Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قاصر زارت والدها فزوجها من مسن

الطفلة اليمنية نهى جميل تثير جدلاً بعد تزوير عمرها وزفها قسراً إلى رجل ستيني

ألغت محكمة يمنية زواج طفلة بسبب تزوير عمرها لتزويجها باكراً (تصميم: ود الطاسان)

كانت الطفلة نهى جميل تتوقع أن تمنحها زيارتها لوالدها في إحدى مدن محافظة إب وسط اليمن جرعة مفقودة من حنانه المهجور، بعد أن حرمت منه طوال سنوات عمرها الـ 10 إثر انفصاله عن أمها، وفرصة للفسحة واللهو بألعاب المدينة رفقة الوالد الحنون، لكنها تفاجأت ومعها المجتمع بأن الأب ومن معه يعدونها ليقدموها لكهل ستيني مقتدر بعد تزوير عمرها في شهادة ميلادها.

واقعة تزويج الطفلة القاصرة نهى جميل من سكان مديرية دمت في اليمن أثارت غضب الشارع والمجتمع، وامتلأ ضجيجها في مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت نافذة اليمنيين الوحيدة لقول "لا" متى ما أرادوا إزاء اتساع الانتهاكات الإنسانية، بخاصة في حق الأطفال في انعكاس طبيعي لإفرازات الحرب المريعة التي تشهدها البلاد جراء الانقلاب الحوثي منذ عام 2014.

المجتمع يعتقل الجناة

وعقب انتشار القصة وتدخّل قطاعات حقوقية وإنسانية مدافعة عن حق الطفلة نهى، كشف ناشطون عن تزوير عمر الضحية بالأوراق الرسمية مما أحرج السلطات الأمنية في محافظة إب الخاضعة لسيطرة ميليشيات الحوثي، ودفعها إلى القبض على والد الفتاة والزوج والأمين الشرعي وإيداعهم السجن وتحويل القضية للمحكمة.

الرحلة المغدورة

ووفقاً لسكان في مدينة إب فقد أكدوا أن زوج أم نهى اصطحبها خلال سفره إلى منطقة دمت لزيارة والدها الذي لا تعرفه ولم تلتق به من قبل، ولدى وصولها إليه قام بتزويجها وجرى إخفاء الأمر عن زوج أمها الذي لم يكن يعرف بالواقعة إلا بعد شهور من البحث عنها.

فرح منقوص

وكما دان المجتمع والقطاعات المدنية والحقوقية الواقعة وأعلن النشطاء إطلاق حملات تضامن إلكترونية مع الضحية نهى، دانت محكمة دمت الابتدائية الواقعة وقضت من خلال حكم قضائي مستعجل بفسخ عقد زواج الطفلة البالغة من العمر 10 أعوام وأعيدت لأمها وحبس الأب والزوج والأمين الشرعي.

واعتبر حقوقيون وناشطون أن الواقعة جريمة اغتصاب لقاصر ذات 10 سنوات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم استبشار السكان والمجتمع اليمني بعودة نهى إلى حضن أمها، إلا أنهم طالبوا بسن قوانين رادعة لوضع حد لتفشي ظاهرة زواج القاصرات التي اتسعت خلال سنوات الحرب، وتضمين القانون اليمني ببنود تجرم هذا الأمر الذي بات يتهدد آلاف القاصرات الضعيفات.

الأمن يفعل هذا وأكثر

وفي محاولة لقراءة أبعاد اتساع رقعة هذه الحوادث إلى الحد الذي يدفع بأب أن يرمي بطفلته في أحضان رجل لا يتورع عن "اغتصاب قاصر" لا تقوى على الحياة الزوجية في مفهومها الأدنى، تقول الحقوقية اليمنية زعفران زايد إن اتساع ظاهرة زواج الصغيرات في مناطق سيطرة الحوثيين لأسباب عدة لم تقتصر على الجانب المادي كما يتناولها بعضهم، بل لأسباب تتعلق بإعادة هيكلة المجتمع وبلورته وفقاً رؤية جديدة.

وتوضح لـ "اندبندنت عربية" أن أبرز أسباب اتساع الظاهرة هي "انعدام الأمن وانتشار العصابات والخلل الاجتماعي الكبير الذي تقوده جماعة الحوثي بغرض إعادة بناء المجتمع وفق رؤية عقدية جديدة".

من لشبيهات نهى؟

وتستدل زايد بما تم رصده من قبل المؤسسات الحقوقية من حالات زواج مماثلة كثيرة لا تظهر على سطح التناول المجتمعي أو الإعلام لأسباب تتعلق بالعادات والقناعات الشخصية وبعضها مرتبط بالمعتقدات.

وتضيف، "لعل مناقشة هذه الظاهرة يقود إلى وجود ظاهرة أخرى لم يتم تسليط الضوء عليها وهي العزوف عن التعليم الذي يدفع الفتيات إلى الزواج الباكر لأسباب أمنية واجتماعية".

وتذكّر هنا بواقعة قيام الميليشيات باختطاف الفتيات وتزويجهن قصراً واعتقال بعضهن من الأماكن العامة كما حدث مع ثلاث فتيات بحديقة الـ 70 في صنعاء بدعوى ارتداء الحذاء الأحمر في الفالنتاين، وإخفاء الضحايا كما حدث مع أكثر من ضحية للخطف والاغتصاب والإخفاء، والتي حققنا في بعضها ووصل فيها أهالي الضحايا إلى طريق مسدود".

وتؤكد أن كل هذه الجرائم لا تجد الانصاف مطلقاً في وسط مجتمع يعاني مشكلات مركبة على ذاته، بل تطورت في واحدة منها الى اعتقال أخ إحدى الضحايا وقتل عمها الذي رفض التسوية والاعتذار.

حقوق مفقودة

وكانت الحكومة اليمنية في العام 2010 أقرت مشروعاً لتحديد سن الزواج ووضع أمام مجلس النواب، لكن التصويت عليه لم يتم لأسباب تتعلق ببعض أعضاء المجلس الذين ينتمون إلى أحزاب دينية، ووجدوا أن تحديد السن القانوني بـ 18عاماً فيه مخالفة شرعية وتقييد للعام.

ووفقاً للمحامية فالسن المقر في القانون لا يزال كما هو منذ العام 1990 وهو عام الوحدة الذي أبقى على النصين المختلفين في تحديد السن في الشمال وبقي النص المعمول به 15 سنة، وفي الجنوب بقي النص المعمول به قبل الوحدة والذي يحدد السن بـ 16عاماً.

الانتصار للطفولة

إلى ذلك طالب حقوقيون على مواقع التواصل الاجتماعي المحكمة بسرعة الفصل في فسخ عقد الزواج الذي وصفوه بـ"الباطل"، داعين إلى الحكم على المتهمين بالعقوبة المقررة شرعاً وقانوناً.

ووفقاً لناشطين فقد جرى تصوير الطفلة نهى بعد موافقة أمها لتكون قضية رأي عام، ونشر النشطاء هاشتاغات تحت وسم #أكبر_جريمة_بحق_الطفولة لتشعل غضب اليمنيين بعد أن قام أهل الفتاة بتزوير عمرها في ورقة العقد المرفق صورتها.

وأصبحت الطفلة نهى حرة طليقة بعد أيام من العذاب أدت فيها دور زوجة لرجل لم يتورع من اتخاذها خليلة وربة بيت، فيما قريناتها لم يتجاوزن الصف الثالث الابتدائي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير