Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لاعبون دخلوا عالم السياسة بأقدامهم

البرازيلي روماريو عضواً في برلمان بلاده والتركي هاكان شكور أقصي إلى المنفى في الولايات المتحدة بعد خلافات عقائدية

اللاعب جورج وياه بعد فوزه برئاسة لليبيريا عام 2017

يمكن وضع عناوين متشابهة ولكن ذات مضامين ومعان مختلفة، فنبحث في سياسة كرة القدم أو كرة القدم السياسية أو العلاقة بين السياسة وكرة القدم وتشابكاتها والمصالح المترابطة بين هذه الإمبراطورية المالية والإعلانية والجماهيرية الضخمة التي تغطي معظم سطح الكوكب، والسياسيين وصانعي السياسات وأصحاب المال والتأثير ووسائل الإعلام وقنوات الدعاية والإعلان والترويج سواء لبضائع أو منتجات استهلاكية أو بضائع ومنتجات فكرية أو شعبوية أو ذات أهداف ومعان أعمق مما تظهره في الواقع، فيتم تمريرها من خلال هذه اللعبة التي تكاد تصل إلى كل شاشة تلفزيون في العالم.

كرة القدم السياسية

في منطقة الشرق الأوسط، تقاطع كل المنتخبات العربية المواجهات الرياضية مع المنتخب الإسرائيلي، وبحسب الاتحاد الدولي لكرة القدم كانت إسرائيل أحد الأعضاء المؤسسين للاتحاد الآسيوي لكرة القدم كما عدد كبير من الدول العربية. 

وقبل ذلك كان الفريق الفلسطيني الانتدابي، كما أطلق عليه الانتداب الإنجليزي ممثلاً لهذه المساحة الجغرافية، لكن بعد إعلان استقلال إسرائيل عام 1948، حل محله المنتخب الإسرائيلي. 
وفي النهاية حلت معضلة الفريق الإسرائيلي الذي لا يلعب في منطقته الجغرافية بسبب المقاطعة السياسية وضم إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم رسمياً. وما زال على هذا المنوال كروياً حتى اليوم. وهذا مثال مباشر على العلاقة بين السياسة ولعبة كرة القدم.
القضية الأكثر شهرة في العالم المتعلقة بالسياسة وبالحرب أيضاً هي قضية الهدف الذي سمي "يد الله" الذي اعتبره صاحبه دييغو مارادونا هدية من الله كي ينتقم لبلاده من الهزيمة في حرب جزر فوكلاند، التي شنها الجيش البريطاني بينما كانت تجري فعاليات مونديال المكسيك في عام 1986، والتقى منتخبا الأرجنتين وإنجلترا في ربع النهائي وانتهت المباراة بنتيجة 2-1.

 

السياسة العالمية العدائية

 

في مباراة أخرى تدل على تأثير السياسة العالمية العدائية بين الدول في العلاقة بين منتخباتها، وبين جماهيرها أيضاً سواء كانوا من مواطني هذه الدول أم لا، فهناك جماهير كثيرة تنحاز لصالح فريق غير فريقها الأصلي بسبب موقف سياسي مناهض لبلاد الفريق الثاني. 
 
 
في عام 1998 التقى منتخبا إيران والولايات المتحدة ضمن نهائيات كأس العالم في فرنسا، لكن على الرغم من ذلك فإن المباراة، حظيت بتغطية إعلامية واسعة قبلها وخلالها، كونها تمثيل أو إسقاط على العداء السياسي المستفحل والمديد بين الدولتين، وكانت في أسوئها إبان هذا المونديال. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وحين فاز الفريق الإيراني بنتيجة 2-1 بدا الأمر في إيران وفي الدول التي تدور في محورها سياسياً كما لو أنه انتصار على "الشيطان الأكبر" كما تسمي الأدبيات السياسية الإيرانية، الولايات المتحدة. 
ولكن الصدمة الإيجابية التي أربكت الجمهور المتنافس خارج أطر الأخلاقيات الرياضية، كانت حين قدم لاعبو الفريقين إلى بعضهم البعض الهدايا والزهور والتقطوا صوراً تذكارية داخل الملعب كرسالة سلام ومحبة إلى العالم أجمع، وبهدف إبعاد الرياضة عن السياسة وتناقضاتها وأهدافها التي قد تحول الرياضة من تنافس إيجابي يقرب بين المتنافسين إلى عنف متبادل. 

 

اللاعبون السياسيون... اللاعبون والسياسيون

 

تسيطر الكاميرات على كل مربع في الملعب الأخضر وفي مدرجات الجماهير الملونة فيزهو النجوم الراكضون في الملعب وهم لاهثون وراء هدف ونجومية أكبر. والكاميرات الموصولة بالأقمار الصناعية تنقل النجوم والألوان إلى غرف العائلات والأصدقاء والمشجعين في المنازل أو المقاهي أو في الشوارع إبان المباريات الحاسمة والتاريخية. 
وهذه الصور والمشاهد المنقولة ليست مجرد استمتاع بالرياضة أو كرنفالات للتعاون والتضامن الإنساني عبر التنافس في اللهو وليس بالحرب، بل تدخل في إطاره أعمال تجري في الكواليس ليس أولها واجهتها الشرعية المتصلة بالدعاية والإعلان والتسويق وتصنيع المنتجات المرتبطة بهذه اللعبة، بل الأعمال غير الشرعية كتبييض الأموال عبر شراء الفرق واللاعبين من قبل أثرياء جدد يسمون بالأوليغارش، أي الذين حققوا ثراء من أموال الدولة على حساب المواطنين عبر الفساد، وقد ظهر منهم كثر من رجال الأعمال الروس من مالكي الفرق الرياضية بعد العقوبات الدولية على روسيا. أما ما يقف خلف كل ذلك بحسب الباحثين في عوالم كرة القدم، فهو الجمهور ونجومية الفرق واللاعبين. 
فصناعة هؤلاء تدفع بعجلة اللعبة إلى الأمام ما يفيد الجميع، وصناعة الجمهور والنجوم عبر ضخ الرسائل للترويج يكون أسهل بكثير مع جمهور كرة القدم المتكتل من الترويج السياسي في وسائل التواصل الاجتماعي أو في السينما أو في الصحافة.

 

لاعبون في عالم السياسة     

 

تحول لاعبون كانوا نجوماً عالميين أو تقتصر شهرتهم على البطولات المحلية، إلى العمل السياسي بعد تقاعدهم من الملاعب الخضراء، فباتت المنافسة بالبدلة والكرافات وعلى الجمهور، فمشجعو كرة القدم ناخبون أيضاً، وقد يكون تأثيرهم ملموساً في البلدان التي صارت فيها كرة القدم ونجومها ونتائجها عقيدة جديدة. 
 
ويقول لاعبون انتقلوا إلى العمل السياسي، إن الأمر يبدو نفسه كما في الملعب العشبي، فأنت تعمل لترضي منتظري الفوز بالتالي الكبرياء ونشوة الانتصار والشعور بالتفوق على الجماعات المنافسة. 
وهذا ما يحدث في السياسة أيضاً، لكن بدلاً من أن تكون اللغة هي ركل الكرة والحفاظ عليها بين الأقدام وتمريرها للوصول إلى الهدف، يصير لزاماً عليك ارتداء حذاء بكعب خشبي وبدلة رسمية أنيقة، تضفي على نجوميتك الرياضية ما يؤكد الجدية في العمل والنجاح، كما يصف صحافيو الباباراتزي الرياضية والفنية، هؤلاء السياسيون الجدد.
تسهم الشهرة في دفع اللاعبين إلى خوض غمار العمل السياسي إضافة إلى محبة وتقدير مواطنيهم لهم، وتحديداً النجوم الذين كان لهم دور حاسم في الفوز ببطولات وكؤوس كبيرة رفعت رأس الأمة عالياً بين الأمم بينما تتعثر في رد الديون والقروض الدولية والداخلية، والمستترة تحت تسميات الدول النامية أو العالم الثالث. 
 
