيا". وأشار إلى أن "التعاون البرلماني كان موضع تركيز في مناقشاته مع النواب في بنغازي".

المزيد من العالم العربي