Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حين تتحول كرة القدم وأساطيرها أفلاما سينمائية مؤثرة

استقطبت شخصية اللاعب الاستثنائي مارادونا كاميرات المخرجين حول العالم

منح مارادونا شهرة إضافية للأعمال التي شارك فيها أو تناولت مسيرته (رويترز)

كان صانعو الأفلام منذ ظهور السينما كوسيلة إعلان وإعلام وترفيه، بعدما تكرّست صالة السينما مكاناً مفضلاً لإقبال العائلات والأفراد والمهتمين والباحثين عن الترفيه، يتمتعون بقدرة عالية على تصوير الأفلام الحربية وأفلام الكوميديا التي تجري أحداثها داخل الاستديوهات الضخمة. 

ولكن هؤلاء المخرجين لم يكونوا مستعدين أبداً لمهارات تصوير فيلم يدور في ملعب كرة القدم، حيث يجب التقاط كل حركة من حركات اللاعبين في مشهد مستقل، ما يجعل التصوير أمراً منهكاً ومديداً ويتطلب الكثير من الجهد والصبر. 
ويعترف ديفيد ووستر وهو مخرج أنتجت شركته "وورلدمارك"Worldmark  العديد من الأفلام الرسمية والدرامية للفيفا أو سينما كأس العالم، أن لديه "مشكلة أساسية" مع كرة القدم حين يجب أن يتم تصويرها في فيلم درامي، فهناك التحدي التقني الهائل المتمثل في تنظيم مباراة خيالية، وجعل كل شيء وكل من بداخلها يتحركون ويتصرفون وكأنهم يلعبون مباراة حقيقية. 
 
من يرفع الآخر السينما أم الأسطورة الكروية؟
 
لو تركنا أمور تصوير المشاهد في الأفلام الطويلة للمخرجين والتقنيين والمنتجين والممثلين، فإن ما يعني المشاهدين في العلاقة بين السينما وكرة القدم، تناولها قصة حياة بطل كروي أسطوري أو نجم شهير في البطولات القارية والعالمية، أو نجم صاعد يحتاج إلى الدعم الكافي ليصبح نجماً مكرساً إعلامياً وجماهيرياً. 
وهناك الجمهور الذي يفضل أفلام كرة القدم التي تستخدم هذه اللعبة في تصوير الحياة والمجتمعات المهووسة بهذه اللعبة، سواء في الدول الغنية كما في أوروبا أو في الدول النامية كما في البرازيل وسائر أميركا اللاتينية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

لذا يمكن للسينما كوسيلة ترفيهية مكرسة أن تزيد من شهرة أحد نجوم كرة القدم، أو يمكنها أن تجعل من لاعب شاب أو صاعد نجماً، ولكن يمكن للاعب كرة قدم أسطوري وحده أو لمدرب حقق نجاحات معروفة أو لفريق بأكمله أن يضيف على السينما سواء في عدد المشاهدين أو في التمويل والإنتاج والإعلان والدعاية. 
فنجوم كمارادونا وبيليه وزيدان وبيكهام وميسي ورونالدو ونيمار وروني وغيرهم كثر، كانت نجوميتهم في ملعب كرة القدم هي الرافعة للأفلام السينمائية التي صورت عنهم. فلكل واحد منهم نجوميته في الملاعب ونجوميته خارجها، في عالم المشاهير والفنانين.
 
"يد الله"
 
على سبيل المثال لم يكن فيلم "يد الله" الذي كتبه وأخرجه المخرج البريطاني آصف أكابادايا قبل سنوات، وفيلم "مارادونا" لأمير كوستريكا اللذان تناولا سيرة حياة اللاعب الأسطورة منذ طفولته، ليحوّلا مارادونا إلى نجم شهير عالمياً، فقد كان أشهر من ممثلي الأفلام في تلك الفترة، وقد تمكن عبر شخصيته وتصرفاته بعد انتقاله إلى نادي نابولي من إشاحة كل كاميرات وسائل الإعلام العالمية نحوه بل وملاصقته في أي من تحركاته سواء الكروية منها أو "الشوارعية" كما كان يحلو للباباراتزي الإيطالية أن تسميها. وكان أي فيلم سينمائي يتناول حياة نجم أسطوري مثله أو مثل بيليه أو بلاتيني أو سقراط سيضيف إضافة صغيرة على المجد الذي كان قد بدأ في تحقيقه في لعبة كرة القدم. 
 
 
 
لكن مارادونا تمكن وحده من بين هؤلاء النجوم من استدعاء الكاميرات على أنواعها إليه السينمائية والتلفزيونية والوثائقية والترفيهية والتشهيرية بواسطة صور الحفلات الماجنة التي انتشرت بعد وصوله إلى نابولي حيث أشيع أن بعض زعماء المافيا الإيطالية كانوا من أصدقائه، وهم أنفسهم من منتجي الأفلام السينمائية الإيطالية ومالكي وسائل الإعلام. 
ومنذ مباراته الأولى خارج وطنه في فريق برشلونة وبعده نابولي، كان الجمهور يحتفي بمارادونا كأنه يعرفه منذ زمن بعيد وهو صاحب وشم الثائر الأرجنتيني الماركسي آرنستو تشي غيفارا على كتفه، فبات مؤيدو الثائر العالمي مندمجين مع مشجعي فتى الكرة المستديرة الذي أذهل العالم في مونديال 1986 عندما حصلت بلاده على كأس المونديال. 
 
فضائح مارادونا
 
ثم جاءت فضائح تعاطيه الكوكايين، وخروجه ثملاً من الحانات في إسبانيا ونابولي وبوينس آيرس، كلها أسهمت في نجاح "الصورة" الإعلانية والإعلامية التي مثلته طوال فترة حياته القادمة لو أنها لم تكن طويلة.  لكن ما تلتقطه كاميرا المخرج السينمائي ذو النظرة الثاقبة هو ما يقع خلف هذه الصورة الإعلانية التي تجذب القراء والمتابعين حول العالم. إذ تلتقط السينما مشاعر لاعب كرة القدم، منذ طفولته إلى حين صعوده إلى قمة النجومية. 
وتنقل رأيه بالأحداث التي وقعت له خلال مسيرته. فعلى سبيل المثال، في فيلم "يد الله"، شاهد الجمهور حول العالم مارادونا بعد استيقاظه من غيبوبته في العام 2000 حين أمضى أسابيع في المستشفى بسبب تناوله كمية مفرطة من المخدر. 
وحين استيقظ مارادونا من غيبوبته ونظر من نافذة غرفته في المستشفى إلى الجمهور الغفير الذي يصلي لشفائه، استشاط غضباً وصرخ قائلاً "ما الذي فعلته كي يفعلوا بي هذا كلّه". 
ولكن مارادونا ليس مثالاً محدداً عن الأفلام السينمائية التي دارت حول حياة نجوم آخرين لم تنته حياة الشهرة والرفاهية والثراء بهم إلى تعاطي المخدرات، بل أكملوا بعد تقاعدهم بالعمل في عالم كرة القدم كمدربين لفرق كبيرة أو كإداريين في الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا أو في المسؤوليات الرياضية الحكومية في بلادهم. 
 
سينما كرة القدم وسيلة دعاية مؤثرة
 
لكن أفلام كرة القدم السينمائية لم تتناول حياة اللاعبين فقط، وهذا لون واحد من ألوانها، فمؤسسة السينما بالتعاون مع الحكومات ومؤسساتها السياسية التنفيذية استغلت شعبية كرة القدم العالمية منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية كي تصنع الرأي العام أو تكتله، أو لتمرير رسائل سياسية معينة سواء تحريضاً أو دعوة للسلام. 
وحتى السنوات الأخيرة أي قبل أن تنفصل بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي أنتجت السينما البريطانية بالاشتراك مع ألمانيا وفرنسا أفلاماً عدة تستخدم كرة القدم وسيلة لنشر أفكار التسامح وقبول المهاجرين الذين جعلتهم الماكينة الإعلامية لمؤيدي الانفصال كمبرر لترك الاتحاد الأوروبي الذي يسمح للمهاجرين بالانتقال بحرية بين البلدان الأعضاء. 
 
 
وقام الاتحاد الأوروبي بشقيه السياسي والكروي متضامنين بإنتاج أفلام أوروبية مشتركة تكون كرة القدم الفكرة المركزية فيها عبر تظهير أبطال في اللعبة من المهاجرين الذين كافحوا للوصول إلى حيث هم، وأفلام أخرى تناولت دور كرة القدم في تعزيز الاتحاد بين الشعوب الأوروبية حيث لهذه اللعبة مكانة كبيرة في قلوب الشعوب الأوروبية في معظم الدول، وتعتبر بعض الدوريات المحلية كالإيطالي والفرنسي والإسباني من بين الأثرى في العالم، وتأتي بطولة الأندية الأوروبية في الدرجة الثانية في الأهمية بعد المونديال إن لم تكن في مستواه. 
 
انتاج أوروبي مشترك
 
لذا برزت الأفلام ذات الإنتاج الأوروبي المشترك، والتي تضم ممثلين من جنسيات مختلفة يتكلمون لغات بلدانهم للتأكيد على فكرة الوحدة ضمن التنوع. 
فظهر فيلم "حين خرج أحد عشر رجلاً" في العام 2005 بإنتاج مشترك بين فنلندا وألمانيا وفرنسا، وفي العام 2006 من إنتاج فرنسا والمملكة المتحدة ظهر فيلم "ستة وستون". 
وفيلم "غورا" المشترك بين المملكة المتحدة وألمانيا، وفيه محاولة لتصوير لعبة كرة القدم كأداة مجدية في الجمع بين الثقافات والأعراق المختلفة التفاعل لإيجاد التفاهم بينها. أما الفيلم البريطاني Alberge 2017 فقد طرح سؤالاً مهماً هو "كيف نتعامل نحن البريطانيين مع الغرباء"؟
 في مرحلة سياسية رئيسية كان البريطانيون منقسمين فيها حول الاستفتاء الذي أدى إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في يونيو (حزيران) 2016، بعدما فاز مؤيدو مغادرة الاتحاد الأوروبي بغالبية صغيرة. 
يستعمل الفيلم جاذبية كرة القدم الإنجليزية ليوصل عبر قصة حياة لاعب أسطوري نداء للتسامح والمصالحة والتفاهم في بريطانيا والاندماج بطمأنينة مع الدول الأوروبية وشعوبها المختلفة والمتنوّعة.
اقرأ المزيد

المزيد من تقارير