Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر... قائد الأركان يتهم جنرالات ووزراء بـ "العمالة" لفرنسا

"الخطاب الذي عهدناه لدى كل أجنحة السلطة عندما تحارب خصومها منذ الاستقلال"

قائد الأركان الجزائري قايد صالح يحمل فرنسا مسؤولية الوضع "الهش" في البلاد (اندبندنت عربية)

أعلن قائد أركان الجيش الجزائري قايد صالح صراحة الحرب على فرنسا، وحمّلها مسؤولية الوضع "الهش" الذي آلت إليه الجزائر على جميع المستويات وفي كل المجالات، وذلك بتسخيرها لعملاء تمكنوا من الوصول إلى مناصب عليا، بعدما منحهم الشعب الجزائري ثقته، من أجل حياة فضلى، غير أنهم استغلوا وظائفهم لتنفيذ مخططات الاستعمار.

سابقة هي الأولى من نوعها

وفي سابقة هي الأولى من نوعها، ليس منذ بداية الحراك في 22 فبراير (شباط)، وإنما منذ توليه منصب قيادة الأركان، اتهم قايد صالح، مستعمر الأمس فرنسا، بإضعاف الجزائر من خلال نهب ثرواتها والسيطرة على مفاصل الدولة والتحكم في مصير ومستقبل الجزائريين، وذلك من خلال تجنيد عملائها في الجزائر من شخصيات ومسؤولين وإطارات عسكرية وأمنية، وأشار إلى شخصيات من رموز نظام بوتفليقة بـ"العمالة لفرنسا"، واصفاً إيّاهم بـ"عبدة الاستعمار وأصنامه".

أضاف قائد الأركان في خطابه الأخير بمناسبة عيد الاستقلال "لقد نسي كل مفسد وكل عميل وكل من يتسبب في إلحاق الضرر بأرض الشهداء، أنه طال الزمن أو قصر سينكشف أمره وسيخيب سعيه، والأكيد أن كلّ من يؤمن بميثاق الشهداء الأبرار وبعهدهم الأزلي، سيسهم بصدق في مكافحة الفساد، ويشارك بوفاء وإخلاص في تطهير البلاد من كل عبدة الاستعمار وأصنامه".

جزائريون صوتوا ضد استقلال الجزائر في 1962... فرنسا تتربص

وأعرب الناشط السياسي أمين عكريم في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، عن اعتقاده بأن قائد الأركان أعلن الحرب على فرنسا، منذ طلبه تفعيل المادة 102 من الدستور و"إقالة" بوتفليقة، غير أن الأمور كانت خفية، مضيفاً أن الحرب خرجت إلى العلن يوم اجتماع "العصابة" للكيد بالبلاد وبالمؤسسة العسكرية، حين أشار إلى أطراف خارجية لها ماض تاريخي مع الجزائر. وأوضح أن قائد الأركان اختار الخامس من يوليو (تموز) لتذكير مستعمر الأمس، بإنجازات الشعب الجزائري وانتصاره في طرد فرنسا.

واستعمل صالح عبارات العمالة وعبدة الاستعمار وأصنامه، ليكشف للشعب الجزائري مدى تربص فرنسا بالجزائر، واستمرار الخيانات التي كانت بالأمس، وأيضاً عدم تجرّع فرنسا استقلال الجزائر، واتهم صراحة المسؤولين والإطارات العسكرية بالتواطؤ مع فرنسا بهدف تحطيم الجزائر عبر إنهاك اقتصادها وضرب مؤسساتها ونهب ثرواتها، وكذلك قتل الأمل في نفوس الجزائريين، وقد كانوا أداة فرنسا في الجزائر.

ويذكر التاريخ أنه خلال الاستفتاء المنظم في الجزائر من طرف السلطات الاستعمارية بخصوص الاستقلال، صوّت عدد كبير من الجزائريين ضد الاستقلال عن فرنسا، ومعظم هؤلاء بقوا في الجزائر بعد الخامس من يوليو 1962، وهم الذين يُصنفون في خانة "جزائريين بفكر فرنسي"، وقد احتلوا مناصب المسؤولية واستمروا في تحقيق أهداف فرنسا ومخططاتها، وأصبحوا ينادون بـ"أذناب فرنسا".

الحساسية التاريخية

 الإعلامي حكيم مسعودي قال لـ "اندبندنت عربية"، في ما يتعلّق بكلام صالح، إنه "الخطاب الذي عهدناه لدى كل أجنحة السلطة عندما تحارب خصومها منذ الاستقلال، فهي تخوّنهم وتشيطنهم، كما أنها تضفي الشرعية الثورية أو على كل خياراتها حتى تمرر ما تريده من مشاريع، أو حتى الانقلاب على الحكم مثلما حدث عام 1965 مع العقيد هواري بومدين".

وتابع مسعودي أنه من الواضح أن كاتب الخطاب قد وظف "الحساسية التاريخية" تزامناً مع ذكرى استقلال الجزائر، بغية احتواء الرأي العام واستخدامه بالمنظور الذي تريده المؤسسة العسكرية بهدف تجميع التأييد لكل قراراتها وخطواتها، خصوصاً أن الحراك الشعبي بلغ المنعرج الحاسم لتحديد شكل وحجم التغيير الذي تتجه إليه الجزائر.

أضاف أن خطابات قايد صالح لا تستكين إلى منسوب محدّد وإنما تحاول في كل مرة أن تكيّف ذاتها وتملأ الساحة الدعائية وسط النشاط الهائل لمواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك ثبات الحراك على الرغم من مرور أربعة أشهر ونصف الشهر، وبالتالي فهو يحاول "كسر الروتين" وتفعيل نصوصه الخطابية، والبروز  بشكل أكثر جرأة في تحديد الخصوم على شاكلة "القذيفة السحرية" التي ينبهر بها الرأي العام.

فرنسا ترد... والحرب مستمرة

ولم تمرّ ساعات حتى ردت فرنسا على قايد صالح، عبر جريدة "لو موند" التي نشرت مقالاً بعنوان "تظاهرات حاشدة في الجزائر للمطالبة برحيل قائد الأركان"، يؤكد حقيقة الحرب الدائرة بين فرنسا والجزائر بقيادة أركان الجيش. وقال الناشط السياسي عكريم، إن المقال كشف عن أن فرنسا الرسمية جنّدت أزلامها في الجزائر لفرض منطق التغيير عبر إزاحة صالح من على هرم المؤسسة العسكرية التي تُعتبر الدرع الحامي للحراك الشعبي.

وأوضح عكريم أن لا غرابة في أن تشن فرنسا "الحرب" على الجزائر، لكن الغرابة في أن يتصدر المشهد المعادي للجيش والبلاد، من كان يحسبهم الشعب الجزائري أبناء الجزائر ومنحهم شرف قيادته، وخلص إلى أن انزعاج فرنسا من المؤسسة العسكرية يعود إلى قطع أيادي أذنابها وأزلامها بمتابعات قضائية وحبس. وعليه، فإنه بات من الضروري على الجزائر التحرك دبلوماسياً.

المزيد من العالم العربي