Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا تشعل صراع الطاقة المتوسطي بخط أنابيب مع مصر واليونان

كشف عنه رئيس مؤسسة النفط ومراقبون يرونه رداً على الاتفاق التركي وواشنطن تعلن دعمها للمشروع

المؤسسة الوطنية الليبية للنفط أعلنت خططاً جديدة لإنشاء أنابيب لنقل الغاز إلى كل من مصر واليونان (أ ف ب)

بدأ الصراع الإقليمي على مصادر الطاقة في ليبيا، الذي احتدم في السنوات الأخيرة بين دول متوسطية عدة، يأخذ منعرجاً جديداً، بعد أن أعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط خططاً جديدة لإنشاء أنابيب لنقل الغاز إلى كل من مصر واليونان.

واعتبرت أطراف كثيرة هذا المشروع رداً على الاتفاق الموقع بين تركيا وحكومة عبدالحميد الدبيبة في طرابلس قبل أشهر قليلة، الذي اعترضت عليه جهات كثيرة محلية وإقليمية، ورأت فيه تعدياً من الطرفين على حقوق عدد من الدول المتوسطية، وتجاوزاً من حكومة الوحدة لصلاحياتها الممنوحة لها بموجب الاتفاق السياسي الليبي في جنيف، الموقع في عام 2020.

خط عابر للمتوسط

الخطة الجديدة لمد خطي الغاز إلى مصر واليونان، التي كشف عنها رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة في مقابلة تلفزيونية، تطمح إلى بناء خطي أنابيب للغاز، إضافة إلى خط الأنابيب الحالي مع إيطاليا، أحدهما يمتد إلى اليونان عبر البحر الأبيض المتوسط، والآخر يصل إلى محطات الغاز بدمياط بمصر، على بعد نحو 200 كيلو متر شمال القاهرة.

ووصف وزير النفط والغاز في حكومة عبدالحميد الدبيبة محمد عون، هذا المشروع بأنه "لا جدوى منه في وجود خط مليتة - صقلية (غرين ستريم)، إذ تعتبر الشبكة الأوروبية شبكة واحدة وتشمل اليونان أيضاً".

ويرى محللون أن هذا المشروع الجديد يواجه تحديات جمة أولها أن ليبيا لا تنتج ما يكفي من الغاز في الوقت الحالي، إذ بلغ إنتاجها 9.23 مليار متر مكعب في عام 2021، في مقابل متطلبات داخلية تبلغ نحو ستة مليارات متر مكعب.

ولكن الدراسات التي أجرتها المؤسسة النفطية الليبية بالتعاون مع الشركات الدولية العاملة في مجال الطاقة في ليبيا، تدعم طموحها لإنجاز هذا المشروع، إذ تشير إلى إمكان رفع ليبيا لصادراتها من الغاز، من بينها تقارير إيطالية ذكرت أن بإمكانها تصدير ما يصل إلى 10 مليارات متر مكعب من الغاز إلى إيطاليا سنوياً عبر خط "غرين ستريم"، الذي يربط صقلية بحقول الغاز في جنوب غربي ليبيا.

وفي أبريل (نيسان) الماضي، قال السفير الإيطالي لدى طرابلس جوزيبي بوتشينو، إن "ليبيا يمكنها زيادة إنتاج الغاز بنسبة 30 في المئة في عام واحد باستثمارات لا تتجاوز مليار دولار، بشرط أن تكون في طرابلس سلطة تنفيذية قوية وموحدة".

ضوء أخضر من واشنطن

وتعليقاً على هذا المشروع أكدت وزارة الخارجية الأميركية انفتاح واشنطن على إمكانية ربط الطاقة بين اليونان وليبيا، بموجب مشروع سبق وأعلنته ليبيا.

وقال المتحدث باسم الخارجية نيد برايس، إن "تنمية الموارد في شرق البحر الأبيض المتوسط يجب أن تعزز التعاون لأمن الطاقة المستدامة في جميع أنحاء المنطقة".

وشدد برايس على "مواصلة دعم مشاريع الطاقة لا سيما وصلات الكهرباء البينية التي تساعد في التحضير لانتقال الطاقة النظيفة".

وأجرت ليبيا عمليات تنقيب مبدئي عن حقول الغاز أعطت نتائج واعدة في الأشهر القليلة الماضية، يرجح أن يشتعل معها التنافس على حقوق الاستثمار فيها بين الشركات الدولية والإقليمية، وفي هذا السياق صرح رئيس المؤسسة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة، أن "ليبيا توصلت إلى اتفاق مع شركتي (إيني) الإيطالية و(بي. بي) البريطانية للبدء بالحفر وإنتاج الغاز من حقل بالمتوسط قبالة شواطئ الغرب الليبي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح أن "حقل الغاز يشبه حقل ظهر المصري لكن باحتياطات أكبر، وأنه من المتوقع أن يوفر الحقل مبلغاً قد يفوق 120 مليار دولار سنوياً لصالح محطات الكهرباء كما هي الحال في مصر".

وأضاف بن قدارة، في تصريح على هامش معرض ومؤتمر أبو ظبي الدولي للبترول "أديبك 2022"، أن "شركة إيني الإيطالية ستضخ استثمارات بقيمة ثمانية مليارات دولار لتطوير حقل الغاز الطبيعي في غرب ليبيا، وحجم الاحتياطات الموجودة بالحقل سيتم إعلانها بعد البدء بعمليات الإنتاج". وأكد أن "احتياطات ليبيا المؤكدة من الغاز تتجاوز 80 تريليون قدم مكعب، ومن المقرر إعلان جدول زمني لتحديد موعد الإنتاج".

اهتمام من الصحافة الدولية

وأظهرت الصحافة الدولية اهتماماً كبيراً بالمشروع الذي أعلنته ليبيا، خصوصاً في الدول المعنية بأزمة الطاقة التي يشهدها العالم حالياً، وفي ظل تزايد الطلب على الغاز منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، حتى إن وكالة "نوفا" الإيطالية توقعت أن يحدث ثورة في الجغرافيا السياسية بالبحر الأبيض المتوسط.

في المقابل قللت جريدة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، في تقرير لها من جدية وأهمية مشروع ربط الطاقة بين ليبيا واليونان المعلن أخيراً، خصوصاً في شأن الجانب العملي لإنشاء منصة طاقة مشتركة.

ووصفت الصحيفة المشروع بأنه "إغراء" لليونان بمد خط أنابيب غاز "أسطوري" مع شرق ليبيا.

ونقلت الجريدة عن الخبير في الشؤون الليبية جليل حرشاوي، قوله إن "رئيس المؤسسة النفطية الليبية فرحات بن قدارة، يضلل عندما يتحدث عن خط أنابيب يمكن أن يصل إلى الأراضي اليونانية، فليس هناك غاز طبيعي في شرق ليبيا، يجب أن يتخلى المرء عن عقله ليأخذ كل ما سبق على محمل الجد".

واعتبر أن "بن قدارة يريد فقط حشد مزيد من دعم مصر واليونان، وهما دولتان في علاقات مواجهة مع تركيا".

وأشار حرشاوي إلى أن "تركيا وبن قدارة لا يمكنهما العمل معاً، لأن الرئيس الحالي للمؤسسة الوطنية للنفط لديه علاقات تاريخية قوية مع قائد قوات القيادة العامة خليفة حفتر".

ضربة لتركيا

من جهتها ركزت صحيفة "Greek Times" اليونانية على دعم الولايات المتحدة لاتفاق ربط الطاقة بين اليونان وليبيا. ورأت أنه "قد يتسبب في ضربة قوية لتركيا بالنظر إلى أنها وقعت اتفاقاً أولياً للتنقيب عن الطاقة مع حكومة الوحدة الوطنية، مما دفع اليونان ومصر للقول إنهما ستعارضان أي نشاط متنازع عليه في شرق البحر المتوسط".

مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية الأميركي ستراتفور علق على الصراع الإقليمي المستعر على مصادر الطاقة في ليبيا. واعتبر أن "دول شرق المتوسط تستغل الخلافات الداخلية في ليبيا لتعزيز قضاياها الخاصة، الأمر الذي يزيد من حدة الانقسام السياسي، ويطرح احتمالية حصار المنشآت النفطية مرة أخرى، ويخلق مزيداً من الحواجز أمام توحيد البلاد على المدى الطويل".

وأشار المركز إلى أن "خطوط الأنابيب التي تربط ليبيا باليونان أو مصر التي ذكرها رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، لن تؤدي إلى تكامل أفضل لقطاع الغاز الطبيعي في شمال أفريقيا داخلياً، كما أنها ستزيد من وصول الموردين الإقليميين إلى السوق الأوروبية".

وأضاف أنه "لا يمكن بناء خطوط الأنابيب من دون أن تتم المصالحة السياسية في ليبيا، وهذا الأمر يبدو بعيد الأجل".

وقال "ستراتفور" إن "تصريحات بن قدارة جاءت بعد أقل من شهر من إعادة تأكيد أنقرة على اتفاق 2019 لترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا، الأمر الذي يفهم على أن المؤسسة الوطنية للنفط تحاول إبعاد نفسها عن الاتفاق البحري بين تركيا والحكومة منتهية الولاية".

وخلص إلى أن "اقتراح بن قدارة الانضمام إلى منتدى غاز شرق المتوسط، الذي أنشأته في البداية قبرص ومصر واليونان والإمارات كوسيلة للرد على المطالبات البحرية الأوسع لتركيا، وتعزيز تطوير الغاز الطبيعي الخاص بهم، يعد محاولة لمواءمة المؤسسة الوطنية للنفط بشكل وثيق مع القاهرة وأثينا".

المزيد من تقارير