Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

12 ألف زائر إلى المناطق الأثرية في غزة... صفر من العائدات

يحتوي القطاع على 130 معلماً سياحياً غالبيتها يعاني الإهمال

جولة سياحية لمجموعة من الزوار في المدرسة العثمانية في قطاع غزّة قبل ترميمها (أحمد حسب الله)

على شكلِ بعثةٍ أجنبية أو رحلةٍ للباحثين في أعماق التاريخ، سواءً كانوا وافدين أو فلسطينيين، أو جولة تعليمية ترفيهية لتلاميذ المدارس، استقبلت المناطق الأثرية في قطاع غزّة، أكثر من 12 ألف زائر خلال النصف الأوّل من العام الحالي. ويُعد هذا الرقم كبيراً جداً، عند مقارنته بالوضع العام في القطاع، الذي يصنف على أنّه من أكثر المناطق سخونة في العالم.

الوصول إلى 12 ألف زائر للمناطق الأثرية في غزّة لم يكن سهلاً، بل جاء نتيجة الكثير من حملات التوعية والدعاية التي نظّمتها وزارة السياحة والآثار في القطاع، لجذب السيّاح وتشجيعهم على زيارة المناطق الأثريّة. ففي المدينة التي تعاني اضطراباً أمنياً مستمراً، ينشغل الناس بالأوضاع السياسية أكثر من السياحة والترفيه. وينطبق ذلك على الوفود التي تدخل إلى غزّة، فمعظمها تأتي لمهمات معينة، ولا أحد يزور القطاع بصفته سائحاً.

سياحة متوترة

زيارة المناطق الأثرية التي يصل عددها إلى حوالى 130 معلماً، يُعد تقدماً في نسبة الوعي بأهمية المواقع السياحية، خصوصاً أنّ الإقبال على زيارتها يتزايد بشكلٍ مستمر. وبالبحث عن ما شهده القطاع في تلك الفترة، وجدت "اندبندنت عربية" أنّ الأوضاع الأمنية في غزّة توترت أكثر من 20 مرّة، ودخلت في تصعيدٍ عسكري محدود مع الجيش الإسرائيلي حوالى ثماني مرات، وخاضت إضرابين شاملين شُلت خلالهما الحركة تماماً في القطاع. وخرج السكان في حوالى 24 مسيرة من مسيرات العودة على الحدود الشرقية الفاصلة بين غزّة وإسرائيل.

في هذا السياق، قال إبراهيم جابر، وكيل وزارة السياحة والآثار إنّ توتر الوضع الأمني يضعف نشاط حركة الزوار في المناطق الأثرية، وعند كلّ احتكاك مع الجانب الإسرائيلي تنكمش الحركة السياحية، سواءً كانت داخلية أو خارجية.

ويتنوّع زوار المناطق الأثريّة في غزة، إذ استقبل القطاع عشرات الوفود الأجنبية بهدف التعرف إلى الحقب التاريخية التي تمثلها ومعرفة قيمتها الحضارية، ومن بينها بعثات أميركية وماليزية وإندونيسية وجنسيات أخرى مختلفة. بينما كان الجزء الأكبر من الزوار من طلاب المدارس والجامعات، إلى جانب العديد من الجمعيات والمؤسسات والشركات المحلية والمواطنين الذين يرغبون في التعرف إلى المواقع الأثرية، وفقاً لوزارة السياحة والآثار.

وفود... لا سيّاح

أوضح جابر أنّ غزّة لا تستقبل سُيّاحاً بتاتاً، ومعظم الأشخاص أو الوفود التي تدخل إلى القطاع تكون في مهمة معينة، ويُستثمر وجودهم في تنظيم نشاط لهم على شكل رحلة سياحية. ويأتي ذلك من باب تشجيع زيارة المناطق الأثرية وضمن خطّة استقطاب السياح إلى قطاع غزّة.

وأضاف "بما أنّ الوزارة هي التي تنظم رحلة سياحية للوفود، فإنّها تقدم كلّ الخدمات مجاناً، إلى جانب توفير ضيافة ووسائل النقل للزوّار. وبمعنى آخر، فإنّ العائدات الاقتصادية لقطاع السياحة تساوي صفر دولار".

في الواقع، لا تشكل الوفود التي تصل إلى غزّة أيّ مصدرٍ للتطوير الاقتصادي لقطاع السياحة، سوى من خلال إقامتها في بعض الفنادق. وعادة ما تكون مدة الزيارة قصيرة لا تتجاوز الأسبوع. وفي غزّة، أكثر من 20 فندقاً على طول الشاطئ تعاني حالة جمود وقلة زوار.

إهمال

يضم قطاع غزّة من الآثار حوالى 150 بيتاً و12 موقعاً و40 مسجداً و22 مبنى، ويوجد فيه عدد من المعالم الدينية المسيحية وأنقاض كنيستين وكنيسة قائمة، ودير القديس هيلاريون، الذي يُصنّف على قائمة التراث العالمي بأنه أوّل ديرٍ في التاريخ المسيحي.

ويُعد متحف قصر الباشا وموقع تل أم عامر وموقع الكنيسة البيزنطية الأكثر زيارة من الوفود التي تصل إلى القطاع. وهذه المعالم تضم عدداً من القطع الأثرية من حقب مختلفة، مثل العصر الكنعاني والبيزنطي والروماني والمسيحي والإسلامي.

لكن هذه المناطق الأثرية تعاني الإهمال على المستوى الرسمي، بسبب الانشغال في القضايا السياسية وضعف حركة السياح، والتهميش من منظمة السياحة العالمية التي لا تتعامل مع قطاع غزّة، بينما أوقفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) كلّ أعمالها في القطاع بعد سيطرة حركة "حماس" على الحكم فيه.

عودة خجولة

عادت "يونسكو" في العامين الماضيين إلى متابعة المناطق الأثرية وتفحصها والتنقيب فيها، لكن بـ"شكلٍ خجول" وفق وصف محمد خلّة، وكيل الوزارة المساعد لوزارة السياحة والآثار. وقال إنّها عادت إلى العمل من خلال منظمات ومؤسسات مهتمة، وتُعنى بإعادة ترميم الكنيسة البيزنطية وتل أم عامر، وهما منطقتان مسجلتان كمواقع أثرية عالمية في المنظمة الدوليّة.

وتعرضت المناطق الأثرية في قطاع غزّة لعدد من الانتهاكات. فعلى الصعيد المحلي، قامت حكومة "حماس" بتدمير أجزاء من تل السكن الأثري بهدف تعويض موظفيها من أراضيه، لأنّهم لا يتلقون مستحقاتهم المالية.

بينما استهدف الإسرائيليون موقع الكنيسة البيزنطية وتل أم عامر ومسجد المحكمة وغيرها من البيوت الأثرية في العدوان الأخير على القطاع عام 2014، ما ألحق بها أضراراً جسيمة.

المزيد من الشرق الأوسط