 
فيأتي الفوز بكأس العالم في مواجهة أعتى وأقوى الدول اقتصادياً وعسكرياً بمثابة تعويض نفسي يخفف من عمق هذا التفاوت. وفي رأي الفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون المتخصص بالجمهور والحشود وسيكولوجيتها (ننتظر اسم الفيلسوف)، أن حدثاً واحداً يؤدي إلى تعزيز معنويات المواطنين وثقة الأمة وشعبها ولو لوقت قصير، يمكنه أن يكون بديلاً عن أعظم الأعمال المادية التي قد تقوم بها الحكومة لتخدير الشعب وحرفه عن مطالبة الحقيقية. 
البرازيل ومعظم دول أميركا اللاتينية مثال ساطع على هذا التفاوت بين الفوز الكروي والفوز السياسي عبر التقدم والازدهار. وتوجه اللاعبين المشهورين إلى العمل السياسي أصبح شائعاً بشكل ظاهر، وبعضهم يدخل هذا العالم تحت ضغط جمهور من المواطنين الذين قد يكونون من سكان الأحياء الفقيرة التي لعب في وحولها وداخل بؤسها كرة القدم حافي القدمين، قبل أن يصعد كالشهب إلى سماء النجوم.
روماريو أحد اللاعبين البرازيليين الذين نالوا شهرة عالمية في مونديال 1994 في الولايات المتحدة بعد أن فازت البرازيل على إيطاليا في المباراة النهائية. بعد تقاعده الكروي، انتخب عضواً في البرلمان البرازيلي في عام 2010، وأصبح سيناتوراً في عام 2014، وفي عام 2018 ترشح لمنصب حاكم ولاية ريو دي جانيرو، واحتل المركز الرابع، لكن زميله الأسبق والأشهر في تاريخ كرة القدم الأسطورة بيليه التحق بركب السياسة منذ البداية وأصبح وزيراً للرياضة في الحكومة البرازيلية أعواماً طويلة. وأنشأ "قانون بيليه" للحد من الفساد في كرة القدم البرازيلية لكنه خرج من المواقع الحكومية في 2001 بعد أن وقع بنفسه ضحية عملية فساد مشبوهة.
لكن حالة اللاعب الليبيري جورج ويا هي الأكثر بروزاً من بين اللاعبين الذين دخلوا غمار السياسة، فهذا المهاجم الشاب لفريق باريس سان جيرمان وميلان وموناكو ترشح للرئاسة في عام 2005، ولكنه لم يفز بسبب افتقاره للخبرة، فسافر إلى الولايات المتحدة ليتلقى دروساً أكاديمية في العلوم السياسية، ثم أعاد الترشح في عام 2014 لمجلس الشيوخ ففاز بالمنصب، وفي عام 2018 أدى اليمين كرئيس في يناير (كانون الثاني) 2018.

 

"ثور البوسفور"

تمكن اللاعب التركي هاكان شكور المعروف بلقب "ثور البوسفور"، من أن يصبح أفضل هداف على الإطلاق لفريق غلطة سراي والمنتخب التركي، ولكنه أقصي خارج مباراة السياسة إلى المنفى في الولايات المتحدة بعد أن أصبح عضواً في البرلمان عن الحزب الحاكم حين كانت علاقة زعيمه رجب طيب أردوغان مع مؤسس الحزب رجل الدين المنفي فتح الله غولن ما زالت بخير. 

 
 
ولكن في عام 2016 اتهم الداعية غولن وكل أتباعه داخل الحزب الحاكم بمحاولة الانقلاب على الحكم الشرعي، وحين بدأت السلطات في ملاحقة أتباعه ما كان على اللاعب التركي إلا أن يستعيد قدميه ليهرب من حكم بالإعدام الذي صدر بحقه بتهمة تنظيم حركة سرية مسلحة. القدمان نفسهما اللتان جعلتاه بطلاً قومياً في تركيا وانتقلتا به من الملاعب إلى قصور الحكام، كادتا تغرقانه في وحول ومعمعة السياسة. 
جياني ريفيرا لاعب المنتخب الإيطالي وفريق ميلان، من بين أكثر اللاعبين الإيطاليين الذين خاضوا مباريات مع فريقهم، لم يكتف بعضوية البرلمان بل احتل منصب وكيل وزارة الدفاع، ومن ثم انتخب نائباً في البرلمان الأوروبي بين عامي 2005 و2009. 
لكن اللاعب الجورجي كاخا كلادزي، وصل إلى أعلى المناصب السياسية بعد تقاعده في عام 2012 وبعد انتخابه للبرلمان عين نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للطاقة. ومن ثم تفرغ للعمل الخدماتي في عام 2017 ففاز بمنصب عمدة العاصمة الجورجية تبليسي.
اقرأ المزيد

المزيد من