Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتجه أسواق المال الخليجية لفورة جديدة رغم التذبذب؟

محللون: الإصدارات النوعية ستعزز صعود المؤشرات وسط أفضل النتائج للأشهر الـ 10 الأولى من 2022

رأى الكاتب الكويتي والمحلل الاقتصادي محمد رمضان أن أسواق الخليج أصبحت أكثر أهمية خلال السنوات القليلة الماضية بالنسبة للمستثمرين الأجانب حول العالم (غيتي)

يصف المصطلحان سوق "الثور"، السوق الصاعدة Bull Market، وسوق "الدب"، السوق الهابطة Bear Market، اتجاهات السوق الصاعدة والهابطة على التوالي، وربما تتوافق الأسماء مع حقيقة أن الثور يهاجم برفع قرنيه لأعلى، بينما يضرب الدب بمخالبه في حركة هبوطية، ويعرف الاقتصاديون السوق الهابطة تلك التي تنخفض بنسبة 20 في المئة أو أكثر من مؤشر سوق الأسهم الرئيسة، مثل "أس أند بي 500" أو مؤشر "داو جونز" الصناعي، لفترة مستدامة، أما مصطلح سوق "الثور" فهو يعكس السوق الصاعدة عندما تكون الأوراق المالية في ارتفاع، بينما تحدث السوق الهابطة عندما تنخفض الأوراق المالية لفترة طويلة من الزمن،  والسؤال هنا هل كانت الأسواق الخليجية في الأشهر الـ 10 الأولى من العام هي بوضعية "الدب" أم "الثور"؟ وإن كانت التداعيات الجيوسياسة وآخرها الحرب الروسية - الأوكرانية والركود الاقتصادي الذي يجتاح اقتصادات كبرى في العالم  قد أثرت في أداء أسواق المال الخليجية انطلاقاً من اعتبارات عديدة على رأسها نظام العولمة القائم وارتباط العملات الخليجية بالدولار الأميركي (باستثناء الكويت، سلة عملات، وإن كان يطغى عليها الدولار)، ورفع الفائدة الخليجية تبعاً لرفع "الفيدرالي الأميركي" الفائدة بغرض خفض التضخم ولجم الأسعار، ناهيك بارتباطات ملفات الطاقة والغذاء والتجارة واللوجستية وأسواق المال وغيرها في المنطقة مع العالم.

أسئلة توجهنا بها لمحللين ماليين وخبراء اقتصاديين لرصد أداء أسواق المال الخليجية منذ بداية العام الحالي وتوقعاتهم لهذا الأداء مع شهرين تفصلنا عن بداية عام جديد وتوقعاتهم لهذا الأداء في ظل كثير من التحديات السياسة والاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم، وإن كان ارتفاع أسعار الطاقة إلى جانب المبادرات الحكومية الإقليمية وزيادة الاستثمارات الأجنبية أدت إلى حماية المنطقة من الضائقة الاقتصادية العالمية وأسهمت في نمو نشاط أسواقها.

إدراجات نوعية ولدت سيولة جيدة

وقال عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد للأوراق المالية والاستثمار" وضاح الطه، إن أداء الأسواق الخليجية كان جيداً بشكل عام في 2022، وكانت أفضل من أسواق عديدة في العالم، بما فيها الأسواق الأميركية التي انخفضت بشكل واضح منذ بداية العام على رغم أنها قلصت خسائرها، ولكنها لا تزال تعاني من خسائر منذ بداية العام كحصيلة، وأضاف الطه أن ما أسهم في هذا الدفع الإيجابي هو التفاؤل بارتفاع أسعار النفط، بالتالي ارتفاع العوائد الحكومية وخلق فوائض حققت استقراراً، وربما تولد لاحقاً زيادة في الإنفاق وهذا يعد عاملاً إيجابياً للأسواق على حد قوله، أما العامل الثاني، وهو مهم جداً بحسب الطه، فهو المتعلق بالإدراجات في أسواق الخليج، حيث كانت في السعودية وأبوظبي ودبي نوعية وولدت سيولة جيدة جداً، وباعتقادي أنه أمر مهم جداً"، وأشار إلى أن سوق أبوظبي كانت من أبرز وأفضل الأسواق أداء، وتصدرت أداء الأسواق الخليجية على رغم اعتقاد الطه بوجود، ربما، بعض المبالغة في الارتفاعات، لكن الأداء بشكل عام إيجابي.

وتابع الطه "برأيي أن جزءاً من هذه الإيجابية ليست فقط من الإدراجات، إذ إن نتائج الشركات كانت جيدة وفي مقدمها نتائج البنوك التي استفادت من أسعار الفائدة، لكن هذه الاستفادة في اعتقادي من الصعب أن تستدام، حيث إن استمرار رفع أسعار الفائدة قد يقلل من شهية الاقتراض خصوصاً في الفترة المتبقية من العام، وقد ترفع أسعار الفائدة مرة أخرى أو مرتان مقبلتان من الفيدرالي الأميركي لنصل إلى مستويات تقترب من خمسة في المئة"، وأضاف "نظراً لارتباط معظم العملات الخليجية بالدولار الأميركي باستثناء الكويت (ترتبط بسلة عملات)، لذلك قد نشهد ربما تراجعاً في الأرباح ليس فقط ناتجاً من ارتفاع أسعار الفوائد، ولكن بشكل عام قد تتأثر أسواقنا نفسياً بالانخفاضات التي قد تشهدها الأسواق الأميركية خلال الفترة المتبقية من العام الحالي".

أول إدراج مزدوج سعودي - إماراتي

وتابع عضو المجلس الاستشاري الوطني في معهد "تشارترد للأوراق المالية والاستثمار" "بشكل عام استمرار الإدراجات النوعية مثل إدراج (أمريكانا) الذي سيحدث بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ويعد أول إدراج مزدوج بين السوق السعودية وسوق أبوظبي، وأول إدراج مزدوج بين سوق سعودية وسوق إماراتية، والأول من نوعه في سوق "تداول" السعودية، أي تسجيل سهم مدرج في بورصة خليجية أو أخرى، بالتالي، كلها تطورات إيجابية"، ورأى الطه أنه من الصعب جداً في حال استمرت الأوضاع بهذه الطريقة أي رفع الفائدة وانخفاض الأسواق الأميركية، مقاومة مثل هذه الضغوط على الأسواق الخليجية، مشيراً إلى نقطة مهمة تتمثل في الأثر المركب على الموازنات الخليجية الناتج من ارتفاع أسعار النفط وارتفاع قيمة الدولار الذي انعكس على العملات الخليجية، قائلاً إن هذا الارتفاع المركب جاء لصالح الدول المنتجة للنفط ولكنه أضر كثيراً بالدول المستهلكة.

أداء أسواق المال الخليجية

من جانبه، قال محمد على ياسين خبير أسواق المال، إن الأسواق الخليجية كانت صاعدة "ثور" منذ بداية العام الحالي، مضيفاً أن الأسواق الخليجية كانت إحدى أفضل الأسواق أداء في العالم وتحديداً الناشئة، وتجاوزت نسب النمو في الناتج الإجمالي المحلي في السعودية 8.1 في المئة، بحسب آخر ثلاث قراءات، وفي الإمارات ما بين 5.5 إلى ستة في المئة، كما كان أداء أسواق الكويت وعمان جيداً جداً، وقال إن هذا الأداء كان انعكاساً لعاملين، الأول ارتفاع أسعار النفط لمستويات عالية ما بين 80 إلى 100 دولار للبرميل، وهو أمر جيد جداً للاقتصادات الخليجية، وساعدت العائدات النفطية في زيادة الفوائض وإيجاد السيولة اللازمة لتنفيذ الخطط الاقتصادية التنموية في دول الخليج، أما العامل الثاني بحسب ياسين، فيرتبط بالسياسات ومن يقودها في البلدان الخليجية، فكلها اقتصادية طموحة تهدف إلى التوسع والبناء وتطوير البنى التحتية، سواء كانت في دعم اقتصاد البتروكيماويات أو الاقتصاد غير النفطي، التي تقودها السعودية اليوم على المستوى الخليجي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف ياسين "نشهد اليوم عدداً كبيراً من المشاريع الطموحة التي تطلقها السعودية، والتوسعات في تلك المشاريع لتحقيق رؤية المملكة 2030، كما خطت الإمارات خطوات اقتصادية إيجابية، سواء في زيادة الإنتاج النفطي"، قائلاً إن "بعد النظر في هذه السياسات كان بارزاً، وإنه حتى عندما هبطت أسعار النفط لفترة قصيرة قبل عامين، استمرت الإمارات في الصرف الرأسمالي لعمليات التوسع وزيادة الإنتاج، ومن ثم رأينا النمو والنهضة في هذه القطاعات، أما العامل الثالث الذي تختص به الإمارات أكثر من غيرها من دول المنطقة، فهو بحث المستثمرين عن وجهات آمنة وبديلة عقب التوترات التي أعقبت الحرب الروسية - الأوكرانية، حيث تصدرت الإمارات وتحديداً دبي خيارات المستثمرين ورجال الأعمال وأصحاب الثروات سواء من روسيا أو أوكرانيا، نظراً لامتلاك الإمارات العديد من المقومات بما فيها البنية التحتية الاستراتيجية، وقطاع الخدمات على أعلى المستويات، إضافة لامتلاكها القدرة على جذب أعداد كبيرة من المستثمرين ما انعكس إيجاباً بشكل رئيس على القطاع العقاري في البلاد بخاصة العقارات الفاخرة، إذ تدفقت طبقة من الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال للبلاد، بالتالي كل هذه المقومات كان لها أثر إيجابي كبير في أداء أسواق المال".

سوق "الثور"

ورأى محمد علي ياسين أن من الدلالات على أن أسواق المال الخليجية في صعود أو في مرحلة سوق "الثور"، هو حجم الإصدارات الأولية وعددها، وقال "نشهد اليوم فورة في الإصدارات الأولية سواء في السعودية أو في الإمارات بشكل خاص، وتأتي الشركات تباعاً وتجمع مبالغ بمليارات الدراهم، كما شهدنا تخطي الطلب على الأسهم المعروضة في بعض الشركات 30 مرة و50 وحتى 90 مرة كما رأينا في الإقبال القوي على الطرح العام الأولي لشركة (بيانات إيه آي بي أل سي) الإماراتية، إذ تجاوز حد الاكتتاب فيها مقدار 90 مرة، ومن ثم يتم إدراج هذه الشركات في السوق وتحافظ على مستويات سعرية جيدة، بالتالي، هذا الأداء الإيجابي يعكس ثقة المستثمرين بالاستثمار في السوق الخليجية، وحتى استثمار الأجانب يعد عالياً في هذه المرحلة"، وتابع "كل هذه المعطيات هي إيجابية وعلامة على أن عام 2022 كان عاماً صعودياً أو سوق "ثور" لأسواق المال الخليجية، على الأقل حتى الآن، فالعام الحالي لم ينته بعد"، ورأى أن المخاوف من أي تغيير  في هذا الوضع سيأتي بسبب توترات خارجية مرتبطة بالحرب الروسية - الاوكرانية أكثر من كونها مرتبطة  بعوامل اقتصادية داخلية.

أثر رفع الفائدة في الأسواق

واستطرد ياسين مضيفاً "من الصعب على أي محلل أو مستثمر أن يقدم تنبؤات طويلة الأجل، فهناك متغيرات عديدة حاصلة في الأسواق العالمية، هناك قضية التضخم ومعالجته من طريق رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وهذا بطبيعة الحال له آثار مباشرة في المنطقة كون الدورة الاقتصادية في دول الخليج مختلفة عن نظيرتها في أميركا وأوروبا"، لافتاً، في الوقت نفسه، إلى أن اقتصادات الخليج تنمو وفي مرحلة إنفاق وتنمية اقتصادية، بالتالي لا نريد إبطاء الاقتصاد عبر رفع الفائدة، ورأى أنه قد يكون لرفع أسعار الفائدة تأثير في الأسواق إذ سيبطئ التسارع الاقتصادي، كما سيولد رفع أسعار الفائدة في دول الخليج صعوبات على الشركات بخاصة القطاع الخاص في ما يتعلق بالوصول إلى التمويل بأسعار معقولة، كما قد يحدث تباطؤاً في القطاع العقاري.

وأشار ياسين إلى أنه لمعرفة التأثير المقبل، عام 2023، علينا مراقبة أسعار النفط إذ من الواضح أن ما يريده المصدرون هو المحافظة على مستويات السعر، مضيفاً أن هناك معدلاً سعرياً لخام برنت ما بين 80 إلى 100 دولار للبرميل، "وبرأيي إذا ما استطعنا أن نحافظ على هذه المستويات في عام 2023، فلن يكون هناك ما يمنع من استمرار الدورة الاقتصادية الحاصلة والإنفاق على المشاريع الحكومية، وبعض الدول الخليجية سيكون لديها فائض حتى في عملية تعزيز الاحتياطات من العملات الأجنبية الخاصة، وحتى ستكون لديها القدرة على الاستثمار في مشاريع خارجية وليس فقط عملية التنمية الداخلية".

أداء إيجابي لأسواق المال الخليجية

أضاف ياسين أنه من ناحية أسواق المال الخليجية، فقد كان أداؤها إيجابياً منذ بداية عام 2022، وفي بعض الأسواق كان أقل مقارنة بعام 2021، أما بالنسبة لعام 2023، فعلى الأقل خلال الربع الأول من العام أو حتى الثلث الأول منه من المتوقع أن نستطيع في حال لم تحدث أية تأثيرات جيوساسية تغير من النمط الذي نراه حالياً، أن تستمر مرحلة الحركة الإيجابية، وإن كانت بوتيرة أبطأ من درجات العام الماضي، مع استمرار سوق الإصدارات الأولية والطرح الأولي للشركات وعملية النمو عند إدراجها في السوق الثانوية، مع الإشارة إلى أن أداء الشركات وتوزيعاتها أمر مهم أيضاً، ورأى ياسين أن من الصعب التوقع بأداء أسواق المال للعام المقبل بأكمله، لكنه قال إنه بالنظر للأشهر الثلاثة الأولى من العام، سنرى أن قوة الدفع لعام 2022 ستستمر في أن تكون إيجابية في حال لم تتغير العوامل الحالية أو تسوء أو تحدث  أي تطورات سيئة تؤثر سلباً في شهية المستثمرين للاستثمار في السوق المحلية.

بيع وشراء الأجانب

من جانبه، رأى الكاتب الكويتي المحلل الاقتصادي محمد رمضان أننا بالنظر إلى أداء الأسواق الخليجية، سنرى أنها أعلى مقارنة ببداية العام الحالي، وهذا يعود إلى أن أسواق الخليج مرتبطة بالدولار الأميركي الذي ارتفع مقابل العملات الأخرى في العالم، كما ترتبط أسواق الخليج بأسعار النفط التي شهدت ارتفاعات كبيرة بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية التي رفعت الطلب على الطاقة، وأضاف أن هذه العوامل أدت إلى موجة من الصعود في الأسواق الخليجية، ونوه الكاتب الكويتي إلى موجة القلق التي تجتاح الأسواق العالمية بما فيها الارتفاع في معدلات الفائدة والمشكلات الاقتصادية الأخرى التي تؤثر بدورها في رغبة المستثمرين بخاصة من خارج دول مجلس التعاون الخليجي للاستثمار، وقال إن تراجع الاستثمار وارد، مضيفاً أن أسواق دول الخليج أصبحت أكثر أهمية خلال السنوات القليلة الماضية بالنسبة للمستثمرين الأجانب حول العالم، بالتالي سيكون هناك تأثير مباشر لأي ظروف اقتصادية عالمية في عمليات بيع وشراء الأجانب في أسواق المنطقة،  وختم، على هذا الأساس سنرى تقلبات كبيرة  ترتبط بأسعار النفط وتتعلق أيضاً بكيفية نظرة المستثمرين الأجانب للمنطقة.