Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من استفتاء على بايدن إلى استفتاء على ترمب

التعادل المفترض في مجلس الشيوخ يعني بقاء السيطرة الديمقراطية بسبب الصوت المرجح لنائبة الرئيس كامالا هاريس

الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس   (أ ف ب)

في "عصر اللائقين" كما سمته فورين أفيرز في مراجعة لـ 100عام، انتقلت أميركا من الثقة المفرطة بالنفس والحديث عن نهاية التاريخ لمصلحتها إلى مرحلة اللايقين، لا فقط حول ما تنتهي إليه نتائج التجديد النصفي للكونغرس، بل أيضاً حول ما يقود إليه الانقسام الداخلي الحاد، ولا حول ما تريده في العالم ومنه، بل حول ما تستطيع وما لا تستطيع الحصول عليه، ولا حول التحديات الدولية للهيمنة الأميركية بل حول التململ الداخلي في كلفة الهيمنة وتأثيرها في المشاريع الضرورية داخلياً، فالزلزال السياسي الذي انتظر الأميركيون والعالم حدوثه عبر "موجة حمراء" جمهورية، جاء مجرد هزة خفيفة، والانتخابات التي اندفع الرئيس السابق دونالد ترمب في اختيار 300 مرشح جمهوري لها وأرادها استفتاء على رئاسة جو بايدن وتمهيداً لعودته إلى البيت الأبيض خلال الانتخابات الرئاسية عام 2024، صارت استفتاء على ترمب وموجة ضد ترمب لا مع بايدن.

وكتبت "وول ستريت جورنال" أن "ترمب هو الخاسر الأكبر في الحزب الجمهوري"، و"نيويورك بوست" وصفت "كيف خرّب ترمب انتخابات الجمهوريين" بانتقاء مرشحين من نوعية اعترض عليها زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الذي تعرض وزوجته لهجوم ترمب، فكل مرشح مدعوم من ترمب، بينهم محمد أوز في بنسلفانيا، خسر في ولايات شهدت منافسات محتدمة، وحاكم جورجيا الجمهوري بريان كمب الذي رفض طلب ترمب منه رفض المصادقة على انتخابات 2020 وتغيير النتائج لمصلحة الرئيس خاسر أعيد انتخابه.

وحاكم فلوريدا الشاب رون ديسانتس الذي يتحسس ترمب من منافسته له في اختيار المرشح الرئاسي الجمهوري فاز بأكثرية كبيرة، وصار أمل الجمهوريين في الفوز بالرئاسة، ذلك أن القاعدة مع قليل من الاستثناءات هي أن حزب الرئيس الذي في البيت الأبيض يخسر عادة، والمعادلة التي أدت إليها الانتخابات الحالية هي قلة الخسارة ربح للديمقراطيين وقلة الربح خسارة للجمهوريين، فالتعادل المفترض في مجلس الشيوخ يعني بقاء السيطرة الديمقراطية بسبب الصوت المرجح لنائبة الرئيس كامالا هاريس، والعدد المحدود الذي أعطى الجمهوريين السيطرة على المجلس النيابي جعل بايدن يفاخر بأن المقاعد التي خسرها أقل بكثير من التي خسرها رؤساء ديمقراطيون قبله، إذ خسر ترومان في الانتخابات النصفية 55 مقعداً، وبيل كلينتون 53 مقعداً، وأوباما 69 مقعداً، وهذا ما جعل بايدن يصف يوم الانتخابات بأنه "يوم عظيم للديمقراطية" ثم يغادر العاصمة في رحلة طويلة إلى ثلاث محطات، قمة المناخ "كوب-27" في شرم الشيخ بمصر، وقمة رابطة دول شرق آسيا "آسيان" في بنوم بنه عاصمة كمبوديا، وقمة "مجموعة الـ 20" في جزيرة بالي الإندونيسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


والسؤال السائد في أميركا والعالم هو إلى أي حد يستطيع الجمهوريون عرقلة بايدن بعدما كان التصور أنه سيصبح "بطة عرجاء" خلال العامين الباقيين من ولايته؟

والواقع أن مجلس النواب الجمهوري يمكنه عرقلة مشاريع بايدن الداخلية، لكن مشاريع المجلس تحتاج إلى مجلس الشيوخ، ومعنى ذلك أن العرقلة مزدوجة، فالمجلس يعرقل الرئيس و"فيتو" الرئيس يعرقل مشاريع الكونغرس، أما في السياسة الخارجية فإن صلاحيات الرئيس واسعة جداً، والقيد المهم عليها هو التمويل الذي يبقى في يد الكونغرس، وبصرف النظر عن أن عدداً من أعضاء الكونغرس الجمهوريين يتوعدون بالعمل على تغيير السياسات الخارجية، فإن الخلافات ليست جذرية بين الجمهوريين والديمقراطيين حول دور أميركا والموقف من الصين وروسيا وإيران، وإذا كبر الخلاف فإن "الدولة العميقة" أو الـ "استبلشمنت" تفرض على الحزبيين الموقف الملائم للمصالح الحيوية الأميركية.
بايدن أعلن سلفاً أنه لن يقدم تنازلات للرئيس الصيني شي جينبينغ في بالي بل سيقول له "تنافس لا صراع"، ويناقش معه "الخطوط الحمر" التي يجب أن يحترمها الطرفان، ومن الصعب تخفيف المساعدات الأميركية لأوكرانيا، والأصعب هو تحسين العلاقات مع روسيا ما دامت في حرب مع أوكرانيا، أما الموقف من إيران فإن الجمهوريين أيام ترمب هم الذين قرروا خروج أميركا من الاتفاق النووي وهم من مارسوا "الضغوط القصوى" على إيران.
لكن مشكلة الديمقراطيين والجمهوريين معاً هي أن "الاستقطاب الداخلي العميق يقلل صدقية أميركا في العالم"، كما تقول العالمة السياسية راشيل ميربت.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل