Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل سيتمكن سوناك من حل معضلة إيرلندا الشمالية؟

الجانب الأوروبي جاهز للتسوية في حال اقتنع أن جونسون لن يتمكن من تجييرها كانتصار في عملية "بريكست"

هناك فرصة لإبرام صفقة حول بروتوكول إيرلندا الشمالية ويستحق سوناك الثناء عليها إن حققها  (رويترز)

يقول رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إنه "مصمم" على كسر الجمود الذي أصاب عملية تقاسم السلطة في إقليم إيرلندا الشمالية، ويأتي ذلك تزامناً مع توجه سوناك ليكون أول رئيس وزراء بريطاني يحضر اجتماع المجلس البريطاني - الإيرلندي منذ 2007.

إن هذا التوجه يردد بشكل متعمد ولا لبس فيه صدى خطوات رئيس الوزراء السابق توني بلير، الذي تنحى من منصبه كرئيس للوزراء في العام نفسه (2007). من جديد، يبدو أن مستقبل وضع إيرلندا الشمالية يمكن وضعه على سكة الحل فقط عندما يكون رئيس الوزراء البريطاني على استعداد لتخصيص الوقت اللازم والتركيز على تلك المفاوضات.

لقد فعل بلير ذلك في عام 1998، حين أسهم بالتوصل لاتفاقية الجمعة العظيمة، والتي أمنت التوصل إلى السلام، وعبدت الطريق أمام تشكيل حكومة محلية، وعاد وكرر ذلك النجاح عام 2007 عندما نجح في النهاية في جمع [أعداء الأمس] حزب "شين فين" Sinn Fein [القومي الإيرلندي] وحزب الوحدويين الديمقراطيين DUP [الموالي للوحدة مع بريطانيا] لتفعيل عمل المجلس التنفيذي لإيرلندا الشمالية.

في عام 2019 تصرف بوريس جونسون مع الموضوع بشكل مختلف، عندما قام بعقد صفقة مع رئيس وزراء جمهورية إيرلندا في ذلك الوقت ليو فارادكار، كي يسهل عملية مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي، على أن يحمي خلال تلك العملية مصالح إقليم إيرلندا الشمالية، لكن المشكلة كمنت في أن صفقة جونسون لم تحقق ما كان مرجواً منها بحسب ما توقع كل من جونسون وكبير مفاوضيه في ملف "بريكست" اللورد ديفيد فروست في حينه ــ على رغم من أنه لم يكن واضحاً [في ذلك الوقت] إذا كانا يتوقعان أن تتم عملية إعادة التفاوض من جديد بعد مغادرة بريطانيا الفعلية للاتحاد الأوروبي.

والإشكالية الأكثر خطورة هي أن حزب الوحدويين الديمقراطيين لم يكن مرتاحاً للصفقة ــ التي كانت قد تمت هندستها كي تعمل على إبقاء الحدود مفتوحة بين إقليم إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا ــ فلذلك قام بإطاحة حكومة إيرلندا الشمالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكما هو معتاد ومكرر في تاريخ إقليم إيرلندا الشمالية، فإن الخطوط العريضة للصفقة المقبلة يمكن توقعها. تماماً كما كانت اتفاقية الجمعة العظيمة قد وصفت بأنها "اتفاق سانينغديل Sunningdale، ولكن لمن يكررون الخطأ عينه" (في إشارة إلى المحاولة السابقة للتوصل لاتفاق مشاركة السلطة في عام 1973)، لذلك يمكن اعتبار أن الخطوة المقبلة التي تتعلق ببروتوكول إيرلندا الشمالية قد أصبحت واضحة إلى حد ما، منذ أن بدأت المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة حول كيفية تطبيق البروتوكول.

إن تفسيرات جونسون التي بالغت في التفاؤل حول الاتفاقية التي كان قد وقعها، كان من شأنها أن تعني دائماً [بالنسبة إلى جونسون على الأقل]، بأن يكون هناك إجراءات كشف مخففة على انتقال البضائع من المملكة المتحدة عبر البحر الإيرلندي نحو إقليم إيرلندا الشمالية، وفقط في حال كان هناك "احتمال" بانتقالها جنوباً إلى أراضي [أسواق] الجمهورية الإيرلندية، ولكن وكما قال ألكسندر هورن، وهو مستشار قانوني برلماني، "الحقيقة تكمن في أنها اتفاقية صيغت بشكل رديء. فهي تسعى إلى إرضاء طرفين في الوقت نفسه. فأحكام الاتفاقية العامة يمكن قراءتها وفهمها من زاوية واحدة، فيما تصب تفاصيل الاتفاقية بشكل يراعي المواقف الأوروبية".

لكن المبادئ التي ارتكزت عليها آراء جونسون حول طريقة عمل البروتوكول من شأنها أن توفر قاعدة لعملية إعادة التفاوض على الصفقة، خصوصاً في ظل غياب جونسون واللورد فروست ــ الذي كان قد انتهج مواقف متشددة ــ من المشهد بشكل كامل. إن الجانب الأوروبي مستعد للتسوية طالما أنه يدرك بأن رئيس الوزراء السابق جونسون لن يمكنه تجييرها على أنها انتصار آخر نتيجة "بريكست" يحتسب في صالحه. لقد كان ينظر بعين من الشك إلى جونسون ليس فقط من قبل الاتحاد الأوروبي، ولكن أيضاً من قبل رئيس الولايات المتحدة الأميركية ــ ومن قبل حزب الوحدويين الديمقراطيين، الذي يعتقد أعضاؤه، وعن حق، بأن جونسون قام بخيانة الحزب.

السؤال الصعب هو أن كانت هناك أي من صفقة أساساً من شأنها أن ترضي حزب الوحدويين الديمقراطيين. إن مواقف الحزب المعلنة حالياً تدعو للتخلص بشكل تام من البروتوكول. وكما قال النائب في الحزب سامي ويلسون في مجلس العموم البريطاني، أمس، "لا يمكننا تحسين البروتوكول، ولذلك علينا أن نتخلص منه تماماً". على أنه من غير المطروح أيضاً العودة إلى التسوية التي تم التفاوض عليها في عهد رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي ـ وهي تسوية رفضها أيضاً حزب الوحدويين الديمقراطيين – وكانت تدعو إلى إقامة الحدود على أراضي الجزيرة الإيرلندية، لكن مع إبقاء المملكة المتحدة داخل الاتحاد الجمركي الأوروبي، وكان ذلك يتطلب أن يتم إنفاذ التفتيش الحدودي، ولكن بعيداً من الحدود الفعلية.

أما وزير الدولة البريطاني لشؤون إيرلندا الشمالية كريس هيتون هاريس فقد رد على ويلسون قائلاً، "أعتقد أن هناك مساراً تفاوضياً يمكننا من خلاله تغيير طريقة تعاملنا مع البروتوكول بشكل تام". وهذا هو ما قد يشكل امتحاناً لرئيس الوزراء ريشي سوناك، الذي يبدو جاداً في مساعيه لمحاولة التوصل إلى صفقة ليس أقله من خلال إظهار احترامه للمجلس البريطاني الإيرلندي، والذي قد تم التعامل معه من قبل رؤساء وزراء آخرين على أنه مجلس متواضع لتبادل الأحاديث، وأيضاً من خلال تركيز سوناك على علاقته برئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن.

هناك فرصة لإبرام صفقة وسوناك يستحق الثناء الكبير إذا كان سيحققها. إن المردود السياسي بالنسبة إليه لن يكون كبيراً جداً. فالتفاصيل الصغيرة التي تنظم عملية بيع المقانق في محلات السوبرماركت في إيرلندا الشمالية قد تكون ذات أهمية ضئيلة بالنسبة لكثير من الناخبين في بريطانيا، وهؤلاء حالياً قلقون بسبب أزمة غلاء المعيشة، وتدهور خدمات الصحة الوطنية، وموجات الهجرة.

لكن سوناك قد يستمر في منصبه رئيساً للوزراء لمدة عامين فقط، وإذا نجح في التوصل لاتفاق جديد على بروتوكول إيرلندا الشمالية، وإعادة تفعيل عمل حكومة إيرلندا الشمالية، فيمكن أن يكسب مكاناً في كتاب التاريخ لقاء إنجاز كهذا، لكن الخطر الذي قد يواجهه أنه لو لم ينجح في التوصل إلى اتفاق قريباً، فإن المفاوضين الأوروبيين قد يقررون أنه من الأفضل بالنسبة إليهم مماطلة الأمر بانتظار وصول حكومة عمالية إلى السلطة للتفاوض معها بدلاً من المحافظين.

© The Independent

المزيد من آراء