Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السياسة... العائق الأكبر في وجه ثورة الجيل الخامس

قد تُحرم شركة "هواوي" Huawei من إشعال ثورة الجيل الخامس (5G) لكنّ صواريها لا تزال منصوبة

شعار هواوي على منصة الشركة خلال مشاركتها في معرض الالكترونيات في وارسو 10 مايو 2019 (رويترز)

ثورة الجيل الخامس في طريقها إلينا، أو على الأقلّ هذا ما أُخبرنا به. فبعد مرور أسبوعين على إطلاق شركة "إي إي" (EE) خدمة الجيل الخامس للاتصالات، أعلنت شركة "فودافون" (Vodafone) تفعيل خدمةٍ مماثلة في سبع مدن بريطانية، على أن تستتبعها بـ12 مدينة أخرى في وقتٍ لاحق من العام الجاري. وهذا يعني بصراحةٍ متناهية أنّ الشركتين باتا تُشغّلان تقنية "هواوي".

وفيما تردّدت الحكومة كثيراً بشأن المسألة وانشغلت بفضيحة تسريبات ذات صلة، كان على قطاع الاتصالات أن يُواصل تقدّمه من أجل إحقاق الثورة. وبأمرٍ من الحكومة اليوم، لن تكون الشركة الصينية المثيرة للجدل طرفاً في تجهيز البنية التحتية الأساسية للاتصالات، علماً بأنّ معداتها لا تزال تُستخدم على نطاقٍ واسع في "شبكات الوصول اللاسلكية".

بالنسبة إليكم كما بالنسبة إليّ، المعدات هي الصواري. لكن ما كلّ الصّواري المتناثرة في أرجاء المملكة المتحدة تخصّ شركة "هواوي"، بعضها يعود إلى شركتي "إيريكسون"(Ericsson)  و"نوكيا" (Nokia)، أقلّه في الوقت الحالي.

أثناء فترة حكم تيريزا ماي رئيسة للوزراء، قرّر مجلس الأمن القومي البريطاني القبول بهذا الوضع على الرّغم من معارضة بعض الوزراء له (ما يُفسّر موضوع التسريبات). لكن بالطبع، وجود تيريزا ماي في الحكم لن يستمرّ مدّة أطول. قبل أن تتنفّسوا الصعداء، دعونا نُلقي نظرة على خلفاء ماي المحتملين، المُنهمكين حالياً في تشويه صورة جيريمي كوربين وإظهاره بمظهر إيبينيزر سكروج، الشّخصيّة المقيتة في رواية تشارلز ديكنز.

وما لا يختلف عليه أحد هو أنّ تقنية "هواوي" كفوءة وفعالة. وقيل لي أيضاً إنّ العاملين في الشركة متجاوبون جداً وهم أقدر من منافسيهم على إنتاج معدات "حسب الطلب"، قل معدات مفصّلة على مقاس أيّ من شركات الاتصالات واحتياجاتها. ولو حدث أن طلبت إحدى هذه الشركات خاصيةً معينةً، الاحتمال الأكبر بأن يتمّ استدعاء مجموعة من الباحثين لإيجاد سبيلٍ لاستحداث هذه الخاصية. والجانب السلبي من هذا كلّه هو أنّ أجهزة "هواوي" مختلفة قليلاً عن بعضها البعض، الأمر الذي قد يُصعّب على الجهات الأمنيّة مهمة تقييمها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن ماذا عن المخاوف الأمنيّة التي نستمرّ في السّماع عنها؟ الحقيقة أنّ شركات الاتصالات لم تجد بعد ما يُثير القلق رغم التحقيقات الكثيرة التي قامت بها. أما الجهات المكلّفة إعداد تقييمات مستقلّة، فقد عثرت على عيوب في التقنية الجديدة، لكنّ أياً منها حتى الآن لا ينمّ عن سوء نيّة.

المشكلة الحقيقية هي حتماً: السياسة. وفي الوقت الحاضر، يزخر قطاع الاتصالات بالسياسات الشنيعة، وهذا ما يزيد الأمور تعقيداً. وفي آخر مقال تطرّقتُ فيه إلى خدمة الجيل الخامس، أوضحتُ للرأي العام أنّ إخراج "هواوي" من المعادلة سيزيد من كلفة الخدمة وسيكون على شركات الاتصالات أن تقتلع تقنية الجيل الرابع من أساساتها وتبدأ من الصفر عوضاً عن تطوير هذه الأخيرة وتحديثها.

وهذا أمرٌ سيء بما فيه الكفاية. الآن فكّروا في العواقب التي يُمكن أن تتمخّض عن تشغيل الشّبكات الحية؛ بوجود مهندسين يتسلّقون الصواري ويُمشّطونها ويأخذون منها قطعاً ويستبدلون أخرى ويُجرون الاختبارات من دون توقّف، لن تعود الخدمة الخارقة والفائقة السرعة التي ستحصلون عليها بالروعة والسرعة التي تتوقّعونها.

وبالنّسبة إلى النقطة التي أثرتُها سابقاً عن التكاليف، فهي لا تزال صحيحة؛ وهذا غني عن البيان. لربما يجدر بكم الآن أن تسترخوا وتبدأوا باستخدام هواتفكم من الجيل الخامس لاستنزاف المحذوفات من لعبة "فورتنايت" (Fortnite) أو تحميل حلقات مسلسل "أشياء خارقة" (Stranger Things) من "نتفليكس"، متى كنتم خارج النطاق الترددي العريض لمنازلكم أو متى أردتم مشاهدة شيء وأنتم على متن القطار.

فدونالد ترمب خفّف لهجة خطاباته وأحاديثه بشأن "هواوي" في عطلة نهاية الأسبوع التي تلت اجتماعه بنظيره الصيني بشأن التجارة. لربما المناخ السياسي في طريقه إلى الانفراج؟

لكن ممّا لا شك فيه أنّ جيريمي هنت وألكسندر (هذا هو اسمه الحقيقي) بوريس جونسون يطمحان للتربّع على عرش رئاسة الجمهورية الأميركية. وبالنسبة إليهما، المخاوف الأمنية بشأن شركة الاتصالات الصينية، سواء أكانت حقيقية أو من نسج الخيال، غير مُقلقة بقدر التغريدات التي صدرت أخيراً عن رجل البيت الأبيض. تذكّروا هذا عندما سيبدأ أحدهما بإثارة ضجّة كبيرة حول مسألة تحرير بريطانيا من الاتحاديين الجبناء في بروكسل.

وفي الختام، لا بدّ من لفت الانتباه إلى أغنية "هارتلاند" (Heartland) لفرقة "The The". "إنها الولاية الأميركية رقم 51"، يردّد الكورس. من الضروري جداً أن تبثّوا هذه الأغنية على هواتفكم من الجيل الخامس وعبر صواري الاتصالات المدعومة من "هواوي". فما تعتبره واشنطن في مصلحتها سيُقرّر مصيركم وإلى متى ستظلّون قادرين على الاستماع إلى هذه الأغنية.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من علوم