Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"كوب 27" تحذر من "الجهنم المناخي": التعاون أو الهلاك

قادة العالم أكدوا أنه لا بديل عن التحرك العاجل ومبادرات جديدة لحماية الكوكب تنطلق من شرم الشيخ

اختتم قادة الدول ورؤساء الحكومات يومهم الأول من "قمة القادة" بمؤتمر المناخ (كوب 27)، المنعقد في مدينة شرم الشيخ السياحية بمصر، الإثنين السابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، على أن يستكملوا أعمال قمتهم غداً الثلاثاء، قبل أن تنطلق فاعليات المؤتمر الذي يشارك فيه نحو 110 من رؤساء الدول والحكومات وممثلي المجتمع المدني والعلماء المختصون.

وسيطرت القضايا العالمية الراهنة المترتبة عن الهجوم الروسي ضد أوكرانيا والأزمة الاقتصادية والغذائية ومشكلات الطاقة على أغلب كلمات القادة، حيث بدا جلياً بروز اتجاه أكثر وضوحاً للانطلاق نحو اقتصادات جديدة تقوم على الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر والتخلص من الانبعاثات الكربونية.

السيسي يطالب بـ"خطوات حسية"

وفي كلمته الافتتاحية، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على أهمية التحرك لمعالجة أزمة المناخ المصيرية التي تعد أكبر التحديات التي تواجه العالم على الإطلاق، وبذل الجهود من أجل تنفيذ خطوات حسية في هذا المجال.

وقال السيسي إن "الكوارث المناخية تتسارع وتيرتها وتزيد حدتها على نحو غير مسبوق يوماً بعد يوم، فما تلبث أن تنتهي كارثة في مكان ما حتى تبدأ أخرى بمكان آخر، مخلفة وراءها آلاف الضحايا والنازحين والمصابين، وكأن العالم أصبح مسرحاً لعرض مستمر للمعاناة الإنسانية في أقسـى صـورها"، مؤكداً أن "ما تنتظره منا شعوبنا اليوم هو التنفيذ السريع والفعال والعادل".

التعاون أو الانتحار الجماعي

من جانبه، حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن البشرية أمام "خيار العمل معاً أو الانتحار الجماعي، فإما التعاون أو الهلاك، فإما يكون عهد على التضامن المناخي أو عهد على الانتحار الجماعي"، قائلاً "نحن نسلك الطريق السريع نحو الجهنم المناخي ونواصل الضغط على دواسة السرعة".

يرفع غوتيريش الصوت أكثر فأكثر في الفترة الأخيرة، وقال إنه بسبب الحالة الملحة للمناخ ينبغي ممارسة ضغوط قصوى على الدول لتعزيز مكافحة الاحترار، على الرغم من "الأزمة المتعددة الجوانب" والمترابطة التي تستحوذ على اهتمام العالم من حرب في أوكرانيا وأزمتي الطاقة والغذاء والتضخم الجامح والركود الذي يلوح في الأفق.

وأكد غوتيريش أن الأزمات الأخرى عابرة، إلا أن المناخ "مسألة حاسمة في عصرنا هذا" و"من غير المقبول" أن يتراجع النضال من أجلها إلى "المرتبة الثانية" في سلم الأولويات، مشدداً على أن ذلك يؤدي "إلى تدمير ذاتي".

 

 

لمحة عن "كوب 28"

وفي كلمته، قال الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، الذي تستضيف بلاده النسخة المقبلة من مؤتمر المناخ (كوب 28)، إن بلاده العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ستواصل إنتاج الوقود الأحفوري ما دامت هناك حاجة إليه، وأضاف أن "دولة الإمارات تعتبر مزوداً مسؤولاً للطاقة، وسوف تستمر في هذا الدور طالما كان العالم في حاجة إلى النفط والغاز".

وقال رئيس الإمارات إنه خلال قمة كوب 28 المقرر عقدها العام المقبل في مدينة إكسبو دبي "سنركز على دعم تنفيذ مخرجات المؤتمرات السابقة، وكذلك إنجاز أول تقييم عالمي للتقدم في اتفاق باريس في المناخ".

مساعدة الدول الفقيرة

من جانبه، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه يريد "ممارسة الضغوط" على "الدول الغنية غير الأوروبية"، لتدفع "حصتها" في مساعدة الدول الفقيرة على مواجهة التغير المناخي.

وأوضح ماكرون، خلال لقاء مع شباب من أفريقيا وفرنسا، "يجب أن نحمل الولايات المتحدة والصين لتكونا على الموعد فعلاً" في مجال خفض انبعاثات الغازات الدفيئة والتضامن المالي. ورأى أن فرنسا وأوروبا هما على الطريق الصحيح على صعيد خفض الانبعاثات، لكن على الدول النامية الكبرى أن "تتخلى سريعاً عن الفحم".

وفيما يحتدم الجدل والنقاشات في كوب 27 حول المساعدة المالية التي ينبغي أن تقدم إلى الدول الضعيفة إزاء التغير المناخي، أكد ماكرون أن "الأوروبيين يدفعون، لكنهم الطرف الوحيد الذي يدفع"، وأضاف "يجب ممارسة الضغوط على الدول الغنية غير الأوروبية والقول لها يجب أن تدفعي حصتك".

الطاقة الأحفورية

من ناحيته، رفض المستشار الألماني أولاف شولتز بشكل قاطع "أي إنعاش لموارد الطاقة الأحفورية" على مستوى العالم.

وأكد شولتز الذي تشكل بلاده أحد المسببين الرئيسيين في أوروبا لانبعاثات الغازات الدفيئة "يجب عدم حصول انعاش عالمي لمصادر الطاقة الأحفورية، وأؤكد لن يحصل ذلك في ألمانيا أيضاً".

وقال رئيس جزر سيشيل وفال رامكالاون "يجب أن نساعد على إصلاح الأضرار التي كبدتمونا إياها"، مشدداً على ضعف بلده إزاء التغير المناخي، إلا أن كوب 27 لن تفضي إلى قرار بهذا الشأن، إذ إن المفاوضات مقررة لتستمر حتى 2024 ما يثير استياء بعض الناشطين الذين يطالبون بقرار خلال المؤتمر الحالي.

يقول مراقبون إن الثقة على صعيد هذه الملفات بين الشمال والجنوب شبه معدومة بعدما فشلت الدول الغنية في الإيفاء بالتزاماتها تقديم مئة مليار دولار سنوياً لأفقر بلدان العالم لمساعدتها على خفض الانبعاثات والتكيف مع تداعيات التغير المناخي.

الشرق الأوسط الأخضر

في الأثناء، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الإثنين، مساهمة بلاده بمبلغ 2.5 مليار دولار لدعم مشروعات مبادرة الشرق الأوسط الأخضر على مدى السنوات العشر المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال الأمير محمد بن سلمان في افتتاح النسخة الثانية من قمة مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" بمدينة شرم الشيخ المصرية، إن المبادرة تسعى إلى "دعم الجهود والتعاون في المنطقة لخفض الانبعاثات وإزالتها بأكثر من 670 مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون".

وأضاف أن السعودية ستستضيف مقر الأمانة العامة للمبادرة، وأن المبلغ المقدم من الرياض سيدعم ميزانية الأمانة العامة، وأوضح أنه من المتوقع إنتاج 50 في المئة من الكهرباء داخل المملكة بالاعتماد على مصادر طاقة متجددة بحلول 2030.

وأشار ولي العهد إلى أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يستهدف الوصول للحياد الصفري بحلول 2050.

حماية الغابات

من ناحية أخرى، وعلى هامش قمة المناخ، أطلقت أكثر من 25 دولة، الإثنين، مجموعة لمساءلة بعضها البعض بشأن التعهد بإنهاء إزالة الغابات بحلول عام 2030، معلنة عن ضخ مليارات الدولارات لتمويل جهودها في هذا الصدد.

ويأتي أول اجتماع لشراكة قادة الغابات والمناخ، برئاسة غانا والولايات المتحدة، بعد عام من تعهد أكثر من 140 قائداً خلال مؤتمر "كوب 26" في بريطانيا بإنهاء إزالة الغابات بحلول نهاية العقد.

وتمثل المجموعة الجديدة، التي تشمل اليابان وباكستان وجمهورية الكونجو والولايات المتحدة وغيرها، نحو 35 في المئة من غابات العالم، وتهدف إلى الاجتماع مرتين سنوياً لمتابعة التقدم.

ومن أبرز الدول التي لم تضمها المجموعة البرازيل التي تملك غابات الأمازون المطيرة وجمهورية الكونجو الديمقراطية التي تمثل غاباتها الشاسعة مأوى للحياة البرية المهددة بالانقراض، بما في ذلك حيوان الغوريلا.

وقال ألوك شارما رئيس مؤتمر "كوب 26"، في بيان، "هذه الشراكة خطوة تالية مهمة لننفذ جميعاً هذا التعهد ونساهم في جعل الهدف المتمثل في الحد من الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية قائماً".

وورد في البيان أن نحو 22 في المئة من الأموال العامة وقيمتها 12 مليار دولار التي تعهدت الدول بمنحها للحفاظ على الغابات بحلول عام 2025 في جلاسجو دُفعت بالفعل.

ومن بين مصادر التمويل الجديدة، قالت ألمانيا إنها ستضاعف تمويلها للغابات بملياري يورو (1.97 مليار دولار) حتى عام 2025.

وينبغي أن تنخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 45 في المئة بحلول عام 2030 لتكون هناك فرصة لتحقيق أكثر أهداف اتفاق باريس للمناخ طموحاً المبرم سنة 2015 ويقضي بحصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية مقارنة بالحقبة ما قبل الصناعية.

لكن التعهدات الحالية للدول الموقعة حتى لو احترمت في نهاية المطاف، ستؤدي إلى ارتفاع الانبعاثات بنسبة تراوح بين 5 و10 في المئة ما يضع العالم على مسار تصاعدي قدره 2.4 درجة مئوية في أفضل الحالات بحلول نهاية القرن الحالي، غير أنه مع السياسات المتبعة راهناً، يتوقع أن يبلغ الاحترار 2.8 درجة مئوية، وهو أمر كارثي، على ما تفيد الأمم المتحدة.

التوفيق بين التصريحات والأفعال

ووضع سايمن ستييل مسؤول المناخ في الأمم المتحدة القادة السياسيين أمام مسؤولياتهم، داعياً إياهم إلى التوفيق بين تصريحاتهم العلنية وأفعالهم مؤكداً "المسؤولية بين أيديكم".

ومن التأثيرات السلبية الرئيسية على مكافحة التغير المناخي تجدد التوتر بين أكبر ملوثين في العالم، الصين والولايات المتحدة، إلا أن الرئيس الصيني شي جينبينغ يغيب عن "كوب27 " في حين أن نظيره الأميركي جو بايدن المنشغل بانتخابات منتصف الولاية الثلاثاء، سيمر على شرم الشيخ سريعاً في 11 نوفمبر، لكن يتوقع أن يلتقي الزعيمان الأسبوع المقبل في بالي خلال قمة مجموعة العشرين.

ويتعرض قادة العالم الذين يجتمعون في مصر بشرم الشيخ إلى ضغوط كبيرة لتعزيز تعهداتهم المناخية إزاء الاحترار الآخذ بالارتفاع ولتوفير دعم مالي للدول الفقيرة أكثر المتضررين من التغير المناخي.

تحالف للصمود "في وجه الجفاف"

وضمن محاولات ومبادرات حماية الكوكب، أُطلق كذلك "تحالف دولي للصمود في وجه الجفاف" الذي يطال عدداً متزايداً من مناطق العالم جراء الاحترار المناخي، على هامش مؤتمر المناخ برعاية الرئيس السنغالي ماكي سال ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز.

وسيضم التحالف أكثر من 25 دولة و20 هيئة وهدفه تحسين الاستجابة المسبقة بدلاً من الاستجابة الطارئة، وذلك في وقت تتعرض المزيد من مناطق العالم لموجات جفاف بسبب التغير المناخي، مع ارتفاع عددها بنسبة 30 في المئة منذ عام 2000 وفقاً للأمم المتحدة.

وقال سانشيز وسال، في بيان، "قدرتنا على الصمود في وجه التغير المناخي رهن بصمود أراضينا، تتمثل مهمة التحالف بإعطاء دفعة سياسية حتى تصبح مقاومة الأراضي للجفاف والتغير المناخي واقعاً بحلول العام 2030".

من جهته، يرى إبراهيم ثيواو السكرتير التنفيذي لاتفاقية التصحر في الأمم المتحدة أن الجفاف "يجب ألا يؤدي بالضرورة إلى كوارث إنسانية، الحلول متوافرة"، داعياً إلى "التحلي بالإرادة السياسة" لتنفيذها.

وسيستفيد هذا التحالف الجديد من تمويل أولي من خمسة ملايين يورو توفرها إسبانيا لإطلاق المشروع ولحشد الدعم الإضافي، لا سيما مشروع للرئيس الكيني وليام روتو لغرس خمسة مليارات شجرة خلال السنوات الخمس المقبلة و10 مليارات على 10 سنوات.

تابعوا مستجدات مؤتمر المناخ مع اندبندنت عربية:

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة