Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تسعى للاستفادة من ثروات الفساد المجمدة

تدرس مشروع قانون لاستحداث وكالة متخصصة مكلفة بتسيير الممتلكات المصادرة في إطار مكافحة الجرائم

 تحاول الجزائر تدارك ثغرات قانون مكافحة الفساد الصادر في عام 2006 (الإذاعة الجزائرية)

تتجه الجزائر نحو استحداث هيئة متخصصة لتسيير الممتلكات المجمدة أو المصادرة في إطار مكافحة الفساد بعد صدور أحكام قضائية بالسجن في حق رجال أعمال ومسؤولين بتهم تتعلق بالفساد. وتدرس الحكومة مشروع قانون ينص على استحداث الهيئة المتخصصة وتحديد مهامها وكيفيات إخطارها من قبل الجهات القضائية المتخصصة.

ووجدت الحكومة قانون الوقاية من الفساد ومكافحته الذي تم إقراره في 2006 غير كافٍ لإدارة وتسيير أموال وممتلكات تم استرجاعها من رجال أعمال ومسؤولين سابقين يقبعون في السجون بتهم تتعلق بنهب المال العام.

وتقول الحكومة إن استحداث الوكالة الجديدة يندرج في إطار "مسعى شامل ومنسق يرمي إلى تعزيز آليات حجز وتجميد وتحصيل عائدات الفساد وسد بعض النقائص المسجلة في الإطار التشريعي الحالي".

ووجدت السلطات الجزائرية نفسها أمام مشكلة تسيير عدد كبير من المصانع والعقارات والأموال في البنوك التي بلغت قيمتها 3.8 مليار يورو داخل البلاد، بينما تتواصل عملية استرجاع الأموال المنهوبة التي لم يتم الكشف عن حجمها الحقيقي متواصلة في الداخل والخارج.

وأمر الرئيس تبون الحكومة بمتابعة تنفيذ لوائح تحويل الأملاك المصادرة للقطاع الحكومي التجاري وتسريع عملية الجرد النهائية لمختلف الممتلكات المحجوزة، ووضعها تحت سلطة الدولة وإدماجها في عجلة الإنتاج الوطني قبل نهاية 2022. كما كلف وزير الصناعة بمتابعة وجرد المصانع المملوكة لرجال الأعمال الملاحقين في قضايا فساد، التي تمت تسوية وضعيتها القانونية وقيمتها المالية بالعملة الوطنية والصعبة لإعادة تشغيلها وتوفير مناصب الشغل.

ولا تزال السلطات القضائية في الجزائر تلاحق عدداً كبيراً من الحسابات البنكية والممتلكات العقارية المملوكة لرجال أعمال موقوفين في السجون على ذمة قضايا فساد وصفقات مشبوهة ونهب للمال العام، حيث قرر القضاء حجزها وتحويلها إلى ذمة الدولة والخزانة العمومية.

وللتقليل من تبعات قضايا الفساد على العمال لجأت السلطات إلى إعادة تشغيل بعض المصانع التي كانت مملوكة لرجال أعمال لكن تحت وصاية شركات حكومية، كما أعلن عن استرجاع عقارات وأراضٍ زراعية.

وأطلقت السلطات القضائية 219 إنابة قضائية دولية نفذت 43 منها، فيما تجري معالجة 156 أخرى من قبل السلطات القضائية الأجنبية المعنية لاسترداد الأموال الناجمة عن الفساد.

ولم تكشف الحكومة الجزائرية في وثيقة "بيان السياسة العامة" التي تم عرضها أخيراً أمام البرلمان عن أي ملفات فساد تعاطت معها البلدان الأجنبية بشكل إيجابي.

وكانت الإمارات سلمت الجزائر العام الماضي مدير شركة المحروقات "سوناطراك" عبد المؤمن ولد قدور لاتهامه بتبديد أموال عامة في صفقة شراء مصفاة أميركية عام 2018.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ثغرات قانونية

في السياق، قال المحامي نجيب بيطام، إن مشروع استحداث هيئة متخصصة لأموال الفساد المجمدة يأتي لسد بعض الثغرات الواردة في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته الذي تم إقراره في 2006. وأضاف، أن معالجة كم هائل من القضايا المتعلقة بالفساد ترتب عليها تراكم أموال وممتلكات ضخمة تم حجزها وتكليف متصرفين إداريين بتسييرها. وأفاد بيطام بأن عدم تمكن المتصرفين الإداريين من تسيير هذه الممتلكات والمحجوزات تسبب في تسريح عشرات العمال، موضحاً أن السلطات قررت تغطية الثغرات القانونية السابقة عبر وكالة خاصة تعمل بالتنسيق مع وزارتي العدل والمالية أبرز مهامها تسيير الممتلكات المحجوزة إلى حين فصل القضاء في القضايا التي تورط فيها رجال أعمال ومسؤولون سابقون.

وتضمن بيان السياسة العامة للحكومة إشارة إلى أنه تم إحباط عدة محاولات لإخفاء، أو تبديد عائدات الفساد بفضل "جهاز اليقظة"، مما سمح باسترجاع أملاك عقارية ومنقولة مهمة مع العمل على تفادي تهريب هذه الأموال إلى الخارج.

ولم يوضح البيان ما المقصود بـ"جهاز اليقظة"، الذي قد يفهم منه الفرق الأمنية المتخصصة في قمع الفساد، وتتحرى في طرق تسيير الهيئات الحكومية خصوصاً التي تمنح اعتمادات مالية كبيرة.

ومنذ تنحي الرئيس بوتفليقة في أبريل (نيسان) 2019 سجنت السلطات العشرات من المسؤولين، بينهم ثلاثة رؤساء وزراء، بتهمة الفساد وسوء التسيير.

وأبرمت الجزائر عدة اتفاقات دولية لاستعادة الأموال المهربة إلى الخارج، منها اتفاق التعاون مع الوكالة الأوروبية للتعاون القضائي في المجال الجنائي، وإطلاق إنابات قضائية دولية جديدة لتحديد وحجز ومصادرة الأموال المنهوبة بالخارج، وتشكيل لجنة خبراء مكلفة تسيير ملف استرداد هذه الأموال، بالتنسيق مع الممثليات الدبلوماسية في الخارج.

وأطلقت وزارة العدل الجزائرية برامج متخصصة للقضاة وبعض الجهات المتخصصة بالتعاون مع دول أجنبية على رأسها إيطاليا، حيث سيشارك 26 قاضيا في ملتقى حول "مكافحة الفساد – الخبرة الإيطالية" سيعقد يوم 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي 2022.

وحسب بيان لوزارة العدل سيتم التطرق في هذا الملتقى إلى القواعد المتعلقة بمكافحة الفساد في النظام الإيطالي وتسليط الضوء حول الإطار القانوني بعد عملية الإصلاح للسنوات العشر الأخيرة، وكذا التطرق للاجتهاد القضائي وتقنيات التحري ومسألة التعاون الدولي في المجال.

أموال راكدة

من جهة أخرى، رأى الخبير في الشؤون المالية نبيل جمعة أن الحجم الحقيقي للأموال والممتلكات المجمدة في إطار مكافحة الفساد غير معروف إلى اليوم، وهو ما يبرر تضارب الأرقام التي قدمتها الخزانة العمومية والبنوك.

وبرر جمعة، السرية التي تلف حجم الممتلكات المجمدة بحرص الحكومة على "عدم الكشف عن الأرقام الحقيقية حتى لا يقع ضرر بالاقتصاد الوطني".

وقال إن قيمة الممتلكات المحجوزة الخاصة بقضية الإخوة كونيناف وحدها قدرت بأرقام فلكية بعد استفادة رجل الأعمال وشركاؤه من قروض بنكية دون تقديمه لضمانات.

وأوضح المتحدث أن بعض رجال الأعمال زوروا وثائق عقارات فلاحية لتقديمها كضمانات للحصول على قروض من البنوك. وأضاف أن الأصول المالية محجوزة حالياً بالتنسيق بين وزارتي المالية والعدل، واصفاً إياها بـ"الأموال الراكدة" وأن الاقتصاد الوطني بحاجة إلى هذه الموارد المالية. وذكر أنه بعد توصيات من عدة جهات تعتزم الحكومة استثمار هذه الأموال وضخها في الاقتصاد الوطني، متوقعاً أن تتمكن هذه الممتلكات المحجوزة من رفع النمو الاقتصادي بنسبة تصل إلى 3 في المئة. وأفاد بأن ضخ الأموال داخل عجلة الاقتصاد الوطني من شأنه إنعاش نشاط المؤسسات الاقتصادية التي تعاني عجزا ماليا بسبب شح الموارد المالية الناتج عن الأزمة العالمية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير