Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

محافظ البنك المركزي "المعزول"... ضحية السياسات الخاطئة لـ"أردوغان"

تفاقم الديون وزيادة التضخم ورفع سعر الفائدة وانهيار الليرة... أبرز أزمات تسبب فيها الرئيس التركي

محافظ البنك المركزي التركي المقال مراد جتينقايا (رويترز)

أخيراً أَسدلَ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الستار على ملف خلافاته مع محافظ البنك المركزي مراد جتينقايا، وأعلن إقالته وتعيين نائبه مراد أويسال بدلا منه.

وعلى الرغم من أن مرسوم العزل لم يتضمن الأسباب التي استند إليها أردوغان في إقالته محافظ البنك المركزي التركي، لكن توجد 4 أزمات وراء القرار الذي لم يكن مفاجئاً، خصوصاً مع الخلافات التي بدأت بين الرئيس التركي ومحافظ البنك المركزي قبل أكثر من عامين.

وتشير البيانات إلى أن هناك 4 أزمات يرى محللون اقتصاديون أن الرئيس التركي والحكومات المتعاقبة التي شكّلها حزب العدالة والتنمية الحاكم هما السبب الرئيس في وجودها، وتبدأ هذه الأزمات بانهيار سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأميركي، وهو ما دفع إلى ارتفاع معدلات التضخم، ما تسبب في أن يلجأ "المركزي التركي" إلى رفع أسعار الفائدة للحد من الارتفاعات المستمرة في معدلات الأسعار والتضخم، وكل ذلك انتهى بتفاقم أزمة الديون الخارجية للبلاد.

لكن القرار الأخير للرئيس التركي بعزل محافظ البنك المركزي يأتي بعد نحو 3 أسابيع من إعلان معارضة "أردوغان" سياسة بلاده النقدية لتشديد الائتمان، وتعهّد في تصريحات سابقة حلاً حاسماً قريباً لخفض أسعار الفائدة الرئيسية من مستواها الحالي البالغ 24%.

ويبدو أن الحل الحاسم، كان باتخاذ أردوغان قرار إطاحة محافظ البنك المركزي، لمعارضته إملاءات الرئيس التركي بخفض أسعار الفائدة.

استمرار رفع أسعار الفائدة مع قفزة التضخم
وخلال العام الماضي رفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة إلى أعلى المستويات الموجودة بالأسواق الناشئة بعد أزمة انهيار العملة، التي دفعت معدل التضخم إلى الصعود فوق 25%. وتباطأ التضخم منذ ذلك الحين إلى 18.71%، لكن أسعار الفائدة بقيت بلا تغيير مع انزلاق الاقتصاد إلى الركود، بينما ما زالت الليرة ضعيفة.

وأشار أردوغان، الذي انتقد سياسة تشديد الائتمان رغم أنها حظيت بإشادة من قِبل المستثمرين، إلى أن مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي وبنوكاً مركزية رئيسية أخرى تحوَّلت إلى نهج أكثر تيسيراً لسياستها النقدية.

وتابع، "لكن في بلدي للأسف، سعر الفائدة 24%. هذا لا يمكن أن يحدث، لذلك سنجلب قريباً حلاً حاسماً. ويجب على تركيا أن تتراجع عن سياسة أسعار الفائدة التي تسير بها في الوقت الحالي".

وأضاف، أنه يعارض أسعار الفائدة المرتفعة، لأنها "ترفع معدلات التضخم"، وهو رأي يتناقض مع النظرية الاقتصادية، لأنها تكبح الاستثمار والتوظيف.

وخسرت الليرة التركية نحو 30% من قيمتها خلال العام الماضي، فيما تراجعت بنسبة 9% منذ بداية العام الحالي.

خبير: ليس من حق أردوغان التدخل في اختصاصات البنك المركزي
الخبير المصرفي أحمد آدم، انتقد التدخل المستمر من قبل الرئيس التركي في اختصاصات وصلاحيات البنك المركزي التركي، لافتاً إلى أن "محافظ المركزي هو الذي يدير منظومة السياسة النقدية، ولا يحق لرئيس الحكومة أو رئيس الدولة التدخل بتقليص هذه الصلاحيات أو تجاوز الاختصاصات".

وأوضح، في اتصال مع "اندبندنت عربية"، "الخلاف بين محافظ المركزي التركي وأردوغان كان بسبب الإبقاء على سعر فائدة مرتفع، وفيما يرى الرئيس التركي أن هذه السياسة تعمل على تعميق الأزمات الاقتصادية وتُزيد من الضغوط التي تواجهها الشركات الراغبة في التوسّع الاستثماري والاقتراض من أجل تمويل هذه التوسعات، تشير النظريات الاقتصادية إلى أنه يُستخدم سعر الفائدة في دعم أصحاب الفوائض المالية والشركات في مواجهة التضخم المرتفع".

وقال، "هناك شقٌ سياسيٌّ كبيرٌ في الأزمة الاقتصادية التي تواجهها تركيا، خصوصاً بعد الأزمات التي يفتعلها النظام التركي، خصوصاً مع الإدارة الأميركية، التي بدأت خلال العام الماضي، وتجاهل أردوغان الضغوط والعقوبات الأميركية ما دفع إلى استمرار تكثيف الضغط على الاقتصاد التركي، وهو ما أدى إلى انهيار الليرة التركية إلى هذه المستويات الصعبة مقابل الدولار الأميركي".

إجراءات لحماية الليرة والخسائر مستمرة
وأعلنت الحكومة التركية اتخاذ عدة إجراءات خلال العام الماضي لحماية الليرة من الخسائر المتلاحقة، التي تواجهها مقابل الدولار. ويمر الاقتصاد التركي بظروف صعبة، إذ شهد خلال العام الحالي أول ركود له منذ عشر سنوات، كما بلغت نسبة التضخم 20%، إضافة إلى الخسائر العنيفة لليرة التركية.

ويمكن أن يؤدي أي انخفاض كبير في الليرة إلى تزايد القروض المتعثرة في البنوك التركية، وهي القروض التي يتوقع أن تتضاعف بالفعل خلال العام الحالي.

كذلك، فإن موجة الإفلاسات التي تضرب الشركات التركية من شأنها زيادة معدل البطالة، الذي يسجل حالياً 13%، ما يفاقم من معاناة الأتراك، الذين يكافحون بالفعل لشراء السلع الأساسية بعد أن وصل معدل التضخم في الغذاء إلى 29% خلال فبراير (شباط) الماضي.

من جهة أخرى، ربما تنهار الثقة بالاقتصاد التركي إذا تراجعت الاحتياطيات النقدية في البنك المركزي التركي إلى مستويات يعتبرها المستثمرون الأجانب منخفضة للغاية، إذ يتعذر عليهم تحويل أموالهم من البلاد.

مسؤولون سابقون يخرجون عن صمتهم... ماذا قالوا؟
وفيما كان محافظ البنك المركزي الأسبق يحتفظ بالرد على الانتقادات العنيفة التي يوجهها الرئيس أردوغان إلى محافظ البنك المركزي "المعزول" أخيراً، لكن في نهاية مارس (آذار) الماضي، خرج محافظ المركزي التركي الأسبق نهاد بولنت جولتكين عن صمته ليؤكد أن "أردوغان يرتجل، ولا يمتلك خطة اقتصادية لمواجهة ما تعانيه البلاد"، وتوقّع أن "تتضاعف مشكلات تركيا خلال الفترة المقبلة".

جاءت هذه التصريحات تعليقاً على ما قاله سابقاً الرئيس التركي، إذ هدد الولايات المتحدة بأزمة إقليمية، وهو ما تسببت في انهيار قياسي لسعر الليرة التركية مقابل الدولار، وكبّدت الشركات التركية 11 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد.

وقال محافظ المركزي التركي السابق، "يوماً بعد يوم يتضح أن أردوغان يرتجل فقط. الرجل لا يملك خطة محددة لإدارة اللعبة. لذا أتوقع أن تتضاعف مشكلات تركيا".

ويخشى المستثمرون من مغبة دخول البلاد في معركة دبلوماسية جديدة مع الولايات المتحدة، كتلك التي خاضتها أنقرة مع واشنطن العام الماضي بسبب اعتقال قس أميركي في تركيا، وهي المعركة التي انتهت بتسليم القس بعد فرض أميركا عقوبات ورسوماً جمركية على تركيا.

ومن شأن أي عقوبات جديدة أن تمدد فترة الركود في تركيا إلى نهاية العام الحالي، وربما حتى طوال العام المقبل، فضلاً عن هروب المستثمرين الأجانب من البلاد وضرب قطاع السياحة.

محافظ "المركزي" الأسبق يتهم أردوغان بالتضليل
أيضاً وعلى خط الأزمة، تدخّل محافظ البنك المركزي السابق، دورموش يلماز، وقال إن الأمر الذي "يقتل" الاقتصاد في بلاده هو المعلومات المضللة، وانعدام الشفافية في حكومة أردوغان.

وأوضح، أن الحكومات التركية المتعاقبة تظهر أنها تتعامل مع الأزمات الاقتصادية باعتبارها "عابرة"، لكن عندما تتعمق تلجأ إلى الإنكار، أو تقدم معلومات مجتزئة.

وأضاف، "هذه الكلمات لا تعكس الحقيقة. اقتصادنا ينكمش بسرعة، والحكومة تصر على روايتها هذه".

ولفت إلى أن تصريحات أردوغان ومسؤوليه بحاجة إلى مزيد من الفحص والتدقيق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى محافظ البنك المركزي السابق، أن الاتجاه الذي تسير فيه حكومة أردوغان "ضبابي"، وربما يقود البلاد إلى الخطر، وذلك بسبب انعدام الشفافية، وتقديم حقائق مبتورة عوضاً عن ذلك، بشأن النكسات الاقتصادية الأخيرة.

وأكد أن "حكومات حزب العدالة والتنمية المتعاقبة منذ 17 عاماً، تتعامل مع الأزمات باعتبارها أمراً عارضاً سينتهي مع الزمن، ثم تلجأ إلى الإنكار في حال تفاقها". وضرب مثالاً على الأوضاع الاقتصادية المتراجعة في البلاد، إذ أصبح التصدير أرخص، لكن السعر الذي تدفعه تركيا مقابل الواردات أصبح أعلى، مما يعني أن عائدات التصدير لا تزداد في الحقيقة.

وأردف، "مشكلة انعدام الشفافية أدت إلى فقدان ثقة الجمهور بالأرقام الحكومية"، مشيراً إلى أنه يتم التعامل بحذر وريبة على المستوى الدولي مع هذه الأرقام.

بماذا يرد أردوغان على أزمات الاقتصاد؟
وفي ردّه على الأزمات التي يشهدها الاقتصاد التركي، قال أردوغان، في تصريحات سابقة، إنه المسؤول عن اقتصاد بلاده، في إشارة إلى مزيدٍ من الضغط على البنك المركزي لخفض معدلات الفائدة على الرغم من تسارع التضخم وتراجع العملة المحلية.

وتابع أمام تجمّع لمؤيديه، "أنا المسؤول عن الاقتصاد التركي، من هو على رأس الدولة الآن؟ إنه رجب طيب أردوغان، إلى جانب 14 وزيراً".

وأوضح أن "حكومته سوف تبدأ سريعاً في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لدعم الاقتصاد بعد الانتخابات المحليّة".

وجدد أردوغان، وقتها، هجومه على قيادات المركزي التركي، وقال "القضية الرئيسية هي معدلات الفائدة، ومع خفضها سيتباطأ التضخم"، مضيفاً "أنا أيضاً خبير اقتصادي".

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